أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-09
897
التاريخ: 2-10-2020
1621
التاريخ: 2024-04-15
836
التاريخ: 2024-02-07
995
|
أقام «مرنبتاح» لنفسه مقبرة في «وادي الملوك» على مقربة من مقبرة والده «رعمسيس الثاني» وقد نُهب قبره على ما يظهر بعد موته بقليل؛ ونُقلت موميته إلى مقبرة «أمنحتب الثاني» حيث وُضعت خطأ في تابوت الفرعون «ستنخت». وعندما كُشف عن المكان الذي خُبئت فيه المومية في عصرنا عُرفت شخصية هذا الفرعون من كتابة خشنة دُونت على لفائف موميته، وقد كان الكاشف لمومية هذا الفرعون الأستاذ «لوريه» عام 1898م عندما كشف عن مقبرة «أمنحتب الثاني». وقد أُحضرت المومية إلى «المتحف المصري» عام 1900م. ويقول الدكتور «إليوت سمث «: إنه حتى مع عدم وجود البرهان الكتابي على كتف هذا الفرعون باسمه فإنه توجد تفاصيل عدة تحتم وضع هذه المومية في طائفة موميات «رعمسيس الثاني» و«سبتاح» و«سيتي الثاني»، وكذلك تدل هيئة المومية نفسها على أن بينها وبين كل من «رعمسيس الثاني» و«سيتي الأوَّل» اتصالًا كبيرًا في الشبه؛ ولهذه الأسباب لا نشك في أن هذه مومية الفرعون «مرنبتاح». ويدل جسمه على أنه كان رجلًا طاعنًا في السن، ويبلغ طوله حوالي أربعة عشر ومائة مليمتر ومتر، ويدل رأسه على أنه كان أصلع تقريبًا؛ إذ لم يبقَ في رأسه إلا إطار ضيق من الشعرات البيض على القفا والصدغين، هذا إلى بعض شعرات سود مبعثرة على شفته العليا، وشعرات قصرت على الخدين والذقن.
ويدل منظر وجهه العام على أن محياه يشبه «رعمسيس الثاني» في قسماته بصورة ناطقة، غير أن شكل الجمجمة وأبعاد الجبهة تتفق إلى حد بعيد مع جده العظيم «سيتي الأول«.
وتدل المومية على أن عملية التحنيط التي أُجريت فيها كانت ناجحة إلى حد بعيد؛ إذ كان الجسم محفوظًا لم يَشبه أي تشويه وخاليًا من اللون الأسود الذي نشاهده في موميات الأسرة الثامنة عشرة.
ويُلاحظ أن الجزء اللين من الأنف قد تفرطح بعض الشيء مما شوه منظر الوجه، وقد حشا المحنطون حفرة الجمجمة بعد استخراج نخاعها بقطع صغيرة من الكتان الجميل الصنع، وبعض البلسم، أما المنخران فقد حُشيتا بعجينة راتنجية، وكذلك وُضعت طبقة من نفس المادة على الفم والأذنين، كما وُضعت لطعة سوداء في مكان الحاجبين، وخلافًا لذلك وُضعت طبقة رقيقة من اللون الأحمر على الوجه، ويُلاحَظ أن هذا اللون قد ذهب في بعض المواضع، وظهرت تحته لطع بيضاء، وكانت أذناه مثقوبتين مدة حياته، غير أن الثقبين كانا صغيرين جدًّا.
ولوحظ أن فتحة التحنيط كانت في الجنب في المكان الخاص الذي كانت تعمل فيه الأسرات التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين أي أمام الحفرة الحرقفية، وبعبارة أخرى لم تكن بعيدة إلى الخلف أو عمودية كما نجد ذلك في بعض موميات الأسرة الواحدة والعشرين وما بعدها، وقد وُضع فوق الفتحة عجينة بلسم، ثم وُضع فوقها لوحة يُشاهَد جزء من طبعتها.
وقد أُزيلت كل الأحشاء من الجسم إلا القلب على ما يظهر، ولا نعلم إذا كان المقصود هنا ترك القلب بأكمله في الجسم كما كانت العادة في عهد الأسرة الواحدة والعشرين أم لا. وعلى أية حال فلا يمكن الجزم بذلك.
وقد دل البحث على أنه كان مصابًا بالتهاب الأورطي إذ قد وُجدت لطع كلسية عليه ظاهرة.
ويدل الفحص على أنه الجسم قد عبث به اللصوص إلى حد كبير، وعلى الرغم من أن الجسم قد صار هيكلًا عظميًّا يغطيه الجلد وحسب، فإن ما يُلاحظ من غلظ جلد البطن والخدين يدل على أن صاحبه كان بدينًا بعض الشيء. وقد نُظفت مقبرة هذا الفرعون في أوائل القرن العشرين على يد الأثري «كارتر»، وقد كشف عن غطاء تابوته تحت التراب في حجرة الدفن وهو الآن ظاهر للعيان في مكانه الأصلي. وقد حُفر قبره في أعماق الصخر إلى مسافة بعيدة، ويُشاهَد على عتب الباب قرص الشمس وفيه الجعران الذي يمثل الشمس عند الفجر، وصورة إنسان في هيئة كبش يمثل الشمس عند المغيب. كما تُشاهَد الإلهتان «إزيس» و«نفتيس» كل منهما على جانب من جانبي الباب، وبعد ذلك يهبط الإنسان في ممر منحدر انحدارًا عظيمًا، ويُرى على اليسار منظر ملون جميل يمثل الفرعون يتعبد للإله «حور-ماخت». وبعد ذلك بقليل نُقشت ثلاثة أسطر عمودية تحتوي على عنوان كتاب مديح «رع» الذي كُتب على هذا الجدار كاملًا، وبقيته على الجدار المقابل، وبعد ذلك تُشاهَد صورة رمزية لقرص الشمس يمر بين الأفقين. وفي القسم الثاني من الممر يُشاهَد على اليسار صورة الإلهة «إزيس» راكعة وبالقرب منها صورة ابن آوى (آنوب) إله الجبانة، وتحدث «إزيس» الفرعون بأنها تمد حمايتها عليه، وتمنح خيشوميه النفس، وعلى الجهة المقابلة على الجدار منظر مماثل للسابق، تأخذ فيه الإلهة «نفتيس» مكان «إزيس». وفي الممر الثالث نشاهد على اليمين صورة جميلة لسفينة الشمس تخترق العالم السفلي يجرها الآلهة، وعلى الجدار المقابل نشاهد سفينة الشمس ثانية وفيها يقف الإلهان «حور» و«ست»، ومن ثم نعلم أن «ست» في هذا العهد كان إلهًا طيبًا لا إله الشر كما هو معروف عنه. وبعد ذلك يلتوي الممر ويؤدي إلى حجرة مُثل على جدرانها ملائكة وآلهة من عالم الآخرة، فنشاهد على اليسار عند نهاية هذه الحجرة صورة الإله «أنوب» يقف أمامه اثنان من الملائكة الذين يخدمون «أوزير»، وعلى الجانب المقابل صورة «حور» حامي والدته، وأمامه الملكان الآخران.
ويمر الإنسان بعد ذلك في حجرة يستند سقفها على عمودين، وشمال الإنسان مباشرة يُشاهَد الفرعون أمام «أوزير»، وفوق الجدار المتصل بذلك تُلاحظ قطعة ضخمة من الظران ناتئة من السقف لم يهتم العمال بإزالتها، والحجرة التي على اليمين لم تتم بعد، ثم نصل بعد ذلك بوساطة السلم إلى الحجرة التي فيها غطاء التابوت العظيم المصنوع من الجرانيت، والظاهر أن هذا الغطاء لم يُنقل من مكانه إلى حجرة الدفن بل تُرك حيث هو لصعوبة نقله. وبعد ذلك يمر الإنسان في ممر إلى قاعة الدفن المهدمة تهديمًا شديدًا، وكان سقفها المقبب محمولًا على ثمانية عمد محطم معظمها الآن، والمناظر التي على جدران هذه الحجرة قد عُبث بها كثيرًا، ولكن الشيء الذي يلفت النظر فيها بصفة خاصة هو غطاء التابوت الداخلي الذي لا يزال موضوعًا في مكانه الأصلي، فقد كانت مومية الفرعون موضوعة في تابوت من الخشب وكان هذا التابوت داخل تابوت من الجرانيت لم يبقَ منه إلا الغطاء، وقد كان المقصود وضع هذا التابوت في آخر لا يزال غطاؤه يُرى في مكانه في حجرة أخرى كما أسلفنا، وتدل شواهد الأحوال على أنه لم يكن لدى العمال ما يكفي من الوقت للقيام بهذا العمل.
فلدينا قطعتان من الاستراكا عُثر عليهما في «وادي الملوك» نُقش عليهما متون خاصة بقبر هذا الفرعون، والاستعدادات التي اتخذت لتجهيزه في السنة السابعة من حكمه، أي السنة التي توفي بعدها الفرعون على حسب بعض الأقوال، وقد كُتبت كل منهما من الوجهين، غير أنه مما يؤسف له ضياع الجزء الأول من أسطر إحداها من الوجه، ونهاية الأسطر من الظهر، وقد أُرِّخت بالسنة السابعة الشهر الرابع من حكم «مرنبتاح»، ومما تبقى من نقوش هذه الاستراكا نعرف بعض أسماء المؤلفين الذين كانت لهم علاقة بإنجاز هذا القبر، ونخص بالذكر منهم «بانحسي» الوزير، و«ثاي» مدير المالية.
أما الاستراكا الثانية فتبحث في نفس الموضوع، وقد ذُكر فيها حاكم المدينة والوزير «بانحسي» الذي كان يشرف على هذا العمل، وسنتحدث عنه فيما بعد، وكذلك ذُكر مدير المالية «ثاي». والمتن الذي على ظاهر هذه الاستراكا يتحدَّث عن الكاتب «امبو محب» وعن رئيسي الشرطة «نخت مين» و«حورا» اللذين ذُكرا على الاستراكا رقم 25237 «بالمتحف المصري» ومنها مؤرَّخ بالسنة السادسة والستين من حكم «رعمسيس الثاني»، وقد اختفى الاسم الأخير من أسماء هؤلاء الموظفين، بيد أن لقبه قد بقي دالًّا عليه، وهؤلاء الموظفون الثلاثة قد ظلوا إذن أكثر من ثماني سنين معًا في وظائفهم، وسنورد هنا ترجمة الاستراكا الثانية على الرغم مما أصابها من تهشيم ثم نفسر ما جاء عليها:
السنة السابعة الشهر الثالث من فصل الفيضان، اليوم الواحد والعشرون وهو اليوم الذي ذهب فيه مدير الخزانة «ثاي» … (2) عند إغلاق حجرة الدفن لنداء العمال الذين كُتبت أسماؤهم في القائمة … (وقد أعطى) (4) أربع عشرة جرة من الشراب لأيدي اﻟ … (5) الاثنان والعشرون، وقد ذهب مدير الخزانة لأجل … (في السنة السابعة الشهر الرابع من فصل الصيف. اليوم الثاني عشر من الشهر، وفي هذا اليوم جرت التماثيل المقدسة إلى ملك الوجه القبلي وملك الوجه البحري «بان رع مري آمون» له الحياة والفلاح والصحة إلى مكانها في حضرة الوزير «بانحسي» (7) (وفي اليوم الثالث عشر من الشهر الرابع) من فصل الصيف، في هذا اليوم ذهب الوزير «بانحسي» ولم يجد عمالًا في حجرة الدفن فقال: فلتُحمل إلى المصنع … قطعتان من الحجر لكي … (9) وقال: فليؤت بالرؤساء مع … السنة السابعة اليوم الرابع والعشرون، الشهر الرابع من فصل الصيف. وفي هذا اليوم جاء إلى المصنع المشرف «رعمسو محب» والوزير «بانحسي» لكي يضعوا على المنزلق … لوازم التحنيط — اللفافات وغيرها من الأدوات اللازمة لتحنيط الجسم كالعطور ونحوه — الخاصة بالفرعون له الحياة والصحة والعافية في مكانها، وفي اليومين الرابع عشر والخامس عشر … أتى لإغلاق حجرة الدفن … وأمر الوزير «بانحسي» أن يكون العمال بالقرب منها.
النقوش التي على ظهر الاستراكا:
السنة السابعة، اليوم الثالث من الشهر الثاني من فصل الفيضان، وفي هذا اليوم جاء الكاتب «أنبو محب» ورئيس الشرطة «نخت مين» وقال رئيس الشرطة (المازوي) «حورا»: المقابر … (3) فلترفع الحراس، ثم قال عن إرسال الفرعون (له الحياة والفلاح والصحة والعافية) مدير الخزانة «مريوبتاح» وكاتب بيت التحنيط «حوى» … فليذهبا إلى حيث مدخل الوادي لكي يستقبلوا صديق الفرعون (له الحياة والصحة والعافية) (5) الشهر الثاني من فصل الفيضان. اليوم الرابع عشر، لم يكن قد أتى الوزير «بن سخمت» مع رجال الشرطة فأمر حراس القبور الملكية بالاستمرار في حراستها (6) إلى أن يعلن قيام رجال الشرطة بذلك، وقد ذهب في اليوم السادس عشر من الشهر الثاني من فصل الفيضان مع الكاتب «حوى» …
(وبقية المتن مهشم).
وهذا المتن على الرغم مما أصابه من تهشيم يكشف لنا عن عدَّة حقائق غاية في الأهمية؛ فمنه نعلم أن العمل في قبر هذا الملك كان قائمًا على قدم وساق وبخاصة لأنه كان متقدِّمًا في السن؛ وعلى الرغم من ذلك لم يكن في الإمكان إنجازه كما يدل على ذلك غطاء التابوت الخارجي الذي أُنزل في القاعة الخارجية، ولم يتم نقله إلى حجرة الدفن عند موت الفرعون الذي قضى في السنة الثامنة من حكمه على ما يظهر — وقد كانت كل أدوات التحنيط يؤتى بها في مكان خاص بالقرب من القبر حتى تتم عملية التحنيط بجوار مكان الدفن نفسه، كما شرحت ذلك في الجزء الثالث من أعمال الحفر بالجيزة.
والواقع أن آخر تاريخ لدينا على الآثار من حياة هذا الفرعون هو السنة الثامنة اليوم السابع والعشرون من الشهر الثالث من فصل الفيضان كما جاء على ورقة «بلوني» رقم 1904 أي بعد ثلاثة وأربعين يومًا من التاريخ الذي نقرؤه على ظهر الاستراكا التي نحن بصددها الآن. وهذا يدل على أن الاستعداد لدفن الملك إذا صح أنه مات في العام الثامن من حكمه كان على وشك الانتهاء.
ويدل المتن من جهة أخرى على أن القائمين بإنجاز ذلك العمل هما الوزير ورئيس المالية وهما أكبر موظفين في الدولة، وكانت حراسة المقابر الملكية في يد الشرطة يتسلمونها من حراس الجبانة، وكان على الوزير كذلك أن يسلم المقبرة لرئيس الشرطة ليحافظ على ما فيها من أثاث ثمين خوفًا من عبث اللصوص بها حتى يأتي يوم دفن الملك فتغلق نهائيًّا.
وغطاء التابوت الذي وُجد في حجرة الدفن يُعد من أجمل الآثار التي عُثر عليها للفراعنة في هذا العهد في هيئة طغراء (خرطوش)، وعلى هذه الطغراء صور سرير عليه صورة الفرعون مضطجعة ومتقنة النحت إلى درجة ممتازة، ويلبس الفرعون «كوفية» على رأسه يحليها الصل الملكي وذراعاه مطويتان على صدره. أما الجزء الأسفل من الجسم فعلى شكل مومية مزملة بالكتان، وقد رُسم عند رأسه الإلهة «نفتيس» راكعة على علامة الذهب رافعة ذراعيها، ونشاهد عند القدمين الإلهة «إزيس» كذلك على علامة الذهب بجناحين مبسوطين، وعلى كلا جانبي رأس الفرعون صورة الإلهة «ماعت» وعلى بطنه إلهة تحمل قرصين، وفي أسفلَ قاربان للإله «حور»، وبجانب ذلك نجد عدة مناظر ونقوش دينية تشغل سطح الغطاء كله، وقد كُرر فيها ألقاب الملك، ويبلغ طول هذا الغطاء حوالي خمسة وعشرين سنتيمترًا وثلاثة أمتار، وعرضه حوالي متر ونصف، وارتفاعه نحو متر، وقد عُثر في البقايا التي وُجدت في حجرة الدفن على أجزاء من أواني أحشاء مصنوعة من المرمر، وكذلك على بعض أجزاء من التماثيل المجيبة.
وقد عثر اللورد «كارنرفون» و«كارتر» بالقرب من مدخل هذه المقبرة على أوانٍ هامة من المرمر ذات حجم كبير عليها اسم «مرنبتاح»، وقد كُتب على كثير من منها أسماء محتوياتها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|