المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23



المقدمة العاشرة للشيخ فتح الله الاصفهاني في علم القراءات  
  
309   01:46 صباحاً   التاريخ: 2024-08-29
المؤلف : الشيخ محمد عزت الكرباسي
الكتاب أو المصدر : الموسوعة العلمية التفسير وعلوم القران
الجزء والصفحة : ص 129-151
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / القراء والقراءات / رأي المفسرين في القراءات /

المقدمة العاشرة للشيخ فتح الله الاصفهاني في علم القراءات


اتفقت الروايات على أَنّ الذي تولّى كتابة القرآن بأمر عثمان هو : زيد بن ثابت ، وأَنهُ شقَّ ذلك على عبد الله بن مسعود فقال : يا معاشر المسلمين أعُزل عن نسخ كتابة المصاحف ويتولاها رجل ، والله لقد أَسلمت وهو في صلب رجل كافر ، وأَخرج ابن أبي داود عنه أنهُ يقول : لقد أخذت من في رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  سبعين سورة ، وأَنّ زيد بن ثابت لصبي من الصبيان ، إلا أَنهم ذكروا أَنّ عثمان لما بلغه اختلاف الناس في القراءات حتى كفّر بعضهم بعضاً ، وكان يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال : إلا أني أكفر بهذه ونشأ ذلك في الناس ، جمع عثمان أثني عشر رجلًا من قريش والأنصار منهم أبي بن كعب وقال : من أكتب الناس قالوا كاتب رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  زيد بن ثابت ، قال : فأيّ الناس أعرب وفي رواية أفصح قالوا : سعيد بن العاص الأموي ، قال عثمان : فليملّ سعيد ، وليكتب زيد ، وروى سعيد بن عبد العزيز : أَنّ عربية القرآن أقُيمت على لسان سعيد بن العاص بن أمُيّة ، لأنّه كان أشبههم لهجة برسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  وكان الأمر لزيد وسعيد في ابتداء الأمر ، ثُمَّ احتاجوا إلى من يساعده في الكتابة وضمّوا

إليهما جماعة منهم : مالك ابن أبي عامر جد مالك بن أنس ، وكثير بن أَفلح ، وأنس بن مالك ، ويأتي عن كتاب الاستغاثة أَنَّ عثمان أمر مروان بن الحكم وزياد بن سمية وكانا كاتبيه يومئذٍ أَنْ يكتبا المصحف فنسخوا المصاحف واختلفوا في عدّتها ، فالمشهور أنها خمسة ، وعن أَبي حاتم السجستاني : أَنها سبعة وبعث كلّا منها من مكةَ والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة وحبس بالمدينة واحداً « 1 ».

وفي صحيح البخاري « 2 » : أَنهُ أرسل إلى كل أفق بمصحف ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق ، وقال الحافظ العسقلاني في شرح البخاري « 3 » : عن آبن أبي داود والطبراني وغيرهما رواية شعيب أنه أمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به قال فذلك زمان حرقت المصاحف بالنار ، وروى من طريق مصعب بن سعيد قال : أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك ، أو قال لم ينكر منهم أحد قال : قوله : وأمر بما سواه أي بما سوى المصحف الذي أستكتبه والمصاحف التي نقلت منه ، وسوى المصحف التي كانَ عند حفصة وردها إليها ولذا آستدرك مروان الأمر بعدها وأعدمها أيضا خشية أن يقع لأحد منها توهّم أَنّ فيها ما يخالف المصحف الذي آستقر عليه الأمر .

وروى آبن أبي داود عن حمزة الزيات القارئ المعروف قال « 4 » : أرسل عثمان أربعة مصاحف ، وبعث منها إلى الكوفة بمصحف ، فوقع عند رجل من مراد ، فبقى حتى كتبت مصحفي عليه ، وقال آبن خلكان في ترجمة الحجاج : عن أبي أحمد العسكري في كتاب التصحيف : إِنّ الناس مكثوا يقرئون في مصحف عثمان نيفاً وأربعين سنة إلى أيام عبد الملك

بن مروان ، ثم كثر التصحيف وأنتشر بالعراق ففزع الحجاج إلى كتابه ، وسئلهم أَنْ يضعوا لهذه الحروف المشتبه علامات فيقال : إنّ نصر بن عاصم ، وقيل : يحيى بن يعمر قام بذلك فوضع النقط أفراداً وأزواجاً ، وخالف بين أماكنها فعبر الناس بذلك زمانا لايقرؤن إلا منقوطا فكان مع استعمال النقط أيضا يقع التصحيف فأحدثوا الإعجام فكانوا يتبعون النقط والأعجام فإذا أغفل الاستقصاء من الكلمة فلم توفِ حقوقها أعترى التصحيف فالتمسوا حيلة فلم يقدروا إلا على الأخذ من أفواه الرجال بالتلقين ، ثم أَنهم ذكروا أَنّ المشتهرين بإِقراء القرآن من الصحابة سبعة : علي  ( عليه السلام )  وعثمان ، وأَبي ابن كعب ، وزيد بن ثابت ، وآبن مسعود ، وأبو الدرداء ، وأبو موسى ، ومن التابعين كثيرون لا تحصى .

ثم تجرّد قوم واعتنوا بضبط القراءة أَتمَّ عناية حتى صاروا أَئمةً يُقتدى بهم ويرحل إليهم فكان بالمدينة أبو جعفر بن يزيد القعقاع ، ثم شيبة بن نصاح ، ثم نافع ، وبمكة عبد الله بن كثير ، وحميد بن القيس الأعرج ، ومحمد بن محتصن ، وبالكوفة يحيى بن وثّاب ، وعاصم بن أبي النجود ، وسليمان الأعمش ، ثم حمزة ثم الكسائي ، وبالبصرة عبد الله بن أبي إسحاق ، وعيسى بن عمرو ، وأبو عمرو بن العلا ، وعاصم الجحدري ، ثم يعقوب الحضرمي ، وبالشام عبد الله بن عامر وعطية بن قيس الكلأبي ، وإِسماعيل بن عبد الله بن المهاجر ، ثم يحيى بن الحرث الذماري ، ثم شريح بن يزيد الحضرمي .

واشتهر من هؤلاء في الآفاق الأئمة السبعة المشهورون المتقدَّم ذكرهم ، واشتهر من رواة كل طريق من طرق السبعة راويان فعن نافع قالوا : وورش عنه ، وعن آبن كثير قنبل وبزي عن أصحابه عنه ، وعن أبي عمرو الديوري ، والتوى عن اليزيدي عنه ، وعن ابن عامر هشام ، وابن ذكوان عن أصحابه عنه ، وعن عاصم أبو بكر بن عياش وحفص عنه ، وعن حمزة خلف وخلّاد عن سليم عنه ، وعن الكسائي الدوري وأبو الحرث .

