المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



نوعُ الحريّة في تربية الطفل  
  
2733   01:21 مساءاً   التاريخ: 19-6-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص274-277
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-1-2016 2070
التاريخ: 28-6-2017 15767
التاريخ: 21-11-2020 2834
التاريخ: 10-1-2018 1984

الحرية مطلقة ومقيدة، وهي محبوبة إلى النفس الانسانية وذات علاقة وثيقة بالعزة والكرامة، وتترتب عليها اثار مهمة ضرراً ونفعاً حسبما يمليه نوعها، والاسلام لا يعترف بالحرية الا ما كان منها داخلا في دائرة الاحكام الدينية، والضوابط الاخلاقية، وحدود الآداب والاحترام والاعراف الحسنة. وان لا يكون هناك ضرر ولا ضرار يلحق بالآخرين والانسانية جمعاء....

فالحرية التربوية والتعليمية وكذلك السياسية والاقتصادية والاجتماعية يجب ان تكون ضمن الدائرة الدينية وقوانينها الالهية والفرد المسلم حر في اتباع واعتناق ما لا يتنافى مع اصول الاسلام التربوية وثوابته الخالدة بالضرورة واليقين. وقطعا ان انكار الضروريات والردة عن الدين والاساليب التربوية الخاطئة والتي تؤدي إلى الانحراف او الشذوذ او الضرر، غير جائزة البتة في الاسلام.

ولقد سبق الاسلام الحنيف في مناهجه التربوية وسياسته المثالية والتعليمية ومنحه الحريات للناس كل الدساتير المعاصرة، لا غرو في ذلك لأنه دين المنطق السليم والفطرة والفضيلة، وهو افضل واكمل الاديان في هذا الشأن وغيره من شؤون الحياة المتطورة الاخرى، وقد دعا الانسانية جمعاء للدخول فيه بالحكمة والقناعة والرضا، وليس بالإكراه والاجبار والتهديد وامرهم باتباع مناهجه التربوية والتعليمية القائمة على العدالة والحرية، والحب والانضباط الاخلاقي والفضيلة (1).

ـ الحرية والهدوء النفسي :

ان الحرية والأمن والهدوء النفس شرط مهم في سعادة الانسان سواء كان طفلا او شابا او كبيرا وفي تربية وتعلمه ايضا ففي الاسرة او المجتمع الذي لا يأمن افراده على حياتهم او هدوئهم النفسي لا مجال فيه لتعلمهم وتربيتهم تربية لائقة تقودهم إلى الكمال المطلوب.

لان الشعور بالاضطراب والقلق والخوف يبعثر الفكر، ويخلق الانفعال والتوتر العصبي، ويوجد الكآبة.

نعم ان الاسرة والمجتمع الذي تتوفر فيه الحرية والعدالة الاجتماعية يستطيع ان يتقدم إلى الامام بخطى ثابته ويحقق الكمال والرقي التربوي والعلمي لان العدالة هي القوة الوحيدة التي تستطيع ان تبعث الاطمئنان والهدوء إلى النفوس، وتهب الاطفال والكبار الامن والسكينة، وفي ظلها يكون الجميع مطيعاً للقانون، ولا يسمحون لأنفسهم باقل انحراف او تجاوز على حقوق الاخرين. وعندئذ يحس الجميع بالأمان والهدوء فلا وحشة ولا قلق.

وعلى هذا الاساس دعا الاسلام إلى العدالة وامر بتنفيذها على ارض الواقع لكي يكون طريق التكامل والتعالي مفتوحا امام جميع الناس صغارهم وكبارهم، ويصبح بإمكانهم ان يعلموا بارتياح واطمئنان من اجل تحقيق المناهج التربوية والعلمية والاستفادة من نتائجها المهمة.

وعلى كل حال فان الحرية والعدالة الاجتماعية مطلوب تحقيقهما في الاسرة والمجتمع والدولة على حد سواء حتى تتحقق الاهداف التربوية والتعليمية للأطفال ولشباب وعموم الناس. وقطعاً ان المجتمع الذي يسيطر عليه الاستبداد والتعنت ولا يحترم فيه القانون والعدالة اصلاً ويفقد

الحق والانصاف معناهما فيه ... فلا حرية ولا امان ولا تربية صحيحة هناك.

بل يسود سماء الاسرة والامة القلق والاضطراب، ويفقد الجميع هدوءهم واستقرارهم  النفسي، ويقضون ليلهم ونهارهم في الخوف وقد يسيء بعضهم إلى البضع الاخر في أي لحظة، وربما يفقد الكثير منهم كرامته بلا قيد او شرط، او ينهي بذلك حياتهم.

فالحياة في مجتمع كهذا لا تعني الا الشقاء والحرمان والخيبة وهناك يستحيل على الصغار والكبار الوصول إلى الكمال اللائق بهم كبشر، وينغلق الطريق امامهم نحو السعادة والهناء... في مثل هذا المجتمع او في مثل هكذا دولة يكون احترام الرعية للراعي والمحكوم للحاكم بدافع من الخوف، والامن من العقاب والضرر ليس الا، وتكون الطاعة للأوامر من باب الحفاظ على الدماء والانفس فقط .

____________

1ـ انظر السياسة في المنظور الإسلامي: ص185 – 187 للمؤلف.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.