ينتمي الكاشيون إلى مجموعة الأقوام التي عرفت في التاريخ باسم الأقوام الهندية الأوربية الذين غادروا موطنهم الأصلي فيما وراء القوقاز متجهة نحو منطقة الشرق الأدنى القديم  (1). وقد بدأت بوادر خطرهم منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد(2). أما كلمة كاشيون فلا نعرف مصدرها بالضبط وربما أن تسمية هذه المجموعة بهذا الاسم فتأتي من الكلمة البابلية كشو والتي تعني البأس والقوة وربما تكون هذه الكلمة مأخوذة من أسم إلههم القومي الذي يعرف بنفس الاسم(3).

استوطن الكاشيون بادئ الأمر في الجزء الأوسط من سلسلة جبال زاكروس الذي يعرف حديثاً باسم (لورستان) الواقع جنوب همدان(4). وكان يجاورهم من جهة الشمال أقوام الكوتيون واللولوبيون(5). ولا نمتلك معلومات كثيرة عن تنظيمهم السياسي غير انهم لم يقوموا بدور فاعل في مناطق الشرق الأدنى حتى منتصف القرن الثامن عشر قبل الميلاد(6).

وقد أخذوا يزحفون بالتدريج نحو العراق سالكين طريق وادي دجلة(7). ويبدو أن لتحركهم باتجاه العراق ناتج عن ضغط أقوام الكوتو واللولوبو عليهم وقد استقروا أخيراً في الفرات الأوسط عند منطقة عانة(8)وقد حاول أول مرة غزو أرض بلاد الرافدين في عهد سمسو-أيلونا (9)ملك بابل، إلا أن محاولتهم فشلت(10). ولقد تمكن الكاشيون من تأسيس سلالة حاكمة في وادي الرافدين في أعقاب غزو الحيثيين لبابل عام 1595 ق.م وانسحابهم منها وعرفت سلالتهم الحاكمة باسم سلالة بابل الثالثة (11). وقد بقي قسم من هؤلاء الكاشيون ساكنين في المناطق الجبلية من جبال زاكروس إذ يخبرنا الملك نبو خذ نصر الأول (12) أنه هاجم مناطق الكاشيين الجبلية(13)لا نمتلك حالياً نصاً مدون بأكمله باللغة الكاشية بل توجد لدينا نصوص أكدية تحتوي على مفردات وتعابير كاشية، واللغة الكاشية لغة الصافية تعود إلى مجموعة أسيوية واسعة تتصل من بعيد باللغة العيلامية(14). إلا أن وجود آلهة الهندية-أوربية في مجمع الآلهة الكاشي يدل على ارتباطهم بالهندو-أوربيين، مثل شورباش(سوريا في الهندو-أوربية)وماروتاش (ماروت) وبورياش (ربما نفسه بورياس إله الريح الشمالية عند الأغارقة) جنباً إلى جنب الآلهة الكاشية( كاشو-شيباك-هاربا-شوماليا-شوكامونا)(15).

____________________

(1) حول الكاشيون أنظر:

Robert William Rogers, A History Of Babylonia &Assyria, (Newyork, 1900),Vol,1,PP398ff; Sidney Smith, Early History Of Assyria, (London, 1928), PP,214ff ; Ghrishman, Op.Cit,P.64FF; ANE,PP.105FFطه الهاشمي، المصدر السابق، ص114، ساكز عظمة بابل، ص90، سيتون لويد، آثار بلاد الرافدين، ترجمة: سامي سعيد الأحمد، ( بغداد، دار الرشيد للنشر، 1980) ، ص186-187.

(2) رو. المصدر السابق، ص332.

(3) الشمري، المصدر السابق، ص155.

(4) Ghrishman, Op. Cit, p.64.

(5) محمد صبحي عبد الله، العلاقات العراقية-المصرية في العصور القديمة، ( بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1990)، ص97.

(6) رو.المصدر السابق، ص332.

(7) طه الهاشمي، المصدر السابق، ص114.

(8) عبد الله، المصدر السابق، ص97-98.

(9) سمسو-ايلونا(1749-1712) ق.م: هو سابع ملوك سلالة بابل الأولى قام بعدة أعمال عمرانية وتمكن من صد جموع الكاشيون، أنظر: الأحمد، العراق القديم، ج2، ص211-215.

(10) ساكز، عظمة بابل، ص90.

(11) حول غزو الحيثيين لبابل وسلالة بابل الثالثة أنظر:

Rogers, Op. Cit, Vol,1,PP.401FF ; H.W.F. Saggs, “Babylonia" In,El,Vol,2,P.296-297; Oliver R. Gurney,” Hittites” , Intel, Vol,8,P.463.

عبد الله، المصدر السابق، ص91.

(12) نبو خذ نصر الأول(1124-1103)ق.م: أبرز ملوك سلالة أيسن الثانية أعاد قوة الإدارة المركزية لبلاد بابل، وأبرز أعماله هو انتصاره الساحق على عيلام الذي خلده بوثيقة نصر مهمة أنظر: ساكز عظمة بابل،ص104 وحول نص وثيقة نبو خذ نصر أنظر: فاضل عبد الواحد علي، "سلالة أيسن الثانية " ، بحث ضمن كتال العراق في التاريخ، (بغداد: دار الحرية للطباعة، 1983) ، ص108-117.

(13) ساكز، عظمة بابل، ص104.

(14) رو.المصدر السابق، ص333.

(15) Ghrishman, Op. Cit, pp.64-65.