أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2016
1910
التاريخ: 8-8-2016
1379
التاريخ: 3-7-2020
1197
التاريخ: 7-7-2020
2279
|
...هل المراد بالمشتق المبحوث عنه المشتق بالاصطلاح النحوي أم المشتق بالاصطلاح الأصولي ؟
وبيان ذلك : أن المشتق له اصطلاحان :
1 - الاصطلاح النحوي ، ويراد به اللفظ المأخوذ من لفظ آخر مع توافقهما في الحروف وترتيبها كالضارب والضرب ، ويعتقد البصريون ان المصدر أصل المشتقات كاسم الفاعل واسم المفعول واسم الزمان والمكان والمصادر المزيدة ونحوها(1) بينما يعتقد الكوفيون أن الأصل في الاشتقاق هو الفعل (2) ، وكلاهما غير تام بنظر الأصوليين المتأخرين بل الأصل عندهم هو المادة السارية في جميع المشتقات .
ولكننا نسجل ملاحظة على جميع هذه الأقوال بأن نقول : لا يخلو أصل المشتقات من أن يكون هو المادة أو المصدر أو اسم المصدر، فأما المادة فهي وإن كانت موجودة بحروفها وترتيبها ومعناها في جميع المشتقات الا أنها ليست أصلاً للاشتقاق ، وذلك لأن كونها أصلاً للمشتقات معناه : أن الواضع وضعها أولاً مجردة عن أي هيئة كانت وضعاً نوعياً تتعاقب عليه الهيئات المختلفة .
والوضع النوعي المجرد المدعى في المواد والهيئات بعيد عن ذهنية الواضع البدائي الأول الذي يقوم بوضع الكلمات إما بدافع الحاجة للتفهيم والتفاهم وإما بداعي التغني كما يراه الفيلسوف جون لوك وإما بداعي الخوف والفزع من حادث كوني معين كما يراه بعض آخر، فالمتصور في الواضع البدائي الساذج هو الوضع الشخصي للكلمة مادة وهيئة بأحد الدوافع المذكورة لا الوضع النوعي ، فإنه حالة متطورة من الابداع الفكري البعيد عن الواضع الأول .
وأما المصدر وهو الدال على الحدث المنتسب لفاعل ما فلا يصح جعله أصلاً للمشتقات ، باعتبار أن الأصالة إن أريد بها كونه أول لفظ موضوع فذلك يحتاج لدليل تاريخي .
وان أريد بها سريان المعنى والصياغة البنائية في جميع المشتقات فالمصدر لا يطرد معناه في جميع المشتقات كاسم المصدر مثلاً ، فإن معناه يغاير المعنى المستفاد من المصدر فكيف يكون متفرعاً عنه ، كما أنه لا يمكن سريان الهيئة البنائية لجميع المشتقات لاستحالة كون المادة متشكلة بهيئتين متغايرتين .
وبنفس هذا الايراد نورد على القائلين بان أصل الاشتقاق هو الفعل وأما اسم المصدر وهو الدال على الحدث بما هو، فإن أريد به الدلالة على أصل الحدث مع كونه لا بشرط بالنسبة لحيثية الانتساب لفاعل ما فهذا هو الجامع الانتزاعي بين جميع معاني المشتقات ، وهو فكرة متطورة يتوصل لها الذهن البشري . بعد مروره على ألفاظ المشتقات ، فالمناسب كونه متأخراً عن المشتقات في الوضع لا أصلاً لها.
وإن أريد به الدلالة على الحدث مع كونه بشرط لا عن معنى الانتساب فهو مغاير حينئذٍ لمفاهيم بقية المشتقات فلا يصلح كونه أصلاً لها .
2 - المشتق الأصولي : وهو العنوان المنتزع من الذات بلحاظ انضمام أمر خارج عنها لها، وهذا العنوان له عنصران :
أ - منشأ الانتزاع وهو الذات نفسها .
2 - مصحح الانتزاع وهو المبدأ المنضم للذات ، والفرق بين منشأ الانتزاع ومصححه : أن المنشأ هو الذي يحمل عليه العنوان الانتزاعي حملاً هوهوياً ، بينما المصحح هو المادة التي يصاغ منها العنوان الانتزاعي من دون صحة حمله عليه .
وينقسم المشتق الأصولي بلحاظ المبدأ الذي يصاغ منه إلى خمسة أقسام :
1 - ما كان المبدأ من الاعراض المتأصلة خارجاً وهي المقولات التسع كالقائم والقاعد ، فإن مبدأهما من القيام والقعود وهما عرضان خارجيان .
2 - ما كان المبدأ من الأمور الاعتبارية كالواجب والحرام ، باعتبار انضمام الوجوب والحرمة لشيء ما.
3 - ما كان المبدأ من الأمور الانتزاعية الواقعية لواقعية منشأ انتزاعها كالابن والأخ المأخوذين من الأبوة والبنوة والأخوة ، وهذه مفاهيم انتزاعية محمولة على الذات من باب الخارج المحمول لا من باب المحمول بالضميمة كالقسمين السابقين .
4 - ما كان المبدأ من الجواهر كاللابن والتامر، بناءاً على كون مبدئه هو التمر واللبن ثم أطلق المشتق على المتلبس ببيعها، وسيأتي مناقشة ذلك .
5 - ما كان المبدأ من سنخ الوجود والعدم لا من سنخ الماهيات بشتى أنواعها من المتأصلة والاعتبارية والإنتزاعية والجوهرية، ومثاله لفظ موجود ومعدوم .
وبين المشتق النحوي والأصولي عموم من وجه ، لشمول الأول للمصدر المزيد الذي لا يندرج تحت الثاني لعدم حمله على الذات حملاً هوهوياً بل يحمل عليها بالعناية، وشمول الثاني للجوامد المحمولة على الذات كالزوج والرق والأم .
والان نطرح السؤال : هل المراد بالمشتق المبحوث عنه هو المشتق النحوي أم المشتق الأصولي ، وقد أجيب عن ذلك بجوابين :
أ - إن المراد به المشتق النحوي ، لأنه هو معنى المشتق لغة فإن المشتق لغة هو المأخوذ من الشيء الآخر فيتلائم المفهوم النحوي مع المفهوم اللغوي ، وإنما نلتزم بالخروج الحكمي لبعض المشتقات والدخول الحكمي لبعض الجوامد ، فمثلاً المصادر المزيدة وأسماء المصادر وإن كانت من المشتق موضوعاً لكنها خارجة عن حريم البحت حكماً ، لعدم تصور النزاع فيها بعد عدم حملها حملاً هوهوياً على الذات ، كما أن بعض الجوامد كالأخ والرق داخلة في البحث حكماً وإن خرجت عن المشتق موضوعاً ، باعتبار صحة جريان النزاع فيها .
2 - إن المراد به المشتق الأصولي ، وذلك أولاً : لملائمته المعنى اللغوي باعتبار اشتقاقه وانتزاعه من الذات بلحاظ انضمام أمر لها ، فإن الاشتقاق العقلي كاف في صحة تسميته بالمشتق وإن لم يكن هناك اشتقاق لفظي .
وثانياً : إن قانون انتخاب الأسهل هو الذي يعطينا القناعة بأن المراد بالمشتق المشتق الأصولي، باعتبار أنه ما دام الاصطلاح الأصولي موجوداً ووافياً بتحديد موضوع البحث بدون استثناءات أو استدراكات فلا حاجة لتبني الاصطلاح النحوي ثم تعقيبه بالاستثناء .
___________________
(1) الانصاف للأنباري : 235 .
(2) الانصاف للأنباري : 235 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|