المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

الحجّ عبادة مهمّة تبني الإنسان
3-4-2016
التمثيلات القرآنية بخصوص أعمال الكفار والمنافقين
2023-09-23
الاستنجاء
7-11-2016
الرومان وفن الحروب.
2023-04-19
اختيار وتطبيق نظام تقييم اداء العاملين
2023-04-20
وهج glare
28-10-2019


التعرّف على لغة القرآن  
  
2244   04:38 مساءاً   التاريخ: 9-11-2014
المؤلف : مرتضى مطهري
الكتاب أو المصدر : التعرف على القران الكريم
الجزء والصفحة : ص41-54.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / مواضيع عامة في علوم القرآن /

يتصوّر البعض أنّ الغرض من تلاوة القرآن ينحصر في قراءة القرآن لأجل الثواب ، دون أنْ يدرك شيئاً من معانيه . وهؤلاء يقرؤون القرآن باستمرار ، ولكن إذا سُئلوا مرّة واحدة : إنّكم هل تعرفون معنى ما تقرؤون ؟ يعجزون عن الإجابة .

إنّ قراءة القرآن من هذه الناحية ـ وهي أنّها مقدّمة لإدراك معاني القرآن ـ ضروريّة وحسنة ، ولكن ليس فقط لأجل اكتساب الثواب .  

  وهناك أيضا خصائص لإدراك معاني القرآن لا بدّ من ملاحظتها . إنّ ما يلزم حصوله للقارئ ـ وهو يريد الاستفادة من كثير من الكتب ـ هو مجموعة الأفكار الجديدة التي ليس لها وجود قبل ذلك في الذهن . وإنّ الذي يعمل ويتحرّك هنا هو العقل وقوّة التفكير لدى القارئ ليس غير .

وبالنسبة للقرآن ، فلا ريب بضرورة مطالعته بهدف دراسته وتعلّمه ، يُصرّح القرآن في هذا المجال بقوله :

{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص : 29] .

إحدى مسؤوليّات القرآن هي التعليم والتذكير ، ومن هذه الجهة يخاطِب القرآن عَقْلَ الإنسان ويتحدّث معه بالاستدلال والمنطق ، غير أنّ للقرآن لغة أخرى ، والمخاطب فيها ليس العقل ، بل المخاطب هو القلب ، وهذه اللغة الثانية تُسمّى : ( الإحساس ) .

وإنّ الذي يريد أنْ يتعرّف على القرآن ويأنس به ،     عليه أنْ يتعرّف على هاتَين اللغتَين ويستفيد منهما معاً ، وأنّ تفكيك هاتَين اللغتَين يؤدِّي إلى بروز الخطأ والاشتباه ، ويسبّب الضرر والخسران .

إنّ ما نُسمّيه بالقلب : هو عبارة عن شعور عظيم وعميق جدّاً في باطن الإنسان ، ويسمّونه أحياناً ( إحساس الوجود ) ، أي إحساس رابطة الإنسان مع الوجود المطلق .

فالذي يعرف لغة القلب ويخاطب الإنسان بها ، يُحرّك الإنسان من أعماق وجوده ، وعندئذٍ لا يبقى الفكر الإنساني تحت التأثير فحسب ، بل ويتأثّر كلّ وجوده .

وربّما استطعنا أنْ نضرب الموسيقى مثلاً كنموذج عن لغة الإحساس ، فإنّ الأقسام المختلفة للموسيقى تشترك في جهة واحدة ، وهي علامتها مع الإحساسات الإنسانيّة . تُهيِّج الموسيقى روح الإنسان وتغرقها في عالم خاص من الإحساس ، وبالطبع ، فإنّ ضروب الهيجانات والأحاسيس تختلف مع اختلاف أنواع الموسيقى ، فربّما ارتبط أحد أنواع الموسيقى مع الشعور بالفتوّة والشجاعة ، فيتحدّث بهذه اللغة مع الإنسان .  

  لقد رأيتم الأناشيد والمعزوفات العسكريّة ، تُنْشَد وتُعْزَف في ميادين القتال ، ونرى أحياناً مدى تأثير هذه الأناشيد وقوّتها ، بحيث تجعل الجندي الذي لا يخرج من خندقه خوفَ الأعداء تجعله يتقدّم إلى الأمام بكلّ اندفاع ، ويحارب الأعداء رغم الهجوم الثقيل للعدو .

