أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2016
2534
التاريخ: 2023-10-16
1619
التاريخ: 2-4-2016
4351
التاريخ: 2023-11-14
2990
|
تعتبر الوظيفة العامة الإداة الرئيسية التي يتم فيها تنظيم العمل القانوني داخل الدولة الحديثة، دولة القانون والمؤسسات. فهي التي أنشئت بهدف تنظيم الدولة وخدمة المواطنين القاطنين فيها، من خلال تولي جزء من هؤلاء المواطنين إدارتها وفق شروط ومعايير خاصة تحددها السلطة العامة وهي بالتالي تكليف بالقيام بعمل لمدة وظيفية محددة.
وأن العمل الوظيفي هو أمانة في أعناق الموظفين العامين لا يجوز العبث فيه أو استغلاله لمصالح خاصة وإلا اعتبر المساس فيه جريمة يعاقب عليها القانون، والشرف الذي يحميه الموظف هو الوظيفة العامة.
وكل مساس بالوظيفة العامة هو مساس بالشرف الوظيفي نفسه، لذلك سوف نتناول بالبحث الجرائم المخلة بالشرف الوظيفي كالرشوة والاختلاس وإساءة الأمانة.
النبذة الأولى: جريمة الرشوة
الرشوة هي نوع من أنواع المتاجرة بأعمال الوظيفة عن طريق التماس المنفعة غير المشروعة أو القبول بها عند عرضها للقيام بعمل شرعي من أعمال الوظيفة أو بعمل مناف لها أو بعمل يدعي المرتشي أنه داخل في اختصاص (1). وبناءا على هذا التصور فإن الرشوة في جوهرها جريمة خاصة بالموظف العام على اساس ان تمتعه بسلطات الوظيفة يعطيه وحده قدرة الاتجار فيها وبالتالي فان هيبة الوظيفة ومقتضيات حسن سيرها تمنعانه من طلب الرشوة او قبول الوعد باعتبارهما صورتين اصليتين للإتجار بالوظيفة العامة.
يسود التشريعات الحديثة اتجاهان بصدد جريمة الرشوة على حسب الاتجاه الأول ثمة جريمة يسأل عنها الموظف المرتشي وثمة جريمة يسأل عنها الراشي ويطلق الفقـه علـى جريمة المرتشي تعبير (الرشوة السلبية) ويصطلح على جريمة الراشي بالرشوة الايجابية) ومن هذا الاتجاه القانون الفرنسي والقانون الألماني والمغربي وعلى حسب الاتجاه الثاني تعتبر جريمة الرشوة واحدة وهي جريمة المرتشي، أما الراشي فشريك في الرشوة يستمد إجرامه من إجرام الفاعل الأصلي ومن هذا الاتجاه القانون الايطالي والقانون المصري والقانون السوري والقانون العراقي.
تعتبر الرشوة من قبيل أعمال المتاجرة بالوظيفة العامة من أجل التماس أو قبول منفعة للموظف أو لغيره للقيام بعمل من أعمال وظيفته أو للامتناع عن العمل أو الادعاء والزعم بأنه من اختصاصه (2)، بمعنى آخر أن الرشوة وهي المبلغ النقدي أو الميزة أو المنفعة أو العطية أو أي شي آخر له قيمة مادية أو معنوية يقدم للموظف أو المكلف بخدمة عامة كمقابل للقيام بعمل أو الامتناع عنه أو الإهمال التأخير فيه.
والرشوة تقوم في الأصل بين طرفين الراشي والمرتشي. أما الراشـي فـهـو صــاحب المصلحة أو الحاجة التي يُراد قضاؤها إما بقبول التماس الموظف طالبا منه الرشوة أو بأن يبادر هو بعرض الرشوة على الموظف فيقبل هذا الأخير بها.
أما المرتشي فهو الموظف الذي يطلب مبلغ الرشوة أو المنفعة نظير قيامه بالعمل الموكول إليه للقيام به قانوناً أو الامتناع عنه أو أن يقبل من الغيـر مـا يعرضـه عليـه مستغلاً بذلك حجة الآخرين ومعتمداً على نفوذه وصفته الرسمية.
ومن الممكن أن يتوسط بين الطرفين شخص ثالث يسمى وسيطاً وهو إما يكون ممثلاً عن المرتشي في الطلب أو القبول وإما يكون ممثلاً عن الراشي في العرض أو التقديم.
وقد اختلف الرأي حول ما إذا كانت جريمة الرشوة تؤلف جريمة واحدة تتعلق بالمرتشي أو أنها عبارة عن جريمتين تختص إحداهما بالراشي وتختص الأخرى بالمرتشي وتستقل كل منهما بالمسؤولية الجزائية والعقاب (3) .
النبذة الثانية: جريمة الاختلاس
تعد جريمة الاختلاس إحدى الجرائم التي تمس شرف الوظيفة العامة، وقد ازدادت شيوعاً في الفترات اللاحقة نظراً للتعقيدات الاجتماعية والاقتصادية التي انعكست على الافراد سلباً بضمنهم العاملين في الوظائف الحكومية وتدني الضابط الأخلاقي لدى المجتمعات في زمننا الحاضر.
والمقصود بهذه الجريمة أنها اختلاس أو إخفاء موظف عام أو مكلف بخدمة عامة مال أو متاع أو ورقة مثبتة لحق أو غير ذلك مما وجد في حيازته ويتحقق بمعناه العام باستيلاء الجاني على المال المملوك للغير بنية تملكه سواء كان المال عائداً للدولة أو لإحدى الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب ما أم كان عائداً للأفراد وسواء اختلس من موظف أو من في حكمه أو حصل في نطاق المعاملات الخاصة بالأفراد (4) كما أن تحقيق فعل الاختلاس يستلزم أن يباشر الجاني عملاً مادياً من شأنه أن يمكنه من المال موضوع الاختلاس ومباشرة هذا العمل تختلف صوره باختلاف وجود الشيء بالنسبة للجاني فقد يكون المال تحت حيازته وقد يكون بعيداً عنه (5).
كما أن جريمة الاختلاس لا تقوم بالفعل المادي لوحده ما لم يقترن بانصراف نية الجاني إلى تملك المختلس فهو مركب من فل مادي يتمثل بالنشاط الذي يباشره الجاني لغرض التمكن من حيازة المال ومن عنصر نفسي هو انصراف نية الجاني إلى تملك المال فالاختلاس يقوم على عنصرين هما العنصر المادي والعنصر النفسي المتمثل بنية التملك (6) .
وقيام فكرة الاختلاس على هذين العنصرين يعني أنهما يمثلان كل فعل مادي يباشره الجاني مهما كانت صوره وأشكاله باستهداف الاستيلاء على المال بنية تملكه وهذا يشمل الجرائم التي يرتكبها الموظف أو من في حكمه باختلاس الأموال الموجودة في حيازته أو التي يستولي عليها بحكم وظيفته أو بسببها أو استغلالا منه لها وسواء كانت هذه الأموال مملوكة للدولة أو المؤسسات أو الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب ما أم كانت مملوكة للأفراد فاختلسها بسبب وظيفته ويتمثل محل الاختلاس في كل شيء يصلح لأن يكون محلاً لحق من الحقوق المالية وبذلك يشمل كل شيء يمكن حيازته مادياً أو معنوياً والانتفاع به انتفاعا مشروعاً ولا يخرج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون إذ يتعين أن يكون محل الاختلاس منقولاً وذا قيمة مادية أو معنوية وبصورة عامة كل شيء يمكن تقويمه بالمال سواء كانت له قيمة حالية أو أن تتحقق له القيمة مستقبلاً كما أنه أجاز أن يكون محل الاختلاس مالاً غير مشروع كالمخدرات والأسلحة المحظور حيازتها أما بالنسبة للعقار تأبى أن يكون محلاً للجريمة لكن من الممكن أن يكون العقار محلاً للاختلاس بشكل غير مباشر كما لو اختلس الموظف سند العقار الموجود في حيازته وكذلك يمكن أن يكون العقار بالتخصيص والعقار بالاتصال محلاً للاختلاس.
النبذة الثالثة: جريمة تزوير المحررات من قبل الموظف
عرف الفقه جريمة التزوير على أنها تغير الحقيقة في محرر بقصد الغش وبإحدى الطرق التي حددها القانون تغيراً من شأنه أن يسبب ضرر (7). أو بأنه تغيير الحقيقة بقصد الغش بإحدى الوسائل المقررة بالقانون في المحرر يحميه القانون(8).
وقد عالج المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 لا سيما المادة 286 بالنص : أن التزوير هو تغير الحقيقة بقصد الغش في سند أو وثيقة او اي محرر بإحدى الطرق المادية أو المعنوية التي بينها القانون وتغيراً من شأنه احداث ضرر بالمصلحة العامة أو بشخص من الأشخاص (9)
أما المشرع اللبناني فقد عرف التزوير بموجب المادة 453 من قانون العقوبات علـى أنـه تحريف متعمد للحقيقة في الوقائع أو البيانات التي يثبتها صك أو مخطوط يشكل مستنداً بدافع إحداث ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي.
كما أن هذا التزوير يقع في نوعين من المحررات الرسمية والمحررات العادية.
عالج المشرع العراقي موضوع التزوير في المحررات الرسمية في المادة 288 من قانون العقوبات معرفاً المحرر الرسمي على أنه هو الذي يثبت فيه موظف او مكلف بخدمه عامة ما تم على يده او تلقاه من ذوي الشأن طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطة واختصاصه او تدخل في تحريره على اية صورة او تدخل بإعطائه الصفة الرسمية. وكذلك عرفت المادة 21 الفقرة اولاً من قانون الإثبات العراقي السندات الرسمية على أنها هي التي يثبت فيها موظف عام أو مكلف بخدمة عامة طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود اختصاصه ما تم على يده او ما ادلى به ذوي الشأن في حضوره ويلاحظ أن التعريف الذي جاء به قانون العقوبات أوسع من التعريف الذي جاء به قانون الاثبات وذلك بإضافة المحررات التي تدخل الموظف أو المكلف بخدمة عامة في تحريرها او اعطائها الصفة الرسمية فرسمية الورقة تتحقق في حالة تحريرها من قبل شخص مكلف بخدمة عامة وان يكون مكلف بتحرير الورق بحكم وظيفته وبموجب ما تقتض به القوانين والأنظمة وان التزوير في المحررات الرسمية هو اكثر خطورة من بقية أنواع التزوير لكونه يزعزع ثقة الناس بهذه المحررات (10).
لهذا السبب نلاحظ أن معظم التشريعات في العالم قد فرضت عليه اشد العقوبات، فتزوير هذه المحررات يترتب عليه ضرر بالمصلحة العامة وان هذا النوع من التزوير من الممكن أن يرتكب الموظف الذي قام بتحرير المحرر كما قد يرتكبه اي شخص من الناس، أما أن يقع من الموظف الرسمي اثناء تأدية وظيفته واما ان يقع من أحد الأفراد ومن ضمنهم الموظف خارج نطاق وظيفته وفي كلتا الحالتين يجب أن يقع التزوير في محرر رسمي(11)
أما التزوير في الاوراق العادية لا تقل أهميتها عن المحررات الرسمية لأنها تعتبر من الأدلة الكتابية المهمة واستحوذ المحرر العادي على اهتمام المشرع الجنائي فقد نصت المادة (288) من قانون العقوبات العراقي على أن المحررات العادية هي المحررات المنشأة من المحررات الرسمية التي ورد وصفها في الشق الأول من المادة المذكورة (12).
وقد اشارت المادة (25) من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 الى السند المادي هو الذي يصدر ممن يوقعه وقد اعطى القانون المذكور الرسائل الشخصية والبرقيات حجية السندات العادية والمحررات العادية كالمحررات الرسمية كثيرة ومتنوعة كعقود البيع والدهن والاجازة وسندات الدين ... وجريمة التزوير في هذه المحررات تعتبر من ابسط انواع التزوير ولا يشترط فيها سوى توافر الأركان الثلاثة العامة لجريمة التزوير وهي تغير الحقيقة في محرر عادي وركن الضرر وركن الثالث هو القصد الجرمي. ومن المتفق عليه أن جرمية التزوير في المحررات المادية لا يعاقب عليها القانون الا اذا كانت صالحة أن تتخذ دليلاً لإقامة الدعوى او المطالبة بحق وان المشرع العراقي عاقب على التزوير الذي يقع في المحررات الرسمية مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة (13).
_______________
1- فيلومين يواكيم نصر، قانون العقوبات الخاص جرائم وعقوبات دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، المؤسسة الحديثة للكتاب طرابلس 2013، ص 580
2- أحمد أمين بك، شرح قانون العقوبات الأهلي القسم الخاص"، الطبعة الأولى، مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة 1926، ص 26 وما يليها.
- محمود نجيب حسني دروس في قانون العقوبات القسم ، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1955، ص 33
3- واثبة داوود السعدي، شرح قانون العقوبات العراقي القسم الخاء جامعة بغداد 1988، ص 11.
4- محمد زكي أبو عامر، قانون العقوبات القسم الخاص، الطبعة الثانية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1989، ص 167.
5- ماهر عبد شويش، شرح قانون العقوبات القسم الخاص، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، بغداد، 1988، ص5.
6- أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات القسم الخاص، الجرائم المضرة بالمصلحة العامة، دار الكتب للطباعة والنشر الإسكندرية، 1972، ص 21
7- جمال ابراهيم الحيدري، القسم الخاص من قانون العقوبات، مكتبة السنهوري، بغداد، 2013، ص 34
8- واثبة داوود السعدي، شرح قانون العقوبات العراقي القسم الخاص، مرجع سابق، ص 40.
9- قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
10- نعيم عبد الله حسن، جريمة تزوير المحررات المعهد القضائي العراقي، بغداد، 1986، ص 39.
11- نعيم عبد الله حسن جريمة تزوير المحررات، المرجع السابق، ص 40.
12- ماهر داود سلومي، جريمة استعمال المحررات العادية، المعهد القضائي العراقي، بغداد، دون تاريخ نشر، ص7.
13- نعيم عبد الله حسن، جريمة تزوير المحررات، مرجع سابق، ص 8.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|