الفصل الحادي عشر

الاستدامة البيئية وتسويق الطاقة المتجددة

Environmental Sustainability and Marketing of Renewable Energy

المقدمة:

تتعاظم اهمية التسويق الاخضر في منظمات الاعمال في الوقت الحاضر كمنهج تطبيقي لتوجهاتها في التعامل مع الاسواق المستهدفة وبخاصة في تلك الاسواق ذات التوجهات البيئية الصارمة نحو الحفاظ عليها وحمايتها. وبالتالي فان البعد الاخضر لمنظمات الاعمال اصبح توجه استراتيجي تختطه في تعاملها مع المتغيرات البيئية المحيطة بها على اعتبار ان الكثير من الاضرار الحاصلة في البيئة تعود الى الانتهاكات الصارخة من قبل منظمات الاعمال، سواء كان ذلك في الاستهلاك المفرط في المواد الأولية الخام وبخاصة القابلة للنضوب او في الاستهلاك الكبير في موارد الطاقة الاحفورية وما يترتب عليه من تلوث بيئي، مما اضاف مخاطر جديدة انعكست على البيئة الطبيعية والانسان وكل الكائنات الحية فيها.

لذلك كان لا بد من أن يكون هنالك توجه فلسفي اداري يقوم في جوهره على انتاج وتسويق منتجات صديقة للبيئة، وبالاعتماد على مصادر بديلة للطاقة، تكون اساس مهم في ذلك الانتاج من جانب ولتقليل التأثير السلبي الناتج من استخدام الطاقة التقليدية في مفردات الحياة اليومية للمواطن أو منظمات الاعمال الانتاجية منها أو الخدمية من جانب آخر. وبالتالي اصبح البحث عن الطاقة المتجددة والمتولدة من مصادر طبيعية غير ملوثة كالرياح ،الشمس، مصاقط المياه.. الخ .أساس مهم في تحقيق الاستدامة البيئية والحفاظ على البيئة الطبيعية. فضلاً عن كون هذه الطاقة يمكن تسويقها الى مختلف الجهات وسواء كانت منظمات اعمال او مجمعات سكنية او افراد للاستهلاك المنزلي. وهذا ما نهدف الى استعراضه واثارة الانتباه اليه في هذا الفصل ومن خلال التركيز على التجربة الاردنية في توليد الطاقة النظيفة المستدامة والمتولدة من الرياح وسيتضمن هذا الفصل الآتي :

ـ التعرف على مفهوم البيئة الطبيعية وأثرها على الحياة اليومية للافراد 

ـ مفهوم استدامة البيئية والابعاد الرئيسة التي تتضمنها.

ـ معنى الطاقة المستدامة (المتجددة) واختلافها عن الطاقة التقليدية ومكوناتها.

ـ استعراض مركز لمفهوم طاقة الرياح كنموذج للطاقة المتجددة.

ـ استعراض للتجربة الاردنية في مجال الاستدامة البيئية والطاقة المتجددة ومن خلال التركيز على طاقة الرياح كنموذج معتمد في الاردن لتوليد الطاقة.

ـ تسويق الطاقة المتجددة ومتطلبات انجاحها.

مفهوم البيئة الطبيعية

يقصد بالطبيعة بشكل مختصر المحيط الذي يعيش به الإنسان من موارد متاحة على الأرض وكائنات حية ونظام للتفاعل مع هذه المفردات عبر تكييف الإنسان معها او العمل على تكييف ما يستطيع منها لصالح بقائه وتعلقه بالحياة. لذلك فأن الإنسان وجميع ما يحيط به من كائنات حية (حيوانات، نباتات) هي جزء من الطبيعة التي يعيش بها وليس بدخيل عليها. وان العلاقة القائمة ما بين الكائنات الحية والموارد الطبيعية المتاحة على الأرض والجو هي جزء من النظام البيئي الطبيعي. وعليه يمكن أن تعرف البيئة الطبيعية على أنها "المحيط البايلوجي، الفيزياوي، الكيمياوي والمتكون من الكائنات الحية والموارد الطبيعية التي تحيط بالانسان والتي تربطهما علاقات متشابكة ومتكاملة لتكوين النظام البيئي الطبيعي العام".

وبقدر تعلق الأمر بنحن ما به من موضوع التسويق الاخضر وارتباطه مع البيئة الطبيعية وتأثير الطبيعة على منظمات الاعمال، فان & Kotler (81.Armstrong, 2007, p ) يشيران الى ان البيئة الطبيعية هي احد المتغيرات الرئيسة للبيئة العامة المحيطة بالمنظمة على اعتبار ان الموارد الطبيعية هي المصدر الاساسي في مدخلات عمليات المنظمة. وبالتالي فأنها سوف تتأثر بهذه الموارد سلباً أو إيجاباً في مخرجاتها المتحققة. ولذلك فإن منظمات الأعمال حريصة على أن تتوجه في عملها نحو التوافق مع سلامة البيئة لكي تضمن سلامة وجودة مدخلاتها من الموارد، وبخاصة بعد الاتساع الكبير في حجم التلوث الحاصل في البيئة وبشتى الجوانب. ولعل من الاسباب الرئيسة التي تدعوا منظمات الاعمال بعامة والمنظمات ذات التوجه الاخضر في اعمالها للاهتمام بالبيئة الطبيعية واعتبارها احد اهم المتغيرات الرئيسة العامة التي تتأثر بها هو الآتي:-(البكري, p-p 84-81, 2012,)

1 ـ القصور في الموارد

يتمثل هذا القصور أو التناقص في الموارد Shortages of Resources بنوعين هما ... الموارد غير المحدودة وتتمثل بمجموعة الموارد الموجودة في الطبيعة وغير القابلة للانتهاء وتتسم بكونها متجددة كما هو الحال بالنسبة للهواء والماء والنوع الاخر هي الموارد غير القابلة للتجديد وهي مختلف المواد الأولية التي تكون عنصر اساسي وحاسم في مدخلات عمل المنظمة، ومتمثلة بكل اشكال الموارد الطبيعية المتاحة على سطح الأرض أو تحتها كالنفط، الحديد، النحاس، الفحم الخ. والتي تستخدمها منظمات الأعمال أو الأفراد كمدخلات في اعمالها أو في حياة الفرد عبر استهلاكها المباشر.

2- زيادة التلوث

التلوث Pollution المتزايد في البيئة الطبيعية والناجم بشكل اساس من العمليات الصناعية قد أثرت على جودة البيئة الطبيعية بشكل واضح. وهذا التلوث ناجم من مصادر مختلفة يقفز في مقدمتها العمليات الكيميائية التي اثرت على الجو والمياه والأرض.

3 ـ التدخل الحكومي :

هي تعبير عن مدى اسهام الدولة وتدخلها في فرض القوانين والاجراءات التي تراها مناسبة لحماية البيئة الطبيعية والتي قد تراها بعض منظمات الاعمال بمثابة فرصة لها لتتوافق مع شروط وطبيعة الانتاج التي تعتمدها، أو بالعكس عندما تراها تهديد لها لأنها ستجعلها مقيدة وبحسب القوانين الموضوعة واذا ما اخلت بذلك فأنها ستكون معرضة لعقوبات مختلفة.

وتتباين الدول في درجة تدخلها من دولة لأخرى... فعلى سبيل المثال تعتبر حكومة المانيا من الحكومات الرائدة في حماية البيئة والموارد الطبيعية. وعلى العكس مما هو عليها في العديد من الحكومات وبخاصة في الدول الفقيرة والنامية والتي لا تعمل شيء يذكر في هذا الاتجاه. ولعل ذلك راجع الى قصور الأموال المتاحة لديها لتنفيذ البرامج البيئية او لضعف الوعي البيئي ومحدودية البرامج البيئية المعدة كذلك أو غيرها من الأسباب.