أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-4-2017
2385
التاريخ: 14-8-2019
2037
التاريخ: 21-4-2017
2233
التاريخ: 30-9-2019
2304
|
عاشت المجتمعات البدائية منذ خمسة أو ستة آلاف سنة, أي قبل اختراع الكتابة, وقبل أن تصبح للتربية مدارسها ومؤسساتها الخاصة بها.
والمجتمع البدائي هو مجتمع غير متحضر يتصف بالعزلة, وعدم التغير والتضامن الاجتماعي القوي, والتجانس. إذ يشترك أغلب أفراده في المعرفة والاهتمامات والأفكار والاتجاهات والأنشطة نفسها على مستوى المجتمع برمته. كما يتميز أيضاً ببساطة الحياة وقلة مطالبها فهي لا تعدو اشباع حاجات الجسم من طعام وشرب وكساء ومأوى, والأمن ضد عالم الأرواح ومن بين تلك المميزات العامة نسبة الحياة إلى الجماد أثناء تفسيرهم للبيئة المحيطة بهم, فكان الرجل البدائي يعتقد أن وراء كل قوة مادية قوة أخرى غير مادية هي القوة الروحية. وتقوم الحياة في المجتمع البدائي على تقسيم بسيط للعمل والأدوار الاجتماعية (1) .
وهدف التربية في المجتمعات البدائية هو أن يقلد الناشئ عادات مجتمعه وطراز حياته تقليداً عبودياً خاصاً (2). أي تحقيق التوافق والانسجام بين الفرد وبيئته المادية والروحية. أما وسائل التربية في المجتمعات البدائية فهي جملة المؤسسات والنظم الاجتماعية, أو المجتمع بأسره ولا تتولى هذه المهمة بالتالي أية مؤسسة تربوية مدرسية خاصة. ولذا فإن أثر التربية في المجتمعات البدائية كان غير مباشر يتم عن طريق النقل الحي والمتصل للمعتقدات والعادات السائدة في المجتمع. وفي معظم الأحيان يكتسب الناشئة عادات الكبار ويتمرسون بمواقفهم الانفعالية والعقلية عن طريق الاسهام المباشر في أنشطتهم. وهذا الاسهام يتم أيضاً على نحو غير مباشر عن طريق التمثيل والرقص والتقليد .
أما أشكال التربية البدائية ومراحلها فتأخذ أشكالاً وصوراً عديدة, فهناك الطقوس التي تلي الولادة مباشرة, وهي مظاهر أولية بسيطة لدمج الفرد في جماعته, ثم تتبعها طقوس جديدة تحث غالباً في طور البلوغ, وتصوغ الفرد صياغة كاملة تؤدي إلى ولادة جديدة. وهي تتم تحت اشراف شيوخ القبيلة أو الجماعة. وفي هذه الطقوس الجديدة يخضع الناشئون لتجارب قاسية وأليمة, وكثيراً ما يطلب إليهم أن يتلقوا تعاليم سرية تنقل إليهم تقاليد مرعبة مخيفة. كما يتدربون بالإضافة إلى ذلك على اللغة المشتركة للجماعة. وعلى استخدام الأدوات, وممارسة الأعمال الشائعة في شؤون الحياة المادية .
ومما هو جدير بالذكر, أن التربية البدائية لا ترافقها أية قسوى أو وحشية باستثناء التدريب على طقوس مرحلة البلوغ. فالنظام الذي يفرض على الأطفال ليّن وسهل, لأن الطفل عبد البدائيين تجسيد للجد الذي يحمل اسمه, مما يوحي بالشعور بالاحترام .
وتقسم التربية عند البدائيين من حيث الشكل, تبعاً للتقسيم الحديث إلى جسدية وفكرية وروحية(3). أما فيما يتصل بالتربية الجسدية, فإن البدائيين يتيحون لأطفالهم مجالاً واسعاً من الحرية يستغله هؤلاء في ممارسة الألعاب الممتعة التي تقوم على تقليد الكبار في انشطتهم وقت السلم وزمن الحرب, وهذا ما يعدّهم للحياة العملية بلا شك .
أما التربية الفكرية فهي تربية يغلب عليها الطابع العملي, وهدفها أن تجعل الطفل ذكراً أم أنثى قادراً على تلبية حاجاته وحاجات اسرته فيما بعد تبعاً لنمو حياة القبيلة. ومثل هذه التربية الفكرية ليس من شأنها أن تقدم لقابليات الناشئ إعداداً منهجياً عقلانياً, غير انها تشحذ القابليات والمهارات الضرورية التي يستلزمها طراز حياتهم .
أما ما يتعلق بالتربية الخلقية والدينية عند البدائيين, فإن الحس الخلقي لديهم ضامرٌ, وإنما تحتفظ نفوسهم بالكثير من سمات القانون الطبيعي, فهم يقدسون الأجداد ويحترمون الآباء والشيوخ, ويقدرون الشجاعة والجلد والشرف والوفاء ... الخ.
ويرفضون استخدام العقاب الجسدي، أما المشاعر الدينية التي ينقلونها لأبنائهم فغالباً ما تختلط بالمعتقدات المليئة بالطقوس الغربية, إلا أننا نلمح بين ثناياها الأصول الأولى للحياة الدينية كالتفريق بين العالم المرئي والعالم غير المرئي, والإيمان بقوة على تنظيم الكون وتهيمن عليه والاعتقاد بوجود أرواح مستقلة خيرة وشريرة, والإيمان بانفصال روح الانسان عن جسده عند الموت , وفكرة الخطيئة التي تعاقب عليها سلطة غير مرئية , وتنظيم بعض العبادات كالصلاة...الخ .
____________
1ـ محمد منير مرسي : تاريخ التربية في الشرق والغرب . مرجع سابق , ص21 أيضاً عمر محمد الشيباني : تطور النظريات والأفكار التربوية . بيروت دار الثقافة , ط2 , 1975 ص22 وأيضاً : بول مونرو : المرجع في تاريخ التربية : ترجمة صالح عبد العزيز , القاهرة , مكتبة النهضة المصرية , ج1 , 1949 , ص352.
2ـ عبد الله عبد الدايم : التربية عبر التاريخ , مرجع سابق , ص15 .
3ـ المرجع السابق ص19 – 23 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|