أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-7-2016
11452
التاريخ: 1-8-2016
7416
التاريخ: 19-7-2016
23837
التاريخ: 19-7-2016
2195
|
النحت في اللغة: هو النشر والقشر والبري والقطع.
قال ابن فارس(1): (النحت كلمة تدل على نجر شيء وتسويته بحديدة).
وقال ابن منظور: (النحت: النشر القشر والنحت: نحت النجار الخشب ونحت الجبل ينحته: قطعه نحته ينحته بالكسر نحتا اي: براه نحته بلسانه ينحته وينحِته نحْتاً: لأمه وشتمه والنحيت: الرديء من كل شيء ونحته بالعصا ينحته نحتاً: ضربه بها...).
من هذه النصوص يستبين لنا ان في النحت معنى الاختزال والاختصار ليس هذا فحسب انما هو تسوية وهو نسيق وبناء تستتبعه عملية الاختزال والتنقص.
وما ورد في القرآن الكريم يؤكد هذا:
قال تعالى: ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ﴾(3).
قال تعالى: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾(4).
قال تعالى: ﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾(5).
ص99
قال تعالى: ﴿ قال اتعبدون ما تنحتون﴾(6).
فالنحت هنا قطع للحجارة ثم تسوية وتعذيب ينتقصها من اطرافها فتنسيق فبناء وهذه العملية تؤول الى نتيجة طبيعية اذ انها تنتهي الى خلق جديد.
اما النحت في الاصطلاح فلم تعرض له المعجمات القديمة ولم تحدده عدا ابن فارس(7) فارس: (ومعنى النحت: ان تؤخذ كلمتان وتنحت منهما كلمة تكون آخذة منهما جميعا بحظ).
فهو هنا يعرف النحت بالنحت وهو يرجع في ذلك الى تعريف النحت اللغوي العام الذي سلف ذكره.
والتصيح بالمشابهة بين نحت كلمة واحدة من كلمتين ونحت خشبة واحدة من خشبتين قديم اذ جاء هي نص اورده ياقوت(8) ان ابا الفتح عثمان بن عيسى البلطي النحوي سأل ابا علي الحسن بن الخطير المعروف بالظهير المتوفى سنة 598هـ عما وقع في الفاظ العرب على مثال: (شَقَحْطَبَ) فقال: هذا يسمى في كلام العرب المنحوت ومعناه: ان الكلمة منحوتة من كلمتين كما ينحت النجار الخشبتين ويجعلهما واحدة فشقحطب منحوت من شق وحطب فسأله البلطي ان يثبت له ما وقع من هذا المثال ليقول في معرفتها عليه فأملاها عليه في نحو عشرين ورقة من حفظه وسماها: (كتاب تنبيه البارعين على المنحوت من كلام العرب).
ويبدو ان القول بالنحت عند القدماء كان يتحدد في بناء كلمة واحدة من كلمتين قال بذلك الخليل وابن فارس وابن الخطير.
قال الخليل(9):
او تقول منه: حيعل يحيعل حيعلة وقد اكثرت من الحيعلة اي من قولك: (حي علي).
ص100
وهذا يشبه قولهم: تعبشم الرجل وتعبقس ورجل عبشمي (وعبقسي) اذا كان من عبد الشمس او من عبد قيس فأخذوا من كلمتين متعاقبين كلمة واشتقوا فعلا وقال ابن فارس(10):
(العرب تنحت من كلمتين كلمة واحدة وهو جنس من الاختصار).
اما المحدثون فقد وقفوا عاى منحوتات كثيرة فصار النحت في اصطلاحهم:
(ان تعمد الى كلمتين او جملة فتنتزع من مجموع حروف كلماتها كلمة فذة تدل على ماكانت تدل عليه الجملة نفسها)(11).
ونص بعضهم(12) على (اخذ الكلمة من كلمتين او اكثر مستوفيا بذلك المنحوت من كلمتين او ثلاث او جملة).
وعرف عبد الله امين(13) النحت تعريفا جامعا قال: (اخذ كلمة من كلمتين او اكثر مع المناسبة بين المأخوذ والمأخوذ منه في اللفظ والمعنى معا: بأن تعمد الى كلمتين او اكثر فتسقط من كل منهما او من بعضها حرفا او اكثر وتضم ما بقى من احرف كل كلمة الى الاخرى وتؤلف منها جميعا كلمة واحدة فيها بعض احرف الكلمتين او الاكثر وما تدلان عليه من معان).
النحت اذن عند المحدثين يجمع بين كلمتين او اكثر متباينين معنى وصورة ولا ضير في اتفاقهما في بعض الحروف مادام حرف واحد بينهما مختلفا ولابأس في تقاربهما في المعنى شريطة ان يكون بين المعنيين المتقاربين فرق ملموح مهما يكمن ضئيلا دقيقاً.
وكان الخليل يرى (ان الكلمتين اذا ركبتا ولكل منهما معنى وحكم اصبح لهما بالتركيب حكم جديد).
ص101
وعلى هذا نستطيع ان نعرف النحت بأنه بناء كلمة جديدة من كلمتين او اكثر او من جملة بحيث تكون الكلمتان او الكلمات متباينتين في المعنى والصورة وبحيث تكون الكلمة الجديدة آخذة منهما جميعا بحظ في اللفظ دالة عليهما جميعا في المعنى(14).
وهكذا فالكلمة الجديدة لا تتركب من مجموع الكلمتين او الكلمات وانما تأخذ بنصيب من صورتهما اللفظية يحفظ فيها ملامح الدلالة الصوتية والمعنوية للكلمتين او الكلمات.
وهنا يحسن ان نفرق بين النحت والتركيب فالنحت لون من الوان التركيب تنتقص فيه المواد المركبة وتختزل على حين يجمع التركيب بنيتي الكلمتين دون انتقاض(15).
انقسم الباحثون في مسألة نسبة النحت الى الاشتقاق على ثلاثة اقسام:
الاول: يؤكد ان مراعاة معنى الاشتقاق تنصر جعل النحت نوعا منه ففي كل منهما توليد شيء من شيء وفي كل منهما فرع واصل ويتمثل الفرق بينهما الا في اشتقاق كلمة من كلمتين او اكثر على طريقة النحت واشتقاق كلمة من كلمة في قياس التصريف لذا سُمَى بالاشتقاق الكُبَار(16).
الثاني: يذهب الى ان النحت غريب عن نظام اللغة العربية الاشتقاقي لذلك لا يصح ان يعد قسما من الاشتقاق فيها وحجته ان لغويتنا المتقدمين لم يعدوه من ضروب الاشتقاق لذ اهمله لبن جنى في بحوثه ولم يذكره السيوطي في الباب الذي خصه للاشتقاق بل افرد له بابا خاصا وانه يكون في نزع كلمة من كلمتين او اكثر,
ص102
بينما يكون الاشتقاق في نزع كلمة من كلمة زد على ذلك ان غاية الاشتقاق استحضار معنى جديد اما غاية النحت فالاختصار ليس الا(17).
الثالث: توسط فعد النحت من قبيل الاشتقاق وليس اشتقاقا بالفعل(18).
اقسام النحت:
ينقسم النحت في اللغة على اربعة اقسام (19):
الاول: النحت الفعلي: وهو ان ينحت من الجملة فعلا يدل على النطق بها او على حدوث مضمونها مثل:
بَسْمَلَ: اذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم ( ومنها: البسملة).
جَعْفَد: اذا قال: جعلت فداك (ومنها: الجعفدة).
حَسْبَل: اذا قال: حسبي الله ونعم (ومنها: الحسبلة).
حَمْدَل: اذا قال: الحمد لله (ومنها: الحمدلة).
حَوْلَق: اذا قال: لاحول ولا قوة الا بالله (ومنها: الحولقة).
حَيْعَل: اذا قال: حي على (ومنها: الحيعلة).
دَمْعَز: اذا قال: ادام الله عزك (ومنها: الدمعزة).
طَلَبْق: اذا قال: اطال الله بقاءك (ومنها: الطلبقة).
هَيْلَل: اذا قال: لا اله الا الله (ومنها: الهيللة).
بأبأ: اذا قال: بأبي انت (ومنها البأبأة).
ص103
سَبْحَل: اذا قال: سبحان الله (ومنها السبحلة).
سَمْعَل: اذا قال: السلام عليكم (ومنها: السمعلة).
مَشْكَن: اذا قال: ماشاء الله كان (ومنها: المشكنة).
الثاني: النحت الاسمي: وهو ان ينحت من كلمتين اسما مثل:
جلمود: من جمد وجلد.
حبقر: من حب قُر.
عقابيل: من عقبى الحثمي وعقبى اللعة.
الثالث: النحت النسبي: وهو ان تنسب شيئا او شخصا على بلدتين او اسمين مثل:
طبر خزي: منسوب الى بلدتي: طبرستان وخوارزم.
عبشمي: منسوب الى عبدشمس.
عبدري: منسوب الى عبد الدار.
عبقسي: منسوب الى عبدالقيس.
مرقسي: منسوب الى امرئ القيس.
الرابع : النحت الوصفي: هو ان تنحت من كلمتين كلمة واحدة تدل على صفة بمعناها او بأشد منه مثل:
ضبطر: للرجل الشديد منحوت من: (ضبط وضبر) وفي (ضبر) معنى الشدة والصلابة.
الصلدم: الشديد الحافر منحوت من: (الصلد والصدم).
صهصلق: الشديد من الاصوات منحوت من: (صهل وصلق) وكلاهما بمعنى صوت.
ص104
__________________
(1) مقاييس اللغة 5/ 404 (نحت).
(2) لسان العرب (نحت).
(3) الاعراف 74.
(4) الشعراء 149.
(5) الحجر 82.
(6) الصافات 95.
(7) مقاييس اللغة 1/ 328-329.
(8) معجم الادباء 8/ 102-103 والمزهر 1/ 482-483.
(9) العين 1/ 60.
(10) الصاحبي 461.
(11) الاشتقاق والتعريب 13.
(12) الشهابي في كتابه: المصطلحات العلمية 14.
(13) الاشتقاق 391.
(14) النحت في اللغة العربية 67.
(15) النحت في اللغة العربية 68.
(16) دراسات في فقه اللغة 243 وينظر: الاشتقاق 391 (عبد الله امين) وفي اصول النحو 126.
(17) الاشتقاق 363 (فؤاد ترزي) وفقه اللغة وخصائص العربية 148-149.
(18) الاشتقاق والتعريب 13.
(19) ينظر:
الاشتقاق والتعريب 13-14.
الاشتقاق 393.
فقه اللغة(وافي) 180-181.
فقه اللغة وخصائصها 210-211.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|