أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-05-2015
1993
التاريخ: 17-09-2014
2751
التاريخ: 4-12-2015
1904
التاريخ: 2023-11-23
1179
|
طرح بعض المفكرين الإسلاميين المتأثرين بأفكار العلماء الغربيين فرضية اخرى في مجال الوحي تختلف في الظاهر عن الفرضيتين السابقتين إلّا أنّها تتفق معهما جوهرياً.
وقد بُنيت هذه الفرضية على الاصول الآتية :
1- إنّ «الوحي» لغة يعني النجوى بهدوء، واستعملت في القرآن بمفاهيم عدة تشمل أنواع الهدايات الغامضة، بدءً بهداية الجمادات والنباتات وانتهاءً بهداية الإنسان عن طريق الوحي.
2- إنّ الوحي نوع من أنواع الغريزة، وهداية الوحي ليس إلّا هداية غريزية.
3- إنّ الوحي هداية الإنسان من وجهة نظر جماعية، أي أنّ المجتمع الإنساني بما هو كتلة واحدة، له مسير وقوانين وحركة، فيحتاج للهداية، ودور «النبي» في هذا المجال كدور الجهاز المتسلِم الذي يتسلم ما يحتاجه نوع البشر بشكل غريزي.
4- إنّ الأحياء تهتدي في مراحلها الاولى بواسطة الغريزة، وكلما تكاملت ونما حس التصور والفكر عندها، كلما نقصت قدرة الغريزة فيها، وفي الحقيقة فإنّ الحس والتفكير يستخلفان الغريزة، وعلى هذا الأساس فالحشرات لها غرائز أكثر وأقوى، والإنسان أقل غرائزاً بالقياس إلى الحيوانات الاخرى.
5- إنّ المجتمعات البشرية (من وجهة نظر اجتماعية) تسير دائماً في طريق التكامل وتتّجه نحوه، فكما أنّ الحيوانات في مراحل حياتها الابتدائية كانت تستند إلى الهداية الغريزية بالكامل، ثم اعتمدت تدريجياً على حواسها وتخيلها وأحياناً تفكيرها، وعندما نما عندها التفكير والحواس تدريجياً، استخلفت الغريزة، كذلك المجتمع البشري، فبنموه وتكامل عقله ضعفت غريزة الوحي عنده.
6- إنّ للعالم البشري عهدين، عهد هداية الوحي، وعهد هداية التعقل والتفكير في طبيعة التاريخ.
7- إنّ الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله الذي ختمت به النبوة رسول للعهد القديم والحديث، فانّه من حيث مصدر الالهام الذي كان يستفيض منه (لا مصدر التجربة الطبيعية والتاريخ) فهو يتعلق بالعهد القديم، ومن حيث روح تعاليمه التي تدعو إلى التفكر والتعقل ودراسة الطبيعة والتاريخ (التي ينتهي عمل الوحي بمجيئها) فهو يتعلق بالعصر الحديث «1».
إنّ المستخلص من هذه الفرضية أنّ الوحي نوع معرفة لا إِرادية تشبه الغرائز وهي دون المعرفة الإرادية التي تحصل عن طريق الحواس والتجربة والعقل، وتضعف هذه القدرة «الوحي» كلما تكامل جهاز العقل والفكر، فيستخلف العقل حينئذٍ الوحي، ومن هذا الباب ختمت النبوة.
بالرغم من أَنّ هذه الفرضية- صدرت عن مفكر إسلامي- إلّا أنّها أضعف في بعض جوانبها من الفرضيات التي قدمها علماء وكُتّاب غربيون في هذا المجال، على الرغم من التشابه من حيث فقدان الدليل، ويمكن القول: إنّ هذه النظرية أسوأ نظرية طُرحت في هذا المجال لحد الآن، وذلك للامور الآتية:
أولًا : إنّ العلماء الغربيين عدوا الوحي شيئاً فوق الإدراك الحسي والعقلي للإنسان، بينما عُدَّ في هذه النظرية شيئاً دون ذلك، وهذا تفكير عجاب!
ثانياً : لم يَعِدَّ المفكرون الغربيون الوحي نوعاً من أنواع الغرائز الحيوانية، في حين عُدَّ في هذه النظرية من هذا القبيل.
ثالثاً : إنّ أمر الوحي واضح بالكامل للمسلم الملم بمفاهيم القرآن حيث يُعتبر نوعاً من الاتصال بالعالم الإلهي، وتلقي معارف عظيمة وجليلة للغاية من هذا العلم لم يستطع الإنسان أن يصل إليها بالعقل.
إنّ الوحي من وجهة نظر القرآن الكريم هداية إِرادية بالكامل وهو أسمى بكثير من «الهداية العقلية»،- وكما قلنا سابقاً- فإنا إذا شبهنا العقل بنور مصباح نيّر فإنّ الوحي بمثابة الشمس الساطعة.
يخاطب القرآن الناس- من جهة- قائلًا :{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ الَّا قَلِيلًا}. (الاسراء/ 85)
ومن جهة اخرى يصف اللَّه علمه ويقول : {وَلَوْ انَّمَا فِى الْارْضِ مِنَ شَجَرَةٍ اقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ ابْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ انَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. (لقمان/ 27)
فوحي النبوة ارتباط بهذا العلم اللامتناهي، ولهذا يصرح القرآن الكريم أنّ اللَّه هو معلم الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله.
{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}. (النساء/ 113)
إنّ العقل والعلم البشري مهما تقدما وتكاملًا أضعف من أن يقودا الإنسان إلى طريق السعادة من دون توجيه وارشاد الوحي، والدليل الحي لهذا الكلام هو مذاهب الفلاسفة وانحرافاتهم العجيبة، والحقيقة أنّ الذين عُرفوا كمفكرين اسلاميين هم مفكرون غربيون في واقع أمرهم، وأفكارهم اتخذت صبغة الأفكار الغربية، ولهذا سعوا دائماً لذكر تبريرات طبيعية للُامور غير الطبيعية.
إنّ الغربيين إذا اصروا على ذكر تبريرات طبيعية للُامور الغيبية، فذلك لأنكارهم عالم الغيب، فلا ينبغي لأي مسلم اقتفاء أثرهم في ذكر تبرير طبيعي لمسألة كهذه.
من المؤسف أنّ الآثار السيئة لهذا التقليد نجدها في كثير من كتب أولئك المفكرين الذين غالباً ما درسوا في الغرب، ومعلوماتهم عن الإسلام قليلة جدّاً.
________________________
(1). مقدمة في الرؤية العالمية الإسلامية، للشهيد المطهري رحمه الله (وقد ذكر الشهيد المرحوم النقاط السبع السابقة التي تعكس رأي اقبال اللاهوري في كتابه «احياء الفكر الديني في الإسلام» بشكل ملخص ونقدها).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|