وحيث أَنّ القراءة المتداولة فعلًا هي قراءة عاصم فمن المناسب ذكر شطر من حال راويه أبي بكر وحفص توضيحاً لمقام الأول من الراويين الذي رجّحه العلامة في المنتهى ، ومقام ثانيهما الذي اختاروا روايته في هذه الأَعصار الخيرة ، وصارت كتابة القرآن بالسواد عليها ، وربما يشيرون إلى البقية بالحمزة ، فنقول : أَمّا أبو بكر بن عياش واسمه شعبة على الأشهر فقد اتفقت كلمتهم على وصفه بالعلم والعمل والديانة والعدالة والتقوى قال العلامة الفاسي ، أَنهُ كان عالما عاملا قال : وكفى هو العلم الذي أحيى الله به قرأنة ، وكذلك قال يحى بن آدم : ويقال إنهُ لم يفرش له فراش خمسين سنة ، وقال الذهبي ، إِنهُ أحد الأئمة الأعلام صدوق ثبت في القراءة لكنه في الحديث يغلط ويهمّ ، وعن يحيى الحمّاني : لما حضرت أبا بكر الوفاة بكت أَخته فقال : ما يبكيك انظري إلى تلك الزاوية قد ختمت فيها ثمانية عشر ألف ختمة ، وإمّا حفص فهو وإِن نقلوا عن يحيى بن معين وأبي هشام الرفاعي تفضيله في القراءة على أبي بكر إلا أَنّ يحيى بن معين هذا ذكر في حقّهِ أَنهُ ليس بثقة ، وذكر مرّة أَنهُ ليس بشيءٍ ، وقال البخاري : تركوه ، وقال أبو حاتم « 5 » : متروك لا يصدق ، وقال آبن خرّاش : كذّاب يضع الحديث ، وقال آبن عدي « 6 » : عامّة أحاديثه غير محفوظة ، وقال آبن حيّان : يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل .

أقول : إذا كان الرجل بهذه المثابة من عدم صدق اللهجة والخيانة في نقل الأحاديث النبوية حتى أدى أمره إلى الوضع أو إلى قلب الإِسناد بمعنى إِسناد الحديث المروى عن الحديث الضعيف إلى الثقة أو بالعكس حسب ما يشتهيه ويقتضيه مناسبة المقام ويرفع الحديث المرسل الموقوف على الصحابي فيسنده إلى النبي  ( صلى الله عليه واله وسلم )  كيف يعتمد عليه في النقل عن عاصم ؟ وكيف صارت قراءتهُ أصح من قراءة عديله أبي بكر المتّفق على عدم تعمده الكذب والوضع ؟ وأمّا الوهم والغلط فمن الأمور العادية لأغلب البشر ولا يضرّه بالنقل ما لم يخرج عن الحدّ المتعارف بحيث يخرج الناقل عن الضبط ولم يثبت مثله في حقّهِ واحتماله

مدفوع بالأصول العقلائية ، وقول الذهبي « 7 » : إنّ حفصاً كان ثبتا في القراءة وأهيأ في الحديث لأنه كان لا يتقن الحديث ويتقن القرآن كلام واهٍ ، إذ الطريق إلى النقل عن عاصم فيما خالف أبا بكر كان منحسراً به فمن أين يعلم أنه أتقنه وإِثبات إِتقانه بقوله دوري ومن لا يتحرّج من الوضع على النبي  ( صلى الله عليه واله وسلم )  كيف يتحرّج من الوضع على عاصم ؟

وبالجملة فلا شكّ عند التعارض بين قراءتهِ المختصّة به وقراءة غيره ، أَنَّ قراءة غيره أرجح منه ، وقد نبهناك على بعض المواضع منها :

قراءتهُ في قوله تعالى : {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: 64] بكسر الجيم وإذا تمهدت هذه الأمور فلنشرع في أصل المقصود من القول في قراءتي ملك ومالك .

فنقول : قد رجّح جملةٌ ممّن خاضوا في هذا المعنى قراءة مالك بحذف الألف منهم : محمد بن السري المعروف بآبن السراج « 8 » كما هو الصحيح ، أو السراج كما هو في مجمع البيان ، وهو أسُتاذ السيرافي ، وأبي علي الفارسي وعلي بن عيسى الرمّاني وغيرهم ، ونقل عنه الجوهري في كتاب الصحاح في مواضع عديدة ، وذكر ابن خلكان أَنهُ أحد الأئمة المشاهير المجُمْعَ على فضله ونبله وجلالة قدره في النحو والأدب ، وذكر آبن الأنباري في طبقات الأدباء : أَنهُ أحد العلماء المذكورين وأئمة النحو المشهورين ، ومنهم صاحب الكشّاف قال : وقراءة ملك هو الاختيار لأنّهُ قراءة أهل الحرمين ولقوله تعالى : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ، ولقوله تعالى : مَلِكِ النَّاسِ ، ولأن الملك يعمُّ والملك يخص ، ومنهم السيد الشريف حاشية على الكشاف قال : وملك هو المختار ، وأوضحَ الأدلة التي أحتجّ بها الكشّاف وقررها ، ومنهم البيضاوي قال « 9 » : قراءة ملك هو المختار ، لأنه قراءة أهل الحرمين ولقوله تعالى : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ، ولما فيه من التعظيم ، وفي شرح العلّامة الفاسي على الشاطبية : اختار أبو عبيد وجماعة من الأئمة القراءة بغير ألف ، وفي تفسير العلّامة : أبي السعود قراءة أهل الحرمين المحترمين ملك من الملك الذي هو عبارة عن السلطان الظاهر والاستيلاء الباهر ، والغلبة التامة ، والقدرة على التصرف الكلي في أمور العامّة بالأمر والنهي وهو الأنسب بمقام الإضافة إلى يوم الدين كما في قوله تعالى : {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16] ، وذكر شيخنا البهائي في آخر مفتاح الفلاح وجوهاً خمسة لترجيح قراءة ملك ، وروى كثير من محدثي أهل السنة عن أنس قال : صليت خلف رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  وأبي بكر وعمر وعثمان ، وعلي  ( عليه السلام )  كلهم كان يقرأ ملك يوم الدين ، وعن الزهري : أَنّ النبي  ( صلى الله عليه واله وسلم )  كان يقرأ ملك يوم الدين بلا الف وأبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل ، وعلى كل حالّ فهو الراجح عندي لوجوه :

أحدها : أَنهُ القراءة الشائعة المشهورة بين أَئمة القراءة ، فقد قرأ بها خمس من القراء السبعة ، وهم نافع وآبن كثير وحمزة وأبو عمرو ، وآبن عامر وهم قرّاء المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام ، وقراءة مالك اختصَّ بها اثنان من السبعة عاصم والكسائي ، وقد ينسب إلى يعقوب من البصرة وخلف بن هشام البزّاز من الكوفة ، وفي مجمع البيان : أن له اختياراً وليس من السبعة « 10 ».

