أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-2-2021
2597
التاريخ: 18-1-2017
1706
التاريخ: 17-2-2021
1496
التاريخ: 8-11-2016
2310
|
ترجع أهمية دراسة الحياة الدينية عند العرب قبل الإسلام الى محاولة فهم عقيلة وطرق تفكير ومعتقدات القوم الذين نزل الوحي بينهم، والتعرف على وجهة نظرهم الى الخالق والكون فنقف على الأسباب التي دعت الى نزول الوحي من الله عز وجل وظهور الدين الإسلامي.
الواقع ان اديان العرب في داخل جزيرتهم كان بينها صلات ومؤثرات، فلم يكن هناك استقلال وانفصال بين الأديان التي اعتنقها عرب الشمال عن تلك التي امن بها أولئك الذين استقروا في الجهات الجنوبية من بلاد العرب. وقد كان للعوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية اثرها في نمو الأفكار الدينية عند العربي قبل الإسلام. فعبادة السماء والنجوم والكواكب كانت ترجع الى طبيعة حياته واعتقاده ان لها اثرا عميقا في مقدراته وامور حياته ومعيشته اليومية، فإرضاؤها يجلب له الخير والسعادة واغضابها يجر عليه الوبال والشقاء. كما ان عبادة الشمس والامطار والأشجار والابار وبخاصة عند عرب الجنوب كان مرجعها الى العوامل الاقتصادية التي تفرق بين المجتمع اليدوي الشمالي وبين المجتمع الجنوبي الزراعي، الذي تقوم حضارته على مياه الامطار والشمس لما لهما من اثر بارز في حياتهم فالمر يعد من اهم وسائط الاسقاء والخصب والنماء في جزيرة العرب، فكانوا يستمطرون السماء ويقدمون القرابين لها(1)، وكانوا يجدون للشمس من دون الله كما جاء في القران الكريم، قال تعالى: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} [النمل: 24] (2).
كذلك كان للعوامل النفسية اثر كبير في المعتقد الديني وتصور الناس لالهتهم، فانتصار القبيلة وهزيمتها في الحروب الكبيرة التي قامت بينها وبين جيرانها، كان له اثر مباشر على الهتها، قد تبقى تلك الالهة ويعظم شانها بانتصار القبيلة، وقد تموت وتنتهي لاعتقاد القبيلة ان هزيمتها التي نزلت بها انما كانت بسبب ضعف ربها واستكانته وعدم مقدرته الدفاع عنها، ولذلك تقرر الاستغناء عنه والتوجه الى رب جديد قوي، ويتم عبادة الهة القاهرين باعتبار انها اقوى واعظم شانا وسببا في النصر.
كما كان للعامل النفسي اثره أيضا في ظاهرتي التفاؤل والتشاؤم عندهم، فاعتقدوا ان الأرواح لها قدرة على الظهور للإنسان باشكال مختلفة وقد تحل في بعض الحيوانات. فكان هناك عدد من الحيوانات التي اعتقدوا انها تجلب لهم الخير او الشر مثل الغراب والديك والبومة والحيات والسحالي وذهبوا الى ابعد من ذلك، باعتقادهم ان بعض تلك الحيوانات هي جن في هيئة حيوان ولا سيما الحيات. كما نظر العربي الى بعض الأشجار نظرة تقديس واعرض لم يعبد الصنم معتقدا انه خالقه، انه كان تارة يستقسم عند الوثن، وتارة أخرى يسبه ويشتمه او يأكله وقت المجاعة(3).
وكان للقمر اثر نفسي في عبادتهم له، بما يبعثه فيهم من نور يهدي الناس في الليل وبما يؤثر في احاسيس البشر وتنمية ملكاتهم، التي ظهرت بوضوح في اشعارهم.
ومهما يكن من امر فقد انتشرت عبادة الظواهر الطبيعية المعروفة بالوثنية في بلاد العرب لتوهمهم ان وراءها قوى روحية كامنة تتحكم في تسيير حياتهم ومقدرات امورهم. وكأنها كائنات حية ذات اثر وسلطان في مصير هذا الكون، الذي احد كائناته الانسان. وقد اتخذ العرب لهذه الظواهر الطبيعية اشكالا مختلفة تتمثل في أشياء مادية قريبة ملموسة هي رمز للالهة المعبودة ومنها الأحجار الطبيعية والمصقولة التي هذبتها يد الانسان، والأشجار والبيوت والحيوانات وغيرها، وصاروا ينظرون اليها على انها المواضع التي تحل فيها القوى المؤثرة، ذلك ان الأشياء المادية لم تكن المقصودة بالعبادة، بل كانوا يتقربون الى الأرواح التي تحل فيها، فاكثر العرب قبل الإسلام كانوا ماديين لا يؤمنون بقوة الهية غيبية عظمى تتحكم في هذا الكون، انما كان لا بد لهم من الملموس والمحسوس الذي يمكن ادراكه والتقرب اليه. فكان مالك بن حارثة يحمل اللبن ويذهب به الى السنم ((ود)) ليسقيهن غير انه كان يبخل على صنمه ويشربه هو سرا(4). كما كانوا يحملون التمائم والعوذ مثل كعب ارنب، او سن ثعلب او سن هرة، لاعتقادهم ان فيها قوة سحرية عجيبة تنفع حاملها وتجلب له السعد وتطرد عنه الأذى.
____________
(1) الجاحظ: الحيوان، القاهرة 1357هـ/ 1938م، جـ4، ص461.
(2) سورة النمل: اية (24).
(3) محمد عبد المعيد خان: المرجع السابق، ص107.
(4) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص214.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|