المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

ثقوب سوداء عديدة في مختلف أنحاء القُرص المجري
2023-04-04
Riemann-Lebesgue Lemma
25-8-2018
الفساد الأخلاقي
2023-06-17
السيد محمد باقر الطباطبائي
28-1-2018
المقومات الأساسية للتنمية- التكنولوجيا
11/9/2022
صوت وصورة
20-9-2020


خديجة في أحاديث الرسول (صـلى الله علـيه وآله)  
  
57808   11:25 صباحاً   التاريخ: 18-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص261-269.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / زوجاته واولاده /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-12-2014 3965
التاريخ: 28-5-2017 3645
التاريخ: 18-4-2017 57809
التاريخ: 2-7-2017 3424

لقد اكتسَبَت خديجةٌ بفضل إيمانها العميق بالرسالة المحمدية وتفانيها في سبيل الإسلام وبسبب حرصها العجيب على حياة صاحب الرسالة وسلامته وعملها المخلص على انجاح مهمته ومشاركتها الفعّالة في دفع عجلة الدعوة إلى الامام ومشاطرتها للنبي في اكثر ما تحمله من محن واذى بصبر واستقامة وحب ورغبة.

لقد اكتسبت خديجة بفضل كل هذا وغيره مكانة سامية في الإسلام حتّى ان النبيّ ذكرها في أحاديث كثيرة وأشاد بفضلها ومكانتها وشرفها على غيرها من النساء المسلمات المؤمنات وذلك ولا شك ينطوي على اكثر من هدف.

فمن جملة الأهداف التي ربما توخاها النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) من الاشادة بخديجة (عليها ‌السلام) الفات نظر المرأة المسلمة إلى القدوة الّتي ينبغي أن تقتدي بها في حياتها وسلوكها في جميع المجالات والأبعاد والظروف والحالات.

هذا مضافاً إلى ما يمكن أن تقدمه المرأة وهي نصف المجتمع ( إن لم تكن اكثره أحياناً ) من دعم جدّي للرسالة مادياً كان أو معنوياً.

وفيما يلي نأتي ببعض الأحاديث الشريفة الّتي تعكس مكانة خديجة ومقامها ومدى إسهامها في نصرة الإسلام ودعم دعوته وإرساء قواعده.

1 ـ عن أبي زرعة عن ابي هريرة يقول قال رسول اللّه صلى الله عليه [وآله] : أتاني جبرئيل (عليه‌ السلام) فقال يا رسول اللّه هذه خديجة قد أتتك ومعها آنية فيها ادام أو طعام أو شراب فاذا هي أتتك فاقرأ (عليها ‌السلام) من ربّها ومنّي وبَشِّرها ببيت في الجنة من قصب لا صخَبَ فيه ولا نصَبِ .

2 ـ عن عائشة قالت : ما غِرتُ على امرأة ما غِرتُ على خديجة ولقد هَلَكتْ قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنتُ اسمعه يذكرها ولقد أمره ربُه عزّ وجلّ ان يبشرها ببيت من قصب في الجنة وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها ( اي خليلاتها وصديقاتها ) .

3 ـ وعن عائشة أيضاً قالت ما غِرت على نساء النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) إلا على خديجة واني لم أدركها ( قالت ) : وكان رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) إذا ذبح الشاة فيقول : أرسلوا بها إلى اصدقاء خديجة قالت : أي عائشة فاغضبتُه يوماً فقلت : خديجة!! فقال رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : اني قد رزقت حبّها .

4 ـ ومن هذا القبيل ما كان يقوم به رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) مع صاحبات خديجة من الاحترام لهن والاحتفاء بهنّ : فقد وقف (صـلى الله علـيه وآله) على عجوز فجعل يسألها ويتحفاها وقال :

 ان حسن العهد من الايمان انها كانت تأتينا ايام خديجة .

5 ـ وروي عن انس قال كان النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) إذا اُتي بهدية قال : إذهبوا بها إلى بيت فلانة فانها كانت صديقة لخديجة إنها كانت تحب خديجة .

6 ـ روى مجاهد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : كان رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) لا يكاد يخرج من البيت حتّى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها فذكرها يوماً من الايام فادركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلا عجوزاً فقد أبدلك اللّه خيراً منها فغضب حتّى أهتز مقدَمُ شعره من الغضب ثم قال : لا واللّه ما أبْدلَني اللّه خيراً منها آمنَتْ بي إذْ كَفَر الناسُ وصدَّقتني وكذَّبني الناسُ وواستني في مالها إذ حرمني الناسُ ورزقني اللّه منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء قالت عائشة فقلت في نفسي : لا أذكرها بسيئة ابداً .

7 ـ عن يعلى بن المغيرة عن ابن ابي رواد قال : دخل رسولُ اللّه (صـلى الله علـيه وآله) على خديجة في مرضها الّذي ماتت فيه فقال لها : يا خديجة أتكرهين ما أرى منك وقد يجعل اللّه في الكُره خيراً كثيراً أما علمت أن اللّه تعالى زوَّجني معك في الجنة مريم بنتَ عمران وكلثمَ اُخت موسى وآسية امرأة فرعون ... .

8 ـ عن عكرمة عن ابن عباس قال خطَّ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) أربع خطط في الأَرض وقال : أتدرون ما هذا؟ قلنا : اللّه ورسولُه أعلم فقال رسولُ اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : أفضل نساء الجنة أربع : خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمَّد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون .

9 ـ عن أنس جاء جبرئيل إلى النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) وعنده خديجة فقال : إن اللّه يقرئ خديجة السلام فقالت : إن اللّه هو السلام وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته .

10 ـ عن أبي الحسن الأول ( الكاظم ) (عليه‌ السلام) قال قال رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) : إنّ اللّه اختار من النساء اربعاً : مريم واسية وخديجة وفاطمة .

11 ـ عن ابي اليقظان عمران بن عبد اللّه عن ربيعة السعدي قال أتيت حذيفة بن اليمان وهو في مسجد رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) فسمعتُه يقول : قال رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) يقول :  خديجةُ بنتُ خويلد سابقةُ نساء العالمين إلى الايمان باللّه وبمحمد (صـلى الله علـيه وآله).

12 ـ عن عروة قال قالت عائشة لفاطمة رضي اللّه عنها بنت رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : ألا ابشرك أني سمعت رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) يقول :

 سيدات نساء أهل الجنة أربع : مريم بنت عمران وفاطمة بنت رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وخديجة بنت خويلد واسية .

13 ـ عن أبي عبد اللّه ( الصادق ) (عليه‌ السلام) قال : دخل رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) منزله فاذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها وهي تقول : واللّه يا بنت خديجة ما ترين إلا أن لاُمِكِ علينا فضلا وأىُ فضل كانَ لها علينا؟!

ما هي إلاّ كبعضنا فسمع (صـلى الله علـيه وآله) مقالتها لفاطمة فلما رأت فاطمة رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بكت فقال : ما يبكيك يا بنت محمَّد؟! قالت : ذكرتْ اُمّي فتنقّصتْها فبكيتُ فغضب رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله). ثم قال : مَهْ يا حميراء فان اللّه تبارك وتعالى بارك في الوَدُود الولود وأَن خديجة رحمها اللّه ولدَتْ مِنّي طاهِراً وهو عَبْدُ الله وهو المطهّر وَوَلدَتْ منّي القاسم وفاطمة ورقية واُم كلثوم وزينب وأنت ممن أعقم اللّهُ رحمه فلم تلدي شيئاً .

أجل هذه هي خديجة بنت خويلد شرفٌ وعقلٌ وحبٌ عميق لرسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ووفاء وإخلاص وتضحية بالغالي والرخيص في سبيل الإسلام الحنيف.

هذه هي خديجة أول من آمنت باللّه ورسوله وصدّقت محمَّداً فيما جاء به عن ربه من النساء وآزره فكان (صـلى الله علـيه وآله) لا يسمع من المشركين شيئاً يكرهه من ردّ عليه وتكذيب له الاّ فرّجَ اللّه عنه بخديجة الّتي كانت تخفف عنه وتهوّن عليه ما يلقى من قومه بما تمنحه من لطفها وعطفها وعنايتها به (صـلى الله علـيه وآله) في غاية الاخلاص والودّ والتفاني.

ولهذا كان رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) يحبُّها حباً شديداً ويجلّها ويقدرها حق قدرها ولم يفتأ يذكرها ولم يتزوج عليها غيرَها حتّى رحلت وفاء لها واحتراماً لشخصها ومشاعرها وكان يغضب إذا ذكرها احدٌ بسوء كيف وهي الّتي آمنت به إذ كفر به الناسُ وصدّقته إذ كذّبه الناسُ وواسته في مالها إذ حرمهُ الناسُ.

ولهذا أيضاً كانت وفاتها مصيبة عظيمة أحزنت رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ودفعته إلى أن يسمّي ذلك العام الّذي توفي فيه ناصراه وحامياه ورفيقا آلامه ( زوجته هذه : خديجة بنت خويلد وعمه المؤمن الصامد الصابر ابو طالب (عليهما‌ السلام) ) بعام الحداد أوعام الحزن وان يلزم بيته ويقلّ الخروج وأن ينزل (صـلى الله علـيه وآله) عند دفنها في حفرتها ويدخلها القبر بيده في الحجون .

عن ابن عباس في حديث طويل في زواج فاطمة الزهراء (عليها ‌السلام) بعلي (عليه‌ السلام) اجتمعت نساء رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وكان يومئذ في بيت عائشة ليسألنّه أن يُدخلَ الزهراء على ( عليّ ) (عليه‌ السلام) فاحدقْن به وقلت : فَديناك بآبائنا وأُمهاتنا يا رسول اللّه قد اجتمعنا لأمر لو أنّ خديجة في الأحياء لتقرّتْ بذلك عينُها.

قالت امُ سلمة : فلما ذكرنا خديجة بكى رسولُ اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ثم قال : خديجة واين مثل خديجة صدَّقْتني حين كذَّبني الناس ووازرتني على دين اللّه وأعانتني عليه بمالها إنّ اللّه عزّ وجلّ أمرَني أنْ ابشر خديجة ببيت في الجنة من قصب ( الزمرّد ) لا صخَبَ فيهِ ولا نصَب .

لقد كانت خديجة من خيرة نساء قريش شرفاً واكثرهنّ مالا واحسنهن جمالا وأقواهنُّ عقلا وفهماً وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة لشدَة عفافها وصيانتها ويقال لها : سيدة قريش وكان لها من المكانة والمنزلة بحيث كان كل قومها وسراة أبناء جلدتها حريصين على الاقتران بها وقد خطبها ـ كما يحدثنا التاريخ ـ عظماء قريش وبذلوا لها الأموال وممن خطبها عقبة بن ابي معيط و الصلت بن ابي يهاب و ابو جهل و ابوسفيان فرفضتهم جميعاً وأختارت رسول اللّه ـ وهي في سن الأربعين وهو (صـلى الله علـيه وآله) في الخامسة والعشرين ـ وهي تمتلك تلكم الثروة الطائلة وهو (صـلى الله علـيه وآله) لا يمتلك من حطام الدنيا إلاّ الشيء اليسير اليسير رغبة في الاقتران به ولما عرفت فيه من كرم الاخلاق وشرف النفس والسجايا الكريمة والصفات العالية وهي ما كانت تبحث عنه في حياتها وتتعشقه وإذا بتلك المرأة الغنية الثرية العائشة في أفضل عيش تصبح في بيت زوجها الرسول (صـلى الله علـيه وآله) تلك الزوجة المطيعة الخاضعة الوفية المخلصة وتسارع إلى قبول دعوته واعتناق دينه بوعي وبصيرة وارادة منها واختيار وهي تعلم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر ومتاعب وتجعل كل ثروتها في خدمة العقيدة والمبدأ وتشاطر زوجها آلامه ومتاعبه وترضى بأن تذوق مرارة الحصار في شعب أبي طالب ثلاث سنوات وفي سنّ الرابعة أو الخامسة والستين. وهي مع ذلك تواجه كل ذلك بصبر وثبات ودون أن يذكر عنها تبرُّم أو توجع.

هذا مضافاً إلى أنها كانت تعامل رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بأدب تامّ يليق بمقام الرسالة والنبوة على العكس من غيرها من بعض نساء النبيّ اللائي كنّ ربما يثرن سخطه وغضبه ويؤذينه في نفسه وأهله.

واليك فيما يأتي بعض ما قاله عنها كبار الشخصيات والمؤرخين ممّا يكشف عن عظيم مكانتها عند المسلمين أيضاً قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه‌ السلام) : كنتُ أولَ من أسلَم فمكَثْنا بِذلِكَ ثلاث حجَج وما عَلى الأَرض خَلْقٌ يُصلّي ويشهَد لرسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بما أتاهُ غيْري وغير ابنة خويلد رحمها اللّه وقد فعل .

وقال محمَّد بن اسحاق : كانت خديجة أولَ من آمن باللّه ورسوله وصدّقت بما جاء من اللّه ووازرته على أمره فخفف اللّه بذلك عن رسول اللّه وكان لا يسمع شيئاً يكرهه من ردّ عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج اللّه ذلك عن رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بها إذا رجع إليها تثبِّتُه وتخفّف عنه وتهوّن عليه امر الناس حتّى ماتت رحمها اللّه .

وعنه أيضاً : أن خديجة بنت خويلد و ابا طالب ماتا في عام واحد فتتابع على رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) هلاك خديجة وابي طالب وكانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام وكان رسول اللّه يسكن اليها .

وقال أبو امامة ابن النقاش : ان سبق خديجة وتأثيرها في اول الإسلام ومؤازرتها ونصرتها وقيامها للّه بمالها ونفسها لم يشركها فيهُ احدٌ لا عائشة ولا غيرها من اُمهات المؤمنين .

وقد جاء في المنتقى : ان رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) عند ما اُمِرَ بأن يصدع بالرسالة صعد على الصفا وأخبر الناس بما أمره اللّه به فرماه أبو جهل قبحه اللّه بحجر فشجّ بين عينيه وتبعه المشركون بالحجارة فهرب حتّى أتى الجبل فسمع عليّ وخديجةٌ بذلك فراحا يلتمسانه (صـلى الله علـيه وآله) وهو جائع عطشان مرهق ومضت خديجة تبحث عنه في كل مكان في الوادي وهي تناديه بحرقة وألم وتبكي وتنحب فنظر جبرئيل إلى خديجة تجول في الوادي فقال : يا رسول اللّه الا ترى إلى خديجة فقد أبكت لبكائها ملائكة السماء؟ اُدعُها اليك فاقرأها مني السلام وقل لها : إن اللّه يقرئك السلامَ ويبشّرها أن لها في الجنةِ بيتاً من قصب لا نصَبَ فيه ولا صخَب فدعاها النبي (صـلى الله علـيه وآله) والدماء تسيلُ من وجههِ على الارض وهو يمسحها ويردّها وبقي رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وعلي وخديجة هناك حتّى جَنَّ الليلُ فانْصرفوا جميعاً ودخلت به خديجةُ منزلها فأقعدَتْه على الموضع الّذي فيه الصخرة واظلّته بصخرة من فوق رأسه وقامت في وجهِه تستره ببُردها وأقبلَ المشركون يرمونه بالحجارة فاذا جاءتْ من فوق رأسه صخرة وقته الصخرة وإذا رمَوْهُ مِن تحته وقتْهُ الجدرانُ الحُيّط وإذا رُميَ من بين يديه وقتْهُ خديجة رضي اللّه عنها بنفسها وجعَلتْ تنادي يا معشر قريش ترمى الحُرّةُ في منزلها؟ فلَمّا سمِعوا ذلك انصرفُوا عنه وأصبَحَ رسولُ اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وغدا إلى المسجد يُصلّي .

ولقد بَلَغ من خضوعها لرسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وحبّها له أنها بعد أن تمَ عقدُ زواجها برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) قالت له (صـلى الله علـيه وآله) : إلى بيتك فبيتي بيتك وأنا جاريتك .

وجاء في السيرة الدحلانية بهامش السيرة الحلبية : ولسبقها إلى الإسلام وحسن المعروف جزاها اللّه سبحانه فبعث جبرئيل إلى النبي (صـلى الله علـيه وآله) وهو بغار حراء وقال له : اقرأ (عليها ‌السلام) من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ؛ فقالت : هو السلام ومنه السلام وعلى جبرئيل السلام وعليك يا رسول اللّه السلام ورحمة اللّه وبركاته وهذا من وفور فقهها رضي اللّه عنها حيث جعلت مكان ردّ السلام على اللّه الثناء عليه ثم غايرت بين ما يليق به وما يليق بغيره قال ابن هشام والقصب هنا الؤلؤ المجوف وابدى السهيلي لنفي النصب لطيفة هي انه (صـلى الله علـيه وآله) لما دعاها إلى الايمان أجابت طوعاً ولم تحوجه لرفع صوت ولا منازعة ولا نصب بل ازالت عنه كل تعب وآنسته من كل وحشة وهوّنت عليه كل عسير فناسب ان تكون منزلتها الّتي بشرها بها ربُها بالصفة المقابلة لفعلها وصورة حالها رضي اللّه عنها واقراء السلام من ربها خصوصية لم تكن لسواها وتميزت أيضاً بأنها لم تسؤه (صـلى الله علـيه وآله) ولم تغاضبه قط وقد جازاها فلم يتزوج عليها مدة حياتها وبلغت منه ما لم تبلغه امرأة قط من زوجاته .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.