الثاني : أَنهُ القراءة التي عُلِمَ تداولها وشيوعها ، وقراءة الناس بها في بلاد الإسلام من مكة والمدينة والبصرة والشام في زمن أئمتنا عليهم أفضل الصلاة والسلام الآمرين بالقراءة بما يقرأهُ الناس بخلاف قراءة الألف فإنها كوفية محضة ولم يعلم تداولها في تلك الأعصار أو علم خلافها في المقدمة الثامنة ، والفرق بينه وبين الوجه الأول أَنّ الملحوظ في الترجيح في الأول هو اتفاق أكثر القُرّاء السبعة عليه ، وإن كان الكل من بلد واحد بخلاف الثاني كما هو واضح .

الثالث : أنهُ قراءة حجازية فإنهُ قراءة أبي جعفر المعروف بالمدني الأول القارئ على آبن عباس القارئ على أمير المؤمنين  ( عليه السلام )  كما هو الظاهر أو على أبي بن كعب كما ذكره القوم ، وقد روى الكليني في الكافي « 11 » : عن أبي عبد الله الصادق  ( عليه السلام )  : أَنهُ قال أمّا نحن فنقرأ بقرائةِ أبي وهو قراءة نافع أيضا الذي قالوا إنهُ قرأ على سبعين من التابعين ، وهو أيضا قارئ المدينة وقراءة آبن كثير قارئ مكة ومن المعلوم رجحان قراءة أهل بلد الوحي والتنزيل المتلقاة عن الصحابة المدركين لقراءة النبيّ  ( صلى الله عليه واله وسلم )  على قراءة غيرهم وقراءة مالك الكوفية .

الرابع : أنّهُ قراءة حمزة المتورع الزاهد العابد الآخذ قراءته عن حراّن بن أعين أو عن أبي عبد الله الصادق  ( عليه السلام )  أو عن كليهما كما عرفت ثبوت هذا الأمر من كلمات الخاصّة والعامّة.

الخامس : ما رواه العياشي « 12 » عن داود بن فرقد قال سمعت أبا عبد الله  ( عليه السلام )  يقرأ ما لا أحُصى ملك يوم الدين ، وروى عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله  ( عليه السلام )  أنه كان يقرأ ملك يوم الدين ويقرأ اهدنا السراط المستقيم ، ولو لم يكن في الباب إلا الروايتان لكفى لقراءة ملك ترجيحاً إنْ لم يفد تعيينها ودعوى أَنّ المكتوب في الحديث وإنْ كان بلا أَلف لكن من المحتمل أَنْ يكون المراد فيهما أيضاً هو القراءة بالألف ، وإنمّا إسقاطها في الخط آختصارا واضحة الفساد ، فإنّ الغرض من الرواية ليس عن قراءتهِ  ( عليه السلام )  لهذه الآية في الجملة من غير تعيين لأحدى القراءتين بالضرورة ، إذ من البديهي أَنّهُ  ( عليه السلام )  كان يقرأ هذه الآية بل كلّ مُصَلّ يقرأها فليس الغرض إلا تعيين أحديهما ، ولا يمكن أن يكون المكتوب بالألف تعييناً لخصوص ما كان معها فبقي أَنٍ يكو ن تعييناً لخصوص ما كان بلا ألف مضافا إلى لزوم متابعة رسم الخط في كل مكتوب كلزوم كتابة الألف في الخط على تقدير إِرادة مالك وما حال مالك إلا كحال عالم وقادر وضارب وكاتب ، فلا يصحّ أن يكتب علم وقدر وضرب وكتب ويراد بها أسماء الفاعلين ، وصدور مثله عن عثمان في موضع على خلاف القاعدة لو ثبت لا يوجب قياس غيره عليه ، بل القوم متفقون على أَنّ عثمان أيضا كان يكتب مالكاً مع الألف ومَلِكاً بغيرها ، ولذا آتفقت مصاحفه في قوله تعالى : {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] وك الناس اليومبيا امريهار ، وفي قوله تعالى : {لَهَا مَالِكُونَ} [يس: 71] على إِثبات الألف ، وفي قوله تعالى : {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} [الحشر: 23] ، وقوله تعالى : {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 2] ، وقوله تعالى : {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [طه: 114] على حذفها ، نعم ذكر السيوطي : أَنهُ اتفّق منه على خلاف ضابطته في قوله تعالى : مَلِكِ النَّاسِ كتابته بلا ألف ومن المقرّر في محلّه أَنّ خطين لا يقاس عليهما خط المصحف وخط العروض ، لأنه لا يثبت فيه ما أَثبتهُ اللفظ ويسقطه ما أسقطه مثلا يكون : ( ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود ) ، على هذه الصورة : ( ستبدي لكلا يا مماكن تجاهلا ويأتي كبلأخبار منلم تزودي ) ، هذا كلّه مضافاً إلى أَنْ المحدثين لم يفهموا من الرواية الماضية إلا كون قراءته  ( عليه السلام )  باسقاط الألف ولذا قال العلّامة القاشاني في الصافي : لفظه وقرأ ( ملك يوم الدين ) روى العياشي أنه قرأهُ الصادق  ( عليه السلام )  ما لا يحُصي « 13 » ، ثُمَّ أَنّ دلالة الرواية الأولى على المُدّعى لا يتفاوت فيها بين أن يكون الغرض منها الاخبار عن قراءتهِ كذلك ، أو يكون الغرض منها تكرار الآية في الصلاة بعد الفراغ عن كون قراءتهِ بلا الف.

السادس : ما رواه الحاكم فيما استدركه على الصحيحين وصححّه وأبو داود والبيمقي عن عائشة قالت « 14 » : شكا الناس إلى رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  قحوط المطر ، فأمر بمنبر فوضعه في المصلّى ، ووعد الناس يوما يخرجون فيه فخرج حين بدا حاجب الشمس ، فقعد على المنبر فكبّر وحمد الله تعالى ، ثُمَّ قال : إنكم تشكون جدب دياركم ، واستئخار المطر عن أبان زمنه عنكم ، وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم ، ثم قال : الحمد لله ربّ العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين لا آله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت لا اله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنُزل قوة وبلاغاً ، إلى حين قال أبو داود حديث غريب ، إِسناد جيد ، أَهل المدينة يقرئون : ملك يوم الدين ، وهذا الحديث حجّة لهم ، إِنتهى .

وفي قول أبي داود : أَنّ هذا الحديث حُجّة لهم شهادة على ما قدّمنا من عدم احتمال مالك إذا كتب اللفظ بلا ألف .

السابع : اتفاق جميع المصاحف التي بعثها عثمان إلى الآفاق على كتابة ( ملك ) بغير ألف ولذا جعلوا قراءة مالك معها مطابقة للمصاحف احتمالا ، وقراءة ( ملك ) بغير ألف مطابقة لها تحقيقاً كما سمعت من السيوطي ، وآبن الجزري ، وقد صرَّح بهذا المعنى كثيرون وأنت خبير بان المطابقة الاحتمالية لا معنى لها إذ لا يجوز العدول عن رسم الخطّ بزيادة حرف فيه أو إِسقاط حرف ثابت إلا بقيام قرينة تدلّ على لزوم الزيادة أو الإسقاط ، وعلى تقدير صحّتها فلا شكّ أَنّ المطابقة المحققّة أولى وأرجح من المقدرة ، وليت شعري أَنّ عاصماً والكسائي مع التزامهما بالقراءة على صورة خطّ مصحف عثمان والمطابقة معه تحقيقا في مواضع لا تحصى كقراءتهما في الكهف ذلك ما كُنّا نبغِ بغير ياء وقراءتهما فلا تسئلن في سورة هود بغير ياء إلى غير ذلك ، مع أَنّ عثمان كتب في سورة يوسف نبغي مع الياء ولا وجه ظاهر لسقوط الياء في الكهف ، إذ ليس مجزوماً ، ولم يُجوَّز القراءة بالياء

باحتمال سقوطها اختصارا متابعة لرسم خطّ مصحفه ، وهكذا في مواضع كثيرة لم يلتزما في المقام بمتابعة صورة خطه المرسوم في جميع المصاحف على نهج واحد ، أو أنهما كيف اقتصرا في قوله تعالى : مَلِكِ النَّاسِ ، وقوله تعالى : فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ، وقوله تعالى : لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ على خصوص القراءة بغير ألف ولم يُجوَّزا القراءة معها مع صحّة المعنى في هذه معها أيضا ، ولواعتذر بثبوت النقل عندهما بزيادة الألف في الفاتحة فكيف لم يثبت هذا النقل عند مشايخنا المتقدّمين عليهما الذين تعلما القراءة منهم ؟

نعم لهما التفصح بناءً على أصلهم من ثبوت القراءات كلّا عن النبيَّ  ( صلى الله عليه واله وسلم )  وظهر من تفسير الفخر الرازي « 15 » : اعتماد الكسائي في ترجيح مالك ، وتعديه عن رسم الخطّ على وجه عجيب قال : ما لفظه الملك وإنْ كان أَغنى من المالك غير أَنّ الملك يطمع فيك ، والمالك أَنت تطمع فيه ، وليست لنا طاعات ولا خيرات فلا يريد أَنّ يطلب منّا يوم القيامة أنواع الخيرات والطاعات ، بل يريد أن نطلب منه يوم القيامة الصفح والمغفرة وإِعطاء الجنة بمجرد الفضل ، فلهذا السبب قال الكسائي : أَقرأُ مالك يوم الدين ، لأنَّ هذه الآية هي الدالّة على الفضل الكبير والرحمة الواسعة ، إنتهى .

والأولى السكوت في المقام وعدم التعرّض لهذا الكلام بنقض وإِبرام ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا : سلام .

الثامن : أَنّهُ من المتّفق عليه أَنّ إِضافة اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال لا توجب التعريف ، وقد وقع في المقام نعتاً للمعرفة فيحتاج تصحيح النعت في قراءة مالك بالألف إلى توجيهٍ جعله بمعنى الماضي لتحقيق وقوعه نظير قوله تعالى : {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 44] ، والمعنى أَنهُ ملك الأمور في يوم الدين واليوم في الحقيقة إلا أَنهُ أضيف إليه

توسّعاً أجرى له مجرى المفعول به ، أو جعله بمعنى الاستمرار ، ولكنَّ قراءة ملك بغير ألف غنيّة عن التوجيه ، وللقوم كلمات طويلة في الباب يؤدي التعرض لها ولما فيها إلى الأسهاب والأطناب .

التاسع : أَنّ الملك بضمّ الميم بمعنى السلطنة وبالكسر والفتح ما يملكه المالك ، وقد أَثبت الله لنفسه السلطان في هذا اليوم وتمدّح به فقال : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ، وقراءة ملك بغير ألف منطبقة على ما تُفيده هذه الآية بلا تكلُّف وهو الأنسب بمقام هذا اليوم العظيم الذي لا تَتَحمل العقول سماع أوصاف عظمته في ذلك اليوم .

العاشر : أَنّ المتعارف في الإضافة إلى زمان ، وما يفيده مفاده هو الملك بمعناه فيقال : ملك العصر ، وسلطان الوقت ، وملك الزمان ، وأَشباهها .

الحادي عشر : ما ذكره آبن السراج « 16 » : من أَنّ الملك الذي يملك الكثير من الأشياء ، ويشارك غيره من الناس في ملكه بالحكم عليه ، وكل ملك مالك ، وليس كل مالك ملكاً ، وإِنما قال تعالى : مَلِكِ النَّاسِ ، لأنهُ تعالى يملك ملوك الدنيا وما ملكوا فمعناه : أَنهُ يملك ملك الدنيا فيؤتى الملك فيها من يشاء ، فأَمّا يوم الدين فليس إلا ملكه وهو ملك الملوك يملكهم كلهم ، وقد يستعمل هذا في الناس يقال : فلان ملك الملوك ، وأمير الأمراء ، يُراد بذلك أَنّ دونه ملوكا وأمراء ، ولا يقال : ملك الملك ، ولا أَمير الأمارة ، لأنّ أَميراً أَو ملكاً صفة غير جارية على فعل ، فلا معنى لإضافتها إلى المصدر فأَمّا إضافة ملك إلى الزمان فكما يقال : ملك عام كذا ، وملوك الدهر الأول ، وملك زمانه ، وسيد زمانه ، فهو في المدح أَبلغ ، والآية إِنما نزلت في المدح والثناء لله تعالى ألا ترى إلى قوله : رب العالمين والربوبية والملك متشابهان .

الثاني عشر : ما ذكره جماعة منهم السيد الشريف وشيخنا البهائي : من أَنّ قراءة ملك أشبه بما في خاتمة الكتاب من وصفه سبحانه بالملكية بعد الربوبية فيناسب الافتتاح الاختتام ، والعمدة من هذه الوجوه هي السبعة الأول التي قدّمت ذكرها وكلها مما سنحت لهذا الضعف ، ثم الثلاثة التي يتلوها مما ذكرها غيري ، بل أَوّلًا الإجماع على جواز القراءة بمالك لكان الذهاب إلى تعيين قراءة ملك بلا الف مُتَّجِهاً ، سيمّا والمسئلة من قبيل الدوران بين التعيين والتخيير في الطرق ، ومن لا يقول بلزوم الأخذ بطرف التعيين إذا دارَ الأمر بينه وبين التخيير في التكليفات يقول به في الطرق أَمّا مطلقاً ، أو إذا لم يكن الدليل الدالّ على حجية ذلك الطريق على وجه يستفاد منه حجية كلّ منهما في حدّ ذاته ، واتفق الدوران في الحجية الفعلية كما بين الراجح والمرجوح من صنف الخير الواحد لشرائط الحجّية ، ومقامنا أيضا من هذا القبيل في وجه فمن لم يحصل له القطع من الجماع بجواز القراءة بمالك ودار أَمره في مقام الامتثال بينه وبين تلك القراءة المشهورة بين القُرّاء المتقنين المتداولة في بلاد المسلمين في اعصار الأئمة المعصومين فليقتصر عليها ، وللقوم احتجاجات عجيبة لمن رَجَّح مالكا نذكرها لزيادة الاعتبار وكثرة الاستبصار :

وأحدها : أَنّها موافقة لقوله تعالى : {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } [الانفطار: 19] فانّ إِثبات الأمر له سبحانه بعد نفي المالكية من كل نفس يُشعر بأَنّ المراد بالأمر وإِثبات الملك في ذلك اليوم يناسب مالك يوم الدين.

الثاني : أَنّ فيه حرفاً زائداً فكانت قراءتهُ أكثر ثواباً.

الثالث : أنهُ يحصل في القيامة ملوك كثيرون ، وأمّا المالك الحقُّ ليوم الدين فليس إلا الله.

الرابع : أَنّ هذه الصفة أَمدح لأنه لا يكون مالكا للشيء إلا وهو يملكه ، وقد يكونه ملكا للشيء ولا يملكه كما يقال ملك العرب ، وملك الروم ، وقد يدخل في الملك بالكسر ما لا يدخل في الملك بالضم يقال : فلان مالك للدراهم ، ولا يقال : ملك الدراهم .

الخامس : أنّ المالك مالك للعبيد والملك للرعية ، والعبيد ، أَدون حالًا من الرعية ، ويمكنهم إِخراج أنفسهم عن كونهم رعية لذلك الملك والمملوك لا يمكنه إِخراج نفسه عن كونه مملوكاً ، والملك يجب عليه رعاية الرعية قال  (عليه السلام) :

كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته « 17 ».

أَمّا المملوك والرعية لا تجب عليهِ خدمة الملك فإنهُ يجب عليهِ خدمة المالك ولا يستقلّ بأمر الا بأذن مولاه حتّى أَنهُ لا يصحّ منه القضاء ولا الإِمامة والشهادة ، وإذا نوى مولاه السفر يصير هو مسافراً فعلمنا أَنّ الانقياد والخضوع أَتمُّ منه في كون رعيته والراوي قرَّرَ هذا الوجه.

السادس : وجعله وجوهاً ثلاثة ، وليس منه يعجب والجواب عنها بأَنها أَمّا أَنْ يُراد بها الاحتجاج بها على ترجيح إِحدى القراءتين الثابتتين واختيارها في مقام القراءة على الأَخرى ، أو الاحتجاج بها للزوم التعدي عن رسم الخط بزيادة الألف فإنْ كان الثاني فيردُّ عليها بعد النقص بجريان كلها في مثل قوله تعالى : لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ، وقوله تعالى : مَلِكِ النَّاسِ ، بل جرياناها فيه أولى حيث أُضيف الملك إلى الناس فيقال : إنّ كونهم مملوكين أدخل في الخضوع والانقياد ، وإنّ كونه لا يدلّ على كونهم مملوكين لجواز كونه ، والمراد السلطان الظاهر والاستيلاء الباهر على الأمر والنهي في ذلك اليوم فلا يجري فيه احتمال أمثال هذه الخرافات ، إِنّ ذيل الآية الأولى أَعني قوله تعالى : وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يناسب قراءة ملك من غير ألف فهو على العكس أدلّ ، ووضوح فساد الثاني في الدلالة على لزوم زيادة حرف لا يُعلم أَنهُ من المنزل .

والثالث مثله إذ لا يحصل في القيامة ملك أَصلًا ، بل من كان مَلِكاً فإِنمّا هو في أَيام قليلة على شرذمة يسيرة وعلى تقدير حصولهم فالمناسب أيضا العكس بأنْ يقال : إِمّا الملك الحقّ الذي هو السلطان الذي لا يزول ملكه فهو الله تعالى ، وكذا الرابع والخامس فإنّ المضاف إليه في المقام هو الأمر والنهي والأحوال والحوادث ، وفي مثلنا أيضا يستحيل آنفكاك كونه ملكاً للأمر عن دخول ذلك الأمر تحت سلطانه ، وكثرة الخضوع في العبيد ، ووجوب الطاعة عليهم ، لا ربط له بالمقام ، وإِنْ كان الغرض من هذه الاحتجاجات هو الأول فمن البين عدم آرتباط المُدَّعى بشيء منها فإنّ الموافقة للآية الأَخرى وكون المالك الحقّ في ذلك اليوم هو الله تعالى لا يصير مُرجَّحا قراءةً ثابتة على أخُرى ثابتة ، وكذلك كون هذه الصفة أَمدح ، نعم لزيادة الثواب بزيادة الحرف مدخل في هذا المدعى ، وكذلك لو ثبت أَنّ كل قراءة متضمَّنة للفظ أمدح أكثر ثواباً إلا أَنهُ خارج ما هو المنظور من التشاجر والاختلاف في أمثال المقام ، بل هو من قبيل اختيار سورة أو آية طويلة على قصيرة وأين هذا من الحجج المدوَّنة المعروفة لاختلاف القُرّاء ورواتهم مضافاً إلى بطلان أصل المبنى عندنا من كون القراءتين ثابتتين منزلتين من الله تعالى كما مرَّ شطر من الكلام في ذلك في المقدّمات السالفة .

