المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

محاصيل الحبوب - الذرة الرفيعة
21-1-2017
المسلسل التلفزيوني
28/9/2022
مرض البياض الزغبي واللطعة الأرجوانية
29-3-2016
deixis (n.)
2023-08-05
أنواع المساقط- المسقط المخروطي Conic Map Projection
26-3-2022
Mongo: B-deletion and resolution of vowel hiatus
29-3-2022


الاستثناءات الواردة على حرية المريض في اختيار طبيبه  
  
3208   10:53 صباحاً   التاريخ: 5-5-2016
المؤلف : زينة غانم يونس العبيدي
الكتاب أو المصدر : ارادة المريض في العقد الطبي
الجزء والصفحة : ص75-75
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

اولا - حالة المستشفيات العامة

إن المستشفيات العامة تقوم بدور مهم وكبير في تقديم الخدمات الطبية للمرضى في جميع الدول وتعود أهمية هذا الدور إلى ضخامة الميزانيات التي تُخصص لها بما يُمكنها من مسايرة التقدم العلمي والفني في المجال الطبي مقارنة مع المستشفيات الأهلية الخاصة. والذي يهمنا في هذا المجال، هو علاقة المريض بالمستشفى العام لأنه يتعامل مع شخص معنوي، وهذا يوصلنا إلى نتيجة مقتضاها عدم إمكانية المريض من اختيار طبيبه المعالج بحرية وهذا هو أحد الاستثناءات التي ترد على حق المريض في اختيار طبيبه. فالمريض يتعامل مع أحد الأطباء الموظفين لدى الإدارة الصحية في هذه المستشفيات والذي حددته هذه الإدارة من اجل تشخيص مرضه وعلاجه فهو لا يتعامل معه بصفته الشخصية ولكن بصفته مستخدماً أو موظفاً لدى هذه الإدارة. بناءً على ما تقدم تكون علاقة المريض بالطبيب في المستشفى العام علاقة غير مباشرة لا تقوم إلا من خلال المرفق الصحي العام ويفترض هذا وجود علاقة مباشرة بين المريض والمستشفى العام، وعليه فان حقوق والتزامات كل من المريض والطبيب تتجدد وفقاً للوائح المنظمة لنشاط المرفق الصحي العام الذي تديره المستشفى، كما أنه لا يوجد عقد بين المريض والطبيب في المستشفى العام(1). وقضت محكمة النقض المصرية بأنه: (لا يمكن مساءلة الطبيب عن الضرر الذي يصيب المريض بسبب خطئه الأول إلا على أساس المسؤولية التقصيرية، واستندت في ذلك إلى أنه لا يمكن القول في هذه الحالة بأن المريض قد اختار الطبيب لعلاجه حتى ينعقد عقد بينهما)(2). فهذا القرار جعل مسؤولية الطبيب المُقصِر مسؤولية تقصيرية، لا عقدية لانعدام إرادة المريض باختيار طبيبه، وهذا ما يترتب عليه انعدام العقد بين المريض والطبيب، فالمريض في هذا الفرض يفقد حقه في اختيار الطبيب الذي يعالجه، وحتى الأطباء المساعدين له، لأن هؤلاء جميعاً تعينهم الأنظمة الإدارية الخاصة بتوزيع العمل داخل المستشفى. لكن إذا كان المريض لايتمتع في إطار المستشفيات العامة بحرية اختيار طبيبه، هل معنى هذا أنه يفقد حريته بصورة مطلقة؟! الأصل أن المريض في إطار المستشفيات العامة لا يتمتع بحرية اختيار طبيبه إلا أن هذا القول نسبياً، فواقع المستشفيات العامة في العراق إن كان يفرض على المريض طبيباً معيناً يقوم بفحصه وتشخيص علته وحتى علاجه، لكن هذا لا يفقد المريض حريته في اختيار نوع العلاج، فمثلاً بأمكان المريض أن يختار نوع العلاج، كأن يختار الزرق بالإبر بدلاً من غيره، أو يختار القسم الذي يُعالج فيه، فمثلاً أن يختار العلاج في غرف خاصة بدلاً من العلاج مع بقية المرضى في القاعات التي تحوي عدداً كبيراً من الأسرة وهكذا.  إلا أن هذا القول مقيد بحدود الإمكانيات المتاحة داخل المستشفى، فالمريض يفقد حريته مثلاً في اختيار القسم الذي يعالج فيه إذا كانت الغرف الخاصة غير متوافرة في المستشفى أو مملوءة بالمرضى الآخرين، إذاً، فان هذه المسألة تبقى نسبية(3). من ذلك نستنتج أن المريض في مثل هذه الفروض يسترد جزءاً من حريته لكن وفقاً للإمكانيات المتاحة. هذا ما عليه العمل في فرنسا، إذ يحظى المريض بحرية اختيار العلاج الذي يخضع له داخل المستشفيات العامة هذه، ففي داخل المستشفى العام توجد غرف معدة لسرير واحد، أو سريرين بامكانها استقبال مريضين، فالمريض يستطيع وفي غير حالات الاستعجال ووفقاً للإمكانيات المتاحة من الأسرة، أن يختار القسم الذي يعالج فيه، أو يختار العلاج الذي يخضع له فيسترد جزءاً من حريته(4).

ثانيا - حالة الاستعجال

كما ويفقد المريض إرادته في اختيار طبيبه في الحالة التي يتعذر عليه التعبير عن إرادته، كما لو كان صغير السن، أو مصاباً في حادثة دهس، أو فاقد الوعي أو ... الخ، في هذا الفرض تستوجب حالة المريض الاستعجال في إنقاذه، وهذا الاستعجال هو الذي يترتب عليه فقدان المريض لإرادته في اختيار طبيبه باعتبارها من إحدى الحالات الاستثنائية التي ترد على إرادة المريض، مقابل هذا يلتزم الطبيب الذي تعرض عليه مثل هذه الحالات بانقاذ المريض، فهو أيضاً يفقد إرادته في اختيار مريضه(5). وهذا كثير الوقوع في الحالات التي يشاهد فيها الطبيب حادثة قد تؤدي إلى وفاة الشخص فيتدخل من تلقاء نفسه لإسعافه دون عقد بين الطبيب والمصاب. إذاً نستنتج مما تقدم، أنه لابد من توافر شروط معينة كي نكون أمام حالة استعجال باعتبارها أحد الاستثناءات التي ترد على حق المريض في اختيار طبيبه وهي:

الشرط الأول: أن لا تحتمل حالة المريض التأخير:

فهناك بعض الحالات المرضية التي لا تحتمل التأخير، إذ لكل ثانية فيها قيمة كبيرة، فالتدخل الطبي من قبل الطبيب يجب أن لا يتأخر وإلا ترتب على ذلك آثار سلبية على صحة المريض، كأن يتعرض المريض للموت أو تتعرض صحته لآثار جانبية ومضاعفات يتعذر علاجها بعد ذلك. وهذا ما حصل فعلاً في الواقع العملي في مستشفى الخنساء للولادة والأطفال في قضية(6). ملخصها أن إحدى المريضات أدخلت إلى صالة الولادة وفي حالة طارئة لأنها كانت تعاني من نزف رحمي شديد قبل الولادة، فضلاً عن وفاة الجنين داخل الرحم فأجريت لها وعلى الفور المداخلات الطبية المعتادة من أجل إنقاذ حياتها، والحفاظ على صحتها الانجابية مستقبلاً، وأجريت لها عملية قيصرية تم فيها إخراج الطفل ميتاً، ثم خرجت من المستشفى بحالة صحية متحسنة، إذ لم يكن بيد الكادر الطبي خيار آخر لأن بقاءها على هذا الحال أمر قد يؤدي بحياتها إلى الموت، كما لم يكن للمريضة الحرية والحق في اختيار طبيبها، إذ فرض عليها الكادر الطبي وذلك لتعذر التعبير عن إرادتها كون حالتها مستعجلة ولا تحتمل التأخير. إلا أن ذوي المريضة لم يقتنعوا بكون الحالة مستعجلة، ولا تحتمل التأخير، لذلك قدموا شكوى على الأطباء العاملين في مستشفى الخنساء، والذين أشرفوا على العملية، وتم تشكيل لجنة تحقيقية حول الموضوع، إلا أنه بعد الإطلاع على التقارير الطبية، وإفادات الأطباء تبين أن المريضة كانت تعاني من حالة خطرة نتيجة النزف الرحمي الشديد كونها حاملاً في الشهر التاسع ولم يتمكن الأطباء من ذوي الاختصاص من سماع نبض الجنين بجهاز (Sonicad) كونه الوسيلة المتوافرة للتأكد من موت الجنين، لذلك تم إرسالها إلى جهاز السونار، وثبت بموجبه أن الجنين ميت داخل الرحم، وحالتها لا تحتمل التأخير، فما قام به الأطباء كان بمحله، لذلك نرى أن رد شكوى ذوي المريضة كان جديراً بالثناء بدليل أن حالة المريضة لا تحتمل التأخير، وإلا ترتب على ذلك آثار سلبية على حياتها الآنية وصحتها الانجابية مستقبلاً، لذلك تم إجراء العملية القيصرية لها بأسرع ما يكون. إلا أن ذوي المريضة لم يقتنعوا برد الشكوى، بل أقاموا الدعوى أمام محكمة بداءة الموصل، ومازالت الدعوى منظورة أمام المحكمة المختصة ولم تحسم بعد.

الشرط الثاني: أن يكون المريض فاقداً لوعيه:

ان فقدان المريض لوعيه هو ما يجعله في حالة يتعذر عليه اختيار الطبيب الذي يعالجه ومن ثم يفرض الطبيب إرادته على مرضاه والحالات التي يفقد فيها المريض وعيه لاتعد ولا تحصى لكن لا يتسع لنا المقام لذكرها جميعا في هذا النطاق ،لكننا نروم ان نذكر بعض الحالات كي تتضح الفكرة في الأذهان كحالات التسمم بالمخدرات والمنومات والمهدئات، وحالات الغيبوبة الناتجة عن إصابات الرأس، ففي هذه الحالات يفقد المريض وعيه وهذا بدوره يفقده إرادته التي تمكنه من اختيار الطبيب المعالج لحالته. كما ويفقد المريض وعيه في حالة وفاة المخ التامة(7). أو الجزئية لأنه في حالة الوفاة التامة للمخ يفقد المصاب الوعي والحركة والقدرة على الكلام والسمع والبصر والتنفس فتتعطل الدورة الدموية والذاكرة، فيفقد المصاب وعيه وإرادته في اختيار من يعالجه وغالباً ما يموت المريض المصاب بوفاة المخ التام بعد مدة تتراوح بين أسبوع أو أسبوعين، أما في حالة وفاة المخ الجزئية والتي من شأنها أن تتلف الأجزاء العليا من المخ وخاصةً الأجزاء التي تتحكم باليقظة والسمع والبصر والإحساس والإدراك، فيدخل المريض في غيبوبة تمنعه من القدرة على الكلام والحركة وحتى الإحساس، إلا أن الدورة الدموية والتنفس يستمران في العمل لكن مع ذلك يفقد المريض إرادته في اختيار الطبيب الذي سيعالجه وحتى لو أفاق من غيبوبته هذه فانه يصبح فاقداً للإدراك والتمييز مما يتعذر عليه اختيار طبيبه المعالج.

الشرط الثالث: عدم توافر قريب أو مقرب برفقة المريض:

من المبادئ العامة التي تحكم العلاقة بين الطبيب والمريض هو أن يحترم الطبيب إرادة مريضه، وذلك بتبصيره، والحصول على رضاه، بأي عمل طبي يقوم به سواء أكان علاجياً أم جراحياً، لكن إذا كان المريض فاقداً لوعيه، فهذا لا يكفي لإعفاء الطبيب من التزامه هذا، بل عليه أن يحترم إرادة القريب من المريض، أو من برفقته، أي عليه تبصيرهم والحصول على رضاهم، لكن متى انعدم وجود الأخير أصبح ذلك استثناءً على الأصل، ومن ثم فسَّحَ المجال أمام الطبيب للقيام بالعمل الطبي الذي يروم القيام به متجاوزاً بل متجاهلاً لإرادة مريضه. إذاً لابد من توافر الشروط الثلاثة مجتمعة كي يحق للطبيب فرض إرادته على مرضاه، ومن ثم يفقد المريض حقه في اختيار طبيبه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المجال هو:

كيف تُكَيَّف العلاقة بين الطبيب والمصاب الصغير أو فاقد الوعي في مثل هذه الفروض؟! ذهب جانب من الفقه(8). إلى القول بأن طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض في الفرض السابق، لايمكن تأسيسها أو تكييفها إلا على أساس الفضالة، على اعتبار أن أول ركن من أركانها قائم الذي هو إرادة الفضولي في أن يتصرف لمصلحة رب العمل بغير علم هذا الأخير، أو موافقته ولحاجة ماسة، ولاشك أن ذلك واضح في قيام هذا الركن بالنسبة إلى الطبيب الذي يُّسخر جهوده وفنه في سبيل عودة المريض إلى وعيه، وإنقاذه من الخطر المحدق به؛ لأن المصاب ليس لديه القدرة على التعبير عن رضاه؛ وبمعنى آخر أن المصاب سواءً أكان قد شعر بتدخل الطبيب أم لا فان فعله هذا لا يخرج عن كونه فضالة. لكن مع تقديرنا لهذا الرأي فانه لا يمكن التعويل عليه، لأنه لو رجعنا إلى نص المادة (135) من القانون المدني العراقي والتي تنص على أنه: (1. من تصرف في ملك غيره بدون إذنه انعقد تصرفه موقوفاً على إذن المالك 2.. 3.. 4…) لوجدنا أنه من الصعوبة أن نعد تصرف الطبيب في الفرض السابق بمثابة تصرف الفضولي وذلك لسببين:

الأول: أن محل العقد الطبي هو جسم الإنسان والفارق واضح وجليّ بين محل العقد الطبي وغيره من العقود الأخرى والتي ترد في الغالب على أشياء مادية خاصةً وأن النص يقضي بـ (من تصرف بملك غيره) فان جسم الإنسان لا يدخل في نطاق الأشياء المادية.

الثاني: وفقاً لنص المادة (135) يكون العقد موقوفاً على إجازة المالك، إن أجازه نفذ، وإن لم يجزه بطل، لكن في نطاق العقد الطبي لا يمكن القول بذلك؛ لأن الطبيب لو أجرى عملية جراحية للمريض تحت ظروف الاستعجال –على سبيل المثال- وكان المريض فاقداً لوعيه ثم عاد إليه الوعي، فالوضع هنا سيكون خارجاً عن المألوف، إذ لا يمكن القول بأن المريض إذا أجاز العقد نفذ، وإن لم يجزه بطل خصوصاً وأن العملية قد تم إجراؤها بالكامل!! إذاً، فللخصوصية التي يمتاز بها العقد الطبي من غيره من العقود وللطابع الإنساني الذي تختص به مهنة الطب، كل هذا وذاك يقودنا إلى القول بعدم إمكانية تكييف العلاقة بين الطبيب والمصاب الصغير أو فاقد الوعي في حالة الاستعجال إلا على أساس القاعدة التي تقضي بأن الضرورات تبيح المحظورات(9). لأن الطبيب –وكأصل عام- لا يستطيع أن يمس بجسم الإنسان حتى لو كان ذلك لضرورة علاجية، مالم يحصل على رضاء المريض أو إذن من يمثله، ولكن لضرورة المحافظة على أرواح الناس وأجسادهم يمكن للطبيب المساس بجسم المرضى في الفروض التي قد تتعرض فيها أرواحهم إلى الخطر إن وقف الأطباء مكتوفي الأيدي. وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى بعض القرارات القضائية وقرارات اللجان التحقيقية المتعلقة بهذا الموضوع. فقد اصدرت محكمة بداءة كركوك قرارا في قضية تتلخص وقائعها بان احد المرضى كان مصاب بمغص حادا مصحوبا بأعراض الزائدة الدودية التي تستوجب التدخل السريع لاستئصالها، وعندما فتح الطبيب بطن المريض فوجئ بوجود كلية ملتهبة وتالفة وفي غير موضعها الطبيعي وكان  ذلك نتيجة عيب خلقي لم يعلم به المريض، فقام الطبيب باستئصالها حرصا على حياة المريض، الا ان المريض اتهم الطبيب بعد الشفاء بسرقة كليته فقضت المحكمة بالاتي: (عدم قيام مسؤولية الطبيب عن العمل الجراحي الذي قام به لوجود ما يبرره كون حالة المريض الصحية لا تحتمل التأخير)(10).. وفي واقعة اخرى تتلخص وقائعها بان احد الاشخاص دخل مستشفى نينوى الاهلي في الموصل وهو في حالة غيبوبة نتيجة اصابته بحادث دهس، فبعد اجراء الفحوصات اللازمة له قرر الأطباء إدخال المصاب الى صالة العمليات فوجد الطبيب الاختصاصي ضرورة بتر ابهام يده اليسرى لإصابته بالسرطان الخبيث وإذا تأخر عن ذلك قد يتطلب الأمر بتر ذراعه بالكامل، فقام الطبيب باجراء هذه العملية، إلاّ انه بعد إفاقة المريض واتصاله بذويه أقاموا الشكوى على الكادر الطبي الذي أجرى العملية على اعتبار انه لا ضرورة لاجرائها لانه قد أصاب المريض بهذا العمل بعاهة مستديمة ولم يقتنعوا بكون إن حالته مستعجلة لا تتحمل التأخير. وفي ضوء ذلك تم تشكيل لجنة تحقيقية حول الموضوع فأصدرت قرارها الآتي: (رد شكوى السيد (ع) لعدم ارتكاب الطبيب الجراح لاي خطأ طبي يستوجب محاسبته خاصة ان حالة المريض تقتضيها ضرورة عاجلة استنادا الى التقرير الطبي الذي اعده قبل اجراء العملية)(11). بهذا فان قرار اللجنة التحقيقية جاء موافقا لاحكام القانون في عدم اقامة المسؤولية على الطبيب ،لان المريض كان يعاني من حالة لا تتحمل التاخير وهي اصابة اصبعه بالسرطان الخبيث مع فقدانه للوعي، فضلا عن عدم وجود قريب او مقرب لاخذ رضاؤه في هذا النوع من العمل الطبي، فلم يكن بوسع الطبيب الاختصاصي الا القيام بالعملية الجراحية وذلك ببتر ابهام المريض خشية من انتقال المرض الى ذراعه بالكامل. كما حصل في واقعة أخرى أن إحدى السيدات كان قد أغمى عليها في الطرق العام، فنقلها أحد المارة الى مستشفى بن سينا التعليمي في الموصل وبعد اجراء الفحوصات الطبية اللازمة من قبل الأطباء الاختصاصيين داخل المستشفى تم تشخيص حالتها المرضية فوجد أنها مصابة بالتهاب الزائدة الدودية وتضخمها، فقرر الأطباء اجراء عملية لها باستئصالها، وتم بالفعل استئصال الزائدة الدودية، الا انها بعد ان أفاقت واتصلت بذويها أقاموا الشكوى على الطبيب الذي أجرى العملية على اعتبار انه قد قام بالعملية دون رضاء من المريضة ولم يقتنعوا بكون الحالة مستعجلة ولا تتحمل التأخير، فتم تشكيل لجنة تحقيقية حول الموضوع وقررت اللجنة القرار الآتي: (عدم النظر بشكوى السيد (س) وذلك كون حالة المريضة لا تتحمل التأخير وما قام به الكادر الطبي هو عين الصواب خاصة وان المريضة تعاني من حالة صحية خطرة مع إغماء، فضلا عن عدم وجود من يمثلها كي تؤخذ موافقته على العملية)(12). من هذا نجد أن قرار اللجنة التحقيقية كان صائب من الناحية القانونية في رد شكوى ذوي المريضة لانها لو تركت المريضة دون اجراء هذه العملية لكانت النتائج سلبية حتما خاصة ان حالتها لا تتحمل التأخير. كما قضت محكمة استئناف باريس في قضية(13). ملخصها أن مريضة كانت تشكو من آلام شديدة في منطقة الحوض جعلتها تعزف عن مزاولة عملها فاضطرت الى دخول المستشفى وبقيت تحت الملاحظة مدة اثني عشر يوما وكانت نتيجة الفحص هي إصابتها بانقلاب في الرحم فأجريت لها عملية جراحية على هذا الأساس، لكن أثناء الجراحة اتضح للطبيب الجراح أن المبيضين مصابان بأورام خطيرة تقتضي إزالتهما حتما فاضطر الطبيب الى أن يجري لها عملية الاستئصال، لكن بعد أن فاقت المريضة وعلمت بطبيعة العملية رفعت الدعوى على الطبيب تطالبه بالتعويض على اعتبار انه قد أجرى العملية بغير رضاء منها ولا من زوجها كما أنها ادعت بأنه لم توجد ضرورة لاجراء هذه العملية خاصة وأنها أفقدتها الأمل في أن تكون اما في المستقبل. إلا أن المحكمة وجدت أن الطبيب الذي أجرى العملية له من المقام العلمي ما يسمح بالاطمئنان إلى تقريره في لزوم الجراحة التي أجراها والهدف الأساسي من اجرائها هو مصلحة المريضة لا غير. كما أقر هذه العملية عدد كبير من الأطباء على اعتبار أن الأورام السرطانية في المبايض من الأمراض الخطيرة التي تؤدي إلى الموت ويجب إزالتها حال التحقق من وجودها، ونجاح العملية  يتوقف على سرعة إجرائها ولذلك قررت المحكمة رفض دعوى السيدة ضد الطبيب الجراح الذي أجرى لها العملية تحت ظرف الاستعجال.

ثالثا - حـالات أخـرى

فضلاً عما ذكر آنفاً هناك حالات أخرى يفقد بموجبها المريض حقه وحريته في اختيار الطبيب الذي يعالج حالته، إذ تفرض إرادة الطبيب على مثل هؤلاء المرضى وهذا يتمثل في حالة الأشخاص المصابين بأمراض خطرة ومعدية في الوقت نفسه كحالة المصاب بمرض الايدز على سبيل المثال أو مرض الجدري، أو مرض التدرن الرئوي ، أو مرض الملاريا، أو غيرها من الأمراض الأخرى المعدية ذات الخطورة البالغة على صحة المجتمع بأكمله، اذ يتم في الغالب ايداعهم في المصحات الخاصة بهذا الشأن، وهذه المصحات عادة فيها أطباء ذوو اختصاص وكفاءة في معالجة هذه الأمراض، وبمجرد ايداع هؤلاء الأشخاص في هذه المصحات يفقدون حريتهم في اختيار الطبيب المعالج لأنهم يخضعون لمعاينة وتشخيص وعلاج الأطباء التابعين لهذه المصحات. لكن هل يعني فقدان هؤلاء المرضى لحقهم في اختيار الطبيب المعالج فقدانهم لاختيار طريقة العلاج ونوعه أيضاً ؟! ان ايداع الأشخاص المصابين بأمراض خطرة ومعدية في المصحات المحددة لهذا الشأن وان كان يفقدهم حقهم في اختيار الطبيب المعالج إلا أنهم يتمتعون بحرية نسبية في الفروض التي تتعدد فيها أنواع العلاجات التي تتطلبها حالتهم، إذ بامكان طبيب المصحة أن يخيرهم بين العلاجات المتعددة الأنواع والمشتركة الأهداف كلما كان ذلك ممكناً. أما عن موقف المشرع العراقي والقوانين محل المقارنة بهذا الخصوص فانها أقرت وكمبدأ عام حق المريض في اختيار الطبيب الذي يعالجه(14). دون الإشارة إلى حالة الأشخاص المصابين بأمراض خطرة ومعدية والمودعين في المصحات الخاصة بهذا الشأن بوصفها أحد الاستثناءات التي ترد على حرية المريض في اختيار طبيبه. كما ويفقد المريض حقه وحريته في اختيار طبيبه الذي يعالجه في الفروض التي يكون فيها مضطرباً عقلياً، فمثل هؤلاء المرضى يكونون مشلولي الإرادة والإدراك فيقوم ذووهم بايداعهم لدى المصحات الخاصة بذلك فيفقدون حقهم وحريتهم في اختيار الطبيب المعالج إذ يقوم الأطباء التابعون لهذه المصحة بعلاج حالة هؤلاء المرضى ومتابعتها. أما عن موقف المشرع العراقي والقوانين محل المقارنة بهذا الخصوص، فلم تشر إلى هذه الحالة باعتبارها من الاستثناءات الواردة على حرية المريض في اختيار طبيبه. ويفقد المريض حقه وحريته في اختيار طبيبه عندما يكون من نزلاء السجن والموقوفين وتستوجب حالتهم الصحية مراجعة الأطباء لأغراض علاجية، إذ أنه يخضع لمعاينة وفحص الطبيب التابع للسجن أو المؤسسة الموقوف فيها، فلا يتمتع بحق اختيار طبيبه، فبلا شك يعد من حق هؤلاء الأشخاص التمتع بكل حقوق الرعاية الصحية وبنفس المستوى الذي يتمتع به المواطنون الآخرون، فمتى شعر النزيل بآلام تهدد صحته له الحق بأن يعرض حالته على الطبيب المختص والتابع للمؤسسة، فالمريض بهذه الحالة يتمتع بحق المحافظة على صحته داخل المؤسسة أو السجن، إلا أنه يفقد حقه في اختيار الطبيب المعالج، لكن هذا لا يفقده حق الخيار بين أنواع العلاجات وطرقها المختلفة كلما كان ذلك ممكناً. وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الفروض لا يتمتع السجناء والموقوفون بحق الخيار في تناول العلاج أو عدم تناوله عند ثبوت مرضه حيث يفرض عليه جبراً، لأن ذلك يتعلق بالحفاظ على الوضع الصحي داخل المؤسسة الإصلاحية منعاً من انتشار المرض والعدوى إلى بقية المحكوم عليهم(15). أما عن موقف المشرع العراقي والقوانين محل المقارنة بهذا الخصوص، فلم تشر إلى هذه الحالة باعتبارها من الاستثناءات الواردة على حرية المريض في اختيار مرضاه باستثناء المشرع اللبناني الذي انفرد وحده بالإشارة إلى حق السجين في قبول العلاج أو رفضه وذلك في المادة (27) فقرة (5) منه والتي نصت على ما يأتي: (5. ……… يحق للسجين قبول العلاج أو رفضه إذا كان ذلك لا يعرضه للخطر حسب تقرير الطبيب). وحسناً قد فعل المشرع اللبناني بايراده هذا النص، فصحيح أن السجين يفقد حقه وحريته في اختيار الطبيب المعالج إلا أنه يبقى محتفظاً بحقه في قبول العلاج أو رفضه متى كان ذلك ممكناً ولا يعرض صحته للمخاطر وهذا كله يتوقف على تقرير الطبيب المعالج. وتجدر الإشارة الى حالة أخرى يفقد بموجبها المريض حقه في اختيار الطبيب المعالج، وهذه الحالة لا يمكن تصورها الا في الإصابات التي تقع على أحد أعضاء الفريق الرياضي عند أدائه لعبة رياضية. فبعد أن أصبحت الرياضة حرفة يزاولها عدد من الأفراد أصبح عمل الطبيب الرياضي مرتبطا بحرفتين هما الطب والرياضة، وهذا يفرض عليه مراعاة القواعد العامة لمهنة الطب، فضلا عن القواعد الخاصة لمهنته كطبيب رياضي(16).وغالبا ما تتعاقد الاتحادات والأندية الرياضية مع الأطباء من أجل معالجة لاعبيها من الإصابات التي قد تقع أثناء تأديتهم للعبة الرياضية فيفقد هؤلاء اللاعبين حقهم وحريتهم في اختيار الطبيب المعالج، بل أكثر من ذلك فانهم يفقدون أيضاً وفي أغلب الأحوال حريتهم في اختيار طريقة العلاج المناسبة للإصابة أثناء اللعبة. وهذه الحالة على ما تبدو من قبيل الاستثناءات التي ترد على حرية المريض في اختيار طبيبه والتي لم تنل حظا بالتنظيم القانوني سواءاً لدى المشرع العراقي أو لدى التشريعات محل المقارنة.

__________________________

[1]- د. أحمد شرف الدين، مسؤولية الطبيب، ذات السلاسل للطباعة والنشر، الكويت، 1986، ص18؛ وبنفس المعنى: د. محمد حسين منصور، المصدر السابق، ص79.

2- صدر القرار في 3/7/1969، أشار إليه:

- د. محمد لبيب شنب، نظرة في مسؤولية الأطباء عن الأشياء التي في حراستهم، مجلة المحامي، السنة 5، الأعداد 7-9، 1980، ص134.

3- مقابلة مع كل من الدكتور عبدالله أحمد الرحو، والدكتور عبد الهادي صالح، والدكتور محمد يونس سليمان، والدكتور علي عدنان الزبيدي في يوم 20/12/2003.

4-Dr. Fabienne Majzoub, La responsabilite du service public hospitalier, Paris, 2000, P.585.

5- بخصوص موقف القوانين المقارنة من هذا الاستثناء، يراجع: ص (58-61) من الأطروحة.

6- قرار أصدرته اللجنة التحقيقية في مستشفى الخنساء التعليمي للولادة والأطفال بموجب الأمر الإداري ذي العدد 815 في 10/12/2003.

7- ينظر تفصيلاً: أ.د. مروك نصر الدين، الإنعاش الصناعي والمسؤولية الطبية، بحث منشور في المجلة القضائية الجزائرية، العدد 1، 1998، ص32.

8- د. حسن زكي الابراشي، المصدر السابق، ص69 ؛ د. أحمد شرف الدين، مسؤولية الطبيب، المصدر السابق، ص18.

9- ينظر: نص المادة (212/ ف1) من القانون المدني العراقي.

0[1]- رقم القرار (2209) صدر في 28/7/2002 غير منشور.

1[1]- قرار أصدرته اللجنة التحقيقية في مستشفى نينوى الأهلي في 16/9/2003.

2[1]- قرار اصدرته اللجنة التحقيقية في مستشفى بن سينا التعليمي في الموصل بموجب الأمر الإداري ذي العدد 403 في 22/11/2003.

3[1]- أشار اليه: عبد الرحمن الطحان، المصدر السابق، ص338 وما بعدها.

4[1]- ينظر: ص (69-75) من الأطروحة.

5[1]- أ. سعد صالح شكطي، حقوق النزلاء والمودعين في المؤسسات الإصلاحية، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، المجلد 1، العدد 17، السنة 8، 2003، ص158.

6[1]- د. محمد سليمان الأحمد، المسؤولية عن الخطأ التنظيمي في إدارة المنافسات الرياضية، ط1، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 2002، ص191.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .