المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
اية الميثاق والشهادة لعلي بالولاية
2024-11-06
اية الكرسي
2024-11-06
اية الدلالة على الربوبية
2024-11-06
ما هو تفسير : اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ؟
2024-11-06
انما ارسناك بشيرا ونذيرا
2024-11-06
العلاقات الاجتماعية الخاصة / علاقة الوالدين بأولادهم
2024-11-06

سيكلامن Cyclamen sp.
24-12-2020
معنى كلمة زور
12-5-2022
المناخ وتأثيره على الزراعة
2024-07-14
المشترك اللفظي (اسباب المشترك اللفظي عند المحدثين)
15-8-2017
الناظم الحيوي المهزوز Bactogen
3-7-2017
استراتيجـية تـسويـق بـوالص التـأميـن عـلى الحـيـاة
16/9/2022


القواعد العقابية السلبية ذات الصلة بحماية حق الإنسان في التكامل الجسدي  
  
5338   09:30 صباحاً   التاريخ: 24-3-2016
المؤلف : حسين عبد الصاحب عبدة الكريم الربيعي
الكتاب أو المصدر : جرائم الاعتداء على حق الانسان في التكامل الجسدي
الجزء والصفحة : ص144-174
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون العقوبات / قانون العقوبات العام /

إن القانون يميز بين حالتين هما حالة التجريم وحالة الإباحة، ولا توجد حالة وسطى بين هاتين الحالتين، وبالنسبة لحالة الإباحة فإن النصوص القانونية عندما تبيح عملاً معيناً فإن ذلك يكون على سبيل الأمر والوجوب، وما يخص حق الانسان في التكامل الجسدي في ذلك هو أن النصوص القانونية قد تبيح أعمالاً ماسة بالحق في التكامل الجسدي وتكون إباحتها على سبيل الأمر والوجوب كما في نشاط السلطة الضبطي(1). إذ يعاقب الممتنع عن القيام بهذا الواجب(2). ولغرض دراسة القواعد العقابية السلبية ذات الصلة بحماية حق الإنسان في التكامل الجسدي فقد قسمنا هذا الموضوع إلى خمسة مطالب وكالآتي:

المطلب الأول

حق التأديب

أولا: تأديب الزوج زوجته

تضمنت المادة (41/1) من قانون العقوبات العراقي حق تأديب الزوجة وهو من تطبيقات استعمال الحق بموجب المادة المذكورة وأحكام الشريعة الإسلامية وحق تأديب الزوجة فإن من شروطه يجب أن تستمد من قوله تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً أن اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)(3). وينبغي استعمال هذا الحق في الحدود المقررة لاستعمال الحقوق بصورة عامة، وهذا الحق بصورة خاصة بحسب الشروط الواردة في الآية الكريمة. ومن دراسة هذه الآية يمكن استنباط شروط ممارسة حق تأديب الزوجة نوجزها فيما يأتي:

أولاً: وجوب تثبت الزوج من خشية نشوز الزوجة عن جادة الصواب واحتمال ارتكابها المعاصي ما يضر به كيان الأسرة، كمن يحذر زوجته من زيارة من عرفن بسوء السلوك خشية من تطبعها بطباعهن وارتكابها ما زللن فيه لقوله تعالى (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ).

ثانياً: أن يكون الزوج في مباشرته حق التأديب على موقف شرعي سليم يكون فيه على حق دون الزوجة، فلا سبيل للزوج على زوجته أن هي أرادت القيام بفعل الخير والفضيلة لو لم يعجب ذلك زوجها كمن تريد إكمال دراستها بما لا يخل بواجبات الأسرة والأمومة، ففعلها في طلب العلم لا يستوجب التأديب لأنه فضيلة وليس معصية، ومن باب أولى فإنه لا طاعة للزوج أن هو حض زوجته على المعصية إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلا يعد نشوزاً امتناع الزوجة عن طاعة زوجها فيما يحضها فيه على ارتكاب الفاحشة مثلاً، إذ هو يستحق العقاب دونها(4).

ثالثاً: أن لا يباشر الزوج حقه في التأديب إلا بعد أن يثبت أنه فشل في وعضه ثم هجره مضجع زوجته حملاً لها على الطاعة الشرعية فإن أصرت كان له حق ضربها إذا أنس من ذلك فائدة وليس انتقاماً. فمن ثبت أنه باشر ضرب زوجته خشية نشوزها(5) باحتمال ارتكاب المعصية دون أن يسبق ذلك وعضها ثم هجرها في مضجعها لا يكون مشمولاً بسبب الإباحة الشرعية، فقد تكون الموعظة الحسنة وشعور الزوجة بجدية عذل وعتاب زوجها لها ما يعينها على تجنب المعصية مما لا يكون للضرب من داع إذ هو آخر المطاف لقوله تعالى (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ).

رابعاً: أن يباشر الزوج حق التأديب بحسن نية، فإذا رجعت الزوجة عن غيها بأن أطاعته فلا سبيل له عليها ويكون باغياً في ضربها وليس مؤدِباً مما يستحق معه عقاب فعله، لقوله تعالى (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً أن اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً).

وتجدر الإشارة بأن قضاء محكمة التمييز في العراق كان قد استقر في اجتهاده على التشدد في تطبيق هذه الشروط، إذ قضت محكمة التمييز في العراق (أن السب والشتم والقذف ليست من الأمور التي تدخل في حدود تأديب الزوج لزوجته المشمولة بالمادة (41) عقوبات ويعاقب الزوج عن ذلك بموجب المادة (434) منه)(6). وقضت أيضاً بما يأتي (يجب أن يكون تأديب الزوج لزوجته خالياً من الإذلال والتحقير والإرغام ومصحوباً بالعاطفة وهادفاً إصلاح الزوجة وضمان عدم خروجها عن الطاعة، فإن حصل الضرب خلاف ذلك الغرض وبقصد الانتقام كان الزوج سيء النية استحق العقاب عن فعل الضرب)(7). وقد قضي أيضا بأن (اعتداء الزوج على زوجته بضربها على وجهها وجر شعرها في الشارع العام أمام المارين يخرج عن حدود التأديب المسموح به للزوج على زوجته ويشكل جريمة طبقاً للمادة (415) عقوبات)(8). وقد نصت المادة (41/1) من قانون العقوبات العراقي على حق التأديب بعده إحدى حالات استعمال الحق وكذلك القوانين العقابية في أغلب الدول العربية نصت على هذا الحق(9).

ثانيا: تأديب الأولاد القصر

ويقرر القانون للآباء والمعلمين ومن في حكمهم الحق في تأديب الأولاد القصر، وغاية التأديب هو تربيتهم وتقويم سلوكهم وتحفيزهم على مكارم الأخلاق. والتأديب يكون بالضرب الخفيف غير المبرِّح وهو الذي لا يترك أثراً في الجسم، أما الضرب الذي يفضي إلى عاهة أو مرض أو حتى جروح ورضوض فيعد جريمة يعاقب عليها القانون(10)، على أن لا تمتد أعمال التأديب إلى الإيذاء الذي ينطوي على الإهانة والتحقير، ويشترط لتوافر الحق في التأديب ما يأتي:

1.أن يكون التأديب بحدود القانون، وفي هذا الشأن يشترط بعض الفقهاء أن لا يكون التأديب بغير اليد كالعصا والسوط وأن لا يكون التأديب على الرأس والوجه(11).

2.أن يباشر التأديب من خولهم القانون ذلك، ولا يجوز ذلك لغيرهم، و يكون حق تأديب الأولاد القصر لولي الأمر وهم الأب ثم وصي الأب ثم الجد ثم وصي الجد ثم وصي المحكمة.

3.أن تتوافر النية الحسنة عند التأديب، فيجب أن يكون الغرض من التأديب تحقيق الغاية التي من أجلها شرع هذا الحق أما أن يكون بقصد الانتقام والتسلية فإن ذلك يخرج هذه الأعمال من الإباحة إلى التجريم(12).

مما تقدم يتضح لنا أن أعمال التأديب تكون ماسة بالسلامة الجسدية للأفراد لأنها تخل بالحق في السكينة الجسدية، إلا أن هذا الإخلال لا يعد عدواناً على الحق في سلامة الجسم لأن هذا المساس تسوغه ضرورة حماية مصلحة الأسرة والمجتمع من خلال تقويم السلوك على وفق قواعد الدين والأخلاق السائدة في المجتمع، أما بالنسبة للتجاوزات التي تحدث من بعض الآباء والأزواج عند تأديب الأولاد القصر أو الزوجات على نحو يخل بالسلامة الجسدية بصورة تفوق الضرب الخفيف فإن ذلك بلا شك يعد عدواناً على الحق في سلامة الجسم يستلزم العقوبة. ونرى بأنه من الضروري الاعتراف للقاضي بسلطة تقديرية في تحديد جسامة أعمال التأديب المباحة بما يتناسب مع ظروف كل حالة. أما بالنسبة لموقف الشريعة الإسلامية فقد كان لها قصب السبق في إجازة تأديب الأولاد القصر، فقد جاء في الحديث الشريف (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع)(13). وكذلك أباحت الشريعة الغراء تأديب الصبي بالضرب خمساً أو ستاً مع الرفق، كما أباحت ضرب المملوك تأديباً إلى عشرة(14).

 

المطلب الثاني

ممارسة الألعاب الرياضية

تفرض بعض الألعاب الرياضية استعمال العنف على جسم المنافس كالملاكمة والمصارعة وكرة القدم مما يترتب على هذه الألعاب اعتداء على حق الإنسان في التكامل الجسدي وتطبيق العقاب المقرر لجرائم الإيذاء العمد يفضي إلى تعطيل الرياضة التي تعتمد على هذه الألعاب وعلى  الرغم من فائدتها المعترف بها، لذلك نص القانون على إباحة هذا المساس متى ما حصل نتيجة هذه الألعاب. فما هو الأساس القانوني لهذا الإعفاء وما هو نطاقه؟ عن هذا التساؤل أجابت المادة (41/3) من قانون العقوبات العراقي عندما نصت (... ويعتبر استعمالاً للحق: 3. أعمال العنف التي تقع أثناء الألعاب الرياضية متى كانت قواعد اللعب قد روعيت). وبموجب هذا النص المتقدم وفق المشرع بين أهمية الرياضة ونصوص القانون التي تفرض العقاب على جرائم الإيذاء، فأباح الإيذاء الناجم عن تلك الألعاب الرياضية. أن الأساس القانوني لإباحة الإيذاء هو استعمال اللاعب لحق أقره القانون ويرفض الفقه الحديث أي أساس آخر يجانب هذه الحقيقة ويرفض الآراء التي أرجعت الإباحة إلى انتفاء القصد أو رضا المجني عليه وغير ذلك(15). أما نطاق إباحة الإيذاء الناجم عن هذه الألعاب فهو بموجب المادة (41/3) من قانون العقوبات العراقي مقيد بتوافر الشروط الآتية:

أولاً: حسن النية، ويقصد بذلك حسن النية في أداء اللعب من دون قصد المساس بالحق  في التكامل الجسدي على وفق القواعد والتقاليد المتعارف عليها، ويتفرع عن ذلك أن تكون اللعبة من الألعاب التي يعترف بها العرف الرياضي ولها قواعد وتقاليد يجبر من يمارسها على الانصياع لها(16).

ثانياً: أن تحصل الإصابة أثناء ممارسة المباراة الرياضية، فإن كانت قبل أو بعد المباراة فلا محل لإباحة الإيذاء الناجم في تلك الحالة، ويتفرع عن هذا الشرط تطلب رضا الخصم المشارك بالمباراة(17).

ثالثاً: احترام قواعد اللعب وأن يحدث الإيذاء على الرغم من مراعاة تلك القواعد المتعارف عليها ومن دون قصد من الجاني، فإذا وقع الإيذاء عن سلوك متفق مع القواعد والشروط المتطلبة للعبة فلا يعد ذلك جريمة، فقد قضت محكمة التمييز في العراق بأنه (لا يعد المتهم قد ارتكب جريمة إذا اصطدم أثناء أدائه لعبة كرة القدم بالمجني عليه وركله عند محاولة ضرب الكرة فأدى ذلك إلى وفاته)(18).

وعلى العكس من ذلك يسأل الجاني عن جرائم الإيذاء العمد التي يحدثها متى ارتكبها اللاعب خلافاً لقواعد وأصول ممارسة اللعبة، فيعاقب اللاعب بعده مرتكباً لجريمة عمدية إذا وقعت الإصابة بتعمد(19). ونتفق مع الرأي المتضمن بأن الرياضة العنيفة تستهدف في النهاية مصلحة الجسم في التربية البدنية لاشك فيه إلا أن تحقيق هذا الهدف قد يستلزم المساس بالسلامة الجسدية مما يدخل هذه الألعاب في نطاق التجريم، غير أن المصلحة المشروعة التي يراد تحقيقها تجعل استثناء هذه الألعاب من نطاق التجريم أمراً ضرورياً وهذا ما تقوم به أسباب الإباحة(20). ومن الملاحظ بخصوص تحديد نطاق الإباحة من حيث الزمان والمكان أن بعض الفقهاء يشترط أن تحصل الإصابة أثناء المباراة(21). من الجدير بالذكر ما أثير من جدل بشأن إباحة الألعاب الرياضية، فهل تقوم هذه الإباحة على المشروعية الأصلية أم المشروعية الاستثنائية، ومرد ذلك أن اتجاهاً فقهياً ساد في ألمانيا ينادي بأن أعمال العنف التي تقع في الألعاب الرياضية تختلف عن جرائم الإيذاء المعاقب عليها قانوناً من حيث الطبيعة والوصف لأن جرائم الإيذاء تقوم على الإضرار بمصالح الجسم بشكل عام أما الألعاب الرياضية فإنها تنمي الصحة والتربية البدنية بشكل يصب في مصلحة الجسم، ومن ثم يرى هذا الاتجاه أن الألعاب الرياضية تعد أعمالاً مشروعة بصورة أصلية لأنها لا تخضع للتجريم العقابي عملاً بقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص ومن ثم لا تحتاج هذه الألعاب إلى سبب إباحة لتأكيد مشروعيتها(22). إلا أن الاتجاه الفقهي السائد في فرنسا ومصر يفند هذا الرأي جملة وتفصيلاً، فالجروح والضربات الناتجة عن الخشونة في الألعاب الرياضية العنيفة كالملاكمة والمصارعة تحقق الركن المادي لجرائم الإيذاء المنصوص عليها في قانون العقوبات، وبالنسبة للركن المعنوي فهو الآخر متحقق لأن اللاعب بصورة عامة يوجه إرادته لارتكاب الفعل المكون للجريمة وهو على علم بما يترتب عليه من مساس في السلامة الجسدية، أما ما يثار من كون مرتكب جريمة الإيذاء يخضع لشعور الكراهية والغضب بينما يتجرد اللاعب من هذا الشعور ويكون هدفه استعراض مهاراته فإن اللاعب يكون تحت ضغط نفسي يتمثل بالرغبة في الفوز مما يثير لديه مشاعر الغضب والكراهية تجاه خصمه، هذا بغض النظر عن كون الباعث على الجريمة خارج التكوين القانوني للركن المعنوي(23). أما بالنسبة لموقف الشريعة الإسلامية الغراء من العنف في الألعاب الرياضية فقد حث الإسلام على ضرورة ممارسة الرياضة وتعلم فنون القتال ومهارات الدفاع عن النفس للاستفادة منها وقت الحرب والسلم، فقد جاء في الحديث الشريف (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف..)(24). وقد ثبت أن الرسول r قد تسابق في الإبل والخيل وأنه تسابق بالأقدام(25).

 

المطلب الثالث

ممارسة الأعمال الطبية

لاشك في أن إجماع التشريعات العقابية والفقه والقضاء في مختلف دول العالم قد انعقد على عد أن ممارسة مجمل صور الأنشطة الطبية من جراح وعلاج ووقاية قد أصبحت مباحة للأطباء ومن في حكمهم كل في مجال اختصاصه على الرغم مما قد تفضي إليه هذه الممارسة من إحداث جروح أو إيذاء في جسد المريض وذلك لأنها تهدف إلى تحقيق هدف مشروع هو علاج المريض وهذه في الحقيقة علة الإباحة الطبية(26). وعلى الرغم من الاتفاق على مشروعية ممارسة النشاط الطبي في شتى صوره فان الكشف عن سند أباحتها كان ولا يزال من الموضوعات الأكثر خصوبة لإثارة الخلاف حوله في مجالي التشريع والفقه الجنائيين(27). فان رضا المريض لا يصلح أساساً لهذه الإباحة فعلى مقتضى القاعدة العامة في القانون العراقي (إن الرضا لا ينتج أثراً في قيام المسؤولية الجزائية أو انعدامها) كما لا يُعد انتفاء القصد الجرمي أساساً لها ذلك أن القصد الجرمي في جرائم الضرب وإحداث الجروح يقوم متى ارتكب الفعل عن علم وإرادة بأنه يطال سلامة الجسم المصاب وصحته والقصد بهذا المعنى متوافر في حق الطبيب(28). وقد ذهب بعض الفقهاء ومنهم الفقيه الألماني Carl Stoss إلى أن السند القانوني لإعفاء الطبيب ومن في حكمه من المسؤولية الجنائية عن نتائج ممارسة النشاط الطبي إنما يعود إلى حالة الضرورة، ويؤخذ على نظرية الضرورة أساسا لانتفاء مسؤولية الأطباء، أنها قد تتسع في جانب منها فتشمل منع المسؤولية الجنائية بصدد حالات لا يمكن التسليم برفع المسؤولية فيها، فلو سلمنا بإقامة السند القانوني للإباحة الطبية على حالة الضرورة فانه يفترض تبعاً لذلك التسليم برفع المسؤولية الجنائية عمن يمارس النشاط الطبي حتى من غير الأطباء ومن في حكمهم إذا ما توفرت شروطها وهذا ما لا يمكن التسليم به لخطورة نتائجه من جهة ولتناقضه وأحكام القانون الجنائي من جهة أخرى، كما يؤخذ على نظرية الضرورة كسند لإباحة ممارسة النشاط الطبي أنها قد تضيق في جانب منها فلا تدخل القائم بالنشاط الطبي ضمن الإباحة بعدّها ظرفا ينفي المسؤولية الجنائية ذلك لان حالة الضرورة كما في قانون العقوبات العراقي هي من موانع المسؤولية وليست سبباً للإباحة الأمر الذي لا يتفق ومنطق العدل والقانون(29). أما الأساس القانوني الحديث للإباحة الطبية فأنه يرى معظم الفقه الجنائي الحديث وقد ذهبت معظم تطبيقات القضاء أن نظرية استعمال الحق هي السند القانوني لإباحة ممارسة النشاط الطبي فيما ذهبت القلة من فقهاء القانون الجنائي وبعض تطبيقات القضاء النادرة إلى القول بان أساس الإباحة الطبية لا يرجع إلى فكرة استعمال الحق فقط بل بعضا من صور ممارسة هذا النشاط يعود أساس الإباحة فيه إلى فكرة أداء الواجب ذلك لان في هذه الإضافة يمكن تسويغ البعض من حالات إباحة ممارسة النشاط الطبي التي لا يشترط فيها الحصول على رضاء المريض بعدّه أحد شروط الإباحة الطبية والتي يبدو فيها أن من يمارس العمل الطبي إنما يقوم بواجب يفرضه عليه القانون أو مقتضيات مهنته الطبية أكثر منه مجرد استعمال للحق، والسؤال الذي يطرح بهذا الشأن:

ما هي شروط إباحة عمليات الجراحة والعلاج ؟

نصت المادة (41/2) من قانون العقوبات العراقي على حق مباشرة عمليات الجراحة والعلاج فقد جاء فيها ((عمليات الجراحة والعلاج على أصول الفن متى أجريت برضاء المريض أو ممثله الشرعي أو أجريت بغير رضاء أيهما في الحالات العاجلة)). من هذا يتضح بان شروط إباحة عمليات الجراحة والعلاج هي ما يلي:

أولا: الترخيص بالعلاج: لكي يباح التطبيب أو الجراحة يتعين أن يكون من أجراه مرخصا له قانونا بإجرائه(30) وألا كان مسؤولا طبقا للقواعد العامة سواء تحقق الغرض الذي قصد إليه بشفاء المريض ام لم يتحقق فضلا عما ينزل به عقاب يسبب مزاولة مهنة الطب على خلاف مقتضى القانون. على انه ينبغي الإشارة إلى أن الترخيص قد يكون عاما يشمل جميع الأعمال الطبية، وقد يكون خاصا ببعضها وعلى مقتضى الحالة الأخيرة لا يكون عمل الطبيب مباحا الا إذا كان داخلا في حدود الترخيص(31).

ثانيا: قصد العلاج: يلزم أن يكون عمل الطبيب مقصودا به العلاج(32) ذلك أن علاج المرض هو الغرض الذي من اجله قرر القانون الحق في مزاولة مهنة الطب أو استعمال الحق يجب أن يكون على وفق هذا الغرض وهذا الشرط يعد تعبيراً عن حسن النية والذي يعد شرطا لازما لجميع حالات استعمال الحق على وفق المادة (41) من قانون العقوبات العراقي، وعليه إذا ارتكب الطبيب فعله مستهدفا به تحقيق غرض غير العلاج فانه يسال جزائيا عن جريمة عمدية ولو ترتب على الفعل شفاء المريض وينبغي أن نلاحظ بان رضاء المريض ليس من شانه أن يجرد الفعل من الصفة الإجرامية فالحق في التكامل الجسدي لا تكون محلا للتصرفات ولا يجوز المساس بها إلا لمنفعة الإنسان ذاته(33).

ثالثا: رضا المريض بالعلاج: من شروط إباحة عمليات الجراحة والتطبيب أن يرضى المريض بتدخل الطبيب ذلك أن الطبيب ليس مسلطا على أجسام المرضى إنما هو مفوض في علاجهم إذا دعي، وبالتالي لامناص من رضا المريض عندما يكون في حالة يتمكن معها من تقديمه وليس بوسع الطبيب أن يتحدى رغبة المريض(34). وقد يكون الرضاء من وليه إذا كان غير قادر على التعبير عن رضاه كذلك قد يجري الطبيب العلاج دون مسؤولية بغير رضا المريض في الحالات العاجلة ولم يستطيع المريض التعبير عن رضائه ولم يكن له ولي.

رابعا: مراعاة أصول الفن: أن إباحة عمليات الجراحة والعلاج مشروطة بان يكون ما يجريه الطبيب مطابقا للأصول العلمية والفنية المقررة في مجال اختصاصه فان حصل تفريط من طرف الطبيب في إتباع هذه الأصول أو إذا خالفها كان مسؤولا عن جريمة غير عمدية كما لو استعمل في إجراء العملية أداة غير معقمة، ذلك أن العمل الطبي نظراً لخطورته يقتضي الانتباه واتخاذ الحيطة المناسبة(35). و قد لاحظنا في الباب الأول من هذه الرسالة بان المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية تضمنت نصوصا تعكس اهتمام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان الأساسية التي لا يجوز التنازل عنها أو المساس بها ولكن حاجات الصحة والحفاظ عليها اقتضت أن يتساهل القانون مع الأطباء لغاية الشفاء ولذلك نص قانون العقوبات العراقي في المادة (41/2) منه على تسويغ الأذى بهدف المعالجة أو الجراحة و لكن هذا التسويغ لا يبيح الخطأ الذي يقتل المريض أو يؤذيه(36). وكذلك نصت المادة (26) من قانون العقوبات البحريني على إباحة الأعمال الطبية وبسبب التطور العلمي فقد توسعت الأعمال الطبية على نحو فاقت فيه مجرد المساس الخفيف بنسج الجسم كما كان معهودا في السابق إذ شهد العصر الحديث آفاقاً جديدة لهذه الأعمال من ذلك عمليات نقل الدم والأعضاء البشرية إذ تعد عملية نقل الدم والأعضاء من شخص إلى آخر من اهم الاكتشافات الطبية في العصر الحديث، إذ ساعدت في القضاء على العديد من الأمراض المستعصية فتوجد بعض الحالات المرضية التي تتمثل في توقف أو عطل احد أعضاء الجسم التي تؤدي وظيفة مهمة وأساسية لاستمرار الحياة ففي مثل هذه الحالات لا يمكن معالجة هؤلاء المرضى إلا من خلال غرس أعضاء بشرية جديدة محل الأعضاء التالفة أو العاطلة عن العمل وبالتأكيد فان مثل هذه الأعمال تعد مساسا بالتكامل الجسدي للأفراد لأنها بالضرورة تستلزم إخلالا بالتكامل الجسدي للأفراد، كما لو تم سحب كمية من الدم اذ يحتاج الجسم مدة من الوقت لكي يعيد التوازن ويسد النقص الذي حصل بصورة دائمية كما لو تم استقطاع عضو من الجسم هذا من جهة المتبرع اما من جهة المستفيد فان عملية إضافة الدم أو غرس العضو المتبرع به تحتاج إلى إجراء عملية طبية تقتضي مساسا بالتكامل الجسدي له. ونظرا للطبيعة الخاصة لهذه العمليات اذ يوجد متبرع سليم الجسم ومستفيد مريض بحاجة للعلاج فقد أثير الجدل حول جواز القيام بهذه العمليات وذلك لعدم وجود ما يبرر المساس بجسم المتبرع على الرغم من وجود ما يبرر المساس بجسم المستفيد، أي أن الغرض من المساس بجسم المريض المستفيد هو العلاج وهذا مشروع، لكن الغرض من المساس بسلامة المتبرع غير مشروع وبالتالي تكون هذه العملية غير مشروعة قانونا(37). إلا أن ما تحققه هذه العمليات من مصلحة اجتماعية قائمة على التضامن والتعاون بين الأفراد دفع المشرعين في اغلب الدول إلى إجازتها وعند ذلك لا يكون عمل الطبيب اعتداء على الحق في سلامة الجسم لان نشاطه بالنسبة إلى المريض هو بمثابة العلاج له اما بالنسبة للمتبرع فان عمل الطبيب يكون في حدود القانون والتجاوز على ذلك جريمة يعاقب عليها القانون(38). لقد استبشرت البشرية الذي جاء به الطب الحديث لأنه سينقذ الملايين من الموت أو أن يخلصهم من آلامهم أو على الأقل سيخفف عنهم ذلك عن طريق استبدال العضو المريض بعضو سليم، لكن البشرية استقبلت هذه العمليات واستقبلت معها مشاكلها الفنية والاجتماعية والأخلاقية والقانونية منها المشكلة التي تثيرها عمليات استئصال الأعضاء البشرية من جثث الموتى فتتعلق بتحديد لحظة الوفاة إذ مازالت هذه اللحظة محل جدال ولاسيما بعد انتشار استعمال أجهزة الإنعاش الصناعي التي يؤدي استعمالها إلى أن يكون الإنسان في حالة يمكن أن يوصف بأنه ((حي ميت)) واذا كان الراجح في الطب أن لحظة الوفاة تتحدد عند وفاة جذع الدماغ فان التشريعات لم تتبنى موقفاً محددا من ذلك إنما تركت الأمر إلى رأي الطبيب دون أن تلزمه بوسائل معينة وقد يؤدي عدم تحديد لحظة الوفاة من قبل المشرع إلى أن يتحول الموت الظاهري إلى موت حقيقي إذا تم استئصال الأعضاء قبل الأوان أي قبل التحقق من وفاة الشخص إذ يؤدي إلى موت الشخص أو التعجيل في موته، لاسيما أن الاستفادة من العضو المنقول تتوقف على المدة الزمنية بين الوفاة وبين الاستئصال اذ كلما بعدت تلك المدة قلت فرص الاستفادة من العضو المنقول إذ أن هناك من الأعضاء ما تتأثر من الناحية الحياتية بعد الوفاة بلحظات(39). بالنسبة للعراق فان لدينا بعض الملاحظات نرى من الضروري ذكرها وتتخلص بما يأتي:

اولا: بالنسبة لعمليات نقل الدم، فعلى الرغم من إجرائها على نطاق واسع في العراق فيعد المركز الوطني لنقل الدم الجهة الرئيسة للقيام بعمليات جمع الدم وخزنه ونقله في العراق وتجد هذه العمليات سند إباحتها في المادة (41/2) من قانون العقوبات العراقي(40). وتخضع هذه العمليات إلى القواعد العامة في المسؤولية الطبية(41). غير أن وجود تشريع خاص بهذه العمليات يعد ضمانا لحقوق الأفراد ودرء لأي تجاوز على القانون. 

ثانيا: بالنسبة لقانون مصارف العيون لم ينص هذا القانون على منع التعامل بالعيون بيعا وشراء كما في قانون زرع الأعضاء البشرية(42).

ثالثا: لقد أجاز المشرع العراقي استئصال عيون بعض الأشخاص الذين يصعب وصفهم بالمتبرعين ومن هؤلاء من ينفذ بهم حكم الإعدام والموتى في المستشفيات ودور النقاهة وقتلى الحوادث في حالة عدم وجود من يقوم بدفنهم(43). ولا نتفق مع المشرع العراقي في ذلك لان عملية الاستئصال هنا تعد انتهاكا لحرمة الجثة ونرى في هذه العملية استحصال موافقة من يتم استئصال أعضائهم قبل وفاتهم إن أمكن ذلك، و تؤخذ موافقة المحكوم عليه بالإعدام قبل تنفيذ الحكم وتأخذ موافقة ذوي الأمراض، المستعصية في حالة اليأس من شفائهم وكذلك الحال بالنسبة لمرتادي دور النقاهة والعجزة.

رابعا: لا يوجد نص يمنع من التبرع بالأعضاء الأساسية لجسم الإنسان كالقلب والكبد اذ يفضي التبرع بها حال الحياة إلى الوفاة.

خامسا: لا يوجد نص يمنع من التبرع بالأعضاء التي يفضي التخلي عنها إلى ضرر فاحش بالمتبرع، كمن يتبرع بالعين الوحيدة التي يملكها وكمن يتبرع بالغدد الجنسية(44).

ونرى أن من الواجب الموازنة بين الأضرار المتوقعة والمزايا المنتظرة فلا يمكن أن يكون التبرع سببا لإنهاء حياة المتبرع لان إنقاذ حياة مريض لا يسوغ قتل شخص آخر أو اعتلال صحته على نحو فاحش(45). ولأهمية عمليات نقل الدم والأعضاء البشرية في الحياة دفع دولا عديدة إلى تنظيم هذه العمليات بتشريعات مستقلة(46). ان تقسيم وتصنيف الأعضاء البشرية له أهميته المعلومة في نطاق عمليات نقل الأعضاء من دون زراعتها وبشكل خاص إذا كان المعطي (المتبرع) إنسانا حياً ذلك لأنه على أساس هذا التصنيف يتم تحديد كون العضو من الأعضاء الجائز نقلها أو من الأعضاء غير الجائز نقلها، أي بمعنى أدق على أساسه يتم تحديد إمكانية أو عدم إمكانية نقل العضو وهذا يعني أن هناك من الأعضاء وان كان بالإمكان نقلها من الناحية الطبية والفنية إلا أنه لا يجوز نقلها من الناحية القانونية لان منها ما تتوقف عليه الحياة كالقلب، فحتى لو أن هناك إمكانية لنقله من الناحيتين الطبية والفنية فلا يجوز نقله لان مثل هذا العضو يصنف من الأعضاء القابلة للنقل، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التصنيف يفقد أهميته إذا كان النقل يتم من جثة إنسان اذ المبدأ في نطاق ذلك أن جميع أعضاء الجثة قابلة للنقل متى أمكن الاستفادة منها بعد الوفاة حتى الأعضاء المنفردة التي لا نظير لها في الجسم والتي لا يجوز نقلها من جسم الإنسان الحي لان الخطر الذي يواجه الإنسان في الحالة الأولى لا نظير له في الحالة الثانية(47). و بناء على ما تقدم فان الأعضاء البشرية تصنف إلى ما يأتي:

أولاً: الأعضاء المزدوجة والمقصود بها الأعضاء التي لها نظير بالجسم كالعين والكلى والأذن…. الخ واهم ما يميزها إضافة إلى صفة الازدواج أنها غير متجددة الخلايا.

ثانياً: الأعضاء ذات الخلايا المتجددة كالجلد والدم والمني …. الخ.

ثالثاً: الأعضاء المنفردة كالقلب والكبد والبنكرياس …. الخ

إن الأعضاء البشرية القابلة للنقل وبالرجوع إلى تقسيمات أنواع الأعضاء البشرية التي تم بيانها سلفا وإعمال المنطق يقضي بان الأعضاء التي يجوز نقلها بالمرتبة الأولى هي الأعضاء ذات الخلايا المتجددة وذلك بسبب صفتها تلك أي التجديد لان الجسم له القابلية على تعويض الخلايا التي يتم نقلها، ولكن حتى نقل هذه الخلايا أن تم إجازة نقلها لان منها ما لا يجوز نقلها ـ وان أجيز نقلها فبتحفظ وضمن ضوابط مشددة لخطورة مثل هذه العمليات ـ على الرغم من قابليتها للنقل (كالمني) لآثاره الاجتماعية والقانونية بسبب ما يؤدي إليه من اختلاط بالأنساب إلى ذلك من قضايا لاسيما أن كان النقل من رجل غريب أو أن تم الزرع في غير زوجة الشخص والتي يمكن تسميتها بالمرأة الحاضنة التي تنتهي مهمتها عند عملية الوضع، فان نقل مثل هذه الأعضاء أيضا مقيدا بما لا يؤثر على قابلية الجسم في أدائه لوظائفه الطبيعية وبما لا يعرضه للخطر أو أن يعرضه للخطر أو أن يعرقل أدائه لوظيفته الاجتماعية في حين تقف الأعضاء المزدوجة بالمرتبة الثانية وهذا مقيد بان تثبت إمكانية قيام العضو المتبقي بجسم المعطي بوظائفه ووظائف العضو المنقول(48). أما الأعضاء التي لا يجوز نقلها فهي الأعضاء المنفردة كقاعدة عامة لتعلق حياة الإنسان بها ولعدم إمكان أن يحل محلها أو أن يؤدي وظيفتها عضو آخـر غيـر أن هنـاك من هذه الأعضاء (واقصد الأعضاء المنفردة) ما يجوز نقل جزء منها وليس العضو بكامله، وهذا ما أثبتته التجارب اذ أثبتت إمكانية نقل جزء من الكبد وزرعه، اذ أعلنت الدوائر الطبية الهندية عن نجاح نقل جزء من كبد ام إلى وليدها الذي ولد بدون قناة صفراوية وأوضحت الدوائر أن كبد الأم سيعود إلى حجمه الطبيعي بعد ستة أسابيع. من هذا يتضح بان عملية نقل الأعضاء هي العملية التي يتم بها استئصال العضو السليم القابل للنقل من جسد المعطي وحفظه تمهيدا لزراعته في جسد المتلقي في الحال أو في المستقبل. فان أطراف عملية النقل هما طرفان فقط (المعطي) أو (الواهب) وهو ذلك الشخص الذي يقدم عضوا من أعضائه بغير مقابل من اجل علاج شخص آخر يحتاج إلى العضو الذي تنازل عنه و(الطبيب) الذي يقوم بعملية الاستئصال بعده مسؤولا عن تحديد العضو القابل للنقل من الناحية الفنية في اقل تقدير(49).

إن موقف التشريعات من تنازل المعطي عن أعضائه إذ اقر القانون الفرنسي رقم 1181 الصادر في 22 كانون الأول 1976 الخاص بنقل وزراعة الأعضاء البشرية مبدأ التنازل عن العضو بدون مقابل إذ تنص المادة الثالثة منه على وجوب أن يكون التنازل عن العضو من دون مقابل مالي، أما الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون جنوب أفريقيا رقم 24 الصادرة في عام 1970 فقد فرضت عقوبات جنائية على كل شخص يقدم لشخص آخر أي عضو من أعضاء جسم الإنسان في مقابل سواء تعلق الأمر باستئصال عضو جسد إنسان حي أو ميت، وفي الولايات المتحدة الأمريكية فان القانون الوطني لغرس الأعضاء الصادر عام 1984 الذي منع البيع صراحة للأعضاء البشرية. أما على مستوى التشريعات العربية فقد نصت المادة الرابعة من قانون غرس الأعضاء اللبناني على أن يكون إعطاء النسج والأعضاء على سبيل الهبة المجانية غير المشروطة وقد نصت الفقرة (ب) من المادة الرابعة من القانون الأردني بأنه (لا يجوز أن يتم التبرع بمقابل أو بقصد الربح) والملاحظ أن العبارات التي استخدمها المشرع ينقصها التجانس(50). اذ انه استخدم لفظ التبرع وهو في حقيقته تصرف من غير عوض وتطلب ألا يكون بمقابل أو بقصد الربح وفي هذا تناقض إذ كيف يكون الشخص متبرعا وفي ذات الوقت يكون بمقابل أو بقصد الربح من وراء تبرعه، وتنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية العراقي بان (النقل لا يتم إلا بالوصية أو التبرع)، في حين نصت المادة الثالثة منه على انه (يمنع بيع وشراء الأعضاء بأية وسيلة ويمنع الطبيب الاختصاصي من أجراء العملية عند العلم بذلك) وما يمكن استنتاجه هو أن تنازل المعطي عن عضو من أعضائه يجب أن يتم من دون عوض أو أي مقابل. و قد أكد المشرع الايطالي في القانون الخاص بزرع الكلى رقم 458 لسنة 1962 في المادة الرابعة منه على أنه (فيما عدا حالة الضرورة لا يمكن زرع كلية مستأصلة قانونا لمريض معين إلا بعد الحصول على موافقته) وهذا يعني أن المشرع الايطالي يتطلب إلى جانب موافقة المريض (المستقبل) على عملية الزرع أن تكون الكلية المستأصلة قد تم استئصالها بصورة قانونية أي على وفق الضوابط التي وضعها المشرع لذلك(51)، وهذا الأمر كله لا يشمل حالة الضرورة إذ باستطاعة الطبيب أن يتجاوز رضا المريض في حالة الضرورة كان يكون المريض يعاني من فشل كلوي يهدد حياته بخطر الموت ولا سبيل إلى تفاديه إلا بعملية زرع كلية(52). وتجدر الإشارة بان الإجماع قد انعقد على ضرورة أن يكون تنازل المعطي عن أعضائه من دون مقابل سواء كان ذلك على صعيد المؤتمرات أو المنظمات الدولية أو الفقه أو التشريعات، ولابد أن يكون المعطي متبصرا بالمخاطر التي تترتب على تنازله عن عضو من أعضائه ولاشك أن مسؤولية ذلك تقع على الطبيب الذي سيجري العملية إذ عليه أن يُطلع المعطي على طبيعة العملية وأن يبصره بجميع المخاطر التي قد يتعرض لها في الحال أو في المستقبل(53). إذ أن أي إخفاء أو كذب من قبل الطبيب يُعد من الخطأ الطبي الموجب للمسؤولية(54). لان لكل إنسان حق في سلامة جسمه ولا يجوز المساس بهذا الحق إلا برضائه وعلمه بما ينجم عن ذلك المساس من نتائج ومخاطر حتى يستطيع أن يقدر مدى هذه المخاطر والفوائد التي قد تعود على المريض من وراء عملية نقل الدم والأعضاء البشرية(55). ومن التشريعات التي ألزمت الطبيب حول مسألة تبصير المعطي بالمخاطر التي تترتب على عملية النقل التشريع الاسباني إذ أوجبت الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من المرسوم الملكي الاسباني رقم 426 والصادر في شباط 1985 الخاص بعمليات نقل الأعضاء على الطبيب إخبار المعطي بكافة النتائج الفيزيقية والعقلية والنفسية المتوقعة والممكنة والمترتبة على عملية الاستقطاع ومدى تأثيرها على حياته الشخصية والعائلية والمهنية(56). أما موقف الشريعة الإسلامية من عملية نقل الدم والأعضاء البشرية فقد أجتهد الفقهاء المسلمون في العصر الحديث بشأن دراسة وتحليل هذه العملية وقد كان الرأي الراجح هو إجازتها إذا كان القصد منها إعانة الغير على الشفاء والعلاج(57).

المطلب الرابع

صور لا تشملها الإباحة

لما كان الحق في التكامل الجسدي للأفراد يمثل مصلحة مهمة لدى الفرد والمجتمع كان لابد من ضمان عدم التعرض لها وحمايتها بالقدر الذي لا يعكر صفو التمتع بها وتتمثل هذه الحماية في أقوى صورها بتجريم كل اعتداء ينتقص من هذه المصلحة، ولما كان المبدأ القانوني السائد هو مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص(58). ويراد بهذا المبدأ أن المشرع وحده هو الذي يملك تحديد الأفعال المعاقب عليها والمسماة ((بالجرائم)) وتحديد الجزاءات التي توقع على مرتكبيها والمسماة ((بالعقوبات والتدابير)) لذا كان لابد من تحديد كل مظاهر الاعتداء على السلامة الجسدية بصورة مسبقة وهذا ما حرصت عليه التشريعات في مختلف الدول. إن النشاط الإجرامي المتمثل في العدوان الماس بالتكامل الجسدي بصوره المتعددة وباختلاف حالاته لا يخرج عن كونه يهدر عنصراً أو أكثر من حق الإنسان في التكامل الجسدي وقد تثير الأعمال الطبية تساؤلات عديدة حول مشروعيتها ونطاقها ومدى تأثيرها على التكامل الجسدي، ومما لا شك فيه أن أكثر هذه الأعمال تنطوي على مساس بالتكامل الجسدي للأفراد وبسبب التطور العلمي فقد توسعت الأعمال الطبية وازدادت وسائل التطبيب على نحو فاقت فيه مجرد المساس الخفيف في أنسجة الجسم كما كان معهوداً في السابق، ولعل الدافع وراء قبول الأفراد هذا المساس هو التخلص من معاناة الآلام والأوجاع والشفاء منها عن طريق القضاء على الأمراض التي تصيب الحق في التكامل الجسدي فان كان الغرض التقليدي من التطبيب هو العلاج من الأمراض فان العصر الحديث شهد آفاقاً جديدة لهذه الأعمال، يكون من الصعب فيها وضع تكييف محدد لها ولدراسة أهم هذه الصور قسمنا هذا المطلب على فرعين وكالآتي:

الفرع الأول

التجارب الطبية

تُعد التجارب الطبية من أهم الوسائل العملية فاعلية في تطوير الإمكانات الطبية والعقاقير العلاجية(59). إذ أثير الجدل بشأن المساس الذي يلحق الجسم نتيجة إجراء التجارب الطبية، فغالباً ما تفشل العقاقير والمستحضرات الطبية في إثبات فاعليتها للقضاء على الأمراض ومن ثم تخلف آثار سيئة على صحة الجسم الذي أجريت عليه التجربة مما أثار حفيظة اغلب الفقهاء في إجازة هذه التجارب، ويقسم الفقهاء التجارب الطبية من حيث الغرض منها إلى تجارب علاجية وأخرى علمية. والمقصود بالتجارب العلاجية هي تلك التجارب التي تجرى على جسم المريض لغرض العلاج في حالة عدم كفاية الوسائل والطرق المعروفة وإخفاق العقاقير التقليدية في شفاء المريض، أما بالنسبة للتجارب العلمية فيقصد بها تلك التجارب التي تجرى على جسم الإنسان سواءً أكان مريضاً أم غير مريض من اجل إثبات اكتشاف جديد أو لإشباع فضول علمي(60). وبموجب ذلك فقد تباين الموقف من هذه التجارب باختلاف الغرض منها، وبشكل عام فقد أستقر الفقه والقضاء في اغلب الدول على السماح بإجراء التجارب العلاجية التي يكون القصد منها شفاء المريض وتجريم التجارب العلمية سواءً أكانت بموافقة الفرد أم بدون موافقته وقد نادى بعض الفقهاء بضرورة إباحة التجارب الطبية على المحكومين بالإعدام مادام القانون قد أهدر دمهم وأباح قتلهم على أن يكون ذلك مقابل تخفيف العقوبة إلى السجن المؤبد مثلاً وبذلك نكون قد أتحنا الفرصة لهؤلاء المحكومين في إثبات حسن النية والعودة إلى المجتمع من جهة ومن جهة أخرى يكون هؤلاء المحكومين قد أدوا خدمة اجتماعية في تجريب عقار قد يكون علاجاً لأمراض يعافى منها الكثير.(61) لا نتفق مع الرأي السابق ونخالفه في الاتجاه والمضمون، فمن حيث الاتجاه فلا يصح أن يكون جسم الإنسان محلاً للتعامل والتعاقد لأن السلامة الجسدية تتعلق بحق عام تمثله المصلحة الاجتماعية فلا يسوغ التعاقد عليها لان ذلك مخالف للنظام العام.(62) ومن حيث المضمون فان عقوبة الإعدام تتمثل في الموت السريع للمحكوم عليه وبذلك تختلف عن الموت نتيجة لتجربة فاشلة فد تسبب آلاماً ومعاناة للمحكوم عليه مما يعني إيقاع عقوبة تعذيب فضلاً عن عقوبة الإعدام هذا من جهة ومن جهة أخرى فالحكمة من عقوبة الإعدام هي الردع العام في مكافحة الجريمة وإعطاء الفرصة للمجرم في الإفلات من العقوبة إذا ما نجحت التجربة هو خرق للقانون وتهديد لأمن المجتمع لأن المجرم سيخرج محملاً بالسخط نتيجة الآلام التي عانى منها من جراء التجارب الطبية مما قد يدفعه إلى الثأر والانتقام. فضلاً عن ذلك أن السلامة الجسدية للمحكوم بالإعدام حق يضمنه القانون ولا يجوز الإخلال به قبل تنفيذ العقوبة لان ذلك يعد جريمة يعاقب عليها القانون لذا نرى من الضروري منع التجارب العلمية، أما بالنسبة للتجارب العلاجية فان أباحتها ضرورة يستلزمها علاج المريض وهذا ما أخذ به المشرع العراقي إذ جاء في تعليمات السلوك المهني الصادرة من نقابة الأطباء في العراق ما يأتي:

1.المبدأ في تطبيق التجارب العلاجية هو أن تكون التجربة قد خضعت للبحث العلمي على الإنسان والحيوان.

2.يجب الامتناع عن إجراء أي تجربة فيها احتمال خطر على حياة الشخص.

ومن الملاحظ في هذا الشأن أن نقابة الأطباء قد جعلت من إجراء التجارب على الحيوان قبل الإنسان أمراً جوازياً وليس إلزامياً وهذا يخالف القواعد التي أستقر عليها الفقه ومن جهتنا ندعو إلى تعديل هذه الفقرة باشتراط إجراء التجربة على الحيوان قبل إجرائها على الإنسان (63).

أما بالنسبة للشريعة الإسلامية فإذا كان المساس بالحق في التكامل الجسدي للفرد أمراً محظوراً فان ضرورة أجراء التجربة للعلاج إذا كانت مضمونة النتائج تسوغ هذا المساس إذ أن المقصد العام للشريعة لا يعدو أن يكون حفظ الامور الضرورية والحاجية والتحسينية وهذا يعني أن كفالة ضروريات الحياة وتيسير سبلها وتحقيق الرفاه للفرد غايتها(64)

الفرع الثاني

عمليات التجميل

يقصد بالجراحة التجميلية جميع العمليات الطبية التي يكون الغرض منها علاج عيوب طبيعية أو مكتسبة تتعلق بالمظهر الخارجي للجسم(65). وعلى الرغم من قدم الجراحة التجميلية لم تكن موضوع جدل بين الفقهاء وذلك لأنها كانت تقوم على عمليات سهلة تستخدم وسائل بدائية لا تشكل خطورة على جسم الإنسان، إلا أن التطور التكنولوجي وفر لأهل المهنة وسائل ذات فعالية كبيرة في علاج التشوهات والقبح في المظهر الخارجي لكن الذي وضع الجراحة التجميلية على المحك هو المخاطر التي تهدد سلامة الأفراد نتيجة هذه الجراحة الأمر الذي أثار حفيظة جانب كبير من الفقهاء إزاء مشروعية هذا النوع من الجراحة وقد كان القضاء في مختلف الدول يتلقى صدى ما يدور في الوسط الفقهي وينظر بعين الريبة إلى هذه الجراحة(66). ويقسم الفقهاء الجراحة التجميلية على قسمين هما:

أولاً: جراحة يكون الغرض منها إصلاح أضرار تسبب تشويهاً شديداً للمظهر الخارجي للجسم سواءً أكانت هذه الأضرار مكتسبة نتيجة حادث طارئ أم كانت أصلية في جسم الإنسان.

ثانياً: جراحة يكون الغرض منها احداث تغيير في المظهر الخارجي والعمل على زيادة الناحية الجمالية للجسم كإصلاح ما يطرأ على الجسم من تغيير بسبب الشيخوخة(67).

بالنسبة للنوع الأول فمن بدون شك أن أثر هذه التشوهات على نفسية المريض يكون بالغاً لما تسببه من عزلة وحرمان من الزواج وبعض الوظائف المهمة لذلك يكون الطبيب حراً في اختيار الوسيلة والعقار اللازم للعلاج حتى وان كانت هذه الوسائل على درجة من الخطورة مادام أن هذه الخطورة تسوغها حالة المريض، أما بالنسبة للنوع الثاني فلا يكون الطبيب على قدر كبير من الحرية في اختيار الوسيلة اللازمة للعلاج إذ لا يكون عمل الطبيب مسوغاً إلا إذا كانت الوسيلة المتبعة في العلاج لا تنطوي على مخاطر تهدد حياة المريض وسلامته(68). من هذا يتضح أن المساس الذي يتعرض له الجسم نتيجة للجراحة التجميلية لا يكون عدواناً على الحق في سلامة الجسم مادام الغرض منه علاج المريض لكن الفرق بين هذه العمليات وبين باقي الأعمال الطبية أن القضاء يتشدد في وجوب تناسب المنفعة المقصودة من الجراحة التجميلية مع خطورة العملية ويجعل من هذا التناسب أساساً لإباحة عمل الطبيب (69). وتجدر الإشارة إلى أن الفقه في بلجيكا يؤيد مشروعية عمليات التجميل إذا لم تكن تمنع من أداء واجب اجتماعي أو إذا كان الغرض منها كسب مال وبناء على ذلك لم يجيز للمرأة التي تنتظر ولادتها استئصال بعض ثدييها لتعديل القوام لأنها تعطل وظيفة الإرضاع عندها (70).وعلى العموم أصبحت الجراحة التجميلية إحدى الوسائل العلاجية المهمة في الوقت الحاضر، ونحن نساير الاتجاه الفقهي العام في إباحة هذه العمليات مادام القصد منها علاج المريض أما إذا اتخذت هذه الجراحة منحا يبعدها عن مفهوم العلاج كالوشم مثلاً وعمليات تغير الجنس فلا نرى مسوغاً لإباحتها وندعو لتجريمها وعدّها من جرائم الاعتداء على حق الإنسان في التكامل الجسدي. والملاحظ أن الأحكام القضائية التي تصدر ضد الأطباء تكون في ميدان الجراحة التجميلية ولهذا يجب أن يكون الطبيب حذراً ومتخصصاً بإجراء عمليات التجميل مع توفير جميع المستلزمات والإمكانيات الضرورية في سبيل الابتعاد عن المخاطر وتحقق العلاج فعلاً وتكون النتائج طيبة(71).

المطلب الخامس

تغيير جنس الإنسان

لابد من التطرق ابتداءً إلى الإنسان والطبيعة الواحدة لكلا الجنسين في الشريعة الإسلامية الغراء الذكر والأنثى فانه مركب من خلق محمود يشبه بها الملك.(72) ومما يؤيد ذلك قوله تعالى (إنَّ هذا إلا ملك كريم).(73) اما كون الطبيعة واحدة لكلا الجنسين فهي تتجلى في انه سبحانه وتعالى وهب النساء كما وهب الرجال ومنح كلاً منهم المواهب التي تكفي كل منهما تحمل المسؤوليات التي على أساسها يستطيعان القيام بالتصرفات الإنسانية العامة والخاصة(74). وكون الذكر والأنثى يمثلان قوام الحياة الإنسانية وسبب عمران الكون فقد فرض بينهما واجب ابتغاء النسل وقد أورثنا الله تعالى تراث إنساني في التناسل واغلب الأحكام الشرعية جاءت ضمن إطار ذلك(75).اما بخصوص فعل تغيير جنس الإنسان فقد عرفه بعض الفقهاء بأنه (التغيير الحاصل للشخص الذي يجعله على هيئة وشكل لجنس معاكس لجنسه المفطور عليه، فهي حالة يجريها الأطباء أو هي عملية مسخ يتم فيها استئصال وطمس المظاهر الجنسية الحقيقية للشخص واصطناع مظاهر للنوع الآخر والتغيير يكون ظاهرياً فلا يكتسب هذا الشخص الصفات الحقيقية للنوع الآخر والتي على أساسها يصبح أحد أفراده فهو لا يكون كذلك إذ أن هذه العمليات في حقيقتها عمليات مسخ محرمة)(76). إذ يتم تجاهل التركيب البايولوجي للشخص الذي فطره الله عليه إلى شخص آخر مسخ فالذكر يمكن أن يكون أنثى بتداخل جراحي وكذلك الأنثى إلى ذكر. وقد نصت المادة (45/3) من القانون ذي الرقم 58 لعام 1994 الصادر في ولاية نيوساوث ويلز على أنها (العملية الطبية التي تقتضي تحويل مظهر العضو التناسلي إلى الجنس المعاكس لجنس الشخص ومن ممارس طبي). أن تغيير الجنس هو رغبة مسوغة لأفراد عاديين تكوينهم البدني سليم وكامل من الناحية التكوينية التي فطروا عليها إذ يظهر لديهم بحسب قناعتهم الميل للتغير إلى الجنس الآخر، فيشرعون بطلب تغيير شكلهم إلى هيئة الجنس الآخر واضعين لأنفسهم مسوغات لا تمت لواقعهم بأية صلة بغية انتشار هذه اللوثة وتلاقي هذه الرغبة إيجاباً من قبل بعض الأطباء فتتبنى هذه الطلبات عن طريق تداخل جراحي وسميت لوثة بعد أن انتشرت انتشاراً مفزعاً وقام الأطباء بتنفيذ هذه الرغبات الشاذة واضعين بعملهم هذا أطراً لها وتجري هذه العمليات من دون ضرورة طبية لإجراء التداخل الجراحي هذا(77). وقد شاعت هذه العمليات في كثير من البلدان المتقدمة شيوعاً لافتاً للنظر وقد يكون هذا الكلام ضرباً من الخيال لكن حدوثه يومياً في بلاد الغرب بدأت هذه العمليات تصل إلى بلادنا، فقد تمت هذه العمليات في العديد من الدول العربية مثل المغرب وتونس ولبنان ومصر وفي أحد المستشفيات الخاصة في مدينة جدة بصورة سرية أيضاً وقد أعلن عنها الطبيب الذي أجرى العملية مدافعاً عن إجرائه هذا بقوله أن تحديد الجنس لا يبنى على العوامل البيولوجية فقط أو العلامات الظاهرة والباطنة للأعضاء التناسلية ولا حتى الكروموسومات وإنما يعتمد أيضاً على الرغبة النفسية التي يجب أن نوليها اهتماماً وانه قادر على حد قوله أن يجعل من الذكر أنثى والعكس إذا ما طلب منه ذلك فيمكنه تحقيقه(78). والأدهى من ذلك فان الناس في بلاد الغرب يروجون لهذا الموضوع ويعدون الأدوار الجنسية التي يمر بها الشخص اجتماعية المنشأ حتى أن الكثير من كتاباتهم ذهبت إلى اعتبار التغيير في الجنس يتم على أساس الـ Gender أي العنصر الاجتماعي(79). هناك حالات أخرى تتشابه مع تغيير الجنس كحالة الشذوذ الجنسي وحالة تصحيح جنس الإنسان التي تجرى لمرضى اضطراب الهوية الجنسية Transexualism وهي تبيح الضرورة الطبية فيها إجراء التداخل الجراحي وسوف نميز بين هذه الحالات. إن الشذوذ الجنسي Sexual Perversions يمثل تنبه الغريزة الجنسية وإطفاء الشهوة بصورة غير طبيعية ويسميه البعض ضلال الشهوة أو انحرافها إذ أن القوى الجنسية تتنبه بغير المنبه الطبيعي أي بغير الجماع بين الرجل والمرأة(80). ويصطلح عليه أيضاً (باشتهاء الجنس الآخر) ويكون الشخص ذا شذوذ جنسي وله كذلك ولع جنسي بأشخاص من نفس جنسه فهو انجذاب جنسي نحو شخص من ذات الجنس خارج السلوك الطبيعي أو السوي وغالباً ما يرتكب هذا الفعل من الذكور الشاذين فيسمى الفعل بـ فعل اللواط. أما المقصود بتصحيح جنس الإنسان فإنها حالة مرضية تخص مرضى اضطراب الهوية الجنسية والتي يصطلح عليها Transexualism والمقصود به هو (حب الانتماء للجنس الآخر والمحاولة بتغيير جنسه للجنس الآخر ولو جراحياً)(81). وانه شعور هذياني أيضاً ينتاب بعض الأفراد العاديين في تكوينهم البدني بانتمائهم إلى الجنس الآخر أو رغبة في تغيير الجنس والتي لا تكمن فقط في الرجل في أن يؤدي دور المرأة وإنما في يكون من الناحية الجنسية امرأة والعكس صحيح أيضاً(82). فالاختلاف بين تغيير الجنس وتصحيح جنس الإنسان في الأمور الآتية:

أولاً: تصحيح جنس الإنسان مرض قديم ومعترف به ويتمثل برغبة قوية للشخص في التحول إلى الجنس الآخر، أما تغيير الجنس فلا يُعد مرضاً وإنما هو رغبة للتغيير إلى الجنس الآخر وتكون مجردة من أية دواع طبية.

ثانياً: يتم تصحيح جنس الإنسان بتداخل جراحي وكذلك الأمر بالنسبة لتغيير جنس الإنسان لكن الاختلاف يكون في الهدف العلاجي ففي تصحيح جنس الإنسان يكون إجراء الجراحة بقصد العلاج أما التغيير فهو لم يتضمن أي هدف علاجي وان القصد من ورائه إرضاء شهوة غير مسوغة.

ثالثاً: تكون الرغبة في التصحيح رغما عن صاحبها لأنها رغبة عارمة وحب انتماء للجنس الآخر، أما طالب التغيير فلا تكون الرغبة لديه رغما عنه وإنما يقدم على هذا الفعل بإرادته ولايكون مكرها على ذلك.

رابعاً: بالنسبة للشعور الهذياني الذي ينتاب مريض اضطراب الهوية الجنسية هذا الشعور لا وجود له في حالة تغيير جنس الإنسان.

خامساً: مرضى اضطراب الهوية الجنسية يعرضون على أطباء من عدة اختصاصات دقيقة في المجالات الطبية والمختبرية(83). وتخضع قرارات اللجان التي مهمتها دراسة طلبات التصحيح إلى لجان طبية نفسية وأخرى استئنافية من اجل النظر بهذه القرارات ومن حيث موافقتها للقانون من عدمه، كل ذلك من اجل الوقوف على حقيقة المرض بغية اتخاذ القرار الخاص بإجراء الجراحة إذ أن المريض ينتابه شعور بالنفور من أعضائه الجنسية. وان كل ذلك غير متوافر في حالة تغيير جنس الإنسان وانه لا وجود للضرورة الطبية فيها ولا تتوافر فيها شروط ودواعي التداخل الجراحي وهي عملية يفقد صاحبها صفاته الجنسية دون أن يكتسب خصائص الجنس الآخر، أما التصحيح فهي إظهار لحقيقة الشخص الجنسية بعد أن كان يعاني من اضطراب بهويته الجنسية. إن موضوع تغيير جنس الإنسان من الموضوعات المثيرة للجدل والنقاش في مجال الفقه الجنائي من حيث إباحة هذا الفعل وأسباب تلك الإباحة، كون الفعل يمثل اعتداءً صارخاً ومساساً واضحاً بحرمة الكيان الجسدي للإنسان وحقه في السلامة الجسدية وبذلك تأخذ أهمية مناقشة موضوع فعل تغيير الجنس الإرادي من نواح مهمة وهي تلك المتعلقة بكيان الإنسان الجسدي وتكامله الذي يُعد أحد عناصر الحق في سلامة الجسم. ابتداءً لابد من توضيح موقف الشريعة الإسلامية من تغيير الجنس إذ حرصت الشريعة الإسلامية على حق الإنسان بالتكامل الجسدي وقد خصت الإنسان بكرامة خاصة إذ كرمه الله سبحانه على سائر خلقه وإزاء هذه المنزلة فقد وفرت الشريعة حرمة خاصة للإنسان ووضعت الحماية اللازمة له وشرعت من أجل ذلك ما يصون كرامته وما يحرم الاعتداء عليه وتأثيم القائم بالاعتداء سواء أكان الفعل موجها من الغير أم ذات النفس(84) وتبين الآيات الكريمة مدى تكريم الخالق سبحانه وتعالى للإنسان إذ جاء في القرآن الكريم (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)(85) وكذلك (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)(86). أما حكم فعل تغيير جنس الإنسان فقد جاء ذكره في القرآن الكريم صراحة بأنه تغيير خلق الله وهو استجابة الناس لما يأمرهم به الشيطان على سبيل الغواية والإضلال للوقوع بالمعاصي وذلك في قوله تعالى (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)(87) وكذلك قوله تعالى (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى & وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى)(88). إن هذه الآيات الكريمة تشير أن الله تعالى خلق الأشياء كلها فجعلها سواء في الأحكام والإتقان حسبما اقتضته حكمته وقد جعل الله كل جنس ونوع من الموجودات مناسباً للأعمال التي جبلته من تسوية خلقها وكذلك تركيب الأجزاء الجسدية الظاهرة للإنسان مثل اليدين والباطنة مثل القلب وإيداع القوى العقلية كالحس كلها تسوية الخلق فلا يصح معاكسة هذه التسوية بتغيير جنس الذكر وذلك بإزالة قضيبه والأنثى بتركيب قضيب اصطناعي لها((89)، لما في ذلك من تغيير لخلق الله المحرم ودلالة هذه الآيات تشير إلى حرمة هذه العمليات وعدم جوازها. إن السنة النبوية الشريفة التي تمثل المصدر الثاني من المصادر التشريعية بعد القرآن الكريم أشارت إلى حرمة فعل التغيير وفي حديث نبوي شريف عن ابن مسعود انه صلى الله عليه وسلم قال (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله)(90) فالواشمة طبقاً لنص الحديث هي التي يفعل بها الوشم أما المستوشمة هي التي تفعله وذكر أن الجزء الذي يوضع به الوشم نجساً لان الدم أنجس فيه فيجب إزالته أن أمكن ولو بالجرح ويستوي بذلك الرجل والمرأة عليه يكون تعاطيه حرام بدلالة الحديث. أما المتنمصات فهن اللواتي يطلبن النماص وهو إزالة الشعر من الوجه بواسطة الملقط ويسمى الأخير بالمنماص وذكر في هذا الشأن انه لا يجوز لمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقصان التماساً للحسن لا للزوج ولا لغيره كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما كل ذلك داخل في النهي وهو من تغيير خلق الله(91). أما المتفلجة فهي التي تبرد أسنانها ليتباعد بعضها عن بعض قليلاً وتقوم بتحسينها ويعد ذلك حرام بدلالة الحديث فلا يجوز للمرأة طلبا للحسن أن تقوم بوشر أسنانها وعادة تقوم به المرأة الكبيرة لتوهم انها صغيرة بعد أن تقوم بتحديد أسنانها فقد ورد النهي عن ذلك لما فيه من تغيير الخلقة الأصلية(92). ومن ذلك يمكن القول أن الجراحة التي تحدث شيئاً غير موجود أصلاً أو أنها تخوض في أشياء محرمة التماساً للحسن أو لمجرد الرغبة في التغير فهو حرام ولولا ذلك لما وردت الحرمة به وهي بذات الوقت وردت اللعنة عليهم فبذلك يكون تعاطي مثل هذه الأمور حرام. فإذا كانت الأفعال البسيطة مثل الوشم والتنمص والتفلج تعد من المحرمات فكيف الحال من طمس معالم جنس الذكر وإظهاره بمظهر الأنثى وبالعكس، بالتأكيد تكون أكثر حرمة لما تتضمنه من تعد واضح على الخلقة السوية التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى لعباه. أما الموقف الفقهي من فعل التغيير إذ انه يكاد يجمع الفقه بعدم مشروعية فعل التغيير إذ أن جسم الإنسان هو الكيان الذي يباشر الوظائف الحيوية وهو محل لهذا الحق وهو يعد من الحقوق الشخصية يصونها المجتمع لكل الأفراد وان الاعتداءات عليها يعني المساس بحق الإنسان في الحياة وتكامله الجسدي. فهذا المبدأ يعد من الحقوق الشخصية واللصيقة بها فرفض أي مساس بسلامة الجسم أو عدم الخضوع للعمليات الجراحية أو الطبية ويعد من تلك الحقوق ويعد مبرراً للرفض أيضاً(93). وتجدر الإشارة بأن جانب من الفقه الفرنسي والفقه الإيطالي يرى عدم مشروعية فعل التغيير وأساس عدم المشروعية هو أن طبيعة الشخص على جسمه وحريته التي يمارس من خلالها جميع أنشطة الحياة وانه مبدأ لا يجوز المساس به على أساس أن ذلك يتعلق بالنظام العام وأكدت ذلك اغلب القوانين والفقهاء الإيطاليين يسلمون بنظرية الرضا الحر سبباً لإباحة النشاط الطبي مستندين في ذلك على المادة (50) من قانون العقوبات الإيطالي إذ تضمنت قاعدة عامة عدت الرضا مبرر للجرائم التي تمس أو تعرض للخطر حق شخصي يجوز التصرف فيه لكن هذا الحق مقيد بنص المادة (4) من القانون المدني الإيطالي التي اشترطت عدم مخالفة تلك الأفعال للقانون أو النظام والآداب الحسنة وتصرفات الشخص على الحق في التكامل الجسدي تكون مشروعة شريطة ألا يترتب على الفعل نقص دائم في كيانه البدني من حيث الحق في التكامل الجسدي(94). وعلى أساس ما تقدم فهل يُعد فعل تغيير الجنس في قوانين حتى الدول التي أجازت هذه الجراحات انتهاكاً لموضوع الحق في الصحة البدنية وتشجيعاً له في الوقت الذي خلصنا فيه سابقاً إلي أن الصحة البدنية والحق في التكامل الجسدي حق يكفله المجتمع لكل المواطنين؟ حسب تقديري ومع وجود هذه الضمانة فانه يُعد انتهاكاً لها فكان على الدول التي أجازت تغيير الجنس أن توقف العمل به وبالقوانين المنظمة له لضمان حقوق هؤلاء الأشخاص بالتمتع بالصحة البدنية بأعلى مستوى لها وتوعيتهم بعدم الإقدام على مثل هذه الجراحات اللاأخلاقية لان هذه الحقوق نصت عليها لوائح حقوق الإنسان وان ممارسة الشخص لهذه الحريات لا تكون إلا في الإطار والحدود التي يضعها القانون وممارساتها تتماشى ومقتضيات الأخلاق والعدالة والنظام العام، عليه فالتعارض واضح أي أن موقف لوائح حقوق الإنسان المعلنة تتنافى وفعل تغيير جنس الإنسان الذي يتعارض أيضاً مع أبسط قواعد الأخلاق. اما القوانين التي أباحت عمليات تغيير الجنس صراحة فهو القانون السويدي وقانون ألمانيا الديمقراطية السابقة إذ نظم كل منهما هذه العمليات تنظيماً دقيقاً، فقد نص القانون السويدي على حالتين أباح فيهما عملية تغيير الجنس وهما:

الحالة الأولى: حالة التغيير نتيجة الرغبة والشعور النفسي(95).

الحالة الثانية: حالة التغيير نتيجة التشوهات في الأعضاء التناسلية(96).

وهناك قوانين أقرت بمشروعية عمليات تغيير الجنس وأباحتها بصورة ضمنية استناداً إلى أحكام قوانين صادرة أبيح بمقتضاها عمليات الاخصاء والعقم وهي القانون الألماني والدنمركي والنرويجي وقوانين أخرى نظمت إجراءات ما بعد فعل التغيير الحاصل لجنس الإنسان وهي قانون كولومبيا وقانون البرتا Alberta في كندا ودول أخرى مثل روسيا التي أجازت التصديق الإداري على هذا الفعل(97). وفي إنكلترا والنرويج أجازت قوانينهما لمن يغيرون جنسهم أن يستردوا نفقات هذه الجراحة من الضمان الاجتماعي، هذا ويذكر أن صدور اللائحة الخاصة بالجرائم الجنسية في بريطانيا عام 1967 أدى إلى التخلص من كل عقبة قانونية تواجه الاعتراف بمشروعية هذه الجراحات إذ أن هذه اللائحة لا تعترض على أي عملية جراحية تهدف إلى تحقيق هدف علاجي(98). هذا وقد اعتمدت هذه القوانين على الشهادة الطبية الصادرة من الجراح الذي أجرى عملية التغيير لاتخاذها معياراً لإجابة المغير لجنسه على طلبه الخاص بتغيير جنسه في سجله المدني وهذا أيضاً تشجيع آخر للأطباء على إجراء عمليات تغيير الجنس. إن اغلب القوانين لم تتناول فعل تغيير الجنس في نصوص قوانينها لا بصورة صريحة ولا ضمنية فيصح عليها القول أنها التزمت حيال هذا الموضوع جانب الصمت(99)، ولغياب النص التشريعي فيها ومن خلال مناقشات فقهية وضع أطرها الفقهاء وأخرى أحكام قضائية صدرت لتقرر مشروعية فعل التغيير وقد ركزت هذه المناقشات على أن للفرد الحق في اختيار جنسه وقد تمحورت أيضاً على قصد العلاج وإسناد هذا العمل إلى القواعد العامة في أعمال الطب والجراحة وصولاً إلى أباحته كون هناك ضرورة علاجية حسب مناقشات الفقهاء والقرارات القضائية، إذ أصدرت محكمة جنح بروكسل بتاريخ 27/9/1969 قراراً حول فعل تغيير جنس الإنسان تتلخص وقائعها في أن مجموعة من الأطباء قاموا بإجراء تداخل جراحي لشخص بغية تغيير جنسه إلا أن العملية الجراحية هذه تمخض عنها وفاة هذا الشخص، فوجهت تهمة القتل الخطأ إلى الأطباء من قبل النيابة العامة مع التسبيب وهو مباشرة الأطباء عملية جراحية ليس لها ما يسوغها من الناحية الطبية ونتيجة المحاكمة أصدرت المحكمة المذكورة قرار يقضي ببراءة الأطباء من التهمة المنسوبة إليهم معللة قرارها يستند على توافر قصد العلاج في إجراء هذه العملية من قبل هؤلاء الأطباء فهناك هدف علاجي والتدخل الطبي كان له طابع ضرورة طبية(100).

أما القضاء الفرنسي فقد اعتمد على المعيار النفسي لتسويغ فعل التغيير واحترام اختيار الفرد وحريته(101). أن المشرع العراقي قد أحاط التكامل الجسدي للإنسان بالحماية من اجل المحافظة على أعضائه وعلى دوره الاجتماعي وذلك بالنص على جريمة العاهة المستديمة والأفعال التي تفضي إلى إحداثها الأمر الذي تنهض معها المسؤولية الجنائية وقد تناولنا في المبحث الأول من هذا الفصل الأشكال التي نصت عليها المادة (412) من قانون العقوبات العراقي للعاهة المستديمة وفي فعل تغيير جنس الإنسان الذي يجريه الجراح عن طريق استئصال الأعضاء التناسلية الذكرية أو الأنثوية مع ملاحظة أن فعل الجراح هذا يكون خاليا من قصد العلاج فيكون خارج إطار الجراحات المصرح بها كفعل يقوم به المختصون من أهل الفن الطبي، وقطع عضو التناسل يقصد به إصابة الرجل بالعقم الدائم ويتم بفعل اعتداء يفضي إلى استئصال القضيب أو الخصيتين ويشمل هذا التعبير (قطع عضو أو بتر جزء منه) ولا تحتمل هذه العبارة التي أوردها المشرع التفرقة بين الجنسين. وقد نصت المادة (30/5) من قانون الآداب الطبية العامة اللبناني الصادر في 1994 بما يأتي (يعد هذا الفعل تشويـها إذا أدى العمل الطبي أو الجراحي إلى تغيير الجنس وكان مؤثرا في مستقبل المريض) الأمر الذي يقودنا إلى القول بان التشويه في جسم المريض أفضى إلى إحداث عاهة مستديمة ارتكبت بحق هذا الشخص. إن كل مساس مقصود بجسم شخص يكون اعتداءا على حقه في سلامته البدنية أو الصحية ويشكل جريمة إيذاء عمدية تأخذ وصف جناية أو جنحه حسب النتائج الناجمة عن فعل الإيذاء(102). وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية بان (المتهم أجرى للمجني عليه علاجا غير مصرح له بأجرائه وترتب عليه المساس بسلامته فان جريمة عمدية توافرت عناصرها في الواقعة)(103).

__________________________

1- أنظر المادتين (39، 40) من قانون العقوبات العراقي.

2- وقد تكون العقوبة هنا أحياناً تأديبية إذا كان الامتناع يشكل إخلالاً بواجبات الوظيفة فقط، وقد تكون العقوبة في أحيان أخرى جزائية كما لو مكن أحد الحراس السجين من الفرار، أنظر المادة (268) من قانون العقوبات العراقي.

3- سورة النساء، الآية 34.

4- الدكتور ضاري خليل محمود، تفاوت الحماية الجنائية بين المرأة والرجل في قانون العقوبات المقارن والشريعة الإسلامية، المصدر السابق، ص74.

5- والنشوز في اللغة معناه الارتفاع ويراد به مجازاً (الترفع) أي ترفع الزوجة عن طاعة زوجها وقد ورد بأن (نشوزهن) معناه استعلائهن على أزواجهن وارتفاعهن عن فرشهن بالمعصية منهن وقد توسع الفقه الإسلامي في معنى النشوز بحيث جعله يشمل كل معصية لم يرد بشأنها حد مقرر، أنظر الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الجزء الثاني، ص334؛ والدكتور أحمد إبراهيم جاد، استعمال الحق كسبب للإباحة الجنائية، القاهرة، 1974، ص103.

6- قرار محكمة التمييز رقم 115 في 11/6/1974، النشرة القضائية، السنة الخامسة، العدد الأول، ص408.

7- قرار محكمة التمييز رقم 216 في 25/12/1976، مجموعة الأحكام العدلية، السنة السابعة، 1977، العدد الرابع، ص326.

8- قرار محكمة التمييز رقم 452 في 9/5/1976 مجموعة الأحكام العدلية، السنة السابعة، 1977، العدد الثاني، ص372.

9- أنظر المادة (60) من قانون العقوبات المصري؛ والدكتور علي أحمد راشد، مبادئ القانون الجنائي، الجزء الأول، الطبعة الثانية، القاهرة، 1950، ص445. ونصت المادة (1) من قانون العقوبات المصري (لا تخل أحكام هذا القانون في أي حال من الأحوال بالحقوق الشخصية المقررة في الشريعة الغراء).

10- الدكتور فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات، القسم العام، مصدر سابق، ص132.

11- الدكتور فؤاد زكي عبد الكريم، المصدر السابق، ص29.

12-الدكتور عبد الحميد الشواربي، المصدر السابق، ص272.

13- سنن أبي داود، الجزء الأول، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1988، ص130. وكذلك ينتقل حق التأديب إلى من تنتقل لهم مهمة المراقبة والرعاية والتعليم كالمعلمين وأصحاب المهن والمخدومين، أنظر جندي عبد الملك، مصدر سابق، ص830.

14- السيد أبو القاسم الخوئي، مباني تكملة المنهاج، الجزء الأول، مطبعة الأدب، النجف الأشرف، 1975، ص340، 341.

15- الدكتور فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات، القسم العام، المصدر السابق، ص143.

16- الدكتور محمد الفاضل، المبادئ العامة في التشريع الجزائي، مطبعة الداودي، دمشق، 1975، 1976، ص273.

17- الدكتور محمود نجيب حسني، أسباب الإباحة في التشريعات العربية، القاهرة، 1962، ص111.

18- رقم القرار 304/ تمييزية/ 78 في 5/6/1978، مجموعة الأحكام العدلية، العدد الثاني، السنة التاسعة، 1978، ص191.

19- الدكتور عبد الرؤوف مهدي، الاتجاهات المعاصرة في أساس ونظام إباحة الجريمة الرياضية، بحث منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة، السنة 27، العدد 3، 1983، ص49.

20- الدكتور محمود نجيب حسني، بحثه الحق في سلامة الجسم، مصدر سابق، ص545.

21- الدكتور محمود نجيب حسني، أسباب الإباحة في التشريعات الإسلامية، مصدر سابق، ص134؛ والدكتور شريف بدوي، مصدر سابق، ص181.

22- ينظر بشأن موقف الفقه في ألمانيا الدكتور محمود نجيب حسني، بحثه الحق في سلامة الجسم، مصدر سابق، ص563.

23- أنظر المادة (38) من قانون العقوبات العراقي.

24- صحيح مسلم، الجزء الثامن، مطبعة محمد علي صبيح وأولاده، مصر، بلا سنة نشر، ص56.

25- الأستاذ عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1985، ص637.

26- J. C. Smith and Brian Hogan, Criminal Law, Worth and Co. (Publishers) LTD  London. C S, 1965, p267.

27- الدكتور ضاري خليل محمود، بحث عنوانه، في الأساس القانوني لإباحة النشاط الطبي، المنشور في مجلة العدالة، العدد الرابع، السنة الرابعة، (تشرين الأول، تشرين الثاني، كانون الأول) 1978، ص567.

28- الدكتور محمود نجيب حسني، أسباب الإباحة، مصدر سابق، ص116، والدكتور فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات، القسم العام، مصدر سابق، ص 136.

29- وانظر المادة (63) من قانون العقوبات العراقي التي نصت على حالة الضرورة.

30- فالمتخرج من كلية الطب أو كلية طب الأسنان لا يملك أجراء جراحة أو علاج ما لم يكن حاصلا على الترخيص فالمادة (43/1) من قانون نقابة الأطباء رقم 114 لسنة 1966 حظر ممارسة مهنة الطب والجراحة قبل الحصول على شهادة التسجيل وإجازة الممارسة على وفق أحكام هذا القانون وكذلك قانون نقابة أطباء الأسنان رقم 38 لسنة 1970، وعليه فان المؤهل العلمي والترخيص أمران مختلفات وقد يحصل الطبيب على المؤهل العلمي ولا يحصل الترخيص بالممارسة، وكذلك نصت المادة ((185)) من قانون العقوبات السوري بأنه ((1ـ لا يعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة. 2ـ يجيز القانون آ ـ ضروب التأديب … ـ ب ـ العمليات الجراحية والعلاجات الطبية المنطبقة على أصول الفن شرط أن تجري برضى العليل أو رضى ممثليه الشرعيين أو في حالات الضرورة الماسة)).

31- الدكتور محمود نجيب حسني، أسباب الإباحة، مصدر سابق، ص 120

32- على رأي في الفقه المصري، ليس ما يدعو إلى إضافة هذا الشرط، الدكتور رمسيس بهنام: الجريمة والمجرم والجزاء، الطبعة الثانية، منشاة المعارف، الإسكندرية، 1976، ص 229

33- الدكتور محمود مصطفى، شرح قانون العقوبات، القسم العام، الطبعة التاسعة، 1974، ص 182.

34- انظر الدكتور، سمير الجنزوري، المصدر السابق، ص 508

35- الدكتور فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات، القسم العام، مصدر سابق، ص 140

36- انظر أستاذنا الفاضل الدكتور جمال إبراهيم عبد الحسين الحيدري، اثر خطا المريض في مسؤولية الطبيب الجزائية، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية تصدرها كلية القانون في جامعة بغداد، المجلد السابع عشر، العدد الأول والثاني، 2002، ص 77

37- انظر في صدد حجج الممانعين والمجيزين لهذه العمليات الدكتور احمد محمود سعيد، المرجع السابق، ص 33

38- انظر المادة الخامسة من قانون مصارف العيون العراقي والمادة الرابعة من قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية العراقي.

39- الدكتور محمد حماد مرهج الهيتي، التكنولوجيا الحديثة والقانون الجنائي، الأردن، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2004، ص 12،، الدكتور أسامة عبد الله فايد، المسؤولية الجنائية للأطباء، دراسة مقارنة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1987، ص 341

40 -و تنص المادة (60) من قانون العقوبات المصري بأنه ((لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة)).

41- الدكتور سمير الجنزوري، المصدر السابق، ص 506

42- انظر المادة الخامسة من قانون مصارف العيون العراقي والمادة الرابعة من قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية العراقي.

43- انظر المادة الثانية من قانون مصارف العيون العراقي.

44- الدكتور محمود مصطفى، شرح قانون العقوبات، القسم العام، 1947، المرجع السابق، ص 180

45- الدكتور أسامة عبد الله قايد، المصدر السابق، ص 342

46- صدر في فرنسا القانون رقم 1181 لسنة 1976 تحت عنوان (نقل وزراعة الأعضاء) وفي العراق صدر القانون رقم 85 لسنة 1986 تحت نفس العنوان، كذلك القانون الفنزولي رقم 19 لسنة 1972 والمرسوم الملكي الاسباني رقم 426 الصادر في 22 شباط 1985 والمرسوم اليوغسلافي الصادر في 15 حزيران 1982

47- الدكتور محمد حماد مرهج الهيتي، المصدر السابق، ص 23، ويلاحظ أن بعض المؤتمرات الإسلامية أوصت بتحريم نقل الأعضاء التي يترتب على نقلها اختلاط الأنساب، كالخصية والمبيض، لاحظ التوصية الرابعة للمؤتمر الطبي العربي، الدورة الخامسة والعشرون، وكذلك قرارات مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة المنعقدة في جدة، السعودية 1988 أشار له الدكتور فرج صالح الهريش، المصدر السابق، ص 56،

48- الدكتور محمد حماد مرهج الهيتي، المصدر السابق، ص 24

49- لقد عالج المشرع الفرنسي نقل الأعضاء بالقانون رقم 1181 لسنة 1976 والذي صدر تحت عنون نقل وزراعة الأعضاء إذ أنها أشارت إلى عمليتي نقل الأعضاء وزراعتها نظرا لاستقلال كل منهما على الأخرى، وقد نصت المادة الثالثة من هذا القانون بأنه (إن الأعضاء البشرية لا يمكن أن تكون محلا للمعاملات المالية)

50- الدكتور عبد الوهاب عمر البطراوي، المصدر السابق، ص 42.

51- وهذه الضوابط هي نفس القواعد العامة في إباحة الأعمال الطبية، أن الفقرة الأولى من المادة السابعة من قانون أخلاقيات مهنة الطب في فرنسا تنص على ضرورة احترام إرادة المريض كلما أمكن ذلك.

52- انظر الدكتور محمد حماد مرهج الهيتي، المصدر السابق، ص116، وانظر كذلك

MONZEIN , P: Laresponsabilite Penale du medcine Revue de science criminelle et de droit penal compare , 1971 , p.874

53- هذا ما أشار إليه الدكتور احمد شوقي عمر أبو خطوة، المصدر السابق، ص72

54- الدكتور فرج صالح الهريش، المصدر السابق، ص88

55- MALHERB EJ , medecine , et droit moderne , mason Et CIT , 1969 , P114

56- وفي نفس المعنى جاء بالفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون الفرنسي رقم 23 لسنة 1976 وكذلك القانون التشيكوسلوفاكي رقم 20 لسنة 1966 في المادة 23 منه والقانون الدنمركي رقم 246 لسنة 1967 في الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه

57- انظر بخصوص إجازة التبرع بالأعضاء مقررات مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة سنة 1988 أشار إليها الأستاذ (مصطفى القضاة) في بحثه الذي عنوانه، حكم الاستفادة من أعضاء الإنسان الحي وأجزائه، والمنشور في مجلة أبحاث اليرموك مجلد 13 عدد4،1997، ص119، وينظر كذلك الدكتور عبد الحميد إسماعيل الأنصاري، المصدر السابق، ص17.

58- انظر المادة (1) من قانون العقوبات العراقي.

59- الدكتور عبد الحميد إسماعيل الأنصاري، ضوابط نقل وزراعة الأعضاء البشرية في الشريعة والتشريعات العربية، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، القاهرة، 2000، ص17.

60- الدكتور أسامة عبد الله قايد، المصدر السابق، ص306

61-أن الرأي الذي استقر عليه الفقه الألماني هو إجازة التجارب الطبية مادام الغرض منها مشروعاً في قوانين الدولة، انظر الدكتور حسن زكي الأبراشي، مسؤولية الأطباء والجراحين المدنية في التشريع المصري والقانون المقارن دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، بلا سنة نشر، ص391.

62- الدكتور أسامة عبد الله قايد، المصدر السابق، ص315.

63- انظر تعليمات السلوك المهني للأطباء في العراق.

64- الدكتور مصطفى إبراهيم الزلمي وعبد الباقي البكري، المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية، المرجع السابق، ص262. 

65- هذا التعريف للدكتور (لويس دارتيج) مؤسس ومدير الجمعية العلمية لجراحة التجميل، أشار إليه الأستاذ سمير أورفلي، مدى مسؤولية الطبيب المدنية في الجراحة التجميلية، بحث منشور في مجلة رابطة القضاة، السنة 20، العدد 8و9، 1984، ص31.

66- ينظر بشأن القضاء الفرنسي من الجراحة التجميلية الدكتور حسن زكي الابراشي، المصدر السابق، ص293.

67- الدكتور فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات، القسم العام،، المصدر السابق، ص138.

68- الدكتور حسن زكي الابراشي، المصدر السابق، ص300.

69- الدكتور محمود نجيب حسني، أسباب الإباحة، المصدر السابق، ص120.

70- الدكتور محمود محمود مصطفى، القسم العام الطبعة التاسعة (1974) المصدر السابق، ص180.

71- D.paul Monzein, laresponsabilite penale du medecin, Revuede scince criminelle etde Droit penal compare, Nouvelle serie, Tom XXVI، Annee, N 4 october 1971 p.866.

72- أبي عبد الله الأزرق، بدائع السلك في طبائع الملك، تحقيق الدكتور علي شامي النشار، منشورات وزارة الإعلام، سلسلة كتب التراث، العراق، 1977، ص419.

73- سورة يوسف الآية /31.

74- محمد شلتوت، من توجيهات الإسلام، الطبعة السابعة، دار الشروق، 1983، ص177.

75- الدكتور شوكت عليان، موانع النكاح في الإسلام، مطبعة الجامعة، بغداد، 1980، ص7.

76- الدكتور الشهابي إبراهيم الشرقاوي، تثبيت الجنس وآثاره، دراسة مقارنة، في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، الطبعة الأولى، دار الكتب، القاهرة، 2002، ص17.

77- الدكتور محمد علي البار، بحث لوثة تحويل الجنس، المتاح على الموقع الإلكتروني www.khayma.com في 7/11/2002 ص1.

78- الدكتور محمد علي البار، المصدر السابق، ص2.

79- Suzanne j. Kessler and Wendy Mekenna، Gender an Ethnomethedologieal Approach Copyright by John Wiley and Son’s. New York 1978. p 116.

80- الدكتور وصفي محمد علي، الطب العدلي علماً وتطبيقاً، الطبعة الثالثة، مطبعة المعارف، بغداد، 1970 ص315.

81- حسين سليم، الموسوعة الجنسية، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2002 ص225.

82-الدكتور احمد محمود سعيد، تغيير الجنس بين الحظر والإباحة، المصدر السابق، ص196.

83- انظر المادة (3/رابعا) والمادة (4) من التعليمات الصادرة عن وزارة الصحة في العراق والخاصة بتصحيح جنس الإنسان.

84- الدكتور حسن عودة زعال، التصرف غير المشروع بالأعضاء البشرية في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2001 ص22.

85- سورة الإسراء، الآية رقم 70.

86- سورة التين، آية رقم 4.

87- سورة يس، الآية رقم 60.

88- سورة الأعلى، الآيات 2، 3.

89-محمد المحجوب الطريطر، حول تغيير الجنس بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية، مجلة المحامون السورية، العددان 7، 8، السنة 66 / 2002 ص638.

90- صحيح مسلم، حديث رقم 1261، ص430، ومسند الإمام احمد رقم 3687، سنن أبي داود، ص77، رياض الصالحين، باب 296/1945.

91- احمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، الطبعة الأولى، الجزء العاشر، دار الفيحاء للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1997، ص456.

92- الدكتور حسن عودة زعال، المصدر السابق، ص23.

93- Jean carbonnier. Droit civil (introduction les personnes): paris 1982. P234.  

94- شعبان أبو عجيلة عصارة، المسؤولية الجنائية للطبيب عند استخدام الأساليب المستحدثة في الطب والجراحة، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، جامعة بغداد، كلية القانون، 2001، ص22.

95- المادة الأولى من القانون السويدي الصادر بتاريخ 21/4/1972.

96-المادة الثانية من القانون السويدي.

97- الدكتور علي حسين نجيدة، بعض صور التقدم الطبي وانعكاساتها القانونية في مجال القانون المدني (التلقيح الصناعي وتغيير الجنس)، مطبعة كلية الحقوق، جامعة القاهرة، مصر 1990/1991 ص74.

98- الدكتور الشهابي إبراهيم، المرجع السابق، ص232.

99- الدكتور احمد محمود سعيد / تغيير الجنس بين الحظر والإباحة، المرجع السابق، ص500.

100- الدكتور عمر فاروق الفحل، تحول الجنس بين الشريعة والقانون، منشور في مجلة المحامون السورية، الأعداد 10، 11، 12، السنة 53، 1988، ص871.

101- الدكتور الشهابي إبراهيم الشرقاوي، المصدر السابق، ص255.

102- الدكتور عبد الحميد الشواربي، المصدر السابق، ص279

103- محكمة النقض 2/مارس/ 1982 طعن 2260 لسنة 50، والمشار إليه في المستشار احمد عبد الظاهر الطيب، موسوعة التشريعات الجنائية دار الكتب القانونية، المحلة الكبرى، 1988، ص1377

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .