أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-12-2015
2017
التاريخ: 25-11-2014
2199
التاريخ: 2024-11-14
149
التاريخ: 2023-11-22
1391
|
يُبيّن لنا التاريخ ، أن هناك أنواعاً معينه من الحكومات في المجتمعات البشرية ، كحكومة القبيلة ، وحكومة الملوك والسلاطين ، والحكومات التي هي من النوع الذي نشهده في الوقت الحاضر ، ويعني ذلك أنّ البشر وعبر مراحله العلمية والثقافية يُدرك تماماً ضرورة وجود الحكومة ، ويعلم كذلك أنَّ الحياة الاجتماعية من دون تحكيم النظام والقانون لا يمكن إيجادها ولو ليوم واحد.
ولهذا السبب يمكن ملاحظة الهرج والمرج والشغب الذي يحدث بُعَيْدَ سقوط حكومة ما ، وحتى قيام حكومة اخرى ، حيث يبسط النظام الجديد ظلّه على الحياة ، فيحترق كل شيء ويتحول إلى رُكام.
لذا فلا يمكن لأي عاقل ان يشك في ضرورة وجود الحكومة للمجتمعات البشرية ، وقد وردت الكثير من الآيات والروايات الإسلامية التي تصرّح وتلمّح إلى هذا المعنى ، نذكر بعضها باختصار :
1- في قصة بني اسرائيل نلاحظ أنّه وعلى أثر الفوضى الداخلية وغياب الحكم القوي قد أصابهم الضعف والانحطاط والهزيمة وتسلّط الأعداء عليهم ، فجاءوا إلى نبيّ لهم طالبين تعيين حاكم لهم حتى يتسنى لهم السير في طريق اللَّه تحت إمرته ، يقول القرآن الكريم : {أَلَمْ تَرَ إلى المَلَإِ مِن بَنِى إِسرَائِيلَ مِن بَعدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبىٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيتُم ان كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتَالُ ألَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنا أَلَّا نُقاتِلَ في سَبِيلِ اللَّهِ وَقَد اخرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبنَائِنَا} (البقرة/ 246).
مع أنّ هذه الآية تشير إلى أبعاد وآثار وجود الحاكم على قوم أو شعب في مسألة الجهاد ضد العدو الخارجي وتطهير الأرض من دنس الأجنبي وتحرير الأسرى ، إلَّا أنّها تتعدى إلى أبعاد معانٍ اخرى حيث تصدق فيها كذلك.
والقرآن يوضح بهذا التعبير أنَّ الوصول إلى الحرية والاستقرار الاجتماعي مستحيل بدون وجود الحكومة والحكم القوي ، وقد يُتصور هنا أنّ بني اسرائيل أرادوا قائداً للجيش فقط لا حاكماً عليهم ، إلّا أنّه يجب ملاحظة كلمة (ملك) والتي تعني الحاكم على جميع الشؤون وإن كان المعنى العام للقصة يشير إلى وجود ساحة قتال مع عدوّ خارجي.
والحقيقة أنّ النبي (أشموئيل) في ذلك الوقت كان يمتلك صلاحية قيادة المجتمع كذلك ، بينما كان لطالوت الذي انتخبه لبني اسرائيل دور القائد للجيش.
2- وقد ورد في القرآن الكريم في ذيل هذه الآيات المذكورة ، خبر اندحار جيش جالوت في مقابل بني اسرائيل ، حيث يقول : {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلكَ وَالحِكمَةَ وعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَولَا دَفعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدتِ الأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ} (البقرة/ 251).
وتشير الجملة الأخيرة إلى أنّه لولا وجود حكومة قوية ومهيبة تقف بوجه الطغاة والخارجين على القانون ، لامتلأت الأرض بالفساد ، وعلى هذا فإنّ الحكومة العادلة هي هبة من اللَّه للحدّ من الفساد الديني والاجتماعي.
3- وقد ورد معنىً مشابه لهذا في سورة الحج حيث تقول بعد اعطاء الضوء الأخضر للمسلمين للجهاد ضد الاعداء : {الَّذِينَ اخرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إِلَّا انْ يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّهُ وَلَولَا دَفعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وبِيَعٌ وصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً} (الحج/ 40).
و هنا أيضاً كان الحديث عن دور الحكومة في البعد الجهادي ، ولكن من الطبيعي أنّ الجهاد من دون التشكلات المنظمّة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة لا يمكن تحقيقه ، وذلك لأنّ المجاهدين يتألفون من قسمين : «القوّات العسكرية» و «القوّات الشعبية» وتعتبر الأخيرة الظهير والسند لما وراء ميدان القتل والتي تضمّ في الواقع كل المجتمع.
4- ونقرأ في الآية التي تليها عبارة تشير إلى المؤمنين الحقيقيين : {الَّذِينَ انْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ}. (الحج/ 41)
وتُشير هذه الآية ضمناً إلى أنّ إقامة الصلاة وايتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (في معناها الواسع والعام) لا يتيسّر إلّا عن طريق تشكيل الحكومة ، ولذا فالآية تصف المؤمنين الحقيقيين بأنّهم عندما يمتلكون القدرة ويصلون إلى تشكيل الحكومة فإنّهم سيقيمون هذه الفرائض الإلهيّة الكبيرة ، وهنا يتبيّن لنا دور الحكومة في إصلاح المجتمع من وجهة نظر الإسلام.
5- تشير الآيات (43- 56 من سورة يوسف) بوضوح إلى حدثٍ يتبيّن من خلاله ضرورة الحكومة ، وذلك أنّ ملك مصر يرى مناماً ويطلب من يوسف الذي كان وقتها في السجن أن يفسّر له تلك الرؤيا بدقّة بعد أن ذاع صيته في تفسير الأحلام ، فيكشف يوسف عليه السلام شيئاً من مستقبل مصر من خلال تلك الرؤيا حيث ينتظر الناس سبع سنوات من القحط والجوع ، وإذا مرّوا من تلك السنين بسلام فإنّهم سيُلاقون سنين الخير والرفاه ، ثم يُبيّن كيفية إجراء الأعمال الضرورية لمواجهة تلك السنين الصعبة وطرق تحضير وخزن المواد الغذائية وطريقة الاستهلاك ، فيطلق الملك سراحه ويخرج من السجن ثم يعيّنه مسؤولًا عن خزانة مصر ، وهكذا يتمّ انقاذ شعب كبير بأكمله وذلك بمديرية النبي يوسف عليه السلام الصحيحة جنباً إلى جنب مع ملك مصر.
وتبيّن هذه القصة بشكل لا لبس فيه ضرورة وجود الحكومة ذات الاطلاع والتدبير لتقوم بمهامها لإدارة المجتمعات الإنسانية وخصوصاً في الوقائع الصعبة ، وأنّه إذا ما حُرمت هذه المجتمعات من الحكومات من ذلك النوع فإنّها لا محالة ستقع في مشاكل عويصة ممّا ستُسبّب لها اضراراً جسيمة لا يمكن تعويضها.
6- نلاحظ الكثير من الآيات القرآنية تشير إلى أنّ الحكومة الإلهيّة إنّما هي نعمة من نِعَمِ اللَّه ، وذلك بملاحظة الحكومة ودورها الفعّال في تنظيم المجتمع الإنساني والحيلولة دون بروز الظلم والعدوان ، وتوفير الجو الملائم للوصول إلى الكمال الإنساني.
ومن ذلك ما ورد عن النبي داود عليه السلام وابنه سليمان عليه السلام : {وَكُلًاّ آتَيْنَا حُكماً وَعِلْماً}(الانبياء/ 79).
عندما تُعدّ نعم اللَّه الكثيرة على بني اسرائيل تقول : {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذكُرُوا نِعمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُم أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وآتَاكُمْ مَّا لَم يُؤتِ أَحَداً مِّنَ العَالَمِينَ} (المائدة/ 20).
وطبعاً لم يكن جميع بني اسرائيل حكاما وملوكاً ، لكن عندما ينتخبوا من بينهم حاكماً وملكاً عليهم فإنّ الخطاب يتوجه إليهم باعتبارهم قوم حباهم اللَّه سبحانه هذه النعمة فانتخب منهم ملوكاً وحكاماً.
ويتحدث القرآن الكريم عن لسان النبي سليمان عليه السلام : {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلكاً لَّا يَنبَغِى لِأَحَدٍ مِّن بَعدِى إِنَّكَ أَنتَ الْوَهّابُ} (ص/ 35).
وتُشير الآيات التي تليها إلى أنّ اللَّه سبحانه استجاب دعاءه ووهب له حكومة عظيمة ومواهب كثيرة لا نظير لها ، وجاء في قوله تعالى : {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَآتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ فَقدْ آتَيْنَا آلَ إِبرَاهِيمَ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَءَآتَيْنَاهُمْ مُّلكاً عَظِيماً}. (النساء/ 54)
وتكمن أهميّة هذه المسألة في أنّ اللَّه سبحانه يُعِدُّ موهبة الحكم مرادفة للعزّة ويَعتبر فقدانها قرينة للذلّة.
يقول سبحانه وتعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤتِى المُلْكَ مَن تَشَاءُ وتَنْزِعُ المُلكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ} (آل عمران/ 26).
تشير كل الآيات التي ذكرناها إلى أهميّة وجود الحكومة للمجتمعات البشرية من وجهة نظر القرآن الكريم ، وفي الواقع إنّ هذا الآيات نافذة على العالَم الواسع للحكومة في المجتمعات البشرية.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|