وهناك نوع آخر من الموسيقى يرتبط مع الشهوة و( الشعور الجنسي ) ، فيعرّض الإنسان إلى الخمول والانقياد نحو الشهوات ، ويدعوه ليستسلم للفساد .

وقد لوحظ أنّ تأثير الموسيقى كبير في هذا المجال ، وربّما لم يستطع أيّ شيء آخر أنْ يؤثر إلى هذا الحد في القضاء على جدران العفّة والأخلاق ، وبالنسبة إلى سائر الغرائز والأحاسيس أيضاً ، عندما يُقال شيء بلسان هذه الأحاسيس ـ بواسطة لغة الموسيقى أو بأيّ وسيلة أخرى ـ فإنّه يمكن أنْ يُوضع تحت المراقبة والنَظَارة .

إنّ الشعور الديني والفطرة الإلهيّة من أسمى الغرائز والأحاسيس لدى كلّ إنسان ، وإنّ علاقة القرآن مع هذا الإحساس الشريف علاقة أسمى وأعلى ( لقد بُحث كثيراً حول هذا الشعور الديني في شرق العالم وغربه . وننقل هنا باختصار أقوال بعض العلماء المعروفين في العالم ، والحديث الأوّل لاينشتاين أنّه يتحدّث عن الدين في إحدى مقالاته ويقول : بأنّه يعتقد بأنّ العقيدة والمذهب بصورة عامّة ثلاثة أنواع :

ـ مذهب الأخلاق : وهو الدين الذي يبتني على المصالح الخُلُقيّة .

ـ ثمّ يذكر مذهباً آخر ويسمّيه مذهب الوجود : وهذا التعبير هو ما نطلق عليه ( القلب ) .

ويعتقد اينشتاين :

أنّ هذا المذهب ـ في الحقيقة ـ يريد أنْ يقول بأنّه تحصل ـ في فترةٍ ما ـ حالةٌ معنويّة وروحيّة للإنسان حيث يخرج فجأة ـ في تلك الحالة ـ من هذه النفس المحدودة والمحاطة بالآمال والأُمنيات الحقيرة ، والمفصولة عن الآخرين ، وهكذا عن عالم الوجود الطبيعي الذي أصبح حصاراً له ، ويتحرّر من هذا السجن ، وعند ذلك يجلس ليراقب كلّ الوجود فيجد الوجود كحقيقة واحدة ، ويرى بوضوح تلك العظمة والشموخ والجلالة لما وراء هذا الموجودات ، ويتذكّر حقارة نفسه ، وعندئذٍ يريد أنْ يرتبط بكلّ الوجود .

إنّ تعبير اينشتاين هذا يذكّرنا بقصّة همّام عندما سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن صفات المؤمن ، فأجابه الإمام جواباً موجزاً جامعاً ،      حيث قال : ( يا همّام اتّقِ الله وأحسن ، إنّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون ) ، ولكنّ همّام لم يقتنع بهذا الجواب ، ويطلب توضيحاً أكثر عن كيفية المعاشرة وطريقة العبادة في الصباح والمساء ، و... ، عندئذٍ يبدأ الإمام علي(عليه السلام)بذكر صفات المؤمن ويرسم حوالي 130 خطّاً من خطوط المتّقين ، ويقول ضمن ذلك :

( لولا الآجال التي كتب الله تعالى لهم ، لم تستقرّ أرواحهم في أبدانهم طرفة عين ) .

هذه هي نفس الحالة التي يشير إليها اينشتاين ، ويقول : إنّ الإنسان المتديّن يرى نفسه مسجوناً فيما يشبه السجن ، وكأنّه يريد أنْ يطير من قفص البدن ويحصل على كلّ الوجود مرّة واحدة . وقد جاءت هذه الحقيقة في كلمات أمير المؤمنين(عليه السلام)بصورة أوضح وأكمل ، فمِن وجهة نظر الإمام(عليه السلام)نرى المؤمن كأنّه جمع كلّ الوجود في بدنه المادّي ، وعلى هذا الأساس يخرّ من قالبه مرّة واحدة ليحرّر روحه . وقد ذكروا في قصّة همّام هذه النقطة وهي أنّه عندما أتمّ الإمام كلامه ، شهق همّام شهقة وخرج من قالبه (المادّي) .

وبمناسبة الشعور المعنوي للبشر ، هناك حديث لطيف إلى ( إقبال ) يقول فيه :

لا يوجد في هذا القول لغز ولا سر ، وهو إنّ الدعاء بمثابة وسيلة إشراقيّة نفسيّة ، عمل حيوي عادي ، بواسطته تُكتشف الجزيرة الصغيرة لشخصيّة مكانها في قطعة أكبر من العالم .  

  القرآن بنفسه يوصينا أنْ نقرأه بصوت حسن لطيف .

وبهذا النداء السماوي يتحدّث القرآن مع الفطرة الإلهيّة للإنسان ويسخّرها ، ( كان الأئمّة ـ ع ـ يقرؤون القرآن بتلك اللهفة التي ما أنْ يسمعهم المارّة حتّى يضطرّون إلى الوقوف ، والاستماع والتأثير والبكاء ) .

القرآن عندما يصف نفسه يتحدّث  بلسانين :

فتارةً : يعرّف نفسه بأنّه كتاب التفكّر والمنطق والاستدلال .

وتارةً : أخرى بأنّه كتاب الإحساس والعشق . وبعبارة أخرى فالقرآن ليس ـ إذاً ـ للعقل والفكر فحسب ، بل هو غذاء للروح أيضاً .

يؤكّد القرآن كثيراً على الموسيقى الخاصّة به ، الموسيقى التي لها تأثير أكثر من كلّ موسيقى أخرى ، في إثارة الأحاسيس العميقة والمتعالية للإنسان .

يأمر القرآن المؤمنين بأنْ يقضوا بعض أوقات الليل بتلاوة القرآن ، وأنْ يُرَتّلوا القرآن في صلواتهم عندما يتوجّهون إلى الله ، وفي خطابٍ للرسول يقول :

{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [المزمل : 1 - 3].

* الترتيل :

الترتيل : قراءة القرآن بحيث تخرج الكلمات من الفم بسهولة واستقامة ( مفردات الراغب ) يعني : قراءة القرآن ، بحيث لا تكون سرعة خروج الكلمات كبيرة ، فلا تُفهم الكلمات ، ولا    تكون متقطّعة فتنفصم علاقاتها ، يقول : قراءة القرآن بتأنٍّ في الوقت الذي تلاحظ محتوى الآيات بدقّة .

وفي الآية الأخيرة لتلك السورة يدعونا أنْ لا ننسى العبادة في حال من الأحوال اليوميّة ، وحتّى في الأوقات التي نحتاج لنوم أكثر ، مثل أوقات الجهاد أو الأعمال التجاريّة اليوميّة : قال تعالى :

{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا } [المزمل : 20].

الشيء الوحيد الذي كان سبباً للنشاط واكتساب القوّة الروحيّة والحصول على الخلوص وصفاء الباطن بين المسلمين ، هو موسيقى القرآن .

فالنداء السماوي للقرآن أوجد في مدّة قصيرة من المتوحّشين ( الجاهلين ) ، في شبه الجزيرة العربيّة شعباً مؤمناً مستقيماً ، استطاعوا أنْ يحاربوا أكبر القوى الموجودة في ذلك العصر ويقضوا عليها .  

  فالمسلمون لم يتّخذوا القرآن كتاب درس وتعليم فحسب ، بل كانوا ينظرون إليه بمثابة غذاء للروح ومنبع لاكتساب القوّة وازدياد الإيمان . فكانوا يقرؤون القرآن بكل إخلاص في الليل ( يشير الإمام السجاد(عليه السلام)إلى هذه النقطة بقوله في دعاء ختم القرآن : ( واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنساً ) ، ويناجون ربّهم تضرّعاً وخفية ، وفي الصباح يهاجمون الأعداء كالأسود البواسل ، والقرآن ينتظر مثل ذلك منهم ، يقول مخاطباً النبي (ص) :

{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان : 52].

قف في وجوههم وجاهدهم بسلاح القرآن واطمئن بالنصر . وقصّة حياة رسول الله ( صلى الله عليه واله ) توضّح صدْق هذه الحقيقة ، إنّه يقوم وحيداً ودون أي ناصر ، في حين يحمل القرآن في يده ، ولكنّ هذا القرآن يصبح كلّ شيء له ، يجهّز له الجيوش ، ويَعدّ له الأسلحة والتجهيزات الحربيّة ، وأخيرا فإنّه يدعو العدوّ إلى الاستسلام والخضوع أمامه .     يدعو الأعداء ليستسلموا أمام رسول الله ( صلى الله عليه واله ) ، وبهذا يصادق على الوعد الإلهي ( وفي زماننا أيضاً ، تحقّق هذا الوعد الإلهي الحقّ مرّة أخرى ، وجاء رجل من سلالة رسول الله  ـ الإمام الخميني ـ مستنداً إلى القرآن والأيمان كجدِّه العظيم ، وهزم جيش الكفر والباطل أكبر هزيمة )

عندما يعتبر القرآنُ لغتَه لغة القلب ، فإنّ غرضاً من هذا القلب هو الذي ينسجم مع آيات الله ويتصفا ويثور . تختلف أيضاً عن لغة الأنغام والأناشيد العسكريّة ، التي تُعزف في الجيش لتحيِّي فيهم الحماسة البطوليّة . إنّها تلك اللغة التي تصنع من البدويّين العرب مجاهدين قيل في حقِّهم :

( حملوا بصائرهم على أسيافهم ) أولئك الذين وضعوا أفكارهم النَيِّرة ومعارفهم ومعنويّاتهم على سيوفهم ، ويستخدمون سيوفهم في طريق هذه الأفكار والعقائد .

إنّهم لم يهتمّوا بمصالحهم الشخصيّة وأمورهم الفرديّة . وبالرغم من أنّهم لم يكونوا معصومين ، بل   ويخطئون أيضاً ، إلاّ أنّهم المصاديق الحقيقيّة للقائمين في الليل ، والصائمين في النهار ( قائم الليل وصائم النهار ) ، كانوا في علاقة مستمرّة مع أعماق الوجود ، تقضي لياليهم في العبادة وأيّامهم في الجهاد ( يصف أمير المؤمنين ـ ع ـ المتّقين في خطبة تُعرف باسم المتّقين ( خطبة 193 من نهج البلاغة ) ، وبعد أنْ يذكر أقوالهم ومعاملاتهم ، يشرح أحوالهم في الليل ويقول :

( أَمّا الليل فصافّون أقدامهم تَالِين لأجزاء القرآن ، يرتّلونها ترتيلاً ، يُحزِنون به أنفسهم ، ويستشرون به دواء دائهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طعماً ، وتطلّعتْ نفوسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نُصْب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم ... ) .

يؤكّد القرآن كثيراً على هذه النقطة التي تعتبر من خصائصه ، وهي أنّه كتاب القلب والروح ، كتاب يُثير النفوس ويسيل الدموع ويهزّ القلوب ، ويعتبر القرآنُ هذه الميزة صادقة حتّى بالنسبة لأهل الكتاب .

يصف مجموعة منهم بأنّهم إذا تُلي عليهم القرآن تحصل لهم حالة خضوع وخشوع ، ويقولون أنّهم آمنوا بما في الكتاب ، وأنّه حقٌّ كلّه ، يقولون ذلك وتزداد حالتهم خشوعاً باستمرار .  

  ويؤكّد في آية أخرى أنّ المسيحيّين من أهل الكتاب ، أقرب إلى المسلمين من اليهود والمشركين ، كما في تعالى :

{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } [المائدة : 82] .

ثمّ يصِف القرآن جماعة من المسيحيّين الذين آمنوا بعد أنْ سمعوا القرآن بقوله :

{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة : 83].

وفي مكان آخر ، وعندما يتحدّث عن المؤمنين ، يقول في وصْفهم :

{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } [الزمر : 23].

في هذه الآيات وفي آيات أخرى كثيرة :

{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم : 58] ، والآيات الأولى من سورة الصف ، يوضّح القرآن أنّه ليس كتاباً علميّاً وتحليليّاً محضاً ، بل إنّه في الوقت الذي يستخدم الاستدلال المنطقي ، يتحدّث مع إحساس الإنسان وذوقه ولطائف روحه ويؤثّر عليه .  




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .