كلام شارح التجريد حول فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وأفضلية غيره عليه وذكر ما يرد به التفضيل |
1576
03:13 مساءً
التاريخ: 12-4-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-08-2015
1882
التاريخ: 1-07-2015
1550
التاريخ: 1-07-2015
1820
التاريخ: 23-1-2019
1513
|
...من [فضائل امير المؤمنين عليه السلام] : ما ذكر أهل السنة في مصنفاتهم وهو كثير جدا ، ننقل بعض ما ذكره شارح التجريد في شرح كلام المحقق الطوسي ، ننقل كلامهما على ما هو المعروف من نقل المتن والشرح .
قال المحقق ( رحمه الله ) : " وعلي ( عليه السلام ) أفضل " الصحابة " لكثرة جهاده ، وعظم بلائه في وقائع النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأجمعها ، ولم يبلغ درجته في غزاة بدر " وهي أول حرب امتحن بها المؤمنون ، لقلتهم وكثرة المشركين ، فقتل علي ( عليه السلام ) الوليد بن عتبة ، ثم ربيعة ، ثم شيبة بن ربيعة ، ثم العاص بن سعيد ، ثم سعيد بن العاص ، ثم حنظلة بن أبي سفيان ، ثم طعمة بن عدي ، ثم نوفل بن خويلد ، ولم يزل يقاتل حتى قتل نصف المشركين والباقي من المسلمين ، وثلاثة آلاف من الملائكة مسومين قتلوا النصف الآخر ، ومع ذلك كانت الراية في يد علي ( عليه السلام ) .
" و " في غزاة " أحد " جمع له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بين اللواء والراية ، وكانت راية المشركين مع طلحة بن أبي طلحة ، وكان يسمى كبش الكتيبة ، فقتله علي ( عليه السلام ) وأخذ الراية غيره فقتله ( عليه السلام ) ولم يزل يقتل واحدا بعد واحد حتى قتل تسعة نفر ، فانهزم المشركون ، واشتغل المسلمون بالغنائم ، فحمل خالد بن الوليد بأصحابه على النبي (صلى الله عليه وآله) ، فضربوه بالسيوف والرماح والحجر حتى غشي عليه ، فانهزم الناس عنه سوى علي ( عليه السلام ) فنظر إليه النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد إفاقته ، وقال له : اكفني هؤلاء ، فهزمهم عنه ، وكان أكثر المقتولين منه .
" و " في " يوم الأحزاب " وقد بالغ في هذا اليوم في قتل المشركين ، وقتل عمرو بن عبد ود ، وكان بطل المشركين ، ودعا إلى البراز مرارا ، فامتنع عنه المسلمون ، وعلي ( عليه السلام ) يروم على مبارزته ، والنبي ( صلى الله عليه وآله ) يمنعه من ذلك لينظر صنيع المسلمين ، فلما رأى امتناعهم أذن له وعممه بعمامته ودعا له ، وقال حذيفة : لما دعا عمرو إلى المبارزة أحجم المسلمون عنه كافة ما خلا عليا ( عليه السلام ) فإنه برز إليه ، فقتله الله على يديه ، والذي نفس حذيفة بيده لعمله في ذلك اليوم أعظم أجرا من أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) إلى يوم القيامة ، وكان الفتح في ذلك اليوم على يدي علي ( عليه السلام ) وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لضربة علي خير من عبادة الثقلين .
" و " في غزاة " خيبر " واشتهار جهاده فيها غير خفي ، وفتح الله على يده ، فإن النبي ( صلى الله عليه وآله ) حصر حصنهم بضعة عشر يوما وكانت الراية بيد علي ( عليه السلام ) فأصابه رمد ، فسلم النبي ( صلى الله عليه وآله ) الراية إلى أبي بكر ، وانصرف مع جماعة ، فرجعوا منهزمين خائفين ، فرفعها من الغد إلى عمر ، ففعل مثل ذلك ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لأسلمن الراية غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله ، ويحب الله ورسوله ، كرار غير فرار ، ائتوني بعلي ، فقيل : به رمد ، فتفل في عينيه ودفع الراية إليه ، فقتل مرحبا ، فانهزم أصحابه ، وغلقوا الأبواب ، ففتح علي ( عليه السلام ) الباب وأقلعه وجعله جسرا على الخندق ، وعبروا وظفروا، فلما انصرفوا أخذ بيمينه ورماه أذرعا ، وكان يغلقه عشرون ، وعجز المسلمون عن نقله سبعون رجلا ، وقال علي ( عليه السلام ) : ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية ، ولكن قلعته بقوة ربانية .
" و " في غزاة " حنين " وقد سار النبي ( صلى الله عليه وآله ) في عشرة آلاف من المسلمين ، فتعجب أبو بكر من كثرتهم ، وقال : لن نغلب اليوم لقلة ، فانهزموا بأجمعهم ، ولم يبق مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) سوى تسعة نفر : علي ، وعباس ، وابنه ، وأبو سفيان بن حرب ، ونوفل بن الحرث ، وربيعة بن الحرث ، وعبد الله بن الزبير ، وعتبة ومصعب ابنا أبي لهب ، فخرج أبو جذول فقتله علي ( عليه السلام ) فانهزم المشركون ، وأقبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) وصادفوا العدو ، فقتل علي ( عليه السلام ) أربعين ، وانهزم الباقون ، وغنمهم المسلمون ، وغير ذلك من الوقائع المأثورة ، والغزوات المشهورة التي نقلها أرباب السير ، فيكون ( عليه السلام ) أفضل لقوله تعالى {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً } [النساء: 95] .
" ولأنه أعلم لقوة حدسه ، وشدة ملازمته للرسول ( صلى الله عليه وآله ) " لأنه في صغره كان في حجره ، وكبره كان ختنا له ، يدخله كل وقت ، وكثرة استفادته منه ، لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان في غاية الحرص في إرشاده ، وقد قال حين نزل قوله تعالى {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12] اللهم اجعلها أذن علي ، قال علي ( عليه السلام ) : ما نسيت بعد ذلك شيئا، وقال : علمني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ألف باب من العلم ، فانفتح لي من كل باب ألف باب .
" ورجعت الصحابة إليه في أكثر الوقائع بعد غلطهم ، وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أقضاكم علي ، واستند الفضلاء في جميع العلوم إليه " كالأصول الكلامية ، والفروع الفقهية ، وعلم التفسير ، وعلم التصوف ، وعلم النحو وغيرها ، فإن خرقة المشائخ تنتهي إليه ، وابن عباس رئيس المفسرين تلميذه ، وأبا الأسود الدؤلي دون النحو بتعليمه وإرشاده .
" وأخبر هو بذلك " حيث قال : والله لو كسرت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، والله ما نزلت من آية في بر أو بحر أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل أو نهار ، إلا أنا أعلم في من نزلت ، وفي أي شئ نزلت ، وإذا كان أعلم يكون أفضل ، لقوله تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] .
" ولقوله تعالى {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: 61] " وذكر بعض ما يناسب المقام .
" ولكثرة سخائه على غيره " ونقل جوده بقوته وقوت عياله ثلاثة أيام ، وتصدقه بخاتمه في الصلاة ، ونزول آية الولاية .
" وكان أزهد الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) " لما تواتر من إعراضه عن لذات الدنيا مع اقتداره عليها ، لاتساع أبواب الدنيا عليه ، ولهذا قال : يا دنيا إليك عني ، أبي تعرضت أم إلي تشوقت ، لا حان حينك ، هيهات غري غيري ، لا حاجة لي فيك ، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعيشك قصير ، وخطرك يسير ، وأملك حقير .
وقال : والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم .
وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا ، ولم يشبع من طعام قط ، وقال ما يناسب المتن .
" وأعبدهم " وذكر غاية خضوعه في العبادة " وأحلمهم " وذكر ما يناسب المقام " وأشرفهم خلقا ، وأطلقهم وجها " وذكر ما يناسبه .
" وأقدمهم إيمانا " يدل على ذلك ما روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : بعثت يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ، ولا أقرب من هذه المدة ، وقوله ( صلى الله عليه وآله ) " أولكم إسلاما علي بن أبي طالب " وما روي عن علي ( عليه السلام) أنه كان يقول : أنا أول من صلى وأول من آمن بالله ورسوله ، ولا سبقني إلى الصلاة إلا نبي الله . وكان قوله مشهورا بين الصحابة ، ولم ينكر عليه منكر ، فدل على صدقه ، وإذا ثبت أنه أقدم إيمانا من الصحابة كان أفضل منهم ، لقوله تعالى {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11] وروي أنه قال علي ( عليه السلام ) على المنبر بمشهد من الصحابة : أنا الصديق الأكبر ، آمنت قبل إيمان أبي بكر ، وأسلمت قبل أن يسلم ، ولم ينكر عليه منكر ، فيكون أفضل من أبي بكر .
" وأفصحهم لسانا " على ما شهد به كتاب نهج البلاغة ، وقال البلغاء : إن كلامه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق .
" وأسدهم رأيا ، وأكثرهم حرصا على إقامة حدود الله تعالى " ولم يساهل أصلا في ذلك ، ولم يلتفت إلى القرابة والمحبة .
" وأحفظهم بكتاب الله العزيز " فإن أكثر أئمة القراء ، كأبي عمرو وعاصم وغيرهما يسندون قراءتهم إليه ، فإنهم تلامذة أبي عبد الرحمن السلمي ، وهو تلميذ علي ( عليه السلام ) .
" ولإخباره بالغيب " وذلك كإخباره بقتل ذي الثدية ، ولما لم يجده أصحابه بين القتلى ، قال : والله ما كذبت ، فاعتبر القتلى حتى وجده وشق قميصه ، ووجد على كتفه سلعة ، كثدي المرأة عليها شعر ينجذب كتفه مع جذبها وترجع مع تركها .
وقال أصحابه : إن أهل النهروان قد عبروا ، فقال : لم يعبروا ، فأخبروه مرة ثانية ، فقال : لم يعبروا ، فقال جندب بن عبد الله الأزدي في نفسه : إن وجدت القوم قد عبروا كنت أول من يقاتله ، قال : فلما وصلنا النهر لم نجدهم عبروا ، قال : يا أخا الأزد أتبين لك الأمر ؟ ويدل على اطلاعه على ما في ضميره .
وأخبر ( عليه السلام ) بقتل نفسه في شهر رمضان ، وقيل له : قد مات خالد بن عرفطة بوادي القرى ، فقال : لم يمت ولا يموت حتى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن جمار ، فقام رجل من تحت المنبر وقال : والله إني لك لمحب وأنا حبيب، قال : إياك أن تحملها ولتحملنها ، فتدخل بها من هذا الباب ، وأومأ إلى باب الفيل ، فلما بعث ابن زياد عمر بن سعد إلى الحسين (عليه السلام) جعل على مقدمته خالدا ، وحبيب صاحب رايته ، فسار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل .
" واستجابة دعائه " فإنه لغاية شهرته غني عن البيان .
" وظهور المعجزات عنه " وقد أشير إلى ذلك فيما تقدم ، وهو هذا : " ولظهور المعجزة " يعني : الكرامة على يده " كقلع باب خيبر " وعجز عن إعادته سبعون رجلا من الأقوياء ، ومخاطبة الثعبان على منبر الكوفة ، فسئل عنه ، فقال : إنه من حكام الجن أشكل عليه مسألة أجبته عنها .
" ورفع الصخرة العظيمة عن القليب " روي أنه ( عليه السلام ) لما توجه إلى صفين مع أصحابه ، أصابهم عطش عظيم ، فأمرهم أن يحفروا بقرب دير ، فوجدوا صخرة عظيمة عجزوا عن نقلها ، فنزل ( عليه السلام ) فأقلعها ورمى بها مسافة بعيدة ، فظهر قليب فيه ماء ، فشربوا ثم أعادها ، ولما رأى ذلك صاحب الدير أسلم .
" ومحاربة الجن " روي أن جماعة من الجن أرادوا وقوع الضرر بالنبي (صلى الله عليه وآله) حين مسيره إلى بني المصطلق ، فحارب علي ( عليه السلام ) معهم ، وقتل منهم جماعة كثيرة. " ورد الشمس وغير ذلك " من الوقائع التي نقلت عنه . انتهى ما تقدم .
" واختصاصه بالقرابة والأخوة " فإنه ( صلى الله عليه وآله ) لما آخى بين الصحابة اتخذ عليا (عليه السلام) أخا لنفسه .
" ووجوب المحبة " فإنه ( عليه السلام ) لما كان من أولي القربى ، ومحبة أولي القربى واجبة ، لقوله تعالى {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] .
هكذا ذكر الشارح ، لكن الظاهر أن مراد المصنف بوجوب المحبة ليس وجوب المودة بين ذي القربى فقط ، بل مثل ما ذكره صاحب المقاصد " من أحبك فقد أحبني ، وحبيبي حبيب الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن يبغضني يبغض الله ، فالويل لمن أبغضك بعدي " وما ذكرته سابقا في ضمن مناشداته ( عليه السلام ) " هل تعلمون أن جبرئيل ( عليه السلام ) نزل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا محمد إن الله يأمرك أن تحب عليا ، وتحب من يحبه ، فإن الله يحب عليا ويحب من يحب عليا ؟ قالوا : اللهم نعم " وغيره مما ذكرته قبل هذا .
" والنصرة " لرسول الله ، يدل عليه قوله تعالى في حق النبي ( صلى الله عليه وآله ) {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4] والمراد بصالح المؤمنين علي (عليه السلام) على ما صرح به المفسرون ، والمراد بالمولى هو الناصر .
" ومساواة الأنبياء " يدل على ذلك قوله ( صلى الله عليه وآله ) " من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب " أوجب مساواته للأنبياء في صفاتهم ، والأنبياء أفضل من باقي الصحابة ، فكان علي أفضل من باقي الصحابة ، لأن المساوي للأفضل أفضل.
" وخبر الطائر " أهدي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) طائر مشوي ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي ( عليه السلام ) وأكل ، والأحب إلى الله تعالى أفضل .
وذكر بعض كمالات أخر بعد كلام المصنف ، وقال : وأجيب بأنه لا كلام في عموم مناقبه ، ووفور فضائله ، واتصافه بالكمالات ، واختصاصه بالكرامات ، إلا أنه لا يدل على الأفضلية بمعنى زيادة الثواب والكرامة عند الله ، بعد ما ثبت من الاتفاق الجاري مجرى الاجماع على أفضلية (1) أبي بكر ثم عمر ، ودلالة الكتاب والسنة والآثار والأمارات على ذلك ، ونقل من الكتاب {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل: 17] ومن السنة والآثار بعض الأحاديث الموضوعة التي نقلتها في موضعه ، ومن الأمارات فتح البلاد وقلة النزاع والاختلاف .
أقول : قوله بأفضلية أبي بكر وعمر على وفق أكثر أهل السنة لا وجه له ، لأن الآية لا دلالة لها على مقصودهم ، كما ظهر لك سابقا .
وأما الأخبار والآثار : فلأن انفرادهم في نقل ما يتوهم دلالته على أفضلية من سبق على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وثبوت وضع الأخبار في فضائل الثلاثة وأشياعهم في زمان معاوية بأمره ، وطلب الجاه والجائزة به ، وصيرورة الأخبار الموضوعة سبب الشبهة لأصحاب الديانات لكون بعض من يضع الأخبار في فضائل السابقين مرائيا ظاهر الصلاح ، كما ذكره عبد الحميد بن أبي الحديد ... يسقطان الأخبار الدالة على فضائلهم عن درجة الاعتبار ، ومع ذلك قد ذكرت سابقا ظهور الضعف في بعضها وآثار الوضع فيها ، فارجع إليه .
