المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



أمّ عمارة  
  
3534   08:04 صباحاً   التاريخ: 23-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص176-178.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2017 3164
التاريخ: 10-12-2014 3560
التاريخ: 23-5-2017 3154
التاريخ: 21-6-2017 2866

لا ريب أن الجهاد الابتدائي مرفوع عن المرأة ساقط عنها في نظر الاسلام، ولهذا عند ما أوفدت نساء المدينة امرأة الى رسول الله (صلى الله عليه واله) لتتحدّث معه حول الحرمان من هذه العبادة الكبرى، فجاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) وقالت : يا رسول الله نحن نقوم بكل ما يحتاج إليه الرجال في حياتهم، ليجاهدوا ببال فارغ، فلم حرمنا نحن من هذه الفضيلة؟!

فأجابها رسول الله (صلى الله عليه واله) قائلا : إنّ حسن التبعّل يعدل ذلك كله ، وهو (صلى الله عليه واله) يشير إلى أن لهذا المنع أسبابه الطبيعية والوظيفية في طبيعة المرأة وخلقتها، وليس هو بالتالي يعني حرمانها من شيء فان قيامها على الوجه الصحيح بخدمة زوجها وتربية أولادها تعدل الجهاد في سبيل الله.

بيد أن بعض النسوة المجرّبات ربما كن يخرجن من المدينة لمساعدة جنود الاسلام كسقي العطاشى، وغسل ثياب المقاتلين، وتضميد الجرحى. وبذلك كنّ يقدّمن خدمة مؤثرة في نصرة المسلمين ودعمهم.

تقول أمّ عمارة ( نسيبة المازنية ) : خرجت أول النهار الى احد  وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت الى رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو في الصحابة، والدولة والريح للمسلمين.

فلما انهزم المسلمون انحزت الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فجعلت أباشر القتال وأذبّ عن رسول الله (صلى الله عليه واله) بالسيف، وأرمي بالقوس حتى خلصت إليّ الجراح.

( تقول راوية هذا الكلام ) فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور، فقلت : يا أمّ عمارة من أصابك بهذا؟.

قالت : أقبل ابن قميئة وقد ولّى الناس عن رسول الله، يصيح : دلّوني على محمد، لا نجوت إن نجا. فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه، فكنت فيهم فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذاك ضربات، ولكنّ عدوّ الله كان عليه درعان. هذا والنبيّ (صلى الله عليه واله) ينظر إليّ، فنظر الى جرح على عاتقي، فصاح بأحد اولادي وقال : امّك امّك اعصب جرحها. فعاونني عليه.

ثم إنها رأت أن ابنها جرح فاقبلت إليه ومعها عصائب في حقويها قد أعدّتها للجراح فربطت جرحه والنبيّ (صلى الله عليه واله) ينظر، ثم قالت لولدها : انهض يا بني فضارب القوم.

فأعجب رسول الله (صلى الله عليه واله) باستقامتها وثباتها وايمانها وقال : ومن يطيق ما تطيقين يا أمّ عمارة ؟!

وفي الأثناء اقبل الرجل الذي ضرب ولدها فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) هذا ضارب ابنك فاعترضت له، وحملت عليه كالأسد المغضب وضربت ساقه فبرك.

فازداد رسول الله (صلى الله عليه واله) إعجابا بشجاعتها وتبسّم حتى بدت نواجذه وقال : استقدت يا أمّ عمارة الحمد لله الذي ظفّرك وأقرّ عينك من عدوّك.

وعند ما نادى منادي النبيّ (صلى الله عليه واله) الى حمراء الأسد، بعد معركة احد، وطلب من الجرحى أن يخرجوا لملاحقه جيش المشركين، شدّت عليها ثيابها وقد كان بها جراح عديدة أعظمها الجرح الذي على عاتقها فما استطاعت بسبب نزف الدم، فأرادت أن تخرج مع العسكر منعتها جراحها الباهضة من ذلك، فلما رجع رسول الله (صلى الله عليه واله) من غزوة حمراء الاسد ما وصل الى بيته حتى أرسل إليها عبد الله بن كعب المازني يسأل عنها فرجع إليه يخبره بسلامتها، فسرّ النبيّ بذلك.

ولقد أثار موقف هذه المرأة البطلة الثابتة على درب الايمان سرور النبيّ واعجابه فقال في حقها مشيدا بموقفها البطل ومعرضا بفرار من فرّ وهروب من هرب في معركة احد : لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من فلان وفلان.

وكانت نسيبة قد طلبت من النبيّ (صلى الله عليه واله) يوم احد بعد أن أشاد النبيّ (صلى الله عليه واله) بصلابتها ومواقفها أن يدعو لها بمرافقته في الجنة فقال النبيّ (صلى الله عليه واله) داعيا لها ولأهل بيتها :

بارك الله عليكم من أهل بيت رحمكم الله. اللهم اجعلهم رفقائي في الجنّة.

وقال ابن أبي الحديد معلقا على عبارة رسول الله (صلى الله عليه واله) : لمقام نسبية اليوم خير من مقام فلان وفلان  قلت : ليت الراوي لم يكنّ هذا الكناية، وكان يذكر من هما بأسمائهما حتى لا يترمى الظنون إلى امور مشتبهة، ومن أمانة الحديث أن يذكر الحديث على وجهه ولا يكتم منه شيئا فما باله كتم اسم هذين الرجلين.

ولكننا نعتقد أن الرجلين هما من الشخصيات التي تسنمت مراكز القيادة العليا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد أحجم الراوي عن التصريح بأسمائهما إما احتراما أو تقية وخوفا.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.