الضغط الاسموزي في الاسماك

تقوم الكلى بترشح سائل الدم من فضلات واخراجها في البول, فالكلى وسيلة ضخ للماء من داخل جسم السمك الى الخارج. ولما كانت الحيوانات تموت اذا ما غمرت في سائل مخفف جدا او مركز جدا بالنسبة لسوائل الخلايا او الجسم، لذلك اذا عاشت الاسماك في الماء العذب فان سائلها الداخلي يسحب الماء من الخارج ويصبح مخففا وبقيام الكلية بضخ الماء الى الخارج باستمرار فأنها تحافظ على تركيز المحاليل داخل الكلية.

اما اسماك الماء المالح فتركز الاملاح في دمائها وتقوم غدد خاصة بإفراز الاملاح الزائدة في الجسم الى الماء المار عبر الخياشيم. كما يعتقد ان غدة المستقيم في صفائحية الخياشيم Elasmobranchs تفرز ايونات الصوديوم والكلور كجزء من طرق التنظيم الاسموزي. وتقوم اسماك بحرية اخرى بتركيز اليوريا لرفع تركيز السائل الداخلي الى نفس التركيز في الخارج. بل واعلى منه احيانا لتوازن السوائل داخل وخارج الجسم. والاسماك العظمية لها طلائية خياشيم اقل نفاذية لذلك ترفع محتوى الدم من اليوريا ليماثل في اسموزيته ماء البحر. فتقوم الاسماك بالاحتفاظ باليوريا ولا تخرجها كلها حرصا على التنظيم الاسموزي حتى لا تجف اجسامها بارتفاع ملوحة الماء، بينما تخفض من تركيز يوريا جسمها اذا انتقلت الى ماء اقل ملوحة. الا ان السمك لا يحتمل اليوريا كثيرا، اذ تؤدي الى تثبيط انزيمات عمليات الاكسدة وهدم الجليكوجين.

أي ان الاسماك تقوم بتنظيم اسموزي Osmoregulation للمحافظة على التوازن بين الماء والملح في انسجتها ليتوازى ضغطها الاسموزي مع الضغط الاسموزي لوسط معيشتها.

ميزان الملح والماء للفقاريات المائية وكيفية حل مشكلة الضغط الاسموزي:

ويعبر عن التنظيم الاسموزي بالاوزمول Osmole (جرام جزيئي / لتر (كجم) ماء) فواحد مول كلوريد صوديوم / كجم له 2 اوزمول. والاسهل لسوائل الجسم ان يعبر عن اسموزيتها بالمللي اوزمول (mosm), وقد يعبر عن التركيز الاسموزي بدلالة الانخفاض في درجة تجمد السوائل كما يوضح الجدول التالي:

درجات تجمد الماء عند درجات ملوحة مختلفة:

ويطلق على المحاليل منخفضة الاسموزية (التوتر) أي منخفض تركيز الملح hypotonic او hyposmatic، والمحاليل مرتفعة التركيز الملحي أي مرتفعة الاسموزية يطلق عليها hyperosmatic بينما متعادلة الاسموزية يطلق عليها isosmatic.

فالتركيز الاسموزي لدم الاسماك في المياه العذبة يقع ضمن الحدود العالية للاسموزية (265-325 مللي او زمول/ كجم) فلابد لها من منع تخفيف الدم بانتشار الماء للداخل بطرق عديدة، منها اخراج بول مخفف عن البلازما لكنه غزير، واحتجاز بعض نواتج الميتابوليزم ويساعد في هذا التنظيم كل من الكلى والمثانة وامتصاص الماء عن طريق الجلد ودور الخياشيم في استخلاص المعادن من الماء ونقلها الى الدم، وكذلك دور الخياشيم في امتصاص الماء.

دماء الاسماك البحرية لها تركيز اسموزي (اقل منه لماء البحر المالح) 380-470 مللي اوزمول/ كجم، وتقوم هذه الاسماك باحتجاز المواد النيتروجينية لتعويض الانتشار للماء المتجه الى خارج الجسم خلال الخياشيم والجلد تبتلع ماء البحر ويمتص من القناة الهضمية، اذ تمتص العناصر المعدنية وتخرج الزيادة منها عن طريق الخياشيم والبول والبراز، فالأسماك البحرية تشرب اكثر وتخرج بولا اقل عما هو في اسماك الماء العذب. وفي المناطق المتجمدة تزيد الاسماك من اسموزية دمائها بزيادة تركيز مواد عضوية (خلاف السكر واليوريا) لتزيد الانخفاض في درجة التجمد للدم لتشابه اسموزية الدم وماء البحر.

أما الأسماك ثنائية الهجرة بين الماء المالح والماء العذب فلها ميكانزم تحمل ملوحة خاص يشمل تغييرات شكلية وفسيولوجية يسهل عملية التنظيم الأسموزي في البيئة الجديدة.

والتنظيم الأسموزي يرتبط بالتنظيم الأيوني Ionoregulation والمائي من خلال عمل كل من:

1- الخياشيم: إذ تحتوى خياشيم الأسماك على خلايا كبيرة غنية بالميتوكوندريا تعرف بخلايا الكلوريد، تشترك في تنظيم الأيونات لمقدرتها على إخراج كلوريد الصوديوم، أي أنها تكون نسيج إخراج الملح في خياشيم الأسماك في الماء المالح عن طريق نقل ايون نشط بواسطة انزيمSodium / Potassium – stimulated adenosine triphosphatase (ATPase) ويزيد نشاط انزيم Succinic dehydrogenase (SDH) الميتوكوندريا كذلك كمرقم بيوكيماوية آخر لنشاط الميتوكندريا، اذ يشبه في نشاطه نشاط الإنزيم الأول Na⁺/ K⁺ - ATPase، ويتركز في خلايا الكلوريد بالخياشيم، فيزيد كذلك نشاط إنزيم SDH في الخياشيم بالانتقال إلى الماء المالح مع زيادة إنزيم Na⁺ / K⁺ - ATPase، كما قد تزيد العمليات الأخرى المتطلبة للطاقة كما في نقل الأيونات ثنائية التكافؤ بواسطة إنزيم Ca⁺⁺/ Mg⁺⁺- ATPase الذى ينشط بالنقل إلى الماء المالح وزيادة الحاجة لإنتاج الطاقة في خلايا الكلوريد.

٢- الأمعاء: تقوم هي الأخرى بامتصاص السوائل فيها ويزيد هذا المعدل بالانتقال إلى الماء المالح، وهذا العمل يتوقف على الكلوريد ومرتبط بدخول الصوديوم والكلور الواردان من Na⁺ /K⁺ - ATP ase يعقبه زيادة إزموزية الماء، ويزاد نشاط إنزيم Na⁺/K⁺ - ATPase في مخاطية الأمعاء كما في الخياشيم، ويحدث ذلك لأقلمه الأمعاء (السالمون، الشعبان) على الماء الأسموزي (الجاف، المالح).

3- الكلى: لها أسلوبها في هذا التنظيم، إذ بانتقال الأسماك (السالمون مثلا) إلى الماء المالح يصاحب ذلك انخفاضي معدل الترشيح الحبيبي للكلي مما يخفض من معدل التبول لحفظ ماء الجسم وينخفض نشاط أنزيم Na⁺/K⁺- ATPase في الكلي كوسيلة لحفظ ماء الجسم من البيئة المالحة كما حدث كذلك من الأمعاء والخياشيم. فالكلى يمكنها إنتاج بول أكثر تركيزا من الدم، أي يمكنها تخليص الجسم جزئيا من أملاحه.

4- تنظيم هرموني: هناك منظمات هرمونية Hormonal Regulators لعملية تنظيم الأسموزية وتشمل:

أ- هرمونات الدرقية Thyroid Hormones: إذ يزيد مستوى هرمون الثيروكسين في البلازما كما يزيد ثلاثي أيودوثيرونين عند نقل السمك إلى الماء المالح. ونقل السمك إلى الماء المالح في أثناء زيادة نشاط الدرقية يحدث انخفاضا مفاجئا في الثيروكسين (T₄) و ثلاثي آيودوثيرونين (T₃) في البلازما. وقد وجد أن تنبيه الدرقية يحدث في الماء العذب أكثر منه في الماء المالح رغم أهمية وظيفة الدرقية لنجاح التنظيم الأسموزي في أسماك الماء المالح.

ب- النخامية وجزع بين الكلية Pituitary - interrenal axis: يزيد نشاط النخامية والكلية عند نقل الأسماك (السالمون) إلى الماء المالح فيزيد الكورتيزول في البلازما، والذى قد يؤدى إلى زيادة نشاط إنزيم Na⁺ / K⁺ - ATP ase الخياشيم، إذ أن حقن ثعبان السمك بالكورتيزول وحقن السالمون بهرمون آدرينوكورتيكوتروبين (Adrenocorticotropin (ACTH قد شجع على زيادة عدد خلايا الكلوريد بالخياشيم ونشط إنزيم Na⁺ / K⁺ - ATP ase وكذلك نشط من إنزيم SDH في خياشيم السالمون. وتؤدى الهرمونات المنشطة للدرقية والمفرزة من النخامية إلى التنظيم الأسموزي من خلال تبنيها الإفراز هرمونات الدرقية ويؤثر الأرجنتين فازوتوسين Arginine Vasotocin على فعالية الكلية وعلى نفاذية الصوديوم في أسماك المياه المالحة والعذبة علي حد سواء.

ج- البرولاكتين Prolactin: له دور اساسي في التنظيم الاسموزي في الماء العذب مع حفظة لمستوى بلازما الصوديوم والكلور. ويقل نشاط خلايا ايتا Eta المفرزة للبرولاكتين في النخامية بزيادة ملوحة الماء (للسالمون).

د- هرمون النمو وستيرويدات الجنس Growth hormone & sex steroids:

يزداد نشاط سوماتوترويات النخامية ( الخلاي المسئولة عن إفراز هرمون النمو) مع زيادة نمو السمك وتزيد القدرة على تحمل الملوحة. وقد ترجع زيادة النمو لتأثير هرمون النمو على هرمونات الدرقية. الاستيرويدات البنائية Anabolic Steroids (مثل إيثيل استراديول) تدفع معدل النمو في الزريعة (للسالمون)، بينما تخفضه في الأعمار الأكبر. كذلك ميثيل تستوسترون يؤدى إلى زيادة معدل نمو الزريعة (السالمون) في الماء العذب، ويثبط النمو للعمر الأكبر في الماء المالح. ولما لوحظ من تثبيط في نشاط إنزيمي Na⁺/K⁺- ATPase & SDH في الخياشيم للذكور الناضجة مع زيادة مستوى تستوسترون البلازما، فهذا يدعو للاعتقاد بتداخل ستيرويدات الجنس مع نشاط الإنزيمات المهيمنة على التنظيم الأسموزى.

هـ- اجسام افرازيه داخليه اخرى Other endocrine bodies: فالجسم الاصفر يزيد من نشاطه الإفرازي في أثناء الأقلمة على الماء المالح وكاستجابة للتغييرات البيئية

كمستويات الكالسيوم والصوديوم، فربما يلعب الجسم الأصفر دورا في تنظيم الخياشيم في النقل الأيوني، فإزالة الجسم الأصفر من ثعبان السمك أدى إلى تضخم وزيادة عدد خلايا الكلوريد وزيادة نشاط إنزيم Ca⁺⁺ / Mg⁺⁺ - ATP ase الخياشيم وزيادة مستوي كالسيوم البلازما.

5- المعادن الثقيلة Heavy metals: إطالة فترة التعرض لآثار من التلوث بالنحاس تثبط نشاط إنزيم Na⁺ / K⁺ - ATP ase الخياشيم وتعوق الأقلمة للماء المالح ويحدث نفوق بمعدل كبير. كذلك التعرض للكادميوم يعيق التأقلم على الماء المالح، ولوحظت تأثيرات مماثلة عند تلوث بيئة السمك بالرصاص او الزنك وغيرها من المعادن الثقيلة.

6- زيادة حموضة الماء Low pH Waters: تعيق النمو وتثبط نشاط إنزيمNa⁺ / K⁺ - ATP ase وتقلل من تحمل الملوحة وتعيق القابلية لتنظيم أيونات البلازما.

7- درجة الحرارة Temperature: انخفاض درجة حرارة الماء لبعض الأنواع من الأسماك يثبط نشاط إنزيم Na⁺ / K⁺ - ATP ase.