فكيف يعارض بأمثال تلك الأمور الأخبار التي نقلها الفرق ، واتفق أهل السنة على صحة كثير منها ، ولم يدع داع على وضعها ، كما ذكرته سابقا .
وأيضا نترك الأخبار التي نقلت في فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) غير الأخبار التي نقلها شارح التجريد ونكتفي بها ، ونقول : منها ما نقله بقوله وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ): لضربة علي خير من عبادة الثقلين .
ومنها : حكاية خيبر ودلالتها على غاية جلالة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ودلالة حكاية خيبر معها على غاية قباحة فعل المنهزمين ، وشناعته ظاهرة ، ومع ظهورها قد ذكرتها في موضعها ، وظهر من حكاية أحد وحنين هرب الثلاثة عن الزحف، ويقول الله تعالى {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} [النساء: 95] ومرتبة الهاربين ظاهرة .
وأيضا اعترف هو بشدة حدسه ( عليه السلام ) وفتح أبواب العلوم الذي نقله ، وقال الله تعالى {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] وقال تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وأيضا اعترف بقوله " لو كسرت لي الوسادة " وعلم بصدقه ، وبقول عمر " كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال " وبالجملة علوم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وجهالات أبي بكر وعمر أظهر من أن نحتاج هاهنا إلى التفصيل.
وأيضا كيف يمكن القول بأفضليتهما لو لم يكن إلا حديث الطير ، ولما ظهر سابقا مراتب رذائل السابقين المغني عن تعرض التفاصيل هاهنا ، فلا نطول الكلام هاهنا .
وذكر صاحب المقاصد ما ذكر في التجريد وشرحه من مناقب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وبعض ما لم يذكر فيهما ، منه قوله ( صلى الله عليه وآله ) " لمبارزة علي عمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة " مع نقله بعده قوله ( صلى الله عليه وآله ) " لضربة علي خير من عبادة الثقلين " فظهر من الرواية الأولى التي ذكرها صاحب المقاصد أن جرأته ( عليه السلام ) في محاربة عمرو مع خوف الصحابة حسنة عظمى مثل ضربته ( عليه السلام ) .
وبعد ما حكم بأفضلية أبي بكر وعمر بالروايات المجعولة التي علمت ضعفها من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تعرض لبيان الأفضل وغير الأفضل من غير الخلفاء ، وذكر عشرتهم ، وسيدي شباب أهل الجنة ، وأن أهل بيعة الرضوان ومن شهد بدرا واحدا والحديبية من أهل الجنة .
قال : أما إجمالا ، فقد تطابق الكتاب والسنة والإجماع على أن الفضل للعلم والتقوى ، قال الله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وقال تعالى {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] وقال تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : الناس سواسية كأسنان المشط ، لا فضل على عربي على عجمي ، إنما الفضل بالتقوى . وقال ( عليه السلام ) : إن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء . وقال ( عليه السلام ) : فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم . وقال ( عليه السلام ) : من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة .
أقول : لا يخفى وهن التخصيص ، لأنه لا وجه لتخصيص الآية والخبر المتفق عليه بين الفريقين بالأخبار الضعيفة التي انفردوا في نقلها ، فكيف يخصص الآيات والأخبار المتفقة بين الفريقين بها ؟
فإن قلت : آية {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] دعانا إلى التخصيص لكون الأتقى أبا بكر .
قلت : لا دليل على كون أبي بكر أتقى ، إلا الروايات المختلقة التي نشأت من الأهواء الباطلة ، وكيف يجتمع التقوى في من يدعي الإمامة بغير نص وبيعة باب مدينة العلم وكمل الصحابة ، ويشدد عليه وعليهم بأقبح وجه وأشنعه ، ويغضب فاطمة ( عليها السلام ) مع كون غضبها غضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، كما ظهر لك سابقا دلالة أخبارهم الصحيحة على ما ذكرته ، لا أخبار الشيعة فقط .
وأيضا ذكر في أفضلية الرجلين من جملة الروايات المختلقة رواية " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " واستدل بها على أنه دخل في الخطاب علي (رضي الله عنه) فيكون مأمورا بالاقتداء ، ولا يؤمر الأفضل والمساوي بالاقتداء سيما عند الشيعة .
وفيه أنه - مع ظهور ضعفه بالسند ، وبعدم استدلالهما به عند امتناع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وبني هاشم عن البيعة ، مع ظهور عدم المانع ، بل قابلوا دلائل الامتناع بالغلظة والشدة والتخويف بالقتل ، وبإحراق البيت - معارض بقوله ( صلى الله عليه وآله ) " لمبارزة علي عمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة " لدخول الرجلين في الأمة عندكم ، وبخبر الطائر الصحيح عند الفريقين ، لدخولهما في من كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أحب منه ، وضعف بشارة العشرة وغيرها من كلامه ، بعد ملاحظة كلامنا السابق لا يحتاج إلى البيان .
______________
(1) من الدلائل على عدم مبالاته مثل أكثر أهل السنة ، بما جرى على لسانه أنه حكم بأفضلية الأولين ، وأغمض عن مقتضى ما سمعته وأوضحته مع مزيد ، وهو اعتراف ابن عمر بأفضلية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من غير داع عليه ، فليسا أفضلين ، وبتقوي الأمارات عندكم بكونه ثقة ، على ما رواه ابن البطريق عن مناقب ابن المغازلي ، بإسناده عن نافع مولى عمر أنه قال لابن عمر : من خير الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : ما أنت لا أم لك ، ثم قال : أستغفر الله خيرهم بعده من كان يحل له ما كان يحل له ويحرم عليه ما يحرم عليه ، قلت : من هو ؟ قال : علي سد أبواب المسجد وترك باب علي ، وقال : لك في هذا المسجد مالي وعليك فيه ما علي ، وأنت أبو ولدي ووصيي تقضي ديني ، وتنجز عدتي ، وتقتل على سنتي ، كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني .
ومن مسند ابن حنبل ، عن ابن عمر ، قال : كنا نقول : خير الناس أبو بكر ثم عمر ، ولقد أوتي علي بن أبي طالب ثلاث خصال ، لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم : زوجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بنته وولدت له ، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر .
اعلم أن ابن البطريق ( رحمه الله ) كان في المائة السادسة من الهجرة ، وكانت الكتب التي روى الأخبار منها وذكر أسنادها إلى أصحابها معروفة متداولة ، لم يمكن نسبة رواية إلى أحد ممن نسب إليه من غير أن تكون محققة ، لكثرة المخالفين الطالبين زلته وقوتهم ، إن قطع النظر عن ثقته ، وما ذكرته في ابن عمر جار في ابن المغازلي وابن حنبل وفي الوسائط .
إذا عرفت هذا نقول : قول ابن عمر في رواية نافع " ما أنت لا أم لك " إشارة إلى كراهة هذا السؤال ، لوجود الداعي على عدم الصدق ، فاستغفر الله مما سولت له نفسه ونطق بالصواب .
وقوله ( صلى الله عليه وآله ) " وتقتل على سنتي " يحتمل المعلوم والمجهول ، والأول أظهر .
ويؤيده ما روى ابن البطريق ( رحمه الله ) في الفصل الرابع والعشرين من العمدة ، من مسند ابن حنبل ، بإسناده عن أبي المغيرة ، عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : طلبني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فوجدني نائما ، فضربني برجله ، فقال : قم والله لأرضينك ، أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل على سنتي .
تعريضا بالثلاثة ، وعلى تقدير كون يقتل على البناء للمفعول ، فالظاهر أنه تعريض بعمر وعثمان ، وقد عرفت مقتضى آخر رواية نافع ، فلا حاجة إلى البيان " منه " .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|