أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2017
2811
التاريخ: 11-12-2014
4322
التاريخ: 23-5-2017
3034
التاريخ: 11-12-2014
3622
|
1 - بنو قريظة آخر من أجلاهم النبي « صلى الله عليه وآله » من يهود المدينة
كان بنو قينقاع أول اليهود الذين نقضوا عهدهم مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فأجلاهم عن المدينة ، وكانوا صاغة ولهم سوق ذهب قرب المدينة . وكان بنو قريظة ملاصقين للمدينة شرقي قباء « حرة قريظة » وبساتينهم في وادى مهزور ، وبساتين النضير في وادى بطحان ، وهما أخصب أودية المدينة . معجم البلدان : 1 / 446 .
وكانت قريظة والنضير أبناء عم لأنهم من ذرية هارون ( عليه السلام ) لذا أخذ الحاخام حيى بن أخطب رئيس بنى النضير يلح عليهم أن ينقضوا عهدهم مع النبي حتى نقضوه وأعلنوا تحالفهم مع الأحزاب الذين كانوا يحاصرون المدينة .
وكانت الخطة أن تهاجم قريظة المدينة من شرقها ، والأحزاب من غربها فيحتلوها ! لكن قريظة طلبت من الأحزاب رهائن ، حتى لاينسحبوا ويتركوهم وحدهم في مواجهة النبي ( صلى الله عليه وآله ) فلم يعطوهم ، حتى كانت هزيمة الأحزاب !
وما إن رجع النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة ، حتى نزل جبرئيل وأمره بغزو بني قريظة .
2 - بعث النبي « صلى الله عليه وآله » علياً « عليه السلام » أمامه فحاصر بني قريظة
روى أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) خرج لغزوة قريظة يوم السبت لأيام مضت من ذي القعدة وحاصرهم خمساً وعشرين يوماً . المحبر / 113 والبلاذري : 1 / 374 .
وروى في قرب الإسناد / 157 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : « أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعث علياً يوم بني قريظة بالراية وكانت سوداء تدعى العقاب ، وكان لواؤه أبيض » .
وفى بصائر الدرجات / 342 ، عن ابن أبي يعفور قال قلت لأبى عبد الله ( عليه السلام ) : « إنا نقول إن علياً ( عليه السلام ) كان ينكت في قلبه أو صدره أو في أذنه . فقال : إن علياً ( عليه السلام ) كان محدَّثاً . قلت : فيكم مثله ؟ قال : إن علياً ( عليه السلام ) كان محدثاً ، فلما أن كررت عليه قال : إن علياً يوم بني قريظة والنضيركان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدثانه » !
وقال في إعلام الوري : 1 / 194 : « وأصبح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) « بعد الخندق » بالمسلمين حتى دخل المدينة ، فضربت ابنته فاطمة « عليها السلام » غسولاً حتى تغسل رأسه ، إذ أتاه جبرئيل على بغلة معتجراً بعمامة بيضاء عليه قطيفة من إستبرق ، معلق عليها الدر والياقوت عليه الغبار ، فقام رسول ( صلى الله عليه وآله ) فمسح الغبار عن وجهه ، فقال له جبرئيل : رحمك ربك وضعت السلاح ولم يضعه أهل السماء ! ما زلت أتبعهم حتى بلغتُ الروحاء ! ثم قال جبرئيل : إنهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب ، فوالله لأدقنهم دق البيضة على الصخرة !
فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) فقال : قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة وقال : عزمت عليكم أن لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة . فأقبل على ( عليه السلام ) ومعه المهاجرون وبنو عبد الأشهل وبنو النجار كلها لم يتخلف عنه منهم أحد ، وجعل النبي ( صلى الله عليه وآله ) يسَرِّب إليه الرجال ، فما صلى بعضهم العصر إلا بعد العشاء ، فأشرفوا عليه وسبُّوه وقالوا : فعل الله بك وبابن عمك ، وهو واقف لا يجيبهم ، فلما أقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والمسلمون حوله تلقاه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقال : لا تأتهم يا رسول الله جعلني الله فداك فإن الله سيجزيهم ، فعرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنهم قد شتموه ، فقال : أما إنهم لو رأوني ما قالوا شيئاً مما سمعت ! وأقبل ثم قال : يا إخوة القردة ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ! يا عباد الطاغوت إخسؤوا أخساكم الله ! فصاحوا يميناً وشمالاً : يا أبا القاسم ما كنت « سباباً » فما بدا لك ؟
قال الصادق ( عليه السلام ) : فسقطت العنزة من يده ، وسقط رداءه من خلفه ، ورجع يمشى إلى ورائه حياءً مما قال لهم ! فحاصرهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خمساً وعشرين ليلة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ » .
وفى الإرشاد : 1 / 109 : « قال على ( عليه السلام ) : فاجتمع الناس إلى وسرت حتى دنوت من سورهم ، فأشرفوا على فحين رأوني صاح صائح منهم : قد جاءكم قاتل عمرو . . وسمعت راجزاً يرجز :
قتل على عمراً صاد على صقرًا . . قصم على ظهراً . . أبرم على أمراً . . هتك على ستراً !
فقلت : الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك . وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال لي حين توجهت إلى بني قريظة : سر على بركة الله ، فإن الله قد وعدك أرضهم وديارهم . فسرت مستيقناً لنصر الله عز وجل ، حتى ركزت الراية في أصل الحصن . وأقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) محاصراً لبنى قريظة خمساً وعشرين ليلة حتى سألوه النزول على حكم سعد بن معاذ ، فحكم فيهم سعد بقتل الرجال وسبى الذراري والنساء ، وقسمة الأموال . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا سعد لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة » . أي حكم بقتل المقاتلين والمحرضين على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقط .
وفى الصحيح من السيرة : 11 / 71 ، ما حاصله : « أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) نزل على بئر من آبارهم في أول أرض بني قريظة عند بئر يقال لها : « أنا » وربط دابته بالسدرة التي في أرض مريم ابنة عثمان وضرب قبته هناك ، وشرب من البئر ، وصلى في المسجد الذي هناك ، وتلاحق به الناس وحصلت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كرامة حيث لم يكن للمسلمين معسكر ينزلون فيه فقال : ما لكم لا تنزلون ! فقالوا : ما لنا مكان ننزل به من اشتباك النخل ، فوقف في طريق بين النخل فأشار بيده يمنة ثم يسرة ، فانضم النخل بعضه إلى بعض ، واتسع لهم الموضع فنزلوا » .
3 - بطولة علي « عليه السلام » في قريظة ، ونزول جبرئيل بإمرة المؤمنين له في الصحيح من السيرة : 11 / 90 ، ملخصاً : « نجد الزبير بن بكار يذكر لنا في كتاب المفاخرات نصاً يفيد أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد بعث إلى بني قريظة أكابر أصحابه فهزموا ، فبعث علياً ( عليه السلام ) فكان الفتح على يديه ، تماماً كالذي جرى في خيبر ! فقد روى الزبير بن بكار مناظرة بين الإمام الحسن ( عليه السلام ) وبين عمرو بن العاص والوليد بن عقبة ، وعتبة بن أبي سفيان ، والمغيرة بن شعبة ، عند معاوية ، فكان مما قاله لهم الإمام الحسن ( عليه السلام ) : وأنشدكم الله أيها الرهط أتعلمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة فنزلوا من حصنهم فهزموا ، فبعث علياً ( عليه السلام ) بالراية فاستنزلهم على
حكم الله وحكم رسوله ( صلى الله عليه وآله ) . وفعل في خيبر مثلها ؟ !
في الإحتجاج : 1 / 97 : احتجاج خالد بن سعيد بن العاص على أبى بكر أيام السقيفة : « قال : إتق الله يا أبا بكر ، فقد علمت أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال ونحن محتوشوه يوم
بني قريظة حين فتح الله له باب النصر ، وقد قتل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولى البأس والنجدة منهم : يا معاشر المهاجرين والأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها ومودعكم أمراً فاحفظوه : ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدى وخليفتي فيكم بذلك أوصاني ربي .
ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه ، اختلفتم في أحكامكم واضطرب عليكم أمر دينكم ووليكم شراركم ! ألا وإن أهل بيتي هم الوارثون لأمرى والعالمون لأمر أمتي من بعدي . اللهم من أطاعهم من أمتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي ، واجعل لهم نصيباً من مرافقتي ، يدركون به نور الآخرة . اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي ، فأحرمه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض » .
أقول : لاحظ أن نخبة فرسان قريظة خرجوا من حصنهم بعد اليوم الثالث وبارزوا ، فبرز إليهم على ( عليه السلام ) وقتلهم ! ولكن رواة السلطة لم يذكروا ذلك ، وما رواه أتباع أهل البيت « عليهم السلام » من ذلك أبادته السلطة فيما أبادت ولم يصل الينا !
4 - قبول قريظة بالنزول على حكم حليفهم سعد بن معاذ
قال ابن هشام : 3 / 720 : « إن علي بن أبي طالب صاح وهم محاصرو بني قريظة : يا كتيبة الإيمان ! وتقدم هو والزبير بن العوام وقال : والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم ، فقالوا : يا محمد ننزل على حكم سعد » .
« فقال كعب بن أسد : يا معشر بني قريظة : والله إنكم لتعلمون أن محمداً
نبي الله ، وما منعنا من الدخول معه إلا الحسد للعرب ، حيث لم يكن نبياً من بني إسرائيل ، فهو حيث جعله الله ! ولقد كنت كارهاً لنقض العهد والعقد ، ولكن البلاء وشؤم هذا الجالس يعنى حيى بن أخطب علينا وعلى قومه ، وقومه كانوا أسوأ منا ! لايستبقى محمد رجلاً واحداً إلا من تبعه ، أتذكرون ما قال لكم ابن حواس حين قدم عليكم فقال : تركت الخمر والخمير والتأمير ، وجئت إلى السقاء والتمر والشعير ؟ ! قالوا : وما ذلك ؟ قال : يخرج من هذه القرية نبي ، فإن خرج وأنا حي اتبعته ونصرته ، وإن خرج بعدى فإياكم أن تخدعوا عنه فاتبعوه وكونوا أنصاره وأولياءه ، وقد آمنتم بالكتابين كليهما الأول والآخر . قال كعب : فتعالوا فلنتابعه ولنصدقه ولنؤمن به فنأمن على دمائنا ونسائنا وأموالنا ، فنكون بمنزلة من معه . قالوا : لا نكون تبعاً لغيرنا ، نحن أهل الكتاب والنبوة ، ونكون تبعاً لغيرنا » . الواقدي : 2 / 501 .
وفى المناقب : 1 / 172 : « فحاصرهم النبي خمساً وعشرين ليلة فقال كعب بن أسد : يا معشر اليهود نبايع هذا الرجل وقد تبين أنه نبي مرسل ، قالوا : لا ، قال : فنقتل أبناءنا ونساءنا ونخرج إليه مُصْلِتين ، قالوا : لا ، قال : فنثب عليه وهو يأمن علينا لأنها ليلة السبت ، قالوا : لا . فاتفقوا على أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ . . فقتل منهم أربع مائة وخمسين رجلاً ، وقسم الأموال واسترق الذراري » .
وفى الصحيح من السيرة : 11 / 10 : « وجاؤوا بالأسرى إلى المدينة وجعلوهم في دار أسامة بن زيد ودار بنت الحارث . . وكان عدد السبي من الذراري والنساء سبع مئة وخمسين ، وقيل كانوا تسع مئة . ويظهر من النصوص أن بني قريظة لم يقتلوا كلهم ، بل قتل منهم خصوص من حزَّبَ على النبي ( صلى الله عليه وآله ) والمسلمين . ثم جمعت أمتعتهم وأخرج الخمس منها ، ثم قسمت للفارس سهمان وللرجل سهم واحد ، وكانت خيل المسلمين ستة وثلاثين فرساً ، أو ثمانية وثلاثين . أما السبي فبيع في من يزيد ، ثم قسم ثمنه في المسلمين المشاركين في هذه الغزوة ، وبعث ( صلى الله عليه وآله ) ببعض السبي إلى نجد أو الشام فبيع هناك واشترى سلاح وخيل » .
أقول : روى ابن هشام : 3 / 725 والبيهقي : 9 / 139 « أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعث بسبايا بني قريظة إلى نجد ، فابتاع لهم بهن خيلاً وسلاحاً » ! فكأن الله أراد أن يجعل النجديين أبناء يهوديات ، فيبتلى بهم المسلمين !
وقال اليعقوبي : 2 / 52 : « فانصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) واصطفى منهم ست عشرة جارية فقسمها على فقراء بني هاشم ، وأخذ لنفسه منهن واحدة يقال لها ريحانة . وقسمت أموال بني قريظة ونساؤهم ، فكان الفارس يأخذ سهمين والراجل سهماً ، وكان أول مغنم أعلم فيه سهم الفارس ، وكانت الخيل ثمانية وثلاثين فرساً » .
5 - المسلمون الأربعة من بني قريظة
نزل أربعة أشخاص من حصون بني قريظة والتحقوا بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) وأسلموا ، وهم ثلاثة إخوة : أسيد وأسد وثعلبة ، أبناء سعية ، وعمهم أسد بن عبيد . وقالوا لقريظة في أيام حصار النبي ( صلى الله عليه وآله ) لهم : « يا معشر بني قريظة ، والله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وإن صفته عندنا حدثنا بها علماؤنا وعلماء بنى النضير ، هذا أولهم يعنى حيى بن أخطب مع جبير بن الهيبان ، أصدق الناس عندنا ، هو خبَّرنا بصفته عند موته . قالوا : لا نفارق التوراة . فلما رأى هؤلاء النفر إباءهم ، نزلوا في الليلة التي نزلت قريظة فأسلموا ، فأمنوا على أنفسهم ، وأهلهم ، وأموالهم . . ولم يكونوا من بني قريظة ولا النضير بل كانوا فوق ذلك . وهم نفر من هدل من بنى عم قريظة ، وليس من هذيل كما في بعض المصادر . . وكان سبب إسلامهم أن ابن الهيبان من يهود الشام قدم على بني قريظة فأقام عندهم ، وكان يستسقى لهم أيام القحط فيسقون فحضرته الوفاة ، فأخبرهم أن سبب خروجه إلى يثرب هو أنه يتوقع خروج نبي قد أظل زمانه ، مهاجره المدينة ليتبعه ، ثم أوصاهم باتباعه » . وقد شكك في الصحيح : 11 / 101 في خبرهم ولم ينفه ، والظاهر أنه صحيح ، فقد ذكره ابن إسحاق : 2 / 64 ، ابن هشام : 1 / 138 و 3 / 719 ، الطبري : 2 / 248 ، الدرر / 179 ، وغيرهم .
6 - أبو لبابة يخون النبي « صلى الله عليه وآله » ثم يتوب
أبو لبابة بن عبد المنذر ، أنصارى أوسي ، كان طرف التحالف مع بني قريظة ، وكان بيته قربهم وكانوا يحبونه ، فلما حاصرهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأخذ يفاوضهم طلبوا أن يرسله إليهم ليستشيروه ، فأرسله فحذرهم من القبول بحكم سعد !
وروى المفسرون أن قوله تعالي : « يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ . . . وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيئًا عَسَى اللهُ أَنْ يتُوبَ عَلَيهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . . خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . « الأنفال : 27 و 102 - 103 » . « نزلت في أبى لبابة بن عبد المنذر ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما حاصر بني قريظة قالوا له ابعث الينا أبا لبابة نستشيره في أمرنا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا أبا لبابة إئت حلفاءك ومواليك فأتاهم فقالوا له : يا أبا لبابة ما ترى تنزل على حكم محمد ؟ فقال إنزلوا واعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح وأشار إلى حلقه ، ثم ندم على ذلك فقال خنت الله ورسوله ! ونزل من حصنهم ولم يرجع إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومر إلى المسجد وشد في عنقه حبلاً ثم شده إلى الأسطوانة التي تسمى أسطوانة التوبة ، وقال لا أحله حتى أموت أو يتوب الله علي ، فبلغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أما لو أتانا لاستغفرنا الله له ، فأما إذا قصد إلى ربه فالله أولى به . وكان أبو لبابة يصوم النهار ويأكل بالليل ما يمسك به رمقه ، فكانت ابنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة ، فلما كان بعد ذلك ورسول الله في بيت أم سلمة نزلت توبته فقال يا أم سلمة ، قد تاب الله على أبى لبابة ، فقالت يا رسول الله أفأوذنه بذلك ؟ فقال لتفعلن ، فأخرجت رأسها من الحجرة فقالت : يا أبا لبابة أبشر لقد تاب الله عليك ، فقال الحمد لله فوثب المسلمون ليحلوه فقال : لا والله حتى يحلني رسول الله ! فجاء رسول الله فقال يا أبا لبابة قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك ، فقال يا رسول الله أفأتصدق بمالي كله ؟ قال : لا ، قال : فبثلثيه ؟ قال : لا ، قال فبنصفه ؟ قال : لا ، قال : فبثلثه ؟ قال نعم . فأنزل الله : وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ » . تفسير القمي : 1 / 303 وابن هشام : 3 / 718 .
وفى من لا يحضره الفقيه : 2 / 570 : « إن كان لك بالمدينة مقام ثلاثة أيام ، صمت يوم الأربعاء وصليت ليلة الأربعاء عند أسطوانة التوبة ، وهى أسطوانة أبى لبابة التي ربط نفسه إليها ، وتقعد عندها يوم الأربعاء ثم تأتى ليلة الخميس الأسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي فتقعد عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس ، ثم تأتى الأسطوانة التي تلى مقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومصلاه ليلة الجمعة فتصلى عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة . وإن استطعت أن لا تتكلم بشئ هذه الأيام إلا بما لابد منه ، ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة ، ولاتنام في ليل ولانهار إلا القليل ، فافعل » . ونحوه كامل الزيارات / 66 .
وفى تفسير أبى حمزة الثمالي / 192 : « بلغنا أنهم ثلاثة نفر من الأنصار : أبو لبابة بن عبد المنذر ، وثعلبة بن وديعة ، وأوس بن حزام ، تخلفوا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند مخرجه إلى تبوك فلما بلغهم ما أنزل الله فيمن تخلف عن نبيه ، أيقنوا بالهلاك وأوثقوا أنفسهم بسوارى المسجد ، فلم يزالوا كذلك حتى قدم رسول الله فسأل عنهم فذكر له أنهم أقسموا أن لا يحلون أنفسهم حتى يكون رسول الله يحلهم ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : وأنا أقسم لا أكون أول من حلهم إلا أن أؤمر فيهم بأمر ، فلما نزل : عَسَى اللهُ أَنْ يتُوبَ عَلَيهِمْ ، عمد رسول الله إليهم فحلهم فانطلقوا فجاءوا بأموالهم إلى رسول الله فقالوا : هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فخذها وتصدق بها عنا قال ( صلى الله عليه وآله ) : ما أمرت فيها فنزل : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا . . الآيات » .
وفى تفسير العياشي : 2 / 116 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، أن أبا لبابة كان أحد الثلاثة الذين خلفوا . وفى تفسير الثعالبي : 3 / 210 : « وقالت فرقة عظيمة : بل نزلت هذه الآية في شأن المخلفين عن غزوة تبوك » .
وقد توقف في الصحيح من السيرة : 11 / 10 ، في قصة أبى لبابة . ويبدو أن القصة حدثت مرة لأبى لبابة وحده ، ثم كررها مع من تخلفوا معه عن غزوة تبوك ، وكانوا حسب الآية ثلاثة ، وفى راوية أنهم كانوا بضعة عشر شخصاً غير أبى لبابة .
7 - قصة أبى لبابة دليل على أفضلية التوسل
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما بلغه أن أبا لبابة ربط نفسه بأسطوانة المسجد تائباً : « أما لو أتانا لاستغفرنا الله له ، فأما إذا قصد إلى ربه فالله أولى به » . وهو يدل على وجود طريقين لدعاء الله تعالى : مباشر ، وبالتوسل بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) وأن طريق التوسل أسرع .
قال الله تعالى : وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَّلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا . النساء : 64 .
وهوكقوله تعالى لإبراهيم ( عليه السلام ) : وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ . يشمل المجئ إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في حياته ، والمجئ إلى قبره الشريف بعد وفاته . كما يشمل المجيئ إلى إبراهيم ( عليه السلام ) بالحج والعمرة .
ففي الكافي : 4 / 550 : « ثم تأتى قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم تقوم فتسلم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم تقوم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر ، فإنه موضع رأس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتقول . . اللهم إنك قلت : وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَّلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ . . وإني أتيت نبيك مستغفراً تائباً من ذنوبي وإني أتوجه بك إلى الله ربى وربك ليغفرلى ذنوبي » .
وقال الله تعالى : يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ . « المائدة : 35 » ، وهى أمر بالتوسل تشمل التوسل بالأعمال الصالحة ، وبالأنبياء والأوصياء والأولياء « عليهم السلام » ففي تفسير القمي : 1 / 168 : « اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَة َ . فقال : تقربوا إليه بالإمام » .
وروى الطرفان عن عائشة في علي ( عليه السلام ) والخوارج « شرح الأخبار : 1 / 141 » : قالت سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « هم شر الخلق والخليقة ، يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم إلى الله وسيلة » .
إلى آخر ما ورد في التوسل من الآيات والأحاديث ، وهى تدل على أن التوسل أفضل من الطلب بدونه ، فالقول بأنه ينافي التوحيد جهالة ، ورفض الوهابية التوسل مخالف لعقائد الإسلام ، كفرض المشركين التوسل بأصنامهم .
8 - حاول اليهود أن يجعلوا من قتلى قريظة ظلامة يهودية
حاول اليهود ومن تبعهم من الغربيين أن يجعلوا من بني قريظة ظلامةً لليهود ، وتناسوا أنهم كانوا معاهدين للنبي ( صلى الله عليه وآله ) فنقضوا عهدهم ومزقوه ، وانضموا إلى الأحزاب ، بعد نشاطهم وتجوال حاخاماتهم على قبائل العرب يجمعونهم لقتال النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويعطونهم المال ، وكان أبرز الناشطين الحاخام حيى بن أخطب .
ففي تفسير القمي : 2 / 191 والواقدي : 1 / 514 : « ثم قدم حيى بن أخطب فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا فاسق كيف رأيت صنع الله بك ؟ فقال : والله يا محمد ! ما ألوم نفسي في عداوتك ، ولقد قلقلت كل مقلقل وجهدت كل الجهد ، ولكن من يخذل الله يخذل ! ثم قال حين قدم للقتل :
لعمرك ما لامَ ابن أخطب نفسه * ولكنه من يخذل الله يخذلِ
فقدم فضرب عنقه » .
وفى الإمتاع : 4 / 206 : « فإنهم نقضوا العهد ، وحزبوا الأحزاب ، وجمعوا وحشدوا ، وأظهروا له العداوة ، بعد ما هموا بإلقاء الرحى عليه ، لما أتاهم يستعين بهم في دية بعض أصحابه » .
وإنما قتل النبي ( صلى الله عليه وآله ) منهم من عمل في نقض العهد وساعد الأحزاب لما حاصروا المدينة .
9 - دراسة عمر عند بني قريظة وعلاقته الوطيدة معهم
كان بيت عمر بعيداً عن مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقد سكن في العوالي قرب بني قريظة ولبعد المسافة كان يذهب بين يوم وآخر ! قال عمركما في البخاري : 1 / 31 : « كنت أنا وجار لي من الأنصار في بنى أمية بن زيد وهى من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ينزل يوماً وأنزل يوماً ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم . . » .
وكان يحضر دروس بني قريظة في كنيسهم ، قال « إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم ، فقالوا : ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك ، لأنك تأتينا » ! الدر المنثور : 1 / 90 ، عن مسند ابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسنده وابن جرير وابن أبي حاتم .
وطمع اليهود بعمر فعرَّبوا بعض التوراة وأخذها إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليعترف بها ! قال عمر : « يا رسول الله إني مررت بأخ لي من بني قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك ؟ قال فتغير وجه رسول الله . . الحديث ، وفيه : والذي نفس محمد بيده لو أصبح موسى فيكم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم » . « فتح الباري : 13 / 438 » . لكن عمر أصر وجاء إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثانيةً فقال : « يا رسول الله جوامع من التوراة أخذتها من أخ لي من بنى زريق ! فتغير وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال عبد الله بن زيد الذي أرى الأذان : أمَسَخَ الله عقلك ؟ ألا ترى الذي بوجه رسول الله ! فقال عمر : رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وبالقرآن إماماً » ! مجمع الزوائد : 1 / 174 .
ثم جاءه ثالثة فقال : « انطلقت في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى أتيت خيبر فوجدت يهودياً يقول قولاً فأعجبني فقلت : هل أنت مكتبى بما تقول ؟ قال : نعم ، فأتيته بأديم فأخذ يملى على فلما رجعت قلت : يا رسول الله إني لقيت يهودياً يقول قولاً لم أسمع مثله بعدك ! فقال : لعلك كتبت منه ؟ قلت : نعم قال : إئتنى به ، فانطلقت فلما أتيته قال : أجلس إقراه فقرأت ساعة ونظرت إلى وجهه فإذا هو يتلون فصرت من الفرق لا أجيز حرفاً منه ، ثم رفعته اليه ثم جعل يتبعه رسماً رسماً يمحوه بريقه وهو يقول : لا تتبعوا هؤلاء فإنهم قد تهوكوا حتى محا آخر حرف » كنز العمال : 1 / 370 .
وجاءه مرة رابعة : « أتى النبي بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي فغضب وقال أمتهوكون فيها يا بن الخطاب ! والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ! لا تسألوهم عن شئ فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ! والذي نفسي بيده لو أن موسى كان فيكم حياً ما وسعه إلا أن يتبعني » . مجمع الزوائد : 1 / 174 .
وجاءه مرة خامسة : « مر برجل يقرأ كتاباً فاستمعه ساعة فاستحسنه فقال للرجل أكتب لي من هذا الكتاب قال نعم فاشترى أديماً فهيأه ثم جاء به إليه فنسخ له في ظهره وبطنه ثم أتى النبي » . الدارمي : 1 / 115 والدر المنثور : 2 / 48 و 5 / 148 .
وجاء مرة سادسة ليجيزه النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يدرس التوراة عند اليهود فقال له : « لا تتعلمها وآمن بها وتعلموا ما أنزل إليكم وآمنوابه » . الدر المنثور 5 / 148 .
وجاءه مرة سابعة قال عمر : « يا رسول الله إن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا وقد هممنا أن نكتبها ! فقال : يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصاري ! أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولكني أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصاراً » ! الدر المنثور : 5 / 148 .
وفى مرة ثامنة ساعدت حفصة أباها : « جاءت إلى النبي بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرؤه عليه والنبي يتلون وجهه فقال : والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا بينكم فاتبعتموه وتركتموني لضللتم » عبد الرزاق : 11 / 110 .
ومع ذلك استمر عمر مع مجموعته بالحضور عند اليهود ، حتى رآه النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوماً يحمل كتاباً فقال له : « ما هذا في يدك يا عمر ؟ ! فقلت : يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علماً إلى علمنا ! فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى احمرت وجنتاه ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار : أغضب نبيكم ، السلاح السلاح ! فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه ، واختصر لي اختصاراً ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ، ولا يغرنكم المتهوكون ! قال عمر : فقمت فقلت رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبك رسولاً » . الزوائد : 1 / 173 . راجع تدوين القرآن للمؤلف / 416 .
واتفق النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع عروة بن مسعود أن يحرك قريظة لطلب رهائن من قريش كشرط لهجومهم فقال عمر : « يا رسول الله ، أمر بني قريظة أهون من أن يؤثر عنك شئ من أجل صنيعهم ! فقال : الحرب خدعة يا عمر » ! السير الكبير : 1 / 121 .
وعندما اتفق معهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) على أن ينزلوا على حكم سعد ، كان عمر حاضراً وكان يسمع تحرق سعد للانتقام منهم ، فأرسل لهم إشارة أن لايقبلوا بحكم سعد لكنهم لم يفهموا إشارته لأنه كانوا مرعوبين ! قال أحمد بن حنبل في مسنده : 6 / 142 : « وبعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى سعد بن معاذ فأتى به على حمار عليه أكاف من ليف ، قد حُمل عليه وحَف به قومه . . فلما طلع على رسول الله قال : قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ، فقال عمر : سيدنا الله عز وجل » . وصحيح ابن حبان : 15 / 500 والطبقات : 3 / 423 .
وفى أخبار الدولة العباسية / 214 : « قوموا إلى سيدكم ، فقال عمر بن الخطاب : الله سيدنا ورسوله ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : وسعد سيدك يا عمر » !
أقول : في قوله ( صلى الله عليه وآله ) إن سعد سيدك أنت أيضاً يا عمر ، إشارة إلى أن عمر معهم !
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|