أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-01
397
التاريخ: 1-7-2019
1585
التاريخ: 29-3-2016
6369
التاريخ: 26-4-2017
3574
|
تقسم الجرائم تقليديا من حيث جسامتها الى ثلاثة أنواع هي : الجنايات والجنح والمخالفات. فيها الجنايات اكبر جسامة من الجنح وهذه اكبر جسامة من المخالفات. ويكون نوع العقوبة (الأصلية) المقررة قانونا للجريمة او مقدارها بحدها الاقصى هو الذي يلجأ إليه لمعرفة نوع تلك الجريمة من حيث جسامتها. ولذلك قيل ان الجنايات (CRIMES) هي الجرائم المعاقب بعقوبة عليها قانونا بعقوبة جنائية، والجنح (DELITS) هي المعاقب عليها بعقوبة من عقوبات الجنح، والمخالفات (CONTRA VANTION) هي الجرائم المعاقب من عقوبات المخالفات. أي ان جسامة الجريمة تقاس لمعرفة نوعها من حيث جسامتها بمقدار جسامة العقوبة المقررة لها في القانون (1). ويعتبر هذا التقسيم للجرائم من أهم التقسيمات حيث يتخذ اساسا لتطبيق عدد وفير من احكام القانون الموضوعية منها والشكلية. ولذلك أخذت به غالبية قوانين العقوبات الحديثة منها الفرنسي والسويسري (2). والقوانين الحربية ومنها قانون العقوبات العراقي. فقد قسم قانون العقوبات العراقي الجرائم من حيث جسامتها الى ثلاثة أنواع هي : الجنايات والجنح والمخالفات حيث نص في المادة (23) بان : (الجرائم من حيث جسامتها ثلاثة أنواع : الجنايات الجنح والمخالفات). وعرف في المادة (25) الجناية بقوله : (الجناية هي الجريمة المعاقب عليها باحدى العقوبات التالية : (الاعدام – السجن المؤبد – السجن اكثر من خمس سنوات الى خمس عشرة سنة). وعرف المادة (26) الجنحة بقوله : (الجنحة هي الجريمة المعاقب عليها باحدى العقوبتين التاليتين : الحبس الشديد او البسيط اكثر من ثلاثة اشهر الى خمس سنوات. الغرامة، وعرف في المادة (27) المخالفة بقوله : (المخالفة هي الجريمة المعاقب عليها باحدى العقوبتين التاليتين : الحبس البسيط لمدة من اربع وعشرين ساعة الى ثلاثة اشهر، الغرامة التي لا تزيد مقدارها على ثلاثين دينارا). وهكذا يظهر لنا ان قانون العقوبات العراقي اخذ بالتقسيم الثلاثي لبيان أنواع الجرائم من حيث جسامتها وجعل معيار التمييز بين أنواع الجرائم هي العقوبة المقررة للجريمة في القانون أي العقوبة كما نص عليها القانون بحدها الاقصى لا كما تحكم بها المحكمة. فاذا كان القانون ينص على انه عقوبة الجريمة هي الإعدام او السجن المؤبد او المؤقت فالجريمة جناية واذا كان ينص على ان عقوبتها الحبس عندئذ ينظر الى مدته فان كان حده الاقصى ثلاثة اشهر او اقل فالجريمة مخالفة وان كان مقدارها حده الاقصى اكثر من ثلاثة اشهر فالجريمة جنحة. اما اذا كانت العقوبة هي الغرامة فينظر الى مقدارها. فان كان مقدارها بحدها الاقصى ثلاثين دينارا او اقل فالجريمة مخالفة وان زاد على ذلك فالجريمة جنحة كل ذلك ملاحظا فيه العقوبة كما نص عليها في القانون لا كما حكمت بها المحكمة. فاذا اجتمع في عقوبة جريمة ما الحبس والغرامة فيحدد نوع الجريمة بمقدار عقوبة الحبس المقرر لها في القانون. اما اذا قرر القانون لجريمة عقوبتين سالبتين للحرية فان نوع الجريمة يحدد بنوع العقوبة الاشد المقررة قانونا للجريمة (3). ولا يهم بعد ذلك التسمية التي يطلقها القانون على الفعل المعاقب عليه اذا تعارضت تلك التسمية مع هذه المعايير. اذ العبرة بالمعيار لا بالتسمية لتحديد نوع الجريمة من حيث جسامتها فلو سمى القانون جريمة ما جنحة او مخالفة وعاقب عليها بالاعدام أو السجن المؤبد او المؤقت فهي جناية رغم تلك التسمية. صعوبات تعترض معيار التمييز
قد تعترض المعيار الذي وضعه القانون للتمييز بين الجنايات والجنح والمخالفات بعض الصعوبات أثناء التطبيق بالرغم من بساطته وسهولة تطبيقه منها :
1.حالة يقرر القانون عقوبتين لجريمة واحدة :
ويترك للقاضي خيار الحكم باحداهما على الجاني وقد تكون احدى هاتين العقوبتين مختلفة عن الأخرى في النوع، فما هو نوع الجريمة يا ترى؟ لقد فطن واضع قانون العقوبات العراقي لهذه المسالة فبين حكمها في المادة (23) منه حيث قال (........ ويحدد نوع الجريمة بنوع الجريمة العقوبة الاشد المقرر لها في القانون). مما يترتب عليه انه اذا نص القانون على ع قوبتين لجريمة واحدة احداهما جنحة والاخرى مخالفة وترك الخيار للقاضي بالحكم باحداهما فتعتبر الجريمة دائما جنحة سواء حكم القاضي بعقوبة الجنحة او بعقوبة المخالفة (4).
2.حالة تخفيف العقوبة لعذر او ظرف مخفف :
قد يكون الفعل، في الاصل، معاقبا عليه بعقوبة الجناية ولكن القاضي يعاقب الجنحة لقيام (عذر قانوني مخفف) EXCUSE ATTEUANTE كحالة تجاوز الزوج زوجته في حالة التلبس بالزنا، او لقيام ظرف قضائي مخفف كحالة تجاوز حدود الدفاع الشرعي الذي يؤدي الى القتل العمد فهل اذا فعل القاضي ذلك يتغير نوع الجريمة من جناية الى جنحة ام ان الجريمة تبقى محتفظة بنوعيتها الأولى (الجناية)؟ من المتفق عليه هو عدم تأثير الاعذار القانونية او الظروف القضائية المخففة على الاختصاص، ذلك ان وجود العذر القانوني او الظرف القضائي المخفف او عدم وجود امر يرجع تقديره الى القاضي أثناء نظر القضية مما يجعل مسألة الاختصاص سابقة من الناحية الزمنية لبحث مسألة وجود العذر القانوني او الظرف القضائي المخفف من عدمه. مما يعني ان القضية يجب ان ترفع أولا أمام قضائها المختص دون النظر او الاهتمام في مسألة وجود العذر او الظروف المخفف من عدمه، وبخلاف مسألة الاختصاص المتفق عليها ذهب الكتاب في الاجابة عن السؤال المتقدم الى ثلاثة اراء هي :
أ – الراي الأول :
ويرى اصحابه ان الجناية تصبح جنحة بمجرد ان توقع على مرتكبها عقوبة الجنحة سواء كان ذلك يرجع لقيام عذر قانوني او ظرف قضائي مخفف حيث لم يفرقوا بين العذر القانوني والظرف القضائي المخفف ويجعلون كلا منهما يؤثر في نوعية الجريمة من حيث جسامتها ما دام قد اخذ به القاضي وطبقه (5).
ب – الراي الثاني :
ويرى اصحابه وجوب التمييز، في هذه الحالة، والتفرقة بين الاعذار القانونية والظروف القضائية المخففة. ففي حالة تخفيف العقوبة بسبب عذر قانوني من عقوبة جناية الى عقوبة جنحة يرون ان وصف الجريمة يتغير أيضاً تبعا لذلك فتصبح الجريمة جنحة بعد ان كانت جناية وبعكس ذلك في حالة تخفيف العقوبة بسبب ظرف قضائي مخفف فان الجريمة تبقى محتفظة بنوعيتها الأولى (جناية مثلا) حتى ولو حكم القاضي، بسبب الظرف القضائي المخفف بعقوبة الجنحة. ويعللون ذلك بقولهم : ان القاضي في العذر القانوني مجبر على التخفيف بحكم القانون لنص القانون عليه واجبار القاضي على الأخذ به والتخفيف بموجبه اما في الظرف القضائي المخفف فان للقاضي حرية الأخذ به وتخفيف العقوبة بسببه او عدم الأخذ به ولذلك فتاثيره غير مؤكد ولا ملزم.
جـ - الراي الثالث :
ويرى اصحابه ان الاعذار القانونية وكذلك الظروف القضائية المخففة جميعا لا تؤثر في وصف الجريمة عندما تتغير عقوبة الجريمة من نوعية والظروف القضائية المخففة. ففي حالة تخفيف العقوبة بسبب عذر قانوني من عقوبة جنائية الى عقوبة جنحة يرون ان وصف الجريمة يتغير أيضاً تبعا لذلك فتصبح الجريمة جنحة بعد ان كانت جناية وبعكس ذلك في حالة تخفيف العقوبة بسبب ظرف قضائي مخفف فان الجريمة تبقى محتفظة بنوعيتها الأولى (جناية مثلا) حتى ولو حكم القاضي، بسبب الظرف القضائي المخفف بعقوبة الجنحة. ويعللون ذلك بقولهم : ان القاضي في العذر القانوني مجبر على التخفيف بحكم القانون لنص القانون عليه واجبار القاضي على الأخذ به والتخفيف بموجبه اما في الظرف القضائي المخفف فان للقاضي حرية الأخذ به وتخفيف العقوبة بسببه او عدم الأخذ به ولذلك فتأثيره غير مؤكد ولا ملزم (6).
جـ - الرأي الثالث :
ويرى اصحابه ان الاعذار القانونية وكذلك الظروف القضائية المخففة جميعا لا تؤثر في وصف الجريمة عندما تتغير عقوبة الجريمة من نوعية الى نوعية أخرى نتيجة وجودها. مما يترتب عليه ان الجريمة تبقى جناية حتى ولو خفضت عقوبتها الى عقوبة الجنحة نتيجة وجود عذر قانوني او ظرف قضائي مخفف (7). حيث يرون ان الاعذار القانونية والظروف القضائية المخففة انما تقرر بالنظر الى شخص الجاني ولا علاقة لها بذات الجريمة.
لقد اخذ بهذا الراي القضاء الفرنسي وكذلك قانون العقوبات العراقي.
حيث جاءت المادة (24) منه تقول : (لا يتغير نوع الجريمة اذا استبدلت المحكمة بالعقوبة المقررة لها عقوبة من نوع اخف سواء كان ذلك لعذر مخفف ام لظرف قضائي مخفف ما لم ينص القانون على غير ذلك). ونحن نفضل الراي الثاني لانه في اعتقادنا الأقرب الى المنطق القانوني السليم.
1. حالة تشديد العقوبة لظرف مشدد :
قد تشدد عقوبة الجريمة بسبب اقترانها بظرف مشدد وقد يؤدي هذا التشديد الى الارتفاع بالعقوبة من عقوبة الجنحة الى عقوبة الجناية فهل ذلك يؤدي الى تغير نوع الجريمة من جنحة الى جناية أيضاً؟ لم يتضمن قانون العقوبات العراقي نصا يبين حكم هذه المسالة. وللاجابة عنها لابد من التمييز بين حالتين :
أ – حالة اقتران الجريمة بظرف قانوني مشدد، وهو الظرف الذي نص عليه القانون وحدده وأوجب تشديد العقوبة عند تحققه، كظرف الاكراه في السرقة. في هذه الحالة من المتفق عليه ان الجريمة يتغير نوعها الى النوع الذي يتناسب مع العقوبة المشددة التي يفرضها القانون بسبب اقتران الجريمة بالظرف المشدد. فجريمة السرقة البسيطة تعتبر جنحة لان عقوبتها كما نص عليها القانون هي الحبس (8)، فان اقترن بها ظرف الاكراه المشدد، تكون عقوبتها السجن مدة لا تزيد عن خمسة عشرة سنة (المادة 442) وعندئذ تصبح جريمة السرقة بإكراه جناية. وسبب ذلك هو أنه لما كان نوع الجريمة من حيث جسامتها انما يحدد بحسب نوع العقوبة المقررة في القانون للجريمة. وحيث انه في حالة الظرف القانوني المشدد نص القانون على وجوب تشديد العقوبة بل وحدد العقوبة المشددة هذه في النص لذلك فان العقوبة المقررة للجريمة المقترنة بظرف قانوني مشدد هي المعيار الذي يحدد نوعية هذه الجريمة من حيث جسامتها.
ب – حالة اقتران الجريمة بظرف قضائي مشدد، وهو الظرف الذي يترك القانون فيه امر تشديد العقوبة الى حرية القاضي واختياره كظرف العود. وفي هذه الحالة، الراي الراجح، هو ان الجريمة تبقى محتفظة بنوعيتها من حيث جسامتها حتى ولو شدد القاضي عقوبتها فارتفع بها الى عقوبة من نوعية أخرى فلو ارتكب المجرم العائد جريمة جنحة ونظرا لذلك حكمت عليه المحكمة بعقوبة جناية فان الجريمة تبقى جنحة ذلك؛ لان عقوبة الجناية هذه جاءت استنادا الى قضاء المحكمة لا امر القانون حيث ان القانون لم يأمر انما منح القاضي حرية الوصول اليها من عدمه.
2. حالة ينص القانون على ان العقوبة هي الغرامة دون ان يحدد حدها الاقصى في هذه الحالة تعتبر الجريمة جنحة. ذلك لان عقوبة الغرامة خاصة بالجنح والمخالفات، ولما كان القانون هنا لم يحدد حدها الاقصى فهذا يعني ان القاضي يستطيع الارتفاع بها الى اكثر من ثلاثين دينارا وهو عقوبة الغرامة بالنسبة للمخالفات أي الوصول بها الى حد الجنحة.
3.حالة ان يرتكب الجاني شروعا في جناية او جنحة من دراسة نص المادة (31) من قانون العقوبات العراقي الخاصة ببيان عقوبة الشروع في الجريمة يتبين لنا ان عقوبة الشروع في اغلب الجرائم من جنايات وجنح هي نصف عقوبة الجريمة التامة مما يعني انه قد يكون الشروع في بعض الجنايات جنحة والشروع في بعض الجنح مخالفة وذلك فيما اذا كان العقوبة الخاصة بالشروع في الجريمة المرتكبة تطبيقا لنص المادة (31) عقوبات عراقي قد نزلت من عقوبة جناية الى عقوبة جنحة او من عقوبة جنحة الى عقوبة مخالفة.
أهمية التقسيم الثلاثي :
يعد التقسيم الثلاثي، اهم تقسيم للجرائم، اذ يجعله الشارع اساسا للغالب من احكام قانوني العقوبات واصول المحاكمات الجزائية (الإجراءات الجنائية) :
فمن حيث قانون الاجراءات : تظهر في تقدير الشارع ان الجنايات تتطلب اجراءات تحقيق ومحاكمة تحيط بها الضمانات اكثر من غيرها. ويظهر ذلك في الأمور التالية :
أ – من حيث الاختصاص والاجرءات : ينظم قانون أصول المحاكمات الجزائية اختصاص المحاكم في نظم الجرائم. فيجعل الجنايات الخطيرة من اختصاص المحاكم الكبرى، بينما يجعل بقية الجنايات والجنح والمخالفات خاضعة لمحاكم الجزاء الأخرى. مما يترتب عليه ان على قاضي التحقيق مراعاة ذلك عند احالته القضايا على محاكم الجزاء المختصة لاجراء المحاكمة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى ان الاجراءات التي تتبع في المرافعات تختلف باختلاف ما اذا كانت الجريمة جناية ام جنحة ام مخالفة (9).
ب – من حيث التقادم : فان مدة التقادم في الجنايات تختلف عنها في الجنح وكذلك في المخالفات.
ومن حيث قانون العقوبات : تظهر في تقدير الشارع ان بعض القواعد القانونية لا تلاءم غير الجرائم الجسيمة وبذلك يقتصر نطاقها على الجنايات فقط او على الجنايات والجنح دون المخالفات. ويظهر ذلك في الأمور التالية :
أ – من حيث احكام الشروع : حيث لا تطبق احكام الشروع، في قانون العقوبات العراقي، الا على الجنايات والجنح فقط. اما المخالفات فلا شروع فيها وبالتالي لا عقاب على ذلك في القانون المذكور.
ب – من حيث تطبيق احكام العود : ان احكام العود في قانون العقوبات العراقي تطبق في الجنايات والجنح دون المخالفات (10).
جـ - من حيث جواز الحكم بالمصادرة : لا تجوز مصادرة الأشياء التي استعملت في ارتكاب مخالفة او المتحصلة منها مخالفة او المتحصلة منها وبخلاف ذلك في الجنايات والجنح حيث يجوز للمحكمة ذلك. ومع ذلك فان الحكم بالمصادرة واجب على القاضي ان يقضي به سواء في الجنايات او الجنح او المخالفات في حالة ما اذا كانت الأشياء موضوع المصادرة مما يعد صنعها او استعمالها او حيازتها او بيعها او عرضها للبيع جريمة في ذاته (11).
د – من حيث جواز الحكم بالمراقبة : يجوز او يجب، حسب الظروف، للمحكمة عند الحكم في جناية او جنحة وبشروط معينة ان تقضي بوضع المحكوم عليه بعد استيفائه للعقوبة المحكوم بها تحت مراقبة الشرطة بينما لا يجوز ذلك في المخالفات (12).
هـ - من حيث تطبيق القانون على ما يرتكبه الوطني في الخارج : حيث اخضع قانون العقوبات العراقي لسلطانه العراقي الذي يرتكب جناية او جنحة في الخارج ويعود الى العراق دون الحكم عليه بسببها دون المخالفات (13).
نقد التقسيم الثلاثي :
لقد واجه التقسيم الثلاثي للجرائم من حيث جسامتها الى جنايات وجنح ومخالفات نقدا شديدا منذ اوائل القرن التاسع عشر مما دفع منذ منتصف القرن المذكور بعض المشرعين الى العدول على الأخذ به (14). ومما قيل في نقده :
1.انه ليس منطقيا :
ذلك لان المنطق يقتضي ان تكون العقوبة من حيث جسامتها ومقدارها هي التي تتبع نوع الجريمة، لا كما هو قائم في التقسيم الثلاثي حيث يرتب هذا التقسيم نوع الجريمة، على العقوبة بالنظر الى طبيعتها ومقدارها.
2.انه تعسفي لا يستند الى أساس علمي :
ذلك لانه قد يؤدي في كثير من الاحيان، الى ان يضع في فئات مختلفة جرائم متحدة في طبيعتها، لاتحاد الفعل الأساس فيها، فالفعل الأساس في السرقة مثلا هو الاختلاس وهو واحد دائما جميع أنواع السرقة غير ان السرقة، حسب التقسيم الثلاثي، قد تكون جنائية فيما اذا احاطت بفعل الاختلاس بعض الظروف الإضافية كالإكراه مثلا وقد تكون جنحة فيما اذا تجرد فعل الاختلاس من مثل هذه الظروف. وقد يؤدي التقسيم الثلاثي الى عكس ذلك. أي الى ان يضع في نفس الفئة جرائم مختلفة في طبيعتها فالقتل الخطأ والسرقة البسيطة ينتميان الى فئة الجنح بالرغم من التباين القائم بينهما. في ضوء هذه الانتقادات للتقسيم الثلاثي للجرائم فصل بعض كتاب المدرسة التقليدية الجديدة وخاصة الكتاب (روسي) ROSSI الأخذ بفكرة التقسيم الثنائي LASSIFICATION BIPARTIE أي تقسيم الجرائم من حيث جسامتها الى فئتين فقط هما الجنح والمخالفات. وتضم فئة الجنح كافة الجرائم التي اوحت بها نية اجرامية وأعني (الجرائم العمدية) كالقتل العمد والسرقة والتزوير في حين تشمل فئة (المخالفات) كافة الجرائم التي تقم من غير نية اجرامية، وأعني الجرائم غير العمدية كالقتل الخطأ والايذاء الخطأ والحريق الخطأ. وهكذا يكون معيار التمييز في هذا التقسيم هو قيام النية الاجرامية – أي عنصر العمد – وليس العقوبة كما هو الحال في التقسيم الثلاثي. وقد لاقت فكرة التقسيم الثنائي هذه اقبالا لدى عدد من التشريعات الجنائية فقد اخذ بها قانون العقوبات الهولندي لعام 1881 والايطالي لعام 1889 والنرويجي لعام 1902 والايطالي الحديث الصادر عام 1930 (15). ومع ذلك فان فكرة التقسيم الثنائي، وان بدت افضل من فكرة التقسيم الثلاثي من الناحية النظرية فهي من الناحية العملية قد تثير بعض الصعوبات منها :
أ – ان فكرة التقسيم الثنائي لا تتلاءم مع تنظيم القضاء الجنائي الذي هو قائم على أساس التقسيم الثلاثي. مما حمل المشرع الايطالي للتوفيق بين ذلك على ان يميز في الجنح بين ذات الخطورة الخاصة ويجعلها من اختصاص محاكم الجنايات وبين الجنح العادية ويجعلها من اختصاص محاكم الجنح.
ب – ان فكرة التقسيم الثنائي تؤدي الى وضع جرائم لا تناسب بينها من حيث الخطورة او الجسامة في فئة واحدة : فما دام معيار التمييز فيه هو عنصر العمد. فجريمة القتل الخطأ وهي جريمة غير عمدية تدخل في فئة واحدة مع جرائم المخالفات غير العمدية بالرغم مما هو قائم بين الاثنين من اختلاف في الجسامة والخطورة. وجريمة السرقة الطفيفة وجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار تدخل في فئة واحدة هي فئة الجرائم العمدية بالرغم مما بين الاثنين من تباين من حيث الخطورة والجسامة أيضاً.
________________________________
1-انظر الدكتور علي حسين الخلف، الوسيط، ص274.
2-انظر دونديه ديفاير، ص192 ن 150 – بوزا، ن127 ص143 – فيدا ومانيول ج1 ن69 و70 ص87 – جارسون مادة أولى ن 31.
3-انظر المادة (23) عقوبات عراقي.
4-ومما لابد من الاشارة إليه ان القانون الفرنسي جاء خاليا من نص يبين حكم هذه المسالة لذلك ظهرت اراء في حكمها كان ارجحها في رأينا هو المطالب لراي المادة (23) عقوبات عراقي.
5-ومن هذا الراي هوس، المرجع السابق ج2 ن 1030 – على زكي العرابي، شرح قانون العقوبات القسم العام ص135
6-ومن هذا الراي، جارو، المرجع السابق، ج1 ن 107 ص223 وج2 ن832 – فيدال ومانيول ج1 ن 63 ص49 – جندي عبدالملك ج3 ن19 ص18 – الدكتور علي احمد راشد، ن 207 ص 166، الدكتور محمود نجيب حسني المرجع السابق ن 46 ص56.
7-انظر في تقدير هذه الآراء، كتابنا، الوسيط ص286.
291
8-انظر المادة (446) من قانون العقوبات العراقي.
9-انظر النصوص الخاصة بالتحقيق والمحاكمة في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
10-انظر المادة 139 من قانون العقوبات العراقي.
11-انظر المادة (101) عقوبات عراقي.
12-انظر المادة (99) و(108) من قانون العقوبات العراقي.
13-انظر المادة (10و12) من قانون العقوبات العراقي.
14-انظر قانون العقوبات الايطالي (القديم) الصادر 1889.
15-انظر فيدال ومانيول ج1 ن74 مكرر ص93 – شيرون وبدوي ن 35 ص83.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|