المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05

عيب الشكل والإجراءات
4-4-2017
حديث شخصي
30-4-2020
موت يزيد
16-12-2018
التحديات والأخطار الداخلية والخارجية
8-02-2015
افات الفاصوليا
10-5-2018
الخصال الست لعلي (عليه السلام)
26-01-2015


التربية  
  
6139   01:26 مساءً   التاريخ: 17-2-2017
المؤلف : د. عبد الله الرشدان
الكتاب أو المصدر : المدخل الى التربية والتعليم
الجزء والصفحة : ص7-14
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / مفاهيم ونظم تربوية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2016 15433
التاريخ: 26-1-2016 1949
التاريخ: 26-7-2016 2073
التاريخ: 19-4-2016 4173

معنى التربية : ظهرت التربية مع ظهور الإنسان على وجه الأرض, وشعوره بكيانه باعتباره فرداً في جماعة من الجماعات كالأسرة أو القبيلة. وبدأت في وسط مليء بالكائنات الحية المختلفة, وكان لا بدّ له منة الدخول في تنافس مع مختلف هذه الكائنات من اجل أن يحافظ على بقاء حياته واستمرارها مستغلاً قواه الجسدية للتغلب على كل ما يواجهه من مشاكل, وقد ادرك أنه متميز عن باقي المخلوقات الحية, وأنه متفوق عليها, وان عليه أن يستغل التميز والتفوق على ملاحظة الظواهر الطبيعية المحيطة به للعمل على الإفادة منها في حياته, وبذلك بدأت تتكون لديه المعارف والمعلومات والخبرات المختلفة التي أخذت توفر له مع مرور الزمن كيفيات جديدة .

ومن هذا المنطلق يمكن القول إن تفاعل الإنسان كان مستمراً مع بيئته التي أصبحت مدرسته الأولى, إذ كان ينهل منها المعرفة, ويتعلم مهامه ويمارسها, وهذا التفاعل المستمر بينه وبين بيئته هو ما نسميه (التربية) التي هي الحياة نفسها .

وقد تطورت أساليب التربية وطرقها مع تطور الانسان, وأخذت أشكالاً مختلفة من حيث أغراضها وعواملها أو وسائلها المقصودة منها وغير المقصودة, ومن حيث استجابة الإنسان في أطواره المختلفة للعوامل المؤثرة فيه, ومن حيث ما وجه من عناية واهتمام لجانب معين من جوانب حياته اكثر من غيره .

ومع تطور الانسان البدائي شيئاً فشيئاً وصل إلى المرحلة التي أصبح يعيش فيها في مجتمعات منظمة. ومع تراكم التراث الثقافي والمعارف واختراع اللغة المكتوبة وظهور حركة التدوين أصبح غير قادر لوحده على الحفاظ على هذا كله وتنظيمه وتبسيطه وتنقيحه ونقله للأجيال مما جعل العقل الإنساني يفكر في إيجاد أماكن خاصة لتلقين المعارف, مما أدى إلى ظهور التربية المقصودة, وظهور ما يسمى بالمدارس .

وكانت التربية بصفتها المقصودة وغير المقصودة غير منفصلة عن حاجات المجتمع المختلفة وما يجري فيه من أحداث وتحقيق الغايات والأغراض التي ينتظرها المجتمع منها , أي كان من المفروض دائماً الاستجابة لمتطلبات الحياة الاجتماعية .

وإذا عدنا إلى التاريخ وإلى حياة الإنسان البدائي وجدنا أنه كان يتلقى تعليمه من حياته اليومية والوسط المباشر الذي كان يعيش فيه, فكانت التربية عبارة عن تفاعل بين الفرد والبيئة باعتبار أن الانسان اجتماعي بالضرورة, وبذلك كانت تربيته خاضعة لأوضاع المجتمع, فالطفل كان يتعلم من خلال اللعب أو العمل أو المشاركة في حياة الجماعة أو في مصاحبته  لوالده, ومن خلال ممارسته الطقوس الدينية والذهاب إلى الصيد ومشاهدة الحيوانات والطبيعة والاستماع إلى قصص كبار القوم (1) فكانت التربية تلقائية من البيئة المحيطة والتفاعل الحياتي اليومي وما تمليه ظروف تلك الفترة, وأدى تراكم الخبرات والمعارف والتجارب إلى نمو هذه المعارف والتجارب وتنوعها, مما أدى بالتالي إلى تطور اللغة .

لقد كانت المدارس التقليدية تركز اهتمامها على الجوانب المعرفية, ولم تركز على الجانب الاجتماعي الوجداني إلا قليلاً, مما جعلها مدراس غير وظيفية ومنعزلة عن المجتمع, ومهما بلغت مهارة المتعلم في اكتساب المعرفة فسيبقى التعليم قاصراً إن لم يتمكن من توظيف المعرفة في تنمية الشخصية وفي السلوك الاجتماعي, من أجل أن يكون المجتمع راضياً عن ما تقدمه المدرسة له من انتاج متعدد الجوانب, وهذا يطرح قضية ربط التعليم مع حاجات المجتمع المختلفة, وربط التربية مع التعليم .

وكلمة تربية تطلق على كل عملية تؤثر في قوة الطفل وتكوينه منذ ولادته بالزيادة أو النقصان أو الترقية أو الانحطاط , سواء كان مصدرها من الطفل أم من البيئة الطبيعية, أو الاجتماعية. فالطفل خاضع باستمرار منذ ولادته لعمليات تغير في جسمه وعقله وخلقه. وهذه العمليات هي (التربية) ومصادرها هي عوامل التربية .

فعوامل التربية أو مسبباتها تتضح منذ ولادة الطفل حين يبدأ يتأثر بعوامل مختلفة لتنقله من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي, ويبقى هذا التأثير مستمراً طول حياة الإنسان, وتشترك فيه عوامل خارجية وداخلية ومتفاعلة مع بعضها, وجميعها تؤثر في عملية التربية في فترات نموه المختلفة؛ لأن التربية عملية مستمرة من المهد إلى اللحد .

وهذه العوامل المؤثرة بعضها مادي وبعضها طبيعي, وبعضها معنوي واجتماعي, فإذا تكلمنا عن التربية بمعناها العام نجد أن لها عوامل كثيرة تشمل كل ما يحدث أثراً على الطفل خلال نموه وطيلة حياته, وحتى لو كان تجربة أو حادثة عارضة. وهذا ما يسمى بالعوامل غير المقصودة. وإذا تكلمنا عن التربية بمعناها الخاص (التربية المقصودة المنظمة) فتعني أنواع النشاط المقصودة المنظمة ذات الأهداف الواضحة. أي تربية معروفة في ذهن المسؤولين عن الطفل وتربيته .

ويفرق المربون ما بين العوامل المقصودة وغير المقصودة ؛ فالأولى هي التي يمكن ضبطها وتكييفها, أي التي يراد بها تربية الطفل بصورة ارادية. أما العوامل غير المقصودة فهي تلك التي لا يقصد بها توجيه تربية الطفل ولها أثر عليه, فالمجتمع صغيراً كان أم كبيراً, قرية أم مدينة أم بادية, له آثار مهمة في تكوين الطفل, ولكنه لا يعتبر عاملاً مقصوداً, ولكن لأهميته يعتبر عاملاً أساسياً في التربية (2)..

ومن الجدير بالذكر أن مصطلح (تربية) هو مصطلح محدث, إذ يذكر معجم هاتزفيلد (Hatzfield) ومعجم دار مستر (Dar mester) ومعجم ثوماس (Thomas) أننا لا نجد له أثراً في اللغة الفرنسية قبل عام 1527م . ولكنه بدأ يظهر في معظم المعاجم منذ عام 1549م.

وفي المعجم الفرنسي لصاحبه روبير إتيين (Robert Etienne) نجده ملحقاً بكلمة طعام . والمصطلح من الناحية الاشتقاقية منقول عن اللاتينية. وقد نقل عن طريق أصحاب النزعة الإنسانية في عصر النهضة الأوروبية والاصلاح الديني, فاللغة اللاتينية استخدمت هذا المصطلح للدلالة على تربية النباتات والحيوانات وللدلالة على الطعام, وعلى تهذيب البشر دون تفريق بين هذه الأحوال جميعها .

وحتّى عام 1649م لم يكن يفهم من التربية سوى الدلالة على تكوين الجسد والنفس, وكانت تعتبر هي والتعليم شيئاً واحداً, فهي ـ حسب ذلك المفهوم ـ العناية التي نقدمها لتعليم الأطفال سواء فيها يتصل برياضة النفس أو رياضة الجسد (3) .

والتربية في اللغة العربية :

ــ معنى التنمية والزيادة والتطوير والتحسين, وقد جاء  هذا المعنى في قول العرب: (ربا ـ يربو: بمعنى زاد ونما) .

ــ ومعنى النشوء والترعرع, وقد جاء في قول العرب (ربيَ على وزن رضيَ).

ــ ومعنى أصلح الشيء وعالجه حتى يتم إصلاحه. وربّ الرجل قومه: أي سادهم وساسهم مأخوذ من قول العرب (رب الانسان الشيء, على وزن شب) .

ـ تعريف التربية :

للتربية تعريفات كثيرة وردت في مؤلفات التربويين بعضها بينها اتفاق وبعضها بينها اختلاف . والخلاف في وجهات النظر مقبول ومعقول طالما أن الانسان عضوية معقدة يمكن النظر إليها من جهات كثيرة. ونشعر أن الاتفاق أيضاً مقبول ومعقول طالما ان العضوية تحمل عناصر أساسية واحدة يجب أخذها بعين الاعتبار مهما اختلفت وجهات النظر .

إذن لا بدّ من التطرق إلى التعريفات المتعددة للوصول إلى تعريف مقبول يؤكد النقاط الأساسية في العملية التي نسميها (التربية) .

التعريف الأول: وهو مأخوذ من قول يوحنا هربارت الألماني (1776 ـ 1834) الذي يعني أن الغاية من التربية هي الأخلاق, والوصول إلى الفضيلة. أما الطريق إليها فيكون بالتعليم والتوجيه والنظام (5) .

التعريف الثاني : وهو مأخوذ من جان جاك روسو (1712ـ 1778م) الذي يعتبر رائد التربية الغربية الحديثة في كتابه (اميل) حيث يقول : ( ليس على التلميذ أن يتعلم ولكن عليه أن يكشف الحقائق بنفسه) (6) مما يدل على أن التربية عملية ذاتية نابعة من طبيعة الطفل. وكانت آراؤه فاصلاً بين عصرين: عصر التربية القديمة وشعارها المادة, وعصر التربية الحديثة وشعارها الطفل.

التعريف الثالث: مأخوذ من العلماء الذي يخلصون لفكرة تطور الحياة ومفهوم التلاؤم (7). إذ يرى هؤلاء أن أساس البقاء هو التكيف, وأنه يرجع إلى القدرة التامة على الملاءمة بين الظروف الداخلية للعضوية, وبين الظروف الخارجية .

فما دام هذا التكيف قائماً كانت الحياة قائمة. أما التربية فهي العملية التي تؤمن هذا التكيف. أي أنها العملية التي تؤمن للعضوية القدرة على التلاؤم بين دوافعها الداخلية وبين ظروفها الخارجية.  ولهذه القدرة كمالها, والتربية تسعى إلى إيصالها لهذا الكمال, ولكن كثرة الظروف الخارجية وتنوعها, وتنوع الدوافع الداخلية, وتنوع قدرة العناصر التي تكون القاعدة الفيزيولوجية لهذه الدوافع تمنع وصول التربية إلى كمالها, وقد تعطل التلاؤم في ساعة من الساعات, وعندئذ تنتهي حياة العضوية .

التعريف الرابع: مأخوذ من الراشدين في مناقشاتهم الجدية (8), إنهم ينظرون إلى عملهم تجاه الناشئين, ويتفحصون جوانبه المختلفة ليخلصوا من هذه النظرة إلى القول: إن التربية هي مجموعة المؤثرات المختلفة التي توجه حياة الفرد وتسيطر عليها. وهم بهذا القول يشدون على  ناحيتين : الأولى أن التربية لا تظهر في عمل واحد أو مهمة واحدة من حياة الإنسان. إنها جملة مهمات, إنها مؤثرات مختلفة متنوعة. إنها تجري ضمن الزمن ولكن دون أن تحدد بفترة معينة من حياة الإنسان الفرد. أما الثانية فهي إنها عملية تتضمن التوجيه. فالفرد الذي يكون موضوع التربية يتلقاها وقد تضمنت غايات وأغراضاً تميل إلى اتجاه. مثلاً توجهه نحو تكوين حذاقة مهنية, أو نحو تكوين قدرة لغوية, أو نحو تكوين قدرة على تناول الطعام, أو نحو تكوين قدرة في لعبة من الألعاب الخ.

وهنا تكون كلمة السيطرة التي تشير إليها هذا التعريف جزءاً من عملية التوجيه يؤكد على قوة فكرة التوجيه داخل العملية التربوية .

التعريف الخامس: مأخوذ من اللغة. وهي مشتقة من الفعل الماضي ربّى ومضارعه يربي، وتعني أصلح الشيء وقومه, يقال: ربى الشيء, أي أعتنى به وأصلحه, وربى الأب ولده: أي رعاه واعتنى به وأحسن القيام عليه. والتربية بهذا المعنى تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً(9). وهنا نلاحظ ناحيتين أيضاً: الأولى أن  التربية سير بالشيء إلى كماله. والشيء وحدة من جهة, وكثيرة من جهة أخرى, إنه وحدة من حيث فرديته هكذا يكون زيدٌ, وعمرو, وشجرة الزيتون التي نستطيع أن نقف عندها ونشير إليها باليد. وهي كثرة لأن في كل فرد استعدادات وقدرات, ولأن لكل فرد سيماه الأساسية فللانسان جسمه, وله تفكيره وعقله, وله قيمه الاجتماعية والأخلاقية. وكذلك يكون للنبات جذره وجزعه, وقشره ولبّه, فالتربية إذن ترعى الكل كوحدة وترعى الكل من حيث أجزائه التي يتألف منها, وترعاه لتوصله إلى كماله, أي إلى أفضل حالة يمكن أن يصل إليها ككل, وإلى أفضل حالة يمكن أن تصل إليها الأجزاء التي تؤلف الكل. ولكن التربية تسير في هذا العمل وهذه هي الناحية الثانية شيئاً فشيئاً, أي أنها تسير بصورة تدريجية منظمة تتخطى فيها المرحلة بعد الأخرى .

التعريف السادس: يقول  جون ستيورات ميل j.s.Mill)) (10): إن التربية هي كل ما نفعله نحن من أجل أنفسنا, وكل ما يفعله الآخرون من أجلنا حين تكون الغاية تقريب أنفسنا من كمال طبيعتنا. وهو يشير هنا إلى ثلاث نقاط : إلى ما يفعله الآخرون من أجلنا أو نحونا في سبيل رعايتنا وتقريبنا من كمالنا. وإلى جهدنا في تربية أنفسنا, ذلك الجهد الذي تكون غايته متفقة مع غاية الآخرين في إيصالنا إلى كمالنا. وإلى أن غاية هذا الجهد هي إيصال الإنسان إلى كماله الإنساني الذي وضع في طبيعته كإنسان, ومن هنا نرى أن هذا التعريف يتفق مع التعريف السابق في الإشارة إلى غاية التربية, ولكنه يمتاز عن كل ما سبق في الإشارة إلى جهد الفرد في إيصال طبيعته إلى كمالها, ويجعل هذا الجهد جزءاً من عملية التربية .

التعريف السابع: يقدمه لالاند (lalande) في معجمه الفلسفي لتوضيح معنى التربية حيث يقول: إنها العملية التي قوامها أن تنمو وظيفة أو عدة وظائف نمواً تدريجياً عن  طريق التمرين للوصول إلى الكمال..., ويمكن أن تنجم إما عن عمل الآخرين, أو عن عمل الكائن نفسه الذي يكتسبها (11) وهذا التعريف يلتقي مع التعريفين السابقين في تركيزه على النمو التدريجي للفرد جزئياً أو كلياً للوصول إلى الكمال. كما يشير للجهد الذاتي للفرد, وإلى جهد الناس الآخرين في هذه العملية. وتعريف التربية هذا بأنه العمل الذي يمارسه كائن على كائن آخر هو أكثر التعريفات شيوعاً وأقدمها . ومع ذلك فكل عمل من هذا النوع ليس جديراً بأن يسمى تربية. إذ لا بد بالإضافة إلى ذلك أن يكون العمل تقدماً, وأن تكون النتيجة الحاصلة منه نمواً في القيمة وأن يكون قوامه اكتساب عادة ملائمة لغايات مرجوة من قبل. فلا تربية إلا إذا وجدت أحكام القيم . أما فعل الكائن في نفسه الذي يسميه الانكليز التربية الذاتية (Seld Edu – cation) فليس سوى وجه من وجوه الفعل الأخلاقي,  إذا نظرنا إليه خلال تأثيره في الشخص الذي يقوم به, وسوى نتيجة للإرادة التي بذلت الجهود لاكتساب العادات .

التعريف الثامن: وهو لجون ديوي (1859 ـ 1952م) حيث يقول (12): إن الحياة في أصل طبيعتها تسعى إلى دوام وجودها, عن طريق التجدد المستمر, فهي إذن عملية التجديد بذاتها. فجيل يموت لقيام جيل آخر, وهذا النقل للتراث الثقافي الإنساني من جيل لآخر يظهر العملية بأجمعها على أنها عملية تجدد تستطيع الحياة بواسطتها المحافظة على دوامها. فالتربية هي مجموعة العمليات التي بها يستطيع المجتمع أن ينقل معارفه وأهدافه المكتسبة ليحافظ على بقائه  وتعني في الوقت نفسه التجدد المستمر لهذا التراث وايضاً للأفراد الذين يحملونه. فالتربية هي عملية نمو وليست لها غاية إلا لمزيد من النمو, إنها الحياة نفسها بنموها وتجددها .

ومن الجدير بالذكر هنا أن جون ديوي يؤمن بأن تكوين الخبرات لا يتم إلا عن طريق حل المشكلات, وأن لا خير في شيء لا يكون خبرة عند الطفل .

نلاحظ من كل هذه التعريفات أن هناك خلافاً بين المشتغلين بالتربية في تحديد معانيها, وأن هناك مع ذلك بعض الاتفاق. ولكن من الأهمية بمكان أن نبين النقاط الأساسية التي يجب أن يشدد عليها أي تعريف للتربية, وهي (13) :

1ـ التربية تخص النوع الانساني, فقد نتحدث عن رعاية النبتة وعن تدريب القطة ولكن كلا العمليتين تختلف عن العملية التربوية في غاياتها ونقطة انطلاقها .

2ـ التربية عملية هادفة غايتها موجودة في أحد الطرفين, وهو يمارس عمله بالنسبة للطرف الآخر فالكبير يوجه الناشئ. وبكلمة أعم: الجيل البالغ الراشد هو الذي يوجه الجيل الناشئ. ولا شك في أن توجيه الراشد للناشئ ليس خاضعاً لمجرد الصدفة فقط , بل هو توجيه مقصود أيضاً.

3ـ التربية عملية تفاعل ما بين الإنسان ومجتمعه, فالفرد يتلقى المؤثرات ويكون أيضاً فاعلاً فيما يأخذ محللاً ومركباً مقدماً للتراث الإنسان شيئاً جديداً حين يصبح قادراً على ذلك .

4ـ التربية عملية تهدف إلى إيصال الشيء إلى كمال نموّه, عن طريق المعلومات والمعارف  وايضاً تهيئة الظروف حتى تتمكن القوى الداخلية للطفل من النضوج والنمو .

5ـ التربية عملية قاعدتها ضرورة تحقيق التلاؤم بين عضوية حية ذات شروط خاصة, وبين ظروف خارجية تحيط بها. والتلاؤم ضروري للبقاء ولا يتم إلا بتدخل الراشد المربي .

6ـ التربية عملية شاملة لها معنى واسع بالإضافة إلى معناها الضيق فقد يكون أكثر حديث الناس عن التربية داخل المدرسة, ولكن الأسرة لها دور مهم, وكذلك المجتمع له دوره أيضاً.

لا شك في أن التربية عملية معقدة, وأنها توسط ذكي ومقصود بين راشد وناشئ. وتساعد الإنسان منذ صغره على التكامل التدريجي في جميع جوانب شخصيته تكاملاً حراً وموجهاً معاً بحيث يستطيع التفكير في أمور حياته والتعامل معها ويستطيع بالتالي مواجهة الظروف التي تصادفه مواجهة تمكنه من التكيف معها والمحافظة على بقائه .

فإذا أردنا وضع هذه العملية في إطار التعريف نقول: إنها عملية تضم الأفعال والتأثيرات المختلفة التي تستهدف نمو الفرد في جميع جوانب شخصيته وتسير به نحو كمال وظائفه عن طريق التكيف مع ما يحيط به , ومن حيث ما تحتاجه هذه الوظائف من أنماط سلوك وقدرات .

____________

1ـ أحمد الحطاب: التعليم والتنمية في الوطن العربي (سلسلة دراسات ووثائق) الصفات التي يجب أن تتسم بها التربية للاستجابة لمتطلبات المجتمع خلال القرن (21) , مكتب اليونسكو الاقليمي للتربية في الدول العربية , الرباط : 1989 ص3 .

2ـ صالح عبد العزيز , وعبد العزيز عبد المجيد : التربية وطرق التدريس , الطبعة السادسة , جـ1 , القاهرة و دار المعارف , 1963, ص68 .

3ـ رونيه أو بير : التربية العامة , ترجمة عبد الله عبد الدايم , بيروت : دار العلم للملايين , الطبعة الثانية 1972, ص22 .

4ـ أحمد عبد الرحمن عيسى , في أصول التربية وتاريخها , طبعة أولى و الرياض : دار اللواء للنشر والتوزيع , 1977 : 10 .

5ـ المرجع السابق , ص17.

6ـ المرجع السابق , ص17.

7ـ صالح عبد العزيز , وعبد العزيز عبد المجيد , مرجع سابق , ص20-26 .

8ـ المرجع السابق , ص13 .

9ـ ناصر الدين البيضاوي : أنوار التنزيل وأسرار التأويل و تفسير البيضاوي , ج1 , القاهرة , الحلبي , 1939, ص5 .

10ـ رونيه أو بير , مرجع سابق, ص23 .

11ـ المرجع السابق , ص24.

12ـ المرجع السابق , ص24.

13ـ المرجع السابق , ص16.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.