لقد مرت إدارة الإنتاج والعمليات بعدة مراحل عرفت خلالها تطورات عديدة حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم وذلك من أجل التكيف مع ظروف كل مرحلة، ونتيجة استفادتها من ميادين معرفية أخرى: كالرياضيات، علم الاجتماع التنظيمي والإعلام الآلي...إلخ. وسوف نوجز هذا التطور في المراحل التالية:

مرحلة الثورة الصناعية

كان لظهور الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر أثر على ظهور أساليب تكنولوجية جديدة في مجال الإنتاج تعتمد على الاستخدام المكثف للآلات بدلا من الأفراد في إنجاز الأعمال العضلية، وعلى تغيير نظم الإنتاج من النظام الحرفي إلى نظام المصنع الكبير، الذي تميز بكبر حجمه وانفصال الملكية عن الإدارة وظهور النقابات العمالية. مما أدى إلى ظهور الحاجة إلى ما يسمى المدير المحترف الذي تعتمد ممارسته الإدارية على القواعد المدروسة والمتفق عليها، وبذلك بذلت عدة محاولات لوضع إطار لعملية ممارسة

وظيفة الإدارة في المصنع وأهمها: (1).

1- محاولات آدم سميث ADAM SMITH  1776 يعتبر آدم سميث أول من لفت الأنظار بشكل منظم إلى الدور الاقتصادي للإنتاج، وقدم في كتابه " ثروة الأمم" مفهوم التخصص وتقسيم العمل المتمثل في قيام عدد من العاملين بممارسة النشاطات اللازمة لإنتاج السلعة بدلا من قيام شخص واحد بممارسة جميع النشاطات وحده. وأهمية هذا الأخير في زيادة إنتاجية العمل، والتي ترجع حسبه إلى الأسباب التالية: (2).

أ- زيادة سرعة العامل في أداء الجزء الموكل إليه من العمل نتيجة التكرار اليومي لنفس العملية الصناعية؛

ب- تلاشي الوقت الضائع بسبب عدم قيام العامل ذاته بعمليات المناولة والانتقال من عملية صناعية إلى أخرى.

ج- سوف يؤدي التخصص إلى اختراع عدد من الأدوات التي تسهل أداء العملية الإنتاجية وتقلص من دور العمل اليدوي. وقد لقيت أفكار آدم سميث قبولا لدى أرباب العمل وطبقت على نطاق واسع، كما تعتبر هذه الأخيرة أساس التطورات التي حدثت في العصر الحديث في مجالات تبسيط العمل وتحليل العمليات ودراسة الوقت. (3).

2-أعمال إلي ويتني ELI WHITNEY 1798 قدم إلي ويتني في عام 1798 بالولايات المتحدة الأمريكية مفهوم تبادلية الأجزاء (الأجزاء القابلة للتغيير واستخدامه في عملية إنتاج الأسلحة، (interchangeable parts ويعني ذلك إمكانية تغيير أجزاء نمطية من المنتج أو السلعة في حالة استهلاكها أو توقفها عن العمل. وكان هذا الابتكار بداية للتوسع الكبير ،component في إنتاج السلع التي تتكون من أكثر من مكون واحد بل وإنتاج هذه المكونات بشكل مستقل ثم تجميعها في سلعة تامة الصنع. وقد مهد هذا المفهوم الطريق لإنتاج سلع تتكون من عدة أجزاء بسرعة كبيرة. كما طبق إلي ويتني لأول مرة مفاهيم محاسبة التكاليف وفكرة الرقابة على الجودة في مصنعه الخاص بإنتاج البنادق. (4).

3- أعمال شارل باباج: CHARLES BABBAGE -1832 . ، يعتبر المهندس والرياضي شارل باباج أول من حاول إدخال الأساليب العلمية في الإدارة والإنتاج. وذلك من خلال كتابه " اقتصاديات التصنيع واستخدام الآلات" الذي صدر عام 1852 والذي بين فيه كيفية استخدام كل من دراسة الزمن، نظام البحث والتطوير، اختيار موقع المصنع على أساس تحليل اقتصادي، دراسة البناء الإداري والتنظيم للإدارة، الاهتمام بالعلاقات الإنسانية والعلاقة بين السعر وحجم الإنتاج والربح في السوق وكذا استخدام نظم دفع الأجور التشجيعية والحوافز وكان قد اتفق إلى حد بعيد مع آدم سميث حول تقسيم العمل. ومعظم أفكار شارل باباج كانت مهدا لدراسات حركة الإدارة العلمية. (5).

________________________________________________

1- محمد توفيق ماضي . ادارة الانتاج . الاسكندرية الدار الجامعية 1999 ص ص 45 - 46

2-عبد الكريم محسن . صباح مجيد النجار ادارة الانتاج والعمليات بغداد مكتبة الذاكرة . 2006 ص30

3- ماضي . مرجع سابق .ص46

4-محسن النجار . مرجع سابق . ص30

5- المرجع نفسه ص31