أقرأ أيضاً
التاريخ: 2/12/2022
1291
التاريخ: 21-12-2015
5572
التاريخ: 22-12-2015
3215
التاريخ: 2/12/2022
1092
|
ان في أواخر القرن التاسع عشر ظهر في ألمانيا نوع جديد من الدراسات المناخية التي فرضتها الحاجة الشديدة لمضاعفة استغلال الأراضي الزراعية حتى يمكنها أن تواجه التزايد المستمر في عدد السكان، فقد رأى بعض الباحثين وعلى رأسهم كرواس(1) "Gregor Kraus" أن علم المناخ يمكنه أن يقدم خدمات كثيرة لهذا الاستغلال، ولكنهم لاحظوا أن الدراسات المناخية العامة التي تعتمد فقط على المعدلات التي تنشرها المراصد المختلفة كثيرا ما تعطي صورة مشوهة لما هو موجود في الطبيعة فعلا؛ لأن هذه المعدلات تهمل كثيرا من التفاصيل المهمة التي قد تكون لها آثار عظيمة في حياة النباتات، كما أنها تهمل في معظم الأحيان مراعاة الظروف الجغرافية المحلية التي يكون لها أحيانا أثر واضح في تنوع المناخ واختلافه من بقعة إلى أخرى في الإقليم الواحد، ولذلك فإن هذه الدراسات العامة لم تكن لها الفائدة المرجوة في الحياة العملية خصوصا ما يتعلق منها بالاستغلال الاقتصادي للأرض، فالزارع مثلا لا يهمه كثيرا أن يعرف المعدلات الشهرية والسنوية للمطر أو درجة الحرارة في الإقليم الذي يعيش فيه بصفة عامة، بل إن الذي يهمه قبل كل شيء هو أن يعرف الظروف المحلية الخاصة بحقله، وهي الظروف الذي قد تجعل هذا الحقل مختلفا اختلافا كبيرا عن غيره من الحقول التي في نفس الإقليم، ويبدو هذا واضحا بصفة خاصة في البلاد الجبلية التي تتعقد فيها مظاهر السطح حيث نجد مثلا أن الجبل الواحد قد تتمثل عليه جميع أنواع المناخ تقريبا، فبصرف النظر عن الحقيقة المشهورة الخاصة بتناقص درجة الحرارة كلما زاد الارتفاع، يلاحظ أن هناك فروقا كبيرة جدا بين مناخ الجوانب المختلفة للجبل الواحد، ففي نصف الكرة الشمالي تكون الجوانب الجنوبية عادة أدفأ ونصيبها من أشعة الشمس أكبر من الجوانب الشمالية، كما أن النظام اليومي لدرجة الحرارة يختلف اختلافا واضحا من جانب إلى آخر، وذلك تبعا لدرجة الميل التي تسقط بها أشعة الشمس على الأرض، واختلاف ساعات سقوطها على الجوانب المختلفة، ومن المعروف كذلك أن الجوانب المواجهة لهبوب الرياح المحملة ببخار الماء دائما أغزر مطرا من الجوانب المضادة التي تقع فيها يعرف باسم "ظل المطر".
ولئن كان ارتفاع الجبال وشكلها يساعدان على خلق أنواع متباينة من المناخ، فإن هذا أيضا شأن الوديان والمنخفضات فقاع الوادي يكون عادة أدفأ في أثناء النهار، من جوانبه، أما في أثناء الليل فيحدث العكس لأن الهواء البارد يميل دائما للهبوط بسبب ازدياد كثافته حيث يتجمع في قيعان الوديان والمنخفضات، ولهذا فان الحقول التي في هذه القيعان "في المناطق المعتدلة الباردة" تكون عادة أكثر تعرضا لخطر الصقيع من الحقول التي على الجوانب المرتفعة، وهذه الحقيقة تبدو واضحة كذلك بالنسبة لمنحدرات الجبال، حيث تكون الأجزاء السفلى منها أبرد في أثناء الليل من الأجزاء العليا، وذلك على العكس مما هو معروف عموما عن تناقص درجة الحرارة بالارتفاع.
وليس من شك في أن الحياة النباتية التي تغطي سطح الأرض في بعض الأماكن ودرجة كثافتها لها كذلك تأثير ظاهر على المناخ، وهو تأثير ملطف في غالب الأحيان، ويكفي أن نشير إلى ما نلمسه في حياتنا العامة من فرق واضح بين مناخ المدن ومناخ الريف، ولو أننا يجب أن نلاحظ من ناحية أخرى أن ظروف المدن نفسها بما فيها من مبان ومصانع وما ينتشر في جوها من أتربة ودخان ومواد عالقة، وفي منازلها من مواقد، كل ذلك له دخل كبير في إظهار الفرق بين مناخ المدن ومناخ الريف.
وليس ما ذكرناه هنا إلا أمثلة قليلة فقط للدور المهم الذي يمكن أن تلعبه الظروف المحلية في تنوع مظاهر المناخ وما يترتب على ذلك من تنوع في مظاهر الحياة المختلفة داخل المنطقة الواحدة، ولهذا فإننا نجد أن الجغرافيين أخذوا في السنوات الأخيرة يهتمون بصفة خاصة بدراسة تفاصيل المناخ في مناطق صغيرة محدودة المساحة، أكثر من اهتمامهم بدراسة المظاهر العامة في مناطق واسعة، وقد أدى هذا الاتجاه إلى تشعب علم المناخ واتساع مجال البحث فيه، من هذه الناحية أيضا، فبدأنا نقرأ مثلا عن موضوعات جديدة، مثل مناخ الجبال ومناخ الوديان، ومناخ المدن ومناخ سطح التربة أي على ارتفاع لا يزيد على متر واحد منها، وغير ذلك من الموضوعات التي أصبح يضمها فرع جديد عظيم الأهمية من علم المناخ يطلق عليه بصفة عامة اسم "علم المناخ التفصيلي أو الميكروسكوبي macroclimatology وقد أصبح علم المناخ التفصيلي في الوقت الحاضر من أهم العلوم التي توجه إليها الدول المتحضرة عناية بالغة لما هو من أهمية اقتصادية خطيرة يبدو أثرها واضحا بالنسبة لتوزيع مظاهر الإنتاج المختلفة سواء منها ما هو زراعي أو ما هو صناعي.
___________________________
(1) Kraus, Cre "Boden and Kleinstem Raum"
jenz Fischer 1911.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|