المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8117 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05

جلسات مصارحة
21-3-2018
تفسير الأية (92-100) من سورة الأنبياء
14-9-2020
الدورية في الدنا DNA Periodicity
8-2-2018
الأكياس البكترية Bacterial Cysts
28-6-2017
لماذا نحن مختلفون؟ بماذا نحن متميّزون؟ وما فائدة الامام وهو غائب ؟
11/12/2022
أدوات البحث العلمي
13-9-2016


قاعدة « عدم شرطيّة البلوغ في الأحكام الوضعيّة »  
  
237   10:05 صباحاً   التاريخ: 19-9-2016
المؤلف : آية اللَّه العظمى الشيخ محمد الفاضل اللنكراني
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ص345 - 355.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية /

وهي أيضاً من القواعد المعروفة المشهورة، وفيها جهات من البحث:

الجهة الاولى: في مدركها ومستندها، وهي امور متعدّدة:

الأوّل: عموم الأدلّة الواردة في هذه الأحكام، مثل قوله صلى الله عليه وآله: على اليد ما أخذت حتى تؤدّي‏ .

وقوله صلى الله عليه وآله أيضاً: من أحيى أرضاً مواتاً فهي له‏ (1) ، وقوله:

من حاز شيئاً من المباحات فقد ملكه‏ (2).

وقوله: من أتلف مال الغير فهو له ضامن‏ ، وما ورد في باب الجنابة وكون الوطء والإدخال المتحقّق بغيبوبة الحشفة سبباً لتحقّقها (3) ، وما ورد في باب الملاقاة مع النجاسة وأنّها سبب‏ لتأثّر الملاقي- بالكسر- وحصول النجاسة له‏ (4) ، وما ورد في باب الالتقاط (5) ، وما ورد فى باب الدّيات‏ (6) ، ومثلها من الأدلّة.

ودعوى انصراف مثل ذلك إلى البالغين؛ لأنّ سياقها كسياق الأدلّة الواردة في الأحكام التكليفية، مدفوعة بأنّ أدلّة التكاليف أيضاً لا يجري فيها الانصراف، واختصاصها بالبالغين إنّما هو لقيام الدليل على الاختصاص، وهو لا يجري في الأحكام الوضعية كما سيأتي، كما أنّ دعوى أنّ قيام الدليل على الاختصاص فيها بحيث صار مرتكزاً في أذهان المتشرّعة حتى يعبّرون عن غير البالغ بغير المكلّف وعن البالغ بالمكلّف، يوجب تحقّق الانصراف في هذه الأدلّة، مدفوعة بمنع وجود ملاك الانصراف في المقام، بل اللفظ عامّ لغة وعرفاً.

مضافاً إلى أنّه يستفاد منه العليّة الثابتة للعمل مع قطع النظر عن خصوصيّة المباشر، فإنّ قوله صلى الله عليه وآله: «من أحيى أرضاً...» ظاهر في أنّ الإحياء سبب لحصول الملك والاختصاص، فالسببية وصف للإحياء، ولا خصوصية للمحيي بوجه، وهكذا سائر الأدلّة.

الثاني: الإجماع المحقّق لكلّ متتبّع في الفقه؛ لأنّه لم ينقل الخلاف عن أحد في ثبوت الضمان على الصّبي الغاصب، وكذا ثبوته على الصّبي الذي أتلف مال الغير (7) ، وهكذا سائر موارد الأحكام الوضعيّة. نعم، يظهر من العبارة الآتية من الشيخ الأعظم وجود الخلاف في سببيّة الإتلاف في الصّبي، وهل لهذا الإجماع‏ أصالة وكاشفيّة أم لا؟ كما في أكثر الاجماعات المتحقّقة في سائر القواعد الفقهيّة، ربما يقال بالأوّل؛ نظراً إلى أنّ ثبوت الإتّفاق على مثل الضمان في الموردين، والاختلاف في شمول الأدلّة اللفظية المتقدّمة لغير البالغين كاشف عن كاشفية الإجماع وأصالته؛ لأنّه لو كان نظر المجمعين إلى تلك الأدلّة لكان اللازم الاختلاف لثبوته فيها.

الثالث: سيرة العقلاء قاطبة على أنّ الصبيّ إذا أتلف مال الغير أو غصبه فوقع تلف المغصوب في يده مثلًا يكون ضامناً للمتلف أو المغصوب، ولم يردع الشارع عن هذه السيرة، بل أمضاها بالأدلّة العامّة والمطلقة المتقدّمة.

ويدفعه- مضافاً إلى منع تحقق السيرة العقلائية في جميع الموارد، لأنّه إذا كان غير مميّز وفاقداً للإدراك والشعور لا يحكمون بضمانه بوجه، وإلى أنّ الأدلّة العامّة لا مجال لإيرادها بعنوان الإمضاء بعد كونها دليلًا مستقلّاً بنفسه- أنّ السيرة المتحققة هي سيرة المتشرّعة، وهي ناشئة عن فتاوى مجتهديهم وآراء مقلّديهم، ولا تكون دليلًا في مقابل الإجماع.

وقد انقدح ممّا ذكرنا تمامية القاعدة من حيث المستند، ولكن ربما يتخيّل أنّ في مقابل تلك الأدلّة ما ورد من قول عليّ عليه السلام: أما علمت أنّ القلم رفع عن ثلاثة: عن الصّبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ (8) ، نظراً إلى ظهوره في أنّه لم يكتب على الصبي قبل الإحتلام شي‏ء، ولم يجعل عليه في الإسلام حكم لا تكليفاً ولا وضعاً؛ لأنّه مقتضى إطلاق «رفع القلم»، فهذه الرواية بمنزلة المخصّص لتلك الأدلّة اللفظية، كما أنّها تخصّص ما ورد في باب التكاليف؛ مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } [البقرة: 43] .

ويرد عليه- مضافاً إلى عدم نهوض مثل ذلك في مقابل الإجماع المحقّق الّذي‏ عرفته؛ لكونه دليلًا قطعيّاً لا يقاومه شي‏ء، وإلى أنّ الظاهر من «رفع القلم» في نفسه هو رفع قلم المؤاخذة المتفرّعة على التكاليف الإلزاميّة الوجوبية أو التحريمية؛ لأنّ مخالفتها توجب استحقاق العقوبة والمؤاخذة، وعليه: لا تشمل الرواية حتى التكاليف والأحكام الاستحبابية ومثلها، فضلًا عن الأحكام الوضعية التي هي محلّ البحث في المقام.

ويؤيّده عطف النائم على الصبي مع ثبوت الحكم الوضعي في حقّه-: ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاري في مكاسبه في مقام استظهار عدم الاعتبار بعقد الصبي وايقاعه مع وقوعه عن قصد من حديث «رفع القلم». قال:

بل يمكن بملاحظة بعض ما ورد من هذه الأخبار في قتل المجنون والصبي استظهار المطلب من حديث «رفع القلم»، وهو ما عن قرب الإسناد بسنده عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام أنّه كان يقول في المجنون والمعتوه الذي لا يفيق، والصبي الذي لم يبلغ: عمدهما خطأ تحمله العاقلة، وقد رفع عنهما القلم‏ (9) ؛ فإنّ ذكر «رفع القلم» في الذيل ليس له وجه ارتباط إلّا بأن تكون علّة لأصل الحكم؛ وهو ثبوت الدية على العاقلة، أو بأن تكون معلولة لقوله عليه السلام:

«عمدهما خطأ» يعني أنّه لمّا كان قصدهما بمنزلة العدم في نظر الشارع، وفي الواقع رفع القلم عنهما.

قال: ولا يخفى أنّ ارتباطها بالكلام على وجه العليّة أو المعلولية للحكم المذكور في الرّواية- أعني عدم مؤاخذة الصبي والمجنون- بمقتضى جناية العمد وهو القصاص، ولا بمقتضى شبه العمد- وهو الدية في مالهما- لا يستقيم إلّا بأن يراد من «رفع القلم» ارتفاع المؤاخذة عنهما شرعاً من حيث العقوبة الاخرويّة والدنيوية المتعلّقة بالنفس كالقصاص، أو المال كغرامة الدية، وعدم ترتّب ذلك على أفعالهما المقصودة المتعمّد إليها ممّا لو وقع من غيرهما مع القصد والتعمّد لترتّبت عليه غرامة اخروية أو دنيوية، إلى أن قال:

ثمّ إنّ مقتضى عموم هذه الفقرة- بناءً على كونها علّة للحكم-: عدم مؤاخذتهما بالإتلاف الحاصل منهما، كما هو ظاهر المحكي عن بعض، إلّا أن يلتزم بخروج ذلك عن عموم «رفع القلم» ولا يخلو من بعد، لكن هذا غير وارد على الاستدلال؛ لأنّه ليس مبنيّاً على كون «رفع القلم» علّة للحكم؛ لما عرفت من احتمال كونه معلولًا لسلب اعتبار قصد الصبي والمجنون، فيختصّ رفع قلم المؤاخذة بالأفعال التي يعتبر في المؤاخذة عليها قصد الفاعل، فيخرج مثل الإتلاف، فافهم واغتنم (10).

أقول: محصّل مرامه اختصاص حديث «رفع القلم» بالأفعال التي يعتبر في ترتّب الأثر عليها وثبوت المؤاخذة بها قصد الفاعل، كالقتل بالإضافة إلى القصاص، أو ترتّب الدية في ماله، وكالانشائيات في ‏باب العقود والايقاعات. وأمّا مثل الإتلاف فلا دلالة للحديث على عدم ثبوت المؤاخذة به في ماله؛ لأنّه لا يعتبر في ترتّب الحكم بالضمان عليه صدوره عن قصد والتفات؛ ضرورة أنّ إتلاف النائم موجب لضمانه مع وقوعه عن غير قصد، فيكون إتلاف الصبي كذلك.

ولكن يرد إشكال على الشيخ قدس سره بناءً على ما اختاره في باب الأحكام الوضعية من عدم كونها مجعولة مستقلّة كالأحكام التكليفية، بل إنّما هي منتزعة عنها ومأخوذة منها (11) ، فالزوجية منتزعة من جواز الوطء والاستمتاع مثلًا، والملكية مأخوذة من جواز التصرّف المطلق، والضمان في باب الإتلاف مثلًا منتزع من لزوم‏ أداء المثل أو القيمة عقيبه، وخلاصة الإشكال: أنّه إذا لم تكن الأحكام الوضعية مستقلّة بالجعل، بل كانت منتزعة عن التكاليف ومتفرّعة عليها، فاللازم الالتزام بعدم ثبوتها في الصبي؛ لعدم ثبوت التكليف في حقّه، فإذا لم يكن الصبيّ مكلّفاً بلزوم أداء المثل أو القيمة عقيب الإتلاف؛ لأنّه حكم تكليفيّ وهو غير ثابت في حقّه، فكيف يكون إتلافه سبباً للضمان، مع أنّ الضمان منتزع عن التكليف على ما هو المفروض؟

بل يمكن توسعة دائرة الإشكال بناءً على القول المشهور من استقلال الأحكام الوضعية في الجعل كالأحكام التكليفية أيضاً (12) ؛ نظراً إلى أنّ اعتبار الأحكام الوضعية وجعلها- سواء كان جعلًا تأسيسيّاً، أو امضائياً لما عليه العقلاء والعرف- إنّما هو بلحاظ الأحكام التكليفية المترتّبة عليها، وإلّا يصير لغواً بلا فائدة؛ فإنّ اعتبار الزوجية بين الرجل والمرأة إنّما يصحّ إذا كانت موضوعة لأثر؛ مثل جواز النظر والاستمتاع والوطء، وكذا الملكية في باب البيع ومثله، وكذا الضمان في باب الإتلاف مثلًا؛ فإنّ الحكم بثبوت الضمان فيما إذا أتلف مال الغير إنّما لا يكون لغواً إذا كان الضمان موضوعاً لوجوب أداء المثل أو القيمة، وبدونه يكون لغواً غير ملائم للصدور عن العاقل، فضلًا عن الشارع الحكيم.

وحينئذ إذا فرض في مورد عدم ثبوت الحكم التكليفي كما في الصبي الذي هو مفروض البحث، فكيف يصحّ جعل الحكم الوضعي ولو قيل باستقلاله في الجعل والاعتبار؟

وقد اجيب عن الإشكال- مضافاً إلى النقض بالنائم الذي لا شبهة في ضمانه في‏ مثل الإتلاف- بوجهين:

أحدهما: أنّ ثمرة جعل الحكم الوضعي في الصبي هو وجوب تفريغ ذمّته على الوليّ، ولا مانع من أن يكون فعل الصبي موضوعاً للحكم التكليفي الإلزامي على شخص آخر، كما مرّ في الرواية الواردة في جنايته العمدية الدالّة على أنّ عمد الصبي خطأ، والدّية تحملها العاقلة، وفي المقام لا مانع من أن يكون إتلافه سبباً لضمانه، وأثر الضمان وجوب أداء المثل أو القيمة من مال الصبي على الوليّ.

ثانيهما: أنّ ثمرته ثبوت الحكم التكليفي عليه بعد بلوغه، مضافاً إلى أنّ من أحكام الضمان جواز الإبراء وهو ثابت قبل البلوغ. ودعوى أنّه لِمَ لا يجعل إتلافه سبباً لضمانه بعد البلوغ بحيث كان الحكم الوضعي ثابتاً بعد البلوغ أيضاً؟ مدفوعة- مضافاً إلى كونه خلاف ظاهر الدليل؛ حيث إنّ مقتضاه ترتّب الضمان بمجرّد الإتلاف لا الفصل بينهما- بأنّ لازم ذلك كون السببية مجعولة لفعل الصبي، والسببية أيضاً من الأحكام الوضعية، فما الفرق بينها وبين الضمان؟ فتدبر.

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا تمامية القاعدة ثبوتاً وإثباتاً.

الجهة الثانية: في بيان المراد من القاعدة؛ وهو- كما ظهر ممّا تقدّم في الجهة الاولى- الفرق بين الأحكام التكليفية والأحكام الوضعية باختصاص الاولى بالبالغين، وشمول الثانية لغير البالغين أيضاً، فكما أنّ إتلاف البالغ لمال الغير موجب لضمانه له، كذلك إتلاف الصبيّ غير البالغ ولو كان فاقداً للتمييز والشعور، كما أنّه ظهر ممّا ذكرنا هناك أنّ المراد بالأحكام الوضعية الثابتة لغير البالغين أيضاً هي الأحكام الوضعية التي لم يؤخذ في موضوعها القصد والالتفات، كالإتلاف والحيازة والغصب والجنابة وسائر الأحداث.

وأمّا ما اخذ في موضوعها القصد كالإنشاء في باب المعاملات والعقود والايقاعات كالبيع والعتق والطلاق، فلا تكون ثابتة في حق الصبي؛ لما ورد من أنّ‏ «عمده خطأ» (13) وقصده كلا قصد، فلا تترتّب الزوجية على العقد الصادر من الصبي، وكذا الملكية على انشائه للبيع، وكذا الفراق على انشائه للطلاق، وهكذا، فالمراد من الأحكام الوضعية التي هي محلّ البحث في المقام غير هذا النحو من الأحكام.

الجهة الثالثة: في موارد تطبيق القاعدة، وهي كثيرة منتشرة في أبواب الفقه؛ لما عرفت من كون المراد عموم الأحكام الوضعية من ناحية، وخصوصها من جهة اختصاصها بما لم يؤخذ في موضوعها عنوان القصد والإتلاف، وعليه فمواردها مثل الجنابة الحاصلة له بغيبوبة الحشفة في أحد الفرجين، والحدث الحاصل له من أسبابه كالبول والغائط والنوم والريح، والضمان الحاصل في مورد إتلاف مال الغير أو غصبه، أو الإضرار بطريق المسلمين أو مثلها. والملكية الحاصلة له بسبب الحيازة أو الإحياء، والدية الثابتة عليه بالإتيان بموجبها المذكور في كتاب الديات، وغير ذلك من الموارد المجعول فيها حكم وضعيّ مع الشرط المذكور. والمناقشة في بعضها- كما ربما يتراءى‏ في بعض الكلمات- إنّما هي لأجل المناقشة في ثبوته بالنسبة إلى البالغ أيضاً، لا لاجل المناقشة في خصوص الصبيّ كما لا يخفى.

هذا تمام الكلام في قاعدة عدم شرطية البلوغ في الأحكام الوضعية.

______________

( 1) الكافي: 5/ 279 ح 4، تهذيب الأحكام: 7/ 152 ح 673، الاستبصار: 3/ 108 ح 382، وعنها وسائل الشيعة: 25/ 412، كتاب إحياء الموات ب 1 ح 5.

( 2) هذه القاعدة معروفة بين الفقهاء اصطادوها من نصوص مختلفة.

( 3) وسائل الشيعة: 2/ 182، كتاب الطهارة، أبواب الجنابة ب 6.

( 4) وسائل الشيعة: 3/ 441، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب 26.

( 5) وسائل الشيعة: 25/ 441، كتاب اللقطة ب 2 وغيره.

( 6) وسائل الشيعة: 29/ 233- 282، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان وغيرها.

( 7) العناوين: 2/ 660، القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 4/ 173.

( 8) الخصال: 94 ح 40 وص 175 ح 233، وعنه وسائل الشيعة: 1/ 45، أبواب مقدّمة العبادات ب 4 ح 11.

( 9) قرب الإسناد: 155 ح 569، وعنه وسائل الشيعة: 29/ 90، كتاب القصاص، أبواب القصاص في النفس‏ ب 36 ح 2.

( 10) المكاسب ( تراث الشيخ الأعظم): 3/ 282- 284.

( 11) فرائد الاصول ( تراث الشيخ الأعظم): 3/ 125- 130.

( 12) تمهيد القواعد: 37، الوافية: 202، زبدة الاصول: 62، الفوائد الحائرية : 95، هداية المسترشدين في ‏شرح اصول معالم الدين: 1/ 58، فرائد الاصول( تراث الشيخ الأعظم): 3/ 125، القواعد الفقهيّة للمحقّق البجنوردي: 4/ 177.

( 13) وسائل الشيعة: 29/ 400، كتاب الديات، أبواب العاقلة ب 11 ح 2 و3.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.