أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-6-2019
1774
التاريخ: 24-4-2017
2386
التاريخ: 21-6-2017
1976
التاريخ: 29-4-2017
1875
|
من خلال محافظة الثقافة على كيانها ونمطها العام تعمل على إدماج المتغيرات المختلفة في كيانها لضمان البقاء والاستمرار ككيان له نمط عام , وهذا ما يدعى " بالتكامل الثقافي " وبعبارة أخرى هو تلك العملية التي يتم بها اندماج عنصر ثقافي جديد في حياة الجماعة , سواء انتقل هذا العنصر إلى الجماعة عن طريق الاتصال بجماعة أخرى أو ربما كان تجديداً من داخل الجماعة (1) . وتعتبر العناصر اللامادية أصعب اندماجاً من العناصر المادية إذ إنها تحتاج إلى وقت وجهد اكثر , وعدم وجود التكامل في الثقافة يسبب اضطراباً للفرد , ويفقد المجتمع كفاءته , ويظهر أنواعاً من الصراع قد تكون خطيرة , لما يترتب عليها من فقدان للتكيف داخل الجماعة . في حالة حصول التكامل فإنه ذلك يدل على أن هناك قدراً معيناً من الانسجام الداخلي والارتباط الوظيفي بين عناصر الثقافة المختلفة , وبالتالي بين عناصر المجتمع.
ومن مظاهر عدم التكامل في الثقافة وجود نظام ديمقراطي في السياسة , ووجود اتوقراطية من الناحية الاقتصادية , وعلاقات اقطاعية واستغلالية من الناحية الزراعية . ولا يعني التكامل الثقافي الجمود والثبات , وإنما التغير المستمر نتيجة المرونة والتحويل والتغيير .
ـ ويمر التكامل الثقافي بثلاث مراحل لكي تصبح العناصر الجديدة جزءاً لا يتجزأ من الثقافة (2).
المرحلة الأولى : وهي تقديم العناصر الجديدة للمجتمع وتعريفه بها , وقد يحاول البعض أحياناً سد الطريق أمامها خوفاً من التجديد , وإبقاء الوضع القائم على ما هو عليه , وإبقاء القديم على قدمه , انطلاقاً من أن التجديد المادي والاجتماعي يشكل خطرا على النظام الاجتماعي , ففي هذه المرحلة هناك عاملان أساسيان يعوقان عملية تكامل العناصر الثقافة الجديدة , وهما : الجهود القصدية الواسعة من أصحاب المصالح الخاصة الذي يرون تعارضاً مع التجديد . ثم الجمود الموجودة عند بعض أفراد المجتمع وتمسكهم بنمط ثقافي معين , أو ما يسمى باسم القصور الذاتي (inertia) .
المرحلة الثانية : مرحلة قبول العناصر الثقافية الجديدة, بعد مرور هذه العناصر بسلام من المرحلة الأولى , ولذلك عليها أن تقوي نفسها وتعد قواها , وأن تثبت فائدتها في تلبية حاجة من حاجات المجتمع الأساسية , وعليها الاستمرار في المعركة ضد القديم , تلك المعركة التي لا تغتر في أي مرحلة من المراحل .
المرحلة الثالثة : وهي مرحلة التكامل والاندماج , فإذا استطاعت العناصر الثقافية الجديدة أن تمر بالمرحلتين السابقتين بنجاح , فإن هذه العناصر الجديدة يجب عليها ان تحتل مكانها في النمو الثقافي في زمان ومكان محددين , فعدم الوصول إلى التكامل الثقافي التام يؤدي إلى مشكلات اجتماعية خطيرة .
أما مكونات التكامل في الجماعة أو المجتمع فهي عبارة عن الروابط بين الناس. وهذه الروابط تختلف من جماعة إلى أخرى, حيث نجد جماعات تامة التكامل وأخرى ضعيفة, وهناك درجات
متعددة للتكامل , فالأسرة قد تكون من حيث الانتاج الاقتصادي عالية التكامل ولكنها ضعيفة
التكامل من حيث الروابط العاطفية وهناك مكونات تسهم في عملية التكامل وهي :
أولاً : التكامل الآلي والعضوي : فتقسيم العمل في الأسرة , وبالتالي في الجماعة والمجتمع يؤدي إلى التساند , فأعضاء الجماعة الواحدة يحتاج أحدهم للآخر , والحاجة تربط الجماعة معاً وهذا النوع من التكامل الجماعي المترتب على تقسيم العمل يعتبر تكاملاً آلياً يشبع الحاجات اللازمة لبقاء الأسرة أو المجتمع حسب رأي " اميل دوركهايم" . وهناك نمط آخر من التكامل يحدث عندما يقوم الأفراد بعمل متشابه , ويسمى ذلك تكاملاً عضوياً .
ثانياً : التكامل المعياري : قد تكون الثقافة في ذاتها عاملاً تكاملياً فالمعايير الاجتماعية في تنظيم سلوك الأفراد التي تحدد اتفاق الناس حول مجموعة من العادات والآراء أو القيم ...الخ , قد تؤدي إلى الرضا العام أو الإجماع الذي يعتبر مقياساً من مقاييس التكامل .
ثالثاً : التكامل الاجتماعي النفسي : حين وجود رضا عام حول معايير الجماعة , يحصل الشعور بالإشباع والراحة مما يحدد الروح المعنوية للجماعة . والتي هي شعور يبنى اساساً حول الإشباع أو عدمه , والذي يؤثر في التماسك الاجتماعي . فمثلاً يرتبط الزوج بزوجته اقتصادياً وعن طريق تعاليم الثقافة إزاء السلوك الزواجي , فإذا كانت الجماعة تؤمن بأن الزواج رابطة لا يمكن أن تنفصم , أصبح الطلاق نادراً . ولكن هذه الندرة لا تنطبق على حالات الانفصال , فإمكانية وجود طلاق عاطفي برغم وجود الروابط الزواجية الرسمية يدل على وجود العوامل الاجتماعية النفسية في التكامل . وإذن فالتماسك الجماعي يقوم إلى حد ما على الروح المعنوية وهو شعور يبنى أساساً حول الإشباع أو عدمه .
_______________
1ـ عبد الله الرشدان , علم الاجتماع التربوي , عمان , دار عمار للنشر والتوزيع , 1984 , ص160.
2ـ محمد لبيب النجيحي , مرجع سابق ص162 – 163.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|