خاتمة

إِعلم أَنّ مسئلة وقوع التحريف في القرآن بالنسبة إلى هذا الموجود بأيدينا من نقصان بعض الكلمات أو تبديل بعضها ببعض مسئلة أخلاقية طويلة الذيل قد كفانا مؤنة الخوض فيها بعض سلفنا الصالحين شكر الله مساعيهم أجمعين ، وليست الرسالة موضوعة لذكرها إلا أَنهُ لا زال كثير من علماء أَهل السنة يشنعون على الامامية أَشدّ تشنيع في إيرادهم الروايات الدالة على وقوع التحريف ، ويدّعون أَنّ القرآن عند الإمامية دفتر لعثمان يجمع فيه بين الأمور الغير المرتبطة يثبت فيه ما شاء ويسقط منه ما شاء ، وقد يعبّرون بالتقويم العتيق على لسان الأمامية أَو بالبياض العثماني ومن شاء البياض جمع المتفرقات فيه ، وتفريق المجتمعات كما هو المصطلح عند العجم في استعمال هذا اللفظ وينسبون إليهم أَنَّ كافي أبي جعفر الكليني عندهم أَصحُّ من القرآن حيث لم يقع فيه تحريف وأنّهُ لا يصحّ عندهم الاحتجاج بشيء من الآيات وأَشباه هذه الكلمات والخرافات والمفتريات مما أوضح بطلانها جماعة من الأكابر الأثبات ، فرأيت أَنْ أثبّت في هذه الخاتمة شطراً يسيراً ممّا ورده أكابرهم وأعلامهم في كتبهم وصحفهم الدينية ، بل في صحاحهم من أَشباه الروايات الموجودة في كتب الامامية من روايات التحريف ، بل ثبت عندهم بطرق معتبرة متعددة عن جماعة ممن يعتقدون فيهم غاية الجلالة والعظمة والوثاقة والديانة إِسناد اللحن والخطأ إلى هذا الموجود ، والامامية وإِن ادّعى جماعة منهم وقوع التحريف لكنْ لا بمعنى تبديل كلمة إلى ما هو غلط ولحن ففي الإِتقان قال : أبو عبيد في فضائل القران : حدثنا أَبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال : سئلت عائشة عن لحن القرآن عن قوله : هذانِ لَساحِرانِ ، وعن قوله : وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ ، وعن قوله : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ ؟ قالت : يابن أَخي هذا عمل الكُتّاب أخطأوا في الكِتاب ، قال العلّامة السيوطي : هذا إِسناد صحيح على شرط الشيخين « 18 » ، يريد به البخاري ومسلماً ، فإنَّ شرطهما في الخبر الصحيح عندهم أشدُّ من بقية المحدثين ودلالته على أَنّ عائشة المجتهدة الفقيهة المأمونة المحدثة الحافظة لأربعين ألف حديث ، كانت تعتقد الخطأ في الكتابة الموجودة واضحة كاعتقاد عروة المجمع على جلالته وإمامته وكثرة علمه وبراعته ، وأَنهُ أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، كما في الكواكب الدراري شرح البخاري فإنه بعد اعتقاد اللحن راجع عائشة لكشف كربته وإزالة ريبته فقررته على ذلك.

وقد روى كثير من أئمتهم ونُقّادهم هذا الحديث مثل سعيد بن منصور ، وآبن أبي شيبة ، وآبن أبي داود ، وآبن جرير ، وآبن المنذر ، على ما نسب إلى جميعهم في الدُّرَّ المنثور « 19 » ، وقد رواه الراغب أيضا في محاضراته وأبو عمرو الدأبي في مقنعه ، والسيوطي « 20 » ، وإنْ نقل عن جماعة منهم أَنهم تكلّفوا أَجوبة عن الروايات المتضمَّنة لإسناد اللحن من عثمان وغيره ، إلا أَنه آعترف بعدم جريان شيء منها في هذا الحديث الصحيح .

وفي الدر المنثور « 21 » : أخرج آبن أبي داود عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال : لما فرغ من المصحف ، أتى به عثمان فنظر فيه ، وقال : قد أَحسنتم وأجملتم أرى شيئا من لحن سَتُقيمه العرب بالسنتها ، وأخرج آبن أبي داود عن عكرمة قال : لما أتى عثمان بالمصحف رأى فيه شيئاً من لحن فقال : لو كان المملى من هذيلِ والكاتب من ثقيف ، لم يوُجد فيه هذا ، وأخرج آبن أبي داود عن قتادة أَنّ عثمان لما رفع إليه المصحف فقال : إنّ فيه لحناً وستُقيمه العرب بالسنتها .

وفي الإِتقان « 22 » : عن أبي عبيد حدّثنا حجاج عن هارون بن موسى أخبرني الزبير بن الخريت عن عكرمة قال : لما كتبت المصاحف عُرِضَتْ على عثمان فوجد فيها حروفاً من اللّحن فقال : لا تغيروها فإِنَّ العرب ستغيرها ، أو قال : ستغيرها بالسنتها ، لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم يوُجد فيه هذه الحروف أخرجه من هذه الطريق آبن الأنباري في كتاب الردّ على من خالف مصحف عثمان ، وآبن أشته في كتاب المصاحف ، وعن الثعلبي في تفسيره ، وآبن قتيبة في كتاب المشكل : أَنّ عثمان قال في قوله تعالى : إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ، إِنّ في القرآن لحناً فقال رجل صحَّ ذلك الغلط ، فقال : دعوه فانهُ لا يحلل حراما ولا يحرم حلالا « 23 » . وذكر البغوي في تفسير ( معالم التنزيل ) في تفسير قوله تعالى : لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ ، وآختلفوا في وجه آنتصابه فحُكيَ من عائشة وأبان بن عثمان أَنهُ غلط من الكاتب ينبغي أَنْ يصلح ويكتب والمقيمون الصلاة ، وكذلك في سورة المائدة : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ ، وقوله : إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ، قالوا : ذلك خطأ من الكاتب ، وقال عثمان : إنّ في المصحف لحناً وستُقيمه العرب بالسنتها ، فقيل له : ألا تغيّره ، فقال دعوه : فإنهُ لا يحلّل حراما ولا يحرم حلالا « 24 ».

وفي الإِتقان « 25 » : عن آبن جرير وسعيد بن منصور في سننه من طريق سعيد بن جبير ، عن آبن عباس في قوله تعالى : حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وقال : تُسلّموا قال : إِنمّا هي خطأ من الكاتب حتى تستاذنوا وتسلّموا ، أخرجه آبن أبي حاتم بلفظ هو فيما أحسب مما أخطأ به الكّتاب ، وعن الحاكم في مستدركه : أَنهُ روى عن مجاهد ، عن أبيه في قوله تعالى : لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا قال : أَخطأ الكاتب ، تستاذنوا ، ثُمَّ قال حديث صحيح الإِسناد على شرط الشيخين ، بل يظهر من الدر المنثور « 26 » : أَنّ هذا الحديث رواه كثير من أعاظم أهل السنة وثقاتهم كالفيأبي شيخ البخاري وإِسناده ، وعبد بن حميد ، وآبن المنذر ، وآبن أبي حاتم ، وآبن الأنباري ، وآبن منده ، وآبن مردويهِ ، والبيهقي في المختارة ، وقد التزم فيها بإِخراج الأحاديث الصحيحة فيها .

وفي مجمع البيان للطبرسي : بعد نقله عن آبن عباس ، وكذلك يروى عن أبي عبد الله  (عليه السلام) ، وفي الإِتقان عن آبن الأنباري ، وعن طريق عكرمة عن آبن عباس : أنهُ قرأ أفلم يتبين الذين آمنوا أنْ لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ، فقيل له إِنهُ في المصحف أفلم ييأس الذين آمنوا ، قال : أَظنُّ الكاتب كتبها وهو ناعس « 27 ».

وفي الدر المنثور « 28 » : أَنهُ اخرجه آبن جرير ، وآبن الأنباري في المصاحف ، وفي فتح الباري لعلّامتهم المحدّث المتبحَّر في فنون الحديث الحافظ العسقلاوي : أَنهُ روى آبن جرير ، وعبد بن حميد بإسناد صحيح كلهم من رجال البخاري ، عن آبن عباس : أنهُ كان يقرأها : « أفلم يتبين » ويقول كتبها الكاتب وهو ناعس ، ثم قال بعد فاصلة يسيرة : وأَمّا ما أسنده الطبري عن آبن عباس فقد اشتد انكار جماعة ممن لا علم له بالرجال صحّته وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته إلى أَنْ قال : والله قرأهُ بلا مرية وتبعه جماعة والله المستعان ، وقد جاء عن آبن عباس نحو ذلك في قوله تعالى : وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ أخرجه سعيد بن منصور باسناد جيد عنه ، وهذه الأشياء وانْ كان غيرها المعتمد لكن تكذيب المنقول بعد صحّته ليس من دأب أهل التحصيل فلينظر في تأويله بما يليق « 29 » ، إنتهى .

فآنظر إلى آهتمام هذا المحقّق المتبّحر على إِثبات هذا النقل ، عن آبن عباس وتأَمّل في قوله والله المستعان ، ونفي التحصيل عن النافي لصحّة الخبر .

وفي مجمع البيان للطبرسي : قرأ علي  (عليه السلام) وآبن عباس وعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) وزيد بن علي ، وجعفر بن محمد ( عليهما السلام ) وآبن أبي ملائكة ، وعكرمة ، والجحدري ، وآبن يزيد المزني ، أَفلم يتبيّن .

وروى سعد بن عبد الله القمّي قرأ على الصادق  (عليه السلام) : أَفلم يتبيَّن الذين آمنوا ، وروى السياري بإسناده عن مروان بن مروان ، عن أبي عبد الله  (عليه السلام) : أَفلم يتبيّن الذين آمنوا .

أَقول : والمعنى مساعد لهذه القراءة جدّاً غير مناسب للقراءة المشهورة ظاهراً حتى التجأ إلى جعل اليأس بمعنى العلم والتبين ، وحكى في مجمع البيان : عن آبن جني : أنهُ لغة فخذ من النخع يعني استعمال اليأس في معنى العلم ، واستشهد بقول القائل :

ألم ييئس الأقوام أني أناْ آبنه * وإنْ كنت عن أَرض العشيرة نائيا

وقال سحيم بن وثيل :

أقول لأهل الشعب : إذ يأسرونني * ألم ييأسوا اني آبن فارس زهدمِ

أيْ لم يعلموا ، قال آبن جَنّي : ويشبه عندي أنْ يكون هذا أيضاً راجعاً إلى معنى اليأس ، وذلك للشئ المتطلّب لعلمه ذاهب بفكره في جهات تعرفه إياه فإذا ثبت نفسه على شيء اعتقده وأضرب عما سواه ، ولم ينصرف إليه كما ينصرف اليأس عن الشيء ولا يلتفت إليه هذا طريق الصنعة فيها « 30 » ، إنتهى .

ولقد أَجاد آبن جني فيما ذكره وأَفاد وجاء بما فوق المراد ولعل إِرجاعه إلى معنى اليأس بأن يكون المراد : ألم ييئسوا من تطرق الاحتمالات وتشعبها أولى .

وفي الدر المنثور « 31 » : أخرج الفرأبي ، وسعيد بن منصور ، وآبن جرير ، وآبن المنذر ، وآبن الأنباري في المصاحف من طريق سعيد بن جبير ، عن آبن عباس في قوله تعالى : وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، قال التزقت الواو بالضاد ، وأنتم تقرئونها وَقَضى رَبُّكَ ، وأخرج آبن أبي حاتم من طريق الضحاك عن آبن عباس مثله ، وأخرج أبو عبيد ، وآبن منيع ، وآبن المنذر ، وآبن مروديهِ من طريق ميمون بن مهران ، عن آبن عباس قال : أَنزل الله هذا الحرف على لسان نبيكم « ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه » فلصقت أحدى الواوين بالصاد فقرأ الناس : وَقَضى رَبُّكَ وأنزلت على القضاء ما أشرك به أحد .

وفي الإِتقان « 32 » : عن آبن أشته ، عن سعيد بن جبير ، عن آبن عباس استمد الكتاب مِداداً كثيراً فالتزقت الواو بالصاد ، ومن طريق أُخرى عن الضحاك أنهُ قال : كيف تقرأ هذا الحرف ؟ قال : وَقَضى رَبُّكَ ، قال : ليس كذلك نقرأها نحن ، ولا آبن عباس إِنمّا هي : « ووصي ربك » كذلك تُقْرأ وتكتب فاستمد كاتبكم ، فاحتمل القلم مداداً كثيراً فالتزقت الواو بالصاد ، ثم قرأ ولقد وصّينا الذين أوُتوا الكتاب ولو كانت قضاء من الربّ لم يستطع أحد رد قضاء الربّ ، ولكنّه وصية أَوصى بها العباد .

وفي الإِتقان « 33 » : أخرج الإمام أحمد في مسنده ، وآبن أشتر في المصاحف من طريق إِسماعيل المكي ، عن أبي خلف مولى بني جمح أَنه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة فقال : جئت أسئلك عن آية من كتاب الله كيف كان رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  يقرأُها ؟ قالت : آية ! قال : الذين يأتون ما أوتوا أو الذين يؤتون ما أوتوا ؟ فقالت : أيهما أحب إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحديهما أحبّ إلي من الدنيا جميعا ، قالت : أيهما ؟ قلت الذين يأتون ما أوتوا ، فقالت : أشهد ان رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  كذلك كان يقرأها وكذلك أُنزلت لكن الهجاء حرف .

وفي الدر المنثور « 34 » : أخرج سعيد بن منصور ، وأحمد ، وعبد بن حيدر والبخاري في تأريخه ، وآبن المنذر ، وآبن أبي شيبة ، وآبن الأنباري معاً في المصاحف ، والدار في الإِفراد ، والحاكم وصحّحه ، وآبن مردويه ، عن عبيد بن عمير أَنهُ سئل عائشة : كيف كان رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  يقرأ هذه الآية ، الحديث مثله .

وفي مجمع البيان « 35 » : في الشواذّ قراءة النبي ، وآبن عباس ، وعائشة ، وقتادة ، والأعمش يأتون ما أتوا مقصوراً قلت : أراد القراءة المنسوبة إلى النبي  ( صلى الله عليه واله وسلم )  وإِنْ كان تعبيره بما ظاهره

الجزم لا يخلو عن سوء تأدُّب ، وقد ثبت في رواياتنا المعتبرة ، وأحاديثهم ما يدلّ على صحة هذه القراءة التي رويت عن النبي  ( صلى الله عليه واله وسلم )  فإِنّ الإيتاء يستعمل في الإِعطاء كما في إيتاء ذي القربى .

وفي قوله تعالى : وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ في موارد يتعسرَّ إحصاؤها ، وأَمّا الإِتيان فيستعمل في فعل الطاعة والعبادة أو غيرها ، ولذا ذكر الطبرسي في حجة القراءتين ما لفظه يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أَنهّم يعطون الشيء ويشفقون أن لا يقبل منهم ، ومعنى يأتون ما أتوا أَنهم يعملون العمل ويخافونه ويخافون لقاء الله ، وقد فسرت الآية في روايات عديدة من طرقنا وطرقهم بالمعنى الثاني ، فيدل على أَنّ القراءة بالقصر هي المنزلة ففي تفسير علي بن إبراهيم « 36 » : يأتون ما أتوا ، قال : من العبادة والطاعة ، وفي محاسن البرقي « 37 » : عن الصادق  (عليه السلام) وفي هذه الآية قال : يعملون ما عملوا من عمل ، وهم يعلمون أَنهمُ يثأبون عليه ، وفي تفسير محمد بن العباس عنده مثله ، وفي الكافي « 38 » : عن الصادق  (عليه السلام) أَنّهُ سئل عن هذه الآية قال : هي شفاعتهم ورجاؤهمْ يخافون أَنْ تردَّ عليهم أعمالهم إِنْ لم يطيعوا الله عز ذكره ويرجون أن تقبل منهم .

وفي الكافي « 39 » : أيضا عنه قال : إِنْ استطعت أن لا تعرف فافعل وما عليك أن لا يثني عليك الناس وما عليك أن تكون مذموماً عند الناس إذا كنت محمودا عند الله ( عزَّ وجلَّ ) ، ثم قال :

قال علي بن أبي طالب  (عليه السلام) : لا خير في العيش إلا لرجلين : رجل يزداد كل يوم خيراً ، ورجل يتدارك السيئة بالتوبة ، وأَنّي له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنه ما قبل الله تعالى منه ، إلّا بولايتنا أهلَ البيت ، أَلا ومن عرف حقّنا ورجا الثواب فينا ورضيَ لقُوته نصف مدّ في كل يوم وما سترعورته وما أَكنَّ رأسه وهُمْ والله في ذلك خائفون وجلون ودوّا أَنهُ حظهم من الدنيا ، وكذلك وصفهم الله تعالى فقال : وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ، ثم قال : ما الذي أتوا ! أتوا والله الطاعة مع المحبّة والولاية وهم في ذلك خائفون ليس خوفهم خوف شكّ ، ولكنّهم خافوا أَنْ يكونوا مقصّرين في محبتّنا وطاعتنا .

وفي الدر المنثور « 40 » : أخرج الفريأبي وأحمد وعبد بن حميد ، والترمذي ، وآبن ماجة ، وآبن أَبي الدُّنيا في نعت الخائفين ، وآبن جرير ، وآبن المنذر ، وآبن أبي حاتم ، والحاكم وصححّه ، وآبن مردويه ، والبيهقي في شعب الايمان ، عن عائشة قالت : قلت يا رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  : والذين يأتون ما أوتوا وقلوبهم وجلة ، أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال : لا ، ولكن الرجل يصوم ويتصدّق ويُصلي وهو مع ذلك يخاف الله أَنْ لا يتقبل منه ، وهذا حديث صحيح عندهم رواه اثنا عشر من أعاظمهم وأَعيانهم لا تفي الدفاتر الطوال باستقصاء جميع ما ذكروه في مناقبهم وفضائلهم ودلالته على قراءة عائشة على رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  بالقصر والصحة ، ولذا احتملت أنْ يكون المراد منها من يسرق ويزني ويشرب الخمر فإنها لا مساغ لها مع الإِيتاء من باب الإِتيان ، وفسّره رسول الله  ( صلى الله عليه واله وسلم )  من يصوم ويصلي ، وقررّها على تلك القراءة فليت شعري كيف رجّحوا القراءة المشهورة ، بل عَدّوا هذه شاذّة ، وفيه أَيضاً أَخرج آبن أبي الدُّنيا قال : قالت عائشة : يا رسول الله وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ؟ أهم الذين يخطئون ويعملون بالمعاصي ، وفي لفظ هو الذي يذنب الذنب وهو وَجِلٌ منه ؟ قال : لا ، ولكنْ هم الذين يُصلّون ويصومون ويتصدّقون وقلوبهم وجلة ، وأَخرج آبن المبارك في الزهد ، وعبد بن حميد ، وآبن جرير عن الحسن ، « والذين يأتون ما أتوا » قال : كانوا يعملون ما يعملون من أَعمال البرّ ، ويخافون أَنْ لا يُنجيهم ذلك من عذاب الله .

________________
( 1 ) فتح الباري : ج 9 ، ص 16.

( 2 ) صحيح البخاري : ج 6 ، ص 99.

( 3 ) فتح الباري : ج 9 ، ص 18.

( 4 