أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-1-2023
1212
التاريخ: 2023-06-15
946
التاريخ: 17-5-2016
4662
التاريخ: 23-1-2023
1278
|
الثنائية ؛ موجات – جسيمات
توقفنا مؤقتا عن دراسة ظواهر الضوء قبل ان ننجح في ايجاد تفسير للتناقص بين النظرية الموجبة والنظرية الجسمية للضوء وفق ما أظهرته التجارب من نتائج لا مفر منها . وامام هذا التناقض contradiction بين النظريتين لم يكن امامنا سوى التوفيق بينهما في صورة علاقة تربطهما بما يسمح بحساب الطول الموجي من خلال كم الضوء او العكس .
تتزايد المفارقات لا سيما إذا تبين لنا ان هذا الموقف الشاذ المخالف للقواعد يظهر في اشعاعات اخرى . نعلم ان اشعة المهبط تتكون فعلا من سيال من الالكترونات إذا مرت عبر رقائق بلورية نتج عن ذلك ظواهر التداخل مماثلة لما يحدث في حالة الاشعة السينية . كان اكتشاف تأثيرات التداخل هذه عجيباً جداً وعلى غير المتوقع في إطار ما سبق من يقين راسخ بالطبيعة الجسيمية لأشعة المهبط ، حتى إن الفيزيائيين التجريبيين صرفوا أنظارهم عن هذا الاكتشاف في بادئ الأمر . إن الخواص الموجية لأشعة المهبط – شأنها في ذلك شأن موجات ماكسويل – هيرتز – كان أول من تنبأ بها هم العلماء النظريون إذ توصل دي بروي de Broglie الى الفكرة الجريئة بأن (ثنائية dualism) الامواج التي تعودنا عليها فيما بعد في مجال الضوء من الممكن أيضاً أن تظهر في أشعة المهبط وغيرها من الإشعاع المادي كما بين أنه في حالة وجود ثنائية حقاً فلابد من تعريف الأطوال الموجية المناظرة في أشعة المهبط بقوانين نظرية في غاية البساطة (للكشف عنها تعد نظرية النسبية تارة أخرى أمراً في غاية الأهمية ) .
ولم يتم التأكيد العملي على هذه القضايا المنطوية على مفارقة paradoxical إلا بعد مضي آثار التداخل التي تنبأ بها وذلك في حالة أشعة المهبط .
وأجريت هذه التجارب فيما بعد مع أشعة جسيمية – بسيل من الذرات ؛ وفي هذا المقام لا يزال التدليل على الخواص الموجية صعباً بسبب قصر الأطوال الموجية كثيراً جداً عنها في حالة الإلكترونات (أشعة المهبط) المتحركة بنفس السرعة .
وتبعاً لفكرة دي بروي فإن الطول الموجي المناظر بالنسبة للجسيمات عند سرعة محددة يتناسب مع كتلتها . وفي الوقت الحالي لم يعد هناك مجال للشك في حقيقة ثنائية الموجات والجسيمات من حيث أنها إطراد فيزيائي عام ، بكل إشعاع موجي لابد في نفس الوقت أن يكون إشعاعاً جسيمياً ، وبالعكس ، كل إشعاع جسيمي له خواص موجية . وحقاً يمكن بوسائلنا العملية الحالية فهم جانبي لهذه الظاهرة في حالة الضوء وأخف الجسيمات ، أما بالنسبة لباقي الحالات فإن قانون دي بروي الرياضي يؤدي الى نتائج بشأن التناظر بين الموجات والجسيمات بعيدة جداً عن احتمالات المشاهدات العملية لما تتطلبه هذه الحالات من دقة بالغة .
وكل ما ننشده في مجالات الظواهر الذرية هو فقط وجود ظواهر الثنائية . إنه لتناقض كبير في التجربة بالنسبة لنظرية تقضي بحدوث الظواهر الثنائية أيضاً في المجال الماكروسكوبي ، وأن الجسيمات ربما تتضح في موجات الراديو أو الصوت ، أو على العكس تنتج آثار تداخل في حالة مروق طلقات مدفع رشاش خلال ثقوب في سلك شبكي .
المفارقة الناجمة عن هذه الثنائية لا تحتاج الى تأكيد إذ تواجهنا ظواهر غير متسقة inconsistent تماماً مع نظريات الفيزياء الكلاسيكية على المستوى الفكري ، فمثلاً، ثقبان صغيران جداً وقريبان من بعضهما على حائل أسود غير منفذ للضوء يمر من خلالهما ضوء قادم من مصدر نقطي point source ليقابل لوحاً فوتوغرافيا على بعد مناسب من الحائل ليسجل عليه توزيع الشدة الضوئية intensity distribution.
إن القطر المناسب للثقبين (مع البعد المناسب بينهما) لا ينتج عنه منطقتان مضيئتان على اللوح الفوتوغرافي كما هو متوقع تبعاً لمبدأ انتشار الضوء في خطوط مستقيمة ووفق البناء الهندسي للظل ، وإنما يتداخل الشعاعان الماران من الثقبين مع بعضهما.
ثار الجدل بشأن قضية تغير توزيع الشدة الضوئية على اللوح الفوتوغرافي وذلك في حالة صغر الشدة الضوئية الى حد كبير بحيث لا ينبعث من مصدر الضوء سوى كم ضوء واحد كل ثانية ، ومنشأ هذا الجدل هو محاولة تفسير آثار التداخل كنتيجة للفعل المتبادل بين مختلف الكمات الضوئية المارة خلال الثقبين .
وعلى المرء أن يتخيل أن كمات الضوء المارة من أحد الثقبين تتبادل الفعل مع نظيراتها المارة من الثقب الآخر فينتج عن ذلك ظاهرة التداخل . ولكن لم يمكن الدعم الصغيرة حيث تنشأ كمات الضوء بصورة مستقلة ولا يمكن اتحادها بأي حال . وبغض الطرف عن مدى استضاءة اللوح الفوتوغرافي من خلال ثقوب الحائل لفترة زمنية قصيرة جداً بضوء شديد أو لفترة طويلة بضوء ضعيف فإن نمط (شكل) الحيود pattern diffraction يظل كما هو دون تغير في الحالتين .
وعلى ذلك فليس أمامنا سوى التخيل بأن قوانين التداخل تسرى على كم الضوء المستقل . وبطبيعة الحال لا يمكن امتصاص كم الضوء المنبعث من المصدر إلا بواسطة حبيبة واحدة من حبيبات اللوح الفوتوغرافي . إن توزيعات الشدة الضوئية التي تبدو متصلة لا يمكن أن تحدث إلا بامتصاص عدد كبير من كمات الضوء . وهنا يجدر بنا أن نعود الى تصور الاحتمال بأن كماً ضوئياً ، واحداً منبعثاً من مصدر ما يكون له احتمال محدد بأنه سوف يظهر في نفس الموضع من اللوح الذي نشاهده ، وأن هذا الاحتمال يتحدد على وجه الدقة بالاستضاءة عند الموضع من اللوح الذي نحن بصدده والتي يتم حسابها تبعاً للنظرية الموجية الكلاسيكية .
ولكن كيف يتسنى لكم الضوء أن يصل هناك قادماً من مصدر الضوء ؟
لقد أكدنا سابقاً على أن ميكانيكا جاليليو نيوتن ذاتية الوضوح تكمن في الاقتناع بأن الجسم الفيزيائي لا يمكنه الوصول من مكان الى آخر إلا بمروره عبر مسار متصل بين هذين المكانين ، فكيف يتفق ذلك مع التداخل في مثالنا هذا – والذي نعلم منه صراحة أن التداخل لا يتم في حالة كم الضوء فقط بل وأيضاً وأساساً في حالة الجسيمات المادية كالإلكترونات والذرات ؟ إن الإجابة التي نضطر لقبولها هي أنه لا يمكن إيجاد حل وسط كما يجب النظر الى الميكانيكا الكلاسيكية ذائبة الوضوح على أنها قضية تتعرض تماماً مع فيزياء الكم وفيزياء الذرة ، ويمكن فقط تحديد مسار الجسيم بصورة متصلة في غياب ظواهر التداخل ، وإلا فلا فائدة ألبتة من هذا التصور الكلاسيكي . وكما تبدو هذه الحقائق مبهمة مناقضة لكل عاداتنا في الفكر والتخيل فلابد أن نفهم هذه الثنائية تبسط صورة الطبيعة في اتجاه محدد . اعتقدنا سابقاً بوجود إشاعات في الطبيعة موجية وجسيمية ، وجعلتنا نظرتنا الكلاسيكية نعتبر هاتين الصورتين على أنهما مختلفتان تماماً ولا يمكن التوفيق بينهما . أما الآن فإننا في الواقع نرى أن الطبيعة لا تعرف سوى نوع واحد من الإشعاع لا يمكن تخيله في إطار قواعد الفيزياء الكلاسيكية ، لأنه من ناحية يظهر الخواص المناظرة لتمثيلينا الكلاسيكي للموجات ، ولكنه من ناحية أخرى يناظر التمثيل الكلاسيكي لشعاع من الجسيمات .
إننا نعترف بأننا لم نفهم الأمر بعد ، ولم نفلح في جعل الظواهر المكتشفة أكثر فهماً – (أكثر فهماً) بمعنى أنه في كل حالة نرى علاقات تربط بين هذه الظواهر وبين ما نتناوله الآن من مفارقات . ذكرنا أن مدى الحيز المكاني لكل من نواة الذرة وإلكتروناتها يقل عن قطر الذرة بنسبة مائة ألف – كما في ذرة الهيدروجين مثلاً . والآن نحن بصدد مشكلة أخرى – كيف يتسنى لإلكترون ذرة الهيدروجين رغم صغر حجمه أن (يملأ) الفضاء الشاسع نسبياً لهذه الذرة ؟ يجب تبعاً لمعلوماتنا الحالية أن ننظر الى الإلكترون كموجة وعندئذ سوف يتغير وجه المشكلة تماماً ، ففي ظل النظرية الموجية عند بروي نتخيل أن شحنة الإلكترون (موزعة) بصورة ما على حجم الذرة بأكملها بحيث يكون الإلكترون حقاً (سحابة) من الشحنة الكهربية .
هناك أيضاً حقيقة ترتبط بثنائية الموجات والجسيمات تميز بصورة مناسبة التصور الجسيمي لنظرية الكم الحديثة عن تصور الذرة التي لا تتحطم في الفلسفة اليونانية . ليس للإلكترونات (وكذلك جميع الجسيمات الأخرى) (فردية individuality) . فالإلكترونان المتباعدان جداً قد يقتربان من بعضهما ويتلاقيان ثم ينفصلان مرة أخرى ليعودا لموضعيهما الأولين ، ولا يمكن تقرير ما إذا كان (نفس) هذا الإلكترون قد عاد الى هذا الموضع أو أن (تبادلاً) بينهما قد حدث . وإذا أخذنا في اعتبارنا ما سبق وصفه من نقد للتعبيرات statements الفيزيائية فإن طرح هذه المشكلة لإيجاد حل لها سواء بالإيجاب أو بالسلب يبدو أمراً غير ذي معنى ، فكل المعايير المؤدية للاختيار بين البدائل لا وجود لها أساساً ، لابد إذن أن نتخيل تكافؤ كل الإلكترونات إذ لا يمكننا وضع (علامة تحقيق هوية identification mark) على إلكترون ما بأي حال من الأحوال ، وبذلك نظل على وفاق مع الفلسفة الذرية الكلاسيكية . أما الآن ، فمن خلال ثنائية الموجة جسيم تلوح في الأفق فكرة جديدة . إننا لم نعد على يقين دائماً من هوية إلكترون ما بمراقبة حركته ، وعندما يستحيل تحديد المسار أو التأكد منه بواسطة آثار التداخل فإن الإلكترون اللذين يقتربان جداً من بعضهما من الممكن أن (يتبادلا) بحيث لا يمكن التمييز بينهما .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
معهد الكفيل للنطق والتأهيل: أطلقنا برامج متنوعة لدعم الأطفال وتعزيز مهاراتهم التعليمية والاجتماعية
|
|
|