أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-13
496
التاريخ: 2023-03-26
2168
التاريخ: 2023-03-26
1167
التاريخ: 2023-05-11
1079
|
قال تعالى : {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ }[الرعد : 17]
الزبد بفتح الزين والباء ما يعلو الماء ونحوه من الرغوة ، والزبد كرغوة الصابون .والرابي العالي ، أي ان الزبد يعلو فوق الماء والحلية تؤخذ من الذهب والفضة .والمتاع من الحديد والنحاس والرصاص وشبه ذلك . والجفاء بضم الجيم الباطل .
قارن جلت حكمته بين الحق والباطل ، وضرب أيضا لذلك مثلين : الأول المقارنة بين الماء الذي يمكث في الأرض ، ويحمل للناس الخير والحياة ، وبين الزبد الذي يعلو وينتفخ طافيا على وجه الماء ، ثم يقذف به السيل ، ويذهب مع الريح . . والحق كالماء النافع ، والباطل كالزبد الذي تبدده الأرياح . وهذا ما أراده سبحانه بقوله : ( فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً) .
والمراد بقدرها ان كل واد من الأودية يحتمل من ماء المطر بمقداره سعة وضيقا وعمقا . . وما زاد ينبسط على وجه الأرض .
أما المثال الذي ضربه سبحانه للمقارنة بين الحق والباطل فهو المقارنة بين المعادن تذاب في النار ليصاغ منها الحلي كالذهب والفضة ، أو يصاغ منها آنية أو آلة كالحديد والرصاص والنحاس ، وبين الزبد الذي يطفو فوق المعدن المذاب ، وهذا الزبد يضمحل تماما كما يضمحل الزبد الذي يحمله السيل . . والحق كالمعدن النافع أيا كان نوعه ، والباطل كالزبد الخبيث الذي يطفو فوق المعدن حين يذاب في النار ، وهذا هو معنى قوله تعالى : ( ومِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ ) . فقوله : مما يوقدون معناه ان من المعادن ما يذاب في النار ليصاغ منه الزينة أو الآنية أو الآلة ، وقوله : زبد مثله معناه ان للمعادن زبدا لا جدوى منه تماما كالزبد الذي يحمله السيل .
( كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ والْباطِلَ ) . أي يمثل اللَّه ويصور الحق بيانا في صورة الماء والمعادن اللذين ينتفع بهما ، والباطل في صورة الزبد الذي لا ينتفع به ( فَأَمَّا الزَّبَدُ ) وهو الذي يحمله السيل أو يطفو على المعادن إذا أذيبت ( فَيَذْهَبُ جُفاءً ) باطلا ( وأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ ) وهو الماء والمعادن ( فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ) للخير والحياة ( كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثالَ ) للحق والباطل وغيرهما .
ان كثيرا من المعاني يصعب إدراكها على الافهام ، وبالخصوص عند السواد الأعظم ، والتمثيل من أجدى الوسائل لتوضيحها والكشف عنها ، بالإضافة إلى ان التمثيل كثيرا ما يضيف على البيان سموا وجمالا ، وقد ضرب اللَّه الأمثال في العديد من آياته البيانية ، منها تمثيله الكفر والايمان بالظلمات والنور ، والعمى والبصر ، وتمثيله في هذه الآية الحق بالماء والمعدن ، والباطل بالزبد .
وتصور هذه الآية الإسلام في حقيقته ، والأصح تصور المسلم الحق في انه الذي ينفع الناس ، ويستمر نفعه لهم ويدوم ، تماما كالذي يحيي الأرض بعد موتها ، وكالمعدن الصلب تقام به المعامل والمصانع تنتج الآلات والأدوات ، وتبنى الحضارات ، فتقرب البعيد ، وتنشئ الأساطيل ، وتغزو الفضاء ، وتحرث الأرض ، وتملأ الدنيا خيرا وأمنا ورخاء . . والنتيجة الحتمية لذلك ان كل من نفع وأصلح وعمل من أجل حياة الإنسان وحريته وأمنه وهنائه فإنه يلتقي بعمله هذا مع أهداف الإسلام ، وان لم يكن مسلما ، لأنه تماما كالماء والمعدن اللذين ضربهما اللَّه مثلا للحق . . وان كل من عمل لشقاء الإنسان فما هو من الإسلام في شيء ، وان صام الدهر ، ووصل صلاة الليل بصلاة الفجر .
( لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى ) . أي لدعوة ربهم ، وهي العمل لمنفعة الناس ، ولحياة أفضل ، أما الحسنى فالمراد بها الأجر والثواب ، وان أهل الحق ينتفعون به ، تماما كما تنتفع الأرض بالماء .
( والَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ ) وهم الذين لا خير فيهم كالزبد {لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [الرعد : 18].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
تسليم.. مجلة أكاديمية رائدة في علوم اللغة العربية وآدابها
|
|
|