أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-7-2019
2295
التاريخ: 20-3-2017
24183
التاريخ: 30-6-2019
5857
التاريخ: 2024-10-06
403
|
سلك الإسلام طريقاً محكماً فريداً في بيانه للجرائم والعقوبات، وذلك من خلال طريقين، الأول أحصى فيه الجرائم وعقوبتها، بحيث لا يكون فيها مجالاً للاجتهاد، والثاني عرف فيه الجريمة تعريفاً عاماً، وترك لولي الامر حسب الظرف والزمان والمكان تقدير العقوبة، حيث يتمتع القاضي بصلاحيات واسعة في هذا المجال. يعرف الطريق الأول بجرائم الحدود والقصاص والديات، حيث تحدد فيها تلك الجرائم وعقوباتها، باعتبارها أخطر الجرائم التي تهدد سلامة وأمن المجتمع، وذلك بالنظر إلى الأثر الخطير الذي توقعه على المجتمع ككل وافراده. ويعرف الطريق الثاني بجرائم التعازير، حيث ترك تحديدها وعقوبتها إلى القضاء، وفيما يلي ايجاز بسيط لتلك الجرائم، ولما له علاقة فحسب بموضوع البحث. ان النظام الإجرائي الجنائي في الشريعة الإسلامية يختلف تطبيقه باختلاف الجريمة، وهي على ثلاثة أنواع:-
1- جرائم الحدود: وهي الجرائم المعاقب عليها بحد، والحد هو العقوبة المقدرة حقاً لله تعالى، ومعنى العقوبة المقدرة انها محددة، فليس لها حد أعلى ولا حد ادنى. ومعنى انها حق لله أي لا تقبل الاسقاط لا من الافراد ولا من الجماعة(1). وسميت حدوداً، لأنها تمنع الفاعل من العودة للجريمة، ولتحديد عقوبتها من قبل الشارع الحكيم. والغاية من العقوبة فيها هو حماية المصلحة العامة، فكل جريمة يرجع فسادها إلى العامة، وتعود منفعة عقوبتها عليهم، تعتبر من جرائم الحدود. والتي حددها الشرع بسبعة جرائم هي (الزنى، القذف، السرقة، السكر، الحرابة، الردة، البغي)(2). هذه الجرائم إذا وقعت، فلا يجوز تعطيل عقوبتها نحو الجاني، لأن في ذلك تفويتاً لمصلحة محققة، وإغراء بارتكاب الجرائم، ورضاً بإفلات المجرم، هذا بعد ان يصل الامر إلى الحاكم، اما قبل ذلك، فلا بأس من التستر على الجاني، قال رسول الله ( r ) في ذلك: (( تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب )(3). الا ان هذه العقوبة ( الحد ) لا يمكن تنفيذها الا إذا ثبت بالدليل الذي لا يتطرق اليه الشك، قيام تلك الجريمة ونسبتها إلى الجاني، لذا يقال بأن الحدود تسقط بالشبهات. وعليه فإن عملية الإثبات في جرائم الحدود مشددة، وصلاحية القاضي في تحديد نوع ومقدار العقوبة معدومة في معظم تلك الجرائم ومحدودة جداً في بعضها.
2- جرائم القصاص والدية: وهي الجرائم التي تقع اعتداء على حق لله تعالى فضلاً عن حق العبد، ولكن حق العبد فيها الأغلب. وهي جرائم معاقب عليها بقصاص أو دية، وكل من القصاص والدية عقوبة مقدرة حقاً للأفراد، ومعنى انها مقدرة انها ذات حد واحد، فليس لها حد أعلى وحد أدنى تتراوح بينهما، ومعنى انها حق للأفراد ان للمجني عليه ان يعفو عنها إذا شاء، فإذا عفا اسقط العفو العقوبة عن الجاني(4). ومن ثم فهي تشترك مع جرائم الحدود في انها محددة وعقوبتها من الشارع الحكيم، وتختلف عنها في انها تضر بالافراد اكثر من ضررها بالمجتمع، لذا يحق للمجني عليه التنازل عن عقوبتها والعفو عن الجاني، مقابل الدية أو بدونها(5). وجرائم القصاص والدية تتمثل في (القتل العمد، القتل شبه العمد - أي الضرب المفضي إلى الموت-، والجناية على مادون النفس عمداً – أي الايذاء العمد- )، وعملية الإثبات في جرائم القصاص والدية مشددة أيضا، وصلاحية القاضي في تحديد نوع ومقدار العقوبة محدودة أيضا.
3- جرائم التعازير: التعزير تعني الاهانة أو التأديب، ويقصد بها في الشرع كل جريمة تأديب على ذنب لا حد فيه ولا كفارة(6)، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة: (7) .كل جريمة من جرائم الحدود أو القصاص، إذا تخلف فيها شرط من شروط ثبوتها أو تنفيذها، تتحول إلى جريمة تعزيرية تلقائياً.
ومن ثم فان هذه الجرائم غير محددة – كما هو الحال في جرائم الحدود أو القصاص – الا ان الشرع نص على بعض منها على سبيل المثال لا الحصر ( كالربا، خيانة الامانة، السب والرشوة ) وتركت لأولي الامر النص على بعضها الآخر. كما ان عقوبة تلك الجرائم غير محددة أيضا، انما اكتفى الشرع بتقرير مجموعة من العقوبات لها، وتركت للقاضي حرية اختيار العقوبة التي تناسب كل جريمة ومجرم على حدة. جرائم التعازير تقبل العفو من ولي الامر، وكذلك من المجني عليه إذا كانت الجريمة تمس حقوقه الشخصية فقط دون العامة، وعملية اثباتها تكون غير مشددة، كما ان للقاضي صلاحيات واسعة في تحديد نوع ومقدار العقوبة(8).
___________________
1- يقول سبحانه وتعالى في هذا المعنى ( تلك حدود الله فلا تقربوها ). سورة البقرة، آية 187.
2- انظر في هذا المعنى:
- كمال الدين محمد بن عبدالواحد ( ابن همام )، "فتح القدير"، ط1، المطبعة الاميرية، القاهرة، 1317هـ، ج4، ص112 وما بعدها.
3- أخرجه ابو داود والنسائي والحاكم. مشار اليه لدى: السيد سابق، فقه السنة، م2، دار الفكر، بيروت، 1403هـ، ص302.
4- انظر في هذا المعنى:
عبدالمجيد محمد مطلوب، "الأصل براءة المتهم"، المرجع السابق، ص205.
5- قال سبحانه وتعالى: ( يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الجر بالحر، والعبد بالعبد، والانثى بالانثى، فمن عفى له من أخيه شيء، فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة، فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم، ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون ). سورة البقرة، الآية 178.
6- السيد سابق، فقه السنة، م2، المرجع السابق، ص497.
7- انظر في هذا المعنى:
- احمد الكبيسي، محمد شلال حبيب، "المختصر في الفقه الجنائي الاسلامي"، مطبعة التعليم العالي، الموصل، 1989، ص 12-14.
8- انظر في هذا:
عبدالقادر عودة، "التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي"، ج1، دار التراث العربي للطبع والنشر، القاهرة، 1977، ص80.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|