أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-6-2021
2271
التاريخ: 4-12-2016
2004
التاريخ: 14-4-2020
8490
التاريخ: 7-2-2017
1711
|
غزوة وادي القرى:
ولما قفل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) راجعاً من خيبر نحو المدينة عزم في طريقه على التوجّه إلى وادي القرى، وهي المنطقة الاُخرى التي كان يقطنها اليهود، وذلك لعرض الإسلام عليهم، أو نزولهم إلى الذمّة، وإلاّ قاتلهم وطهّر المنطقة من تواطئهم ضد الإسلام والمسلمين الذي طالما عانَوا منه في الأعوام الماضية.
فلما وافاهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حاصر حصونهم بنفسه عدّة أيام حتى فتحها، ثم عقد معهم عقداً على غرار خيبر وتركهم يعملون في الأرض على النصف، ثم قسَّم ما أصابه منهم على أصحابه، ورجع نحو المدينة.
حوائط فدك:
وفدك منطقة زراعية خصبة ذات حوائط عامرة سبعة(1) وكان يسكنها اليهود، وكبيرهم يوشع بن نون.
فلما فرغ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من خيبر عقد لواءً ثم التفت (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) وقال: يا علي قم إليه فخذه، فقام علي (عليه السلام) إلى اللواء فأخذه، فبعثه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) به إلى فدك.
وكان أهل فدك قد سمعوا بما دمّر اللّه على أهل خيبر وبمسير علي (عليه السلام) فاتح خيبر اليهم، فامتلأت قلوبهم من ذلك خوفاً ورعباً، فأرسلوا إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قبل وصول علي (عليه السلام) إليهم يصالحونه على فدك ويسألونه أن يسترهم بأثواب، ويحقن دماءهم، ويتركوا له أرضهم وأموالهم، وكان الذي مشى بينهم وبين رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في ذلك محيصة بن مسعود أحد بني حارثة.
فصالحهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على أن يحقن دماءهم.
فكانت حوائط فدك ملكاً لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) خاصة خالصة، لأنها لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، فنزل جبرئيل عليه وقال: يا رسول اللّه انّ اللّه عزّوجل يأمرك أن تؤدّي ذا القربى حقه(2).
قال (صلى الله عليه وآله) : يا جبرئيل ومن قرباي؟ وما حقه؟
قال جبرئيل : فاطمة (عليه السلام) فأعطها حوائط فدك.
فدعى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليه السلام) وأعطى بأمر من اللّه تعالى فدكاً إليها (عليه السلام) نحلة لها وبلغة لابنيها، وملكاً خاصاً لها، وبقيت في ملكها وبيدها (عليه السلام) في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله).
هذا وقسّم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) غنائم خيبر ووادي القرى بعد إخراج الصفايا والخمس بين أصحابه، فوجد بها المسلمون مرفقاً لم يكونوا وجدوه من قبل، لأنها فتحت عنوة وأوجف عليها بخيل وركاب، فكان للمقاتلين الحق فيها دون فدك.
سرية اُسامة بن زيد:
وأقام رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالمدينة بعد مقدمه من خيبر إلى شوال سنة سبع من الهجرة النبوية المباركة، وكان يبعث خلال تلك المدة السرايا لتوطيد الأمن أطراف المدينة، ولتأديب ما تبقّى ممن يفكر في مهاجمة المسلمين، وكذا لتبليغ الإسلام إليهم، وعرض أحكامه وتعاليمه السمحة عليهم.
ومن تلك السرايا : سرية اُسامة بن زيد، فقد بعثه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في خيل إلى بعض قرى اليهود ـ يقال: انها كانت تدعى: الحرقة ـ ليدعوهم إلى الإسلام.
وكان رجل من اليهود يقال له: مرداس بن نهيك في بعض تلك القرى، فلما أحسّ بخيل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل، وأقبل عليهم يقول: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمداً رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فمرّ به اُسامة بن زيد فطعنه وقتله.
فلما رجع إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأخبره بذلك.
قال له: قتلت رجلاً شهد أن لا إله إلاّ اللّه، وانّي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)؟!
قال اُسامة : يا رسول اللّه انما قالها تعوّذاً من القتل.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): فلا شققت الغطاء عن قلبه، لا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في نفسه علمت؟
وأنزل اللّه تعالى في ذلك: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] (3) الآية. ثم بعث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بديته إليهم.
سرية ابن رواحة:
وبلغ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بعد رجوعه من خيبر: ان بشير بن رزام اليهودي يجمع غطفان ليغزو المدينة بهم، فبعث إليه عبداللّه بن رواحة في ثلاثين راكباً فيهم عبداللّه بن أنيس، فلما أتوه فكّروا في أن يأخذوه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ليرى فيه رأيه، ولذلك قالوا له: ألا تحب أن يستعملك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على خيبر؟
قال : نعم.
فلم يزالوا به حتى تبعهم في ثلاثين رجلاً معه، كل رجل منهم ردف رجلاً من المسلمين، فلما صاروا على ستة أميال ندم بشير اليهودي وفكر في الغدر، فأهوى بيده إلى سيف عبداللّه بن أنيس.
ففطن له عبداللّه فزجر بعيره، ثم اقتحم يسوق القوم حتى إذا استمكن من بشير اليهودي ضرب رجله فقطعها، فاقتحم بشير وفي يده عصا معوّجة الرأس فضرب بها وجه عبداللّه فشجّه شجّة بلغت اُمّ رأسه، ومال كل رجل من المسلمين على رديفه فقتله ولم يصب من المسلمين أحد، وقدموا على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فمسح على شجّة عبداللّه فالتأمت ولم تؤذه ما كان حيّاً.
رد الشمس:
وفي هذه السنة يعني سنة سبع من الهجرة النبوية المباركة طلعت الشمس بعد ما غربت لعلي (عليه السلام)، فعن أسماء بنت عميس: ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي (عليه السلام)، فلم يصلّ العصر حتى غربت الشمس.
فقال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): أصلّيت يا علي؟
قال: لا.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ـ وقد رفع يديه نحو السماء ـ: (اللّهمّ انه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس).
قالت أسماء : فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت، ووقعت على الجبل والأرض وذلك بالصهباء في خيبر.
سرية بشير:
ومنها: سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة، معه ثلاثون رجلاً، فقتلوا، وقاتل بشير بن سعد حتى ارتثَّ وقيل قد مات، وقدم ابن زيد الحارثي بخبرهم، ثم قدم بعده بشير بن سعد.
سرية إلى يُمن وجبار:
ومنها : سرية بشير إلى يُمن وجبار وهي أرض لغطفان، وقيل لفزارة وعذر، وبعث معه ثلاثمائة رجلاً، لجمع تجمّعوا للإغارة على المدينة، فساروا الليل وكمنوا النهار، فلما بلغهم مسير بشير هربوا، وأصاب لهم نعماً كثيرة وأسر رجلين، فقدم بهما إلى المدينة إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأسلما.
سرية إلى نجد:
وبعث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) سرية قبل نجد.
قال الراوي : فبلغت أسهامنا اثني عشر بعيراً.
عمرة القضاء:
وسميت بذلك لأنها كانت بدلاً عن العمرة التي مُنعوا عنها عام الحديبية.
وذلك أنه لما أهلّ هلال ذي القعدة يعني في سنة سبع من الهجرة النبوية المباركة، أمر (صلى الله عليه وآله) أصحابه أن يعتمروا قضاء لعمرتهم التي صدّهم عنها المشركون بالحديبية، وأن لا يتخلّف أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف عنهم أحد منهم إلا رجالاً استشهدوا بخيبر ورجالاً ماتوا.
فخرج (صلى الله عليه وآله) بعد أن استعمل على المدينة أبا ذر الغفاري وخرج مع رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) قوم من المسلمين للعمرة، فكان مجموع من خرج في عمرة القضاء ألفين من المسلمين، وساق (صلى الله عليه وآله) ستّين بدنة، وقد قلّدها، وأحرم من مسجد المدينة، وأحرم معه المسلمون، ولبّى ولبّى معه المسلمون واتّجهوا بتلبيتهم نحو مكّة، وذلك بعد أن جعل على هديه ناجية بن جندب الأسلمي.
وحيث إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لم يكن يأمن مباغتة قريش وغدرهم به وبأصحابه في أرض مكة أمر مائتي رجل من المسلمين بأن يحملوا معه السلاح والدروع والرماح وحملهم على مائة فرس، وأمّر عليهم محمد بن مسلمة وأمرهم أن يتقدّموه إلى منطقة (مرّ الظهران) قريباً من الحرم وينتظروا قدومه هناك.
فلمّا علمت قريش بذلك أرسلوا من يقول لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بأن من شروطهم عليه: أن لا يدخل مكة إلا بسلاح المسافر.
فأجابه (صلى الله عليه وآله): (نعم لا ندخلها إلا كذلك، ولكن يكون هؤلاء قريبين منّا) وبذلك سدّ (صلى الله عليه وآله) طريق الغدر على قريش.
ثم دخل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ومن معه بسلاح المسافر وهم يلبّون، وذلك بعد أن خرجت قريش من مكة إلى رؤوس الجبال وأخلوا لهم مكة، وقيل: انه كان ذلك لئلاّ يروه، عداوة للّه ولرسوله، فلم يزل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يلبّي حتى استلم الركن بمحجنه، وكان دخوله مكة من الثنيّة التي تطلعه على الحجون، وعبداللّه بن رواحة آخذ بزمام راحلته وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله اليوم نضربكم على تنزيله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليــل عن خليله
قد أنزل الرحمن في تنزيله بأنّ خير القتل في سبيلــه
يا رب إنــي مؤمن بقيلــــه إني رأيت الحق في قبوله
النبي (صلى الله عليه وآله) يقضي نسكه:
ثم طاف رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالبيت الحرام على راحلته، وطاف المسلمون معه، وأمر عبداللّه بن رواحة أن يردّد هذا الدعاء والمسلمون يردِّدونه معه ويقولون: (لا إله إلاّ اللّه وحده وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده).
فلما قضى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) نسكه دخل البيت الحرام حتى إذا حان الظهر أمر بلالاً فأذّن على ظهر الكعبة وأقام الصلاة بأصحابه.
ثم ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لما أراد السعي بين الصفا والمروة ورأى قريشاً قد اصطفوا له لينظروا إليه وإلى أصحابه قال لأصحابه: رحم اللّه امرءاً أراهم اليوم من نفسه قوّة، ثم أخذ يهرول في سعيه في المكان المعلوم الآن في المسعى، وأخذ المسلمون يهرولون معه فيه ليرى المشركون جلدهم وقوّتهم.
فسعى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ومن معه سبعاً حتى إذا فرغ من السعي أتمّ نسكه ثم خرج من إحرامه، وكذلك فعل المسلمون.
وبعد ذلك أمر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) مائتين من أصحابه الذين قضوا مناسكهم أن يذهبوا إلى أصحابهم بمرّ الظهران فيقيموا على السلاح حتى يأتي الآخرون فيقضون نسكهم، ففعلوا.
وأقام رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بمكة ثلاثاً، فلما كان عند الظهر من اليوم الرابع أتاه سهل بن عمرو ونفر آخرون معه وقالوا: قد انقضى أجلك فاخرج عنّا، فأمر أبا رافع ينادي بالرحيل، وأن لا يمسينّ بها أحد من المسلمين.
وركب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ومن معه حتّى نزل بسرف وهي على بُعد عشرة أميال من مكّة.
عند العودة إلى المدينة:
لما عزم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على ترك مكّة والعودة إلى المدينة أقبل إليه عمّه العبّاس في رسالة من شقيقة زوجته ميمونة بنت الحارث اُخت اُم الفضل زوجة العباس حيث قد أعجبها ما شاهدته من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأرسلت إليه عبر العباس تعرض عليه رغبتها في الزواج منه، فوافق رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على ذلك ليقوّي عبر زواجه هذا أواصره بقريش ويستميل قلوبهم إليه.
ولذلك خلّف أبا رافع ليحمل إليه ميمونة حين يمسي، وأقام بسرف حتى قدمت ميمونة ومن معها وقد لقوا أذى وعناء من سفهاء المشركين وصبيانهم، حيث لاموا ميمونة على رغبتها في الزواج من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأرادوا منها أن تنصرف عن ذلك، لكنها أبت عن إجابتهم وأصرت على إرادتها، وكانت على ما قيل: هي آخر من تزوّجه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وآخر من مات من أزواجه.
ورجع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة وقد تحقّقت رؤياه التي أراه اللّه تعالى في منامه قبل عام تقريباً، فنزلت الآية الكريمة تقول:
{ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27] (4) وفي الآية بشارة بفتح مكة الذي تحقّق في السنة الثامنة من الهجرة النبوية المباركة.
من ذكريات السنة الثامنة:
كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من دأبه بعد كل صلاة أن يخطب على المسلمين، فكان (صلى الله عليه وآله) يخطب فيهم وهو متكئ على جذع نخلة كانت هناك في المسجد، وفي مطلع السنة الثامنة من الهجرة النبويّة المباركة، استأذنته امرأة من الأنصار كان لها غلام نجّار في أن يصنع له منبراً يخطب عليه.
فأذن لها، فأمرت ابنها، فاتّخذ له (صلى الله عليه وآله) منبراً ذا ثلاث درجات.
فلما كان يوم الجمعة خطب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على ذلك المنبر، فحنّ الجذع لفراق رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حتى تصدّع وانشق، فنزل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ومسحه بيده الكريمة حتى سكن، ثم رجع إلى المنبر.
سرية كعب إلى ذات أطلاح:
وذات أطلاح منطقة في ناحية الشام خلف وادي القرى، وأهلها من قضاعة، ورأسهم رجل يقال له: سَدوس.
بعث إليهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في شهر ربيع الأول من السنة الثامنة من الهجرة النبوية المباركة كعب بن عمير الغفاري في خمسة عشر رجلاً من المبلّغين ليبلّغوهم الإسلام.
فلما أتوا ذات أطلاح وجدوا فيها جمعاً كثيراً، فدعوهم إلى الإسلام، فأبوا أن يجيبوا وانقلبوا عليهم يقتلونهم، فقتلوا أصحاب كعب جميعاً، وأفلت كعب جريحاً وتحامل حتى قدم المدينة على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأخبره الخبر، فتأثّر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) والمسلمون من ذلك كثيراً.
سريّة مؤتة:
ثم ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) كان قد أرسل الحارث بن عمير الأزدي بكتاب إلى ملك بصرى حاكم الشامات المطلق، يدعوه فيه إلى الإسلام، فلما نزل مؤتة ـ بضم الميم ـ وهي من عمل البلقاء بالشام دون دمشق، عرض له عامل الملك شرحبيل بن عمرو الغساني فقبض عليه، ولما عرف انه رسول النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الملك خالف الأعراف السائدة في ذلك اليوم وقتله، ولم يُقتَل لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) رسول غيره، رغم كثرة الرسل الذين اُرسلوا من المدينة إلى الملوك والرؤساء بعد صلح الحديبية.
ولذلك لما بلغ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) خبر قتله اشتدّ عليه، وندب الناس، وأخبرهم بقتل الحارث، كما أخبرهم بقتل جماعة المبلّغين، فأسرعوا وخرجوا فعسكروا بالجرف، فصلّى بهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الظهر، ثم خطبهم وأوصاهم، فقال:
(اوصيكم بتقوى اللّه وبمن معكم من المسلمين خيراً، اغزوا بسم اللّه وفي سبيل اللّه، وقاتلوا من كفر باللّه، لا تغدروا، ولا تغلّوا، ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة، ولا شيخاً فانياً، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجراً، ولا تهدموا بناءاً).
ثم أمَّر جعفراً على ثلاثة آلاف وقال: إن قُتِل جعفر، فزيد بن حارثة على الناس، فإن قتل زيد، فعبداللّه بن رواحة.
صاحب الراية البيضاء:
ثم عقد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لهم لواءاً أبيض ودفعه إلى جعفر وقال: إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث، فأيّتهنّ أجابوك إليها فاقبل منهم واكفف عنهم:
(ادعهم إلى الإسلام، فإن فعلوا فاقبل واكفف، ثم ادعهم إلى التحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن فعلوا فأخبرهم أنَّ لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، وإن دخلوا في الإسلام واختاروا دارهم فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم اللّه، ولا يكون لهم في الفيء ولا في الغنيمة شيء، إلاّ أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن أبوا فادعهم إلى الجزية، فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم، فإن أبوا فاستعن باللّه وقاتلهم، وإن أنت حاصرت أهل حصن أو مدينة، فأرادوا أن تستنزلهم على حكم اللّه فلا تستنزلهم على حكم اللّه، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم اللّه فيهم أم لا؟ وإن حاصرت أهل حصن أو مدينة، فأرادوا أن تجعل لهم ذمّة اللّه ورسوله، فلا تجعل لهم ذمّة اللّه وذمّة رسوله، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أبيك وذمّة أصحابك، فإنّكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم خير لكم من أن تخفروا ذمّة اللّه وذمّة رسوله).
مع ابن رواحة:
ثم خرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) مشيّعاً لهم حتى بلغ ثنية الوداع، فوقف وودّعهم، فبكى ابن رواحة عند توديعه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وقال: يا رسول اللّه مرني بشيء أحفظه عنك.
قال (صلى الله عليه وآله): إنك قادم غداً بلداً السجود به قليل، فأكثر السجود للّه تعالى.
فقال عبد اللّه : زدني يا رسول اللّه .
قال: اذكر اللّه فإنه عون لك على ما تطلب.
فقام من عنده حتى إذا مضى ذاهباً رجع وقال: يا رسول اللّه انّ اللّه وتر ويحبّ الوتر.
فقال (صلى الله عليه وآله) : يا ابن رواحة ما عجزت فلا تعجز ـ إن أسأت عشراً ـ أن تحسن واحدة.
فقال ابن رواحة: لا أسألك إذن عن شيء بعدها، ثم ودّعه وانصرف، ومضى المسلمون، وذلك في جمادي الآخرة من السنة الثامنة من الهجرة النبوية المباركة.
على مشارف مؤتة:
فلما نزل المسلمون معان من أرض الشام بلغهم انّ هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضمّ إليهم من لخم وجذام وبلى وقضاعة مائة ألف أيضاً، فلما بلغهم ذلك أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا: نكتب إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) نخبره بعدد عدوّنا، فإمّا أن يمدّنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمر فنمضي له.
فشجّعهم عبداللّه بن رواحة، وقال: واللّه يا قوم ان الذي تكرهونه للذي خرجتم له تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوّة، وإنما نقاتلهم بهذا الدين الّذي أكرمنا اللّه به، فانطلقوا فإنّما هي إحدى الحسنيين: إما ظفر، وإما شهادة.
فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيهم الجموع بقرية يقال لها (مشارف)، فدنا العدوّ، وانحاز المسلمون إلى مؤتة، فالتقى الناس، فتعبّأ المسلمون بعد أن دعوهم إلى الإسلام فأبوا ثم اقتتلوا والراية في يد جعفر بن أبي طالب، فقاتل بها وهو يرتجز ويقول:
يا حبّذا الجنّة واقترابها طيّبة وبــارداً شرابهــا
والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
عليَّ إذ لاقيتهــا ضرابها
مصرع الاُمراء:
فقاتل جعفر والراية بيده قتالاً شديداً، حتى إذا أرهقه القتال، اقتحم عن فرس له شقراء فعرقبها ـ حتى لا يستفاد منها أعداء اللّه ـ ثم قاتل، وكان أول من عرقب فرسه في الإسلام عند القتال.
فقطعت يمينه، فأخذ الراية بيساره، فقطعت يساره، فاحتضن الراية حتى قتل وله ثلاث وثلاثون سنة، وقيل: واحد وأربعون عاماً، وقد أصابته خمسون جراحة، خمس وعشرون منها في وجهه.
ثم أخذ الراية زيد، ثم عبداللّه بن رواحة، فتقدّما بها حتى قتلا.
ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان فقال:
يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم.
فقالوا: أنت.
قال : ما أنا بفاعل.
فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، الذي كان جديد عهد بالإسلام.
فلما أخذ الراية ناوش القوم وراوغهم حتى انحاز بالمسلمين، وفرّ بهم من الروم، وأنفذ رجلاً من المسلمين يقال له: عبد الرحمن بن سمرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ليخبره بالخبر.
النبي (صلى الله عليه وآله) يبكي جعفراً:
وفي رواية عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: بينا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في المسجد، إذ خفض له كل رفيع، ورفع له كل خفيض، حتى نظر إلى جعفر يقاتل الكفّار، حتى قتل.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : قتل جعفر، وكانت كنيته: أبو المساكين، وكان ثالث الإخوة من ولد أبي طالب، ورابعهم علي (عليه السلام)، واُمّهم جميعاً فاطمة بنت أسد، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وفضلها كثير.
وروى أبو سعيد الخدري عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) انه قال: خير الناس حمزة وجعفر وعلي (عليهم السلام).
فلما قتل جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) دخل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على أسماء بنت عميس امرأة جعفر، فقال: أين بنيّ؟
فدعت بهم وهم ثلاثة: عبد اللّه وعون ومحمد، فمسح رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) رؤوسهم.
فقالت أسماء : إنك تمسح رؤوسهم كأنهم أيتام؟
فتعجّب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من عقلها، وقال، وقد دمعت عيناه: يا أسماء ألم تعلمي انّ جعفراً (رضوان اللّه عليه) قد استشهد في هذا اليوم، وقد قطعت يداه قبل استشهاده؟
فبكت.
فقال لها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : لا تبكي فإنّ جبرئيل أخبرني ان اللّه قد أبدله من يديه جناحين فهو الآن يطير بهما في الجنّة مع الملائكة كيف يشاء.
فقالت أسماء: يا رسول اللّه لو جمعت الناس وأخبرتهم بفضل جعفر لا ينسى فضله.
فعجب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من عقلها. فقام ورقى المنبر وخطب في المسلمين وقال: إن المرء كثير بأخيه وابن عمه، ألا أنّ جعفرَ قد استشهد، وجعل له جناحان يطير بهما في الجنّة.
ثم إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أمر فاطمة (عليه السلام) أن تتّخذ طعاماً لأسماء بنت عميس، وتأتيها وتسلّيها ثلاثة أيام. فجرت بذلك السنّة أن يصنع لأهل المصيبة ثلاثة أيام طعاماً.
كما انه (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة (عليه السلام): يا فاطمة اذهبي فابكِ على ابن عمّك، فإن لم تدعي بثكل فما قلت فقد صدقت.
فاجتمعت النسوة يساعدن أسماء بالبكاء على جعفر، وفاطمة (عليه السلام) تقول: وا عمّاه.
فقال (صلى الله عليه وآله): على مثل جعفر فلتبك الباكية.
وكان (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك إذا دخل بيته كثر بكاؤه على جعفر جداً حتى تقطر لحيته وهو يقول: اللّهمّ إنّ جعفراً قد قدم إليك إلى أحسن الثواب فاخلفه في ذرّيته بأحسن ما خلفت أحداً من عبادك في ذرّيته.
وفي حديث : إن اللّه رفع جسد جعفر إلى السماء، والمكان الذي فيه مزاره الآن انما هو مكان سقوطه ومحل استشهاده.
في رثاء الشهداء:
ثم انه لما قدم عبد الرحمان بن سمرة على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بخبر أهل موتة، قال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): إن شئت فأخبرني، وإن شئت أخبرتك.
قال : فأخبرني يا رسول اللّه.
فأخبره رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بكل ما جرى والمسلمون حوله يبكون.
فقال لهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وما يبكيكم؟
قالوا: وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل منّا.
فلمّا سمع عبد الرحمان ذلك، قال: والذي بعثك بالحقّ ما تركت من حديثهم حرفاً واحداً لم تذكره.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : إنّ اللّه رفع لي الأرض حتى رأيت معتركهم.
ثم استأذن حسّان بن ثابت أن يرثي جعفراً وسائر الشهداء، فأنشأ يقول:
فلا يبعدن اللّه قتلى تتابعوا بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيد وعبد اللّه حين تتابعوا جميعاً وأسباب المنيّة تخطر
وقال كعب بن مالك في قصيدة له يرثي جعفراً والمستشهدين معه:
هدت العيون ودمع عينك يمهل سحاً كما وكَفَ الضباب المخضل
إلى قوله:
إذ يهتدون بجعفر ولوائه قدّام أولهم فنعم الأوّل
مع أصحاب مؤتة:
ولما دنى أصحاب مؤتة من المدينة تلقّاهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) والمسلمون، ولقيهم الصبيان يشتدون ورسول اللّه (صلى الله عليه وآله) مقبل يستقبل القوم على دابة، فقال: خذوا الصبيان فاحملوهم وأعطوني ابن جعفر، فأخذه فحمله بين يديه.
وجعل الناس يحثون على الجيش التراب ويقولون: يا فُرار، فررتم في سبيل اللّه، فيقول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): ليسوا بالفُرار، ولكنهم الكُرار إن شاء اللّه.
وهكذا كان، فإن هذه الوقعة أصبحت مقدمة لفتح بلاد الروم ودخول الإسلام إليها.
وقيل : ما لقي جيش بعثوا مبعثاً ما لقي أصحاب مؤتة من أهل المدينة، لقوهم بالشرّ، حتى إن الرجل لينصرف إلى بيته وأهله فيدقّ عليهم، فلم يفتحوا له، يقولون: ألا تقدمت مع أصحابك فقتلت؟
سرية ذات السلاسل:
وسمّيت بذات السلاسل لشدّ أسرى المشركين في هذه الوقعة بالحبال مكتّفين، كأنّهم في السلاسل. وقيل : لأنه كان في محل الوقعة ـ التي كانت تبعد عن المدينة بخمس مراحل ـ ماء يقال له السلسل.
وسببها : إنّ جبرئيل نزل على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأخبره بأنّ قوماً قد اجتمعوا في وادي اليابس وهم اثنا عشر ألف فارس، يريدون أن يُبيّتونه ومن معه بالمدينة. وقيل: إن أعرابياً أخبر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بذلك.
فعقد (صلى الله عليه وآله) الراية لبعضهم حتى إذا صاروا بقرب المشركين اتصل خبرهم بهم فتحرزوا ولم يصل المسلمون إليهم فعادوا كل يجبن أصحابه وهم يجبنونه.
فدعا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عليّاً (عليه السلام) فعقد له لواء أبيض، وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، ومعهم ثلاثون فرساً، وأمره أن يستعين بمن مرّ به من بلى وعذرة وبلقين. وقال (صلى الله عليه وآله): أرسلته كرّاراً غير فرّار، ثم رفع يديه إلى السماء وقال: (اللّهمّ إن كنت تعلم انّي رسولك فأحفظني فيه).
فخرج علي (عليه السلام) وخرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يشيّعه إلى مسجد الأحزاب ويدعو له.
وسار علي (عليه السلام) بالسرية على غير الجادّة بين الأودية والجبال، يكمن النهار ويسير الليل حتى يخفي أمره عن عيون المشركين، الذين كانوا على الجبال لمراقبة سرايا المسلمين.
فلما قرب من الوادي أمر أصحابه أن يعكموا الخيل حتى لا يسمع صوت صهيلها، ثم أمرهم بالوقوف على فم الوادي ينتظر بهم الفجر.
فلم يزالوا كذلك حتى أحسّ علي (عليه السلام) بالفجر، فصلّى بهم، ثم كبس القوم وهم غافلون، وذلك بعد أن أمر أصحابه بأن ينزعوا عكمة دوابّهم، فشمت الخيل ريح الاُناث فصهلت، فسمع القوم صهيل خيلهم، فسقط في أيديهم، وأمكنه اللّه تعالى منهم، فلما وقف عليهم قال لهم: يا هؤلاء أنا رسول رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) إليكم أن تقولوا: لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمداً رسول اللّه، وإلاّ ضربتكم بالسيف... أنا علي بن أبي طالب.
فاضطرب القوم لما عرفوه، لكنهم اجترؤا على محاربته، فحاربهم فقتل منهم جماعة، وانهزم آخرون، وأسر الباقين وحاز الغنائم، وتوجّه بهم إلى المدينة.
القرآن وذات السلاسل:
ولما أغار علي (عليه السلام) على القوم بعد صلاة الصبح وانتصر عليهم أنزل اللّه تعالى في ذلك سورة العاديات، فصلّى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) صلاة الصبح بالناس وقرأ في الركعة الاُولى: (والعاديات).
فلمّا فرغ من صلاته قال أصحابه: يا رسول اللّه هذه السورة لم نعرفها.
قال (صلى الله عليه وآله) : هذه السورة أنزلها اللّه عليَّ في هذا الوقت يخبرني فيها بإغارة علي (عليه السلام) على أعداء اللّه وظفره بهم، وقد بشرني بذلك جبرئيل في هذه الليلة.
ثم استقبل (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) والمسلمين على ثلاثة أميال من المدينة ومعه أصحابه، فلما قدم علي (عليه السلام) أقبل عليه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فالتزمه وقبّل مابين عينيه وبكى شوقاً إليه وأخذ يمسح الغبار عن وجهه بردائه وقال: الحمد للّه يا علي الذي شدّ بك ازري وقوى بك ظهري، يا علي انني سألتُ اللّه فيك كما سأل أخي موسى بن عمران (عليه السلام) أن يشرك هارون في أمره، يا علي من أحبّك فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ اللّه، يا علي من أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه(5).
ثم قال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : (يا علي لولا انني أشفق أن تقول فيك طوائف من اُمَّتي ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) لقلت فيك اليوم مقالاً، لا تمرّ بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك)(6).
سرية الغابة:
ثم ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بعث أبا حدرد ومعه رجلان إلى الغابة يتحسسون أمر القوم، وذلك لما بلغه (صلى الله عليه وآله) أنّ رفاعة بن قيس الجشمي أقبل في عدد كثير حتى نزلوا الغابة يريد أن يجمع قيساً على محاربة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وكان ذا شرف.
فخرجوا حتى إذا جاءوا قريباً منهم، فكمنوا في ناحية العسكر، وخرج رفاعة وقد غشيهم الليل يطلب راعياً لهم قد أبطأ عليهم، حتى مرّ بأبي حدرد، فنفحه بسهم فوضعه في فؤاده فقتله، ثم شدّوا في ناحية العسكر وكبّروا، فهرب القوم بكل ما قدروا عليه وما خف من أموالهم ونسائهم وأبنائهم، واستاق أبو حدرد وصاحباه إبلاً عظيمة وغنماً كثيراً فجاءوا بها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله).
فخرجوا حتى إذا جاءوا قريباً منهم، فكمنوا في ناحية العسكر، وخرج رفاعة وقد غشيهم الليل يطلب راعياً لهم قد أبطأ عليهم، حتى مرّ بأبي حدرد، فنفحه بسهم فوضعه في فؤاده فقتله، ثم شدّوا في ناحية العسكر وكبّروا، فهرب القوم بكل ما قدروا عليه وما خف من أموالهم ونسائهم وأبنائهم، واستاق أبو حدرد وصاحباه إبلاً عظيمة وغنماً كثيراً فجاءوا بها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله).
_________
(1) وهي تقرب من خيبر بنحو (50) كيلومتراً, وتبعد عن المدينة بما يقرب من (140) كيلومتراً.
(2) (وآت ذا القربى حقه) الإسراء: 26. (فآت ذا القربى حقه) الروم: 38.
(3) النساء: 94.
(4) الفتح: 27.
(5) راجع بحار الأنوار ج21 ص90 ب25 ح9.
(6) بحار الأنوار: ج21 ص79 ب25, وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج5 ص4 ب58 وج9 ص168 ب154.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|