يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ |
2989
05:47 مساءاً
التاريخ: 25-11-2014
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-07
206
التاريخ: 20-04-2015
2003
التاريخ: 2023-08-27
764
التاريخ: 2024-09-02
241
|
قال تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج : 61] ايلاجه تعالى الليل في النهار وبالعكس ، ادخاله احدهما في الاخر : اما بالتعقيب بأن يأتي به بدلاً مكانه وذلك كلي ، او بالزيادة والنقصان وهذا اكثري.
بيانه : ان كل ما زاد في النهار نقص من الليل وبالعكس ، واطول ما يكون من النهار يوم سابع عشر حزيران عند حلول الشمس آخر الجوزاء ، فيكون النهار حينئذ خمس عشر ساعة والليل تسع ساعات ، وهو اقصر ما يكون من الليل .
ثم يأخذ في النقصان والليل في الزيادة الى ثامن عشر ايلول عند حلول الشمس آخر السنبلة ، فيستوي الليل والنهار ، ويسمى الاعتدال الخريفي ، فيصير كل منهما اثنتا عشر ساعة.
ثم ينقص النهار ويزيد الليل الى سابع عشر من كانون الاول عند حلول الشمس آخر القوس ، فيصير الليل خمس عشر ساعة ، والنهار تسع ساعات ، فتكون الليل في غاية الطول ، والنهار في غاية النقصان.
ثم يأخذ الليل في النقصان والنهار في الزيادة الى سادس عشر آذار عند حلول الشمس آخر الحوت ، فيستوي الليل والنهار ، ويسمى الاعتدال الربيعي. ثم يستأنف.
قال الشيخ البهائي قدس سره في تفسير قوله ـ عليه السلام ـ « يولج كل واحد منهما في صاحبه ويولج صاحبه فيه » اي : يدخل كلاً من الليل والنهار في الاخر ، بأن ينقص من احدهما شيئا ويزيده في الاخر ، كنقصان نهار الشتاء وزيادة ليله ، وزيادة نهار الصيف ونقصان ليله.
فان قلت : هذا المعنى يستفاد من قوله ـ عليه السلام ـ « يولج كل واحد منهما في صاحبه ، فأي فائدة في قوله ـ عليه السلام ـ « ويولج صاحبه فيه »؟.
قلت : مراده ـ عليه السلام ـ التنبيه على أمر مستغرب ، وهو حصول الزيادة والنقصان معاً في كل من الليل والنهار في وقت واحد ، وذلك بحسب اختلاف البقاع ، كالشمالية عن خط الاستواء ، والجنوبية عنه ، سواء كانت مسكونة اولا.
فان صيف الشمالية شتاء الجنوبية وبالعكس ، فزيادة النهار ونقصانه واقعان في وقت واحد لكن في بقعتين ، وكذلك زيادة الليل ونقصانه.
ولو لم يصرح ـ عليه السلام ـ بقوله « ويولج صاحبه فيه » لم يحصل التنبيه على ذلك ، بل كان الظاهر من كلامه ـ عليه السلام ـ وقوع زيادة النهار في وقت ونقصانه في آخر ، وكذا الليل ، كما هو محسوس معروف للخاص والعام.
فالواو في قوله ـ عليه السلام ـ « ويولج صاحبه فيه » واو الحال بإضمار مبتدأ ، كما هو المشهور بين النحاة (1) انتهى.
أقول : كون الواو للحال مبني على تقدير المبتدأ ، كما في نجوت وارهنهم مالكاً ، وقمت واصك وجهه.
وحاصل الجواب : ان معنى الجهة الحالية وان كان مفهوماً من الاولى ، فيكون تأكيداً ، الا انها ذكرت للتنبيه.
وأنت خبير بأن ايلاج كل واحد منهما في صاحبه يتضمن حصول الزيادة والنقصان معاً في كل واحد منهما بحسب اختلاف البقاع ؛ اذ لا يمكن ايلاج الليل في النهار في بقعة إلا حال إيلاج النهار في الليل في بقعة اخرى وبالعكس ، وزيادة النهار يتضمن نقصانه حال زيادته ، وكذلك الليل في بقعتي الشمالية والجنوبية عن خط الاستواء ، فالتنبيه حاصل بدون ذكرها.
وانما ذكرت للتصريح بما علم ضمناً ؛ لانه لما كان أمراً مستغرباً لم يكتف في الدلالة عليه بالتضمنية ، بل دل عليه بالدلالتين التضمنية والتصريحية ايماء لطيفاً الى شأن الامر.
ثم أقول : اختلاف البقاع في العرض الشمالي والجنوبي وانتقال الشمس عن مدار من المدارات اليومية بحركتها الخاصة ، يوجب ان يدخل بعض زمان الليل في زمان النهار وبالعكس في البقاع الشمالية عن خط الاستواء والجنوبية عنه ، في كل يوم بليلته من ايام السنة في جميع الافاق الا في المستقيم والرحوي ، وهذا معنى قوله « يولج كل واحد منهما في صاحبه ».
وكذا اختلاف طول البقاع مع الحركة الاولى ففي حال زيادة زمان النهار ونقصان الليل وبالعكس في البقاع المذكورة بحسب الاختلافات العرضية ، يدخل بعض زمان الليل في النهار وبالعكس في الاماكن الشمالية عن خط الاستواء المختلفة في الطول ، وكذا الجنوبية عنه المختلفة فيه بحسب هذا الاختلاف ، وهذا معنى قوله « يولج صاحبه فيه ».
فالحالية تأسيس ؛ لانها اشارة الى نوع آخر من الزيادة والنقصان ، وعليه يتفرع وجوب صوم احد وثلاثين يوماً في صورة ، وثمانية وعشرين في اخرى ، على المسافر من بلد الى آخر بعيد عنه بعد رؤية الهلال.
ويحتمل عكس ذلك ، بأن يكون الاولى اشارة الى ما يكون بالاختلافات العرضية مع الحركة الخاصة الشمسية.
ويحتمل ان يكون معنى الاولى ادخال كل من الليل والنهار مكان الاخر بدلاً منه في كل البقاع ، فعبر عن احداث النهار مع امتلاء العالم بالليل وبالعكس بالايلاج. ومعنى الثانية ادخال بعض زمان كل منهما في زمان الاخر في كل يوم بليلته في كل البقاع بحسب اختلافاتها العرضية والطولية في حال الادخال الاول.
ويحتمل العكس ، وعليه فالحالية تأسيس ، ومعنى الجملتين اكثر مما سبق ، ويتحقق معناهما في كل الافاق حتى في الرحوي في بعض ايامه.
ثم الحكمة في نقصان كل منهما وزيادة الاخر على التدريج ظاهرة ، اذ لو كان دخول احدهما على الاخر ، وذلك بحركة الشمس بغتة لأضر بالأبدان والثمار وغيرهما ، كما ان الخروج من حمام حار الى موضع بارد دفعة يضر البدن ويسقمه.
__________________
(1) مفتاح الفلاح : 107 ـ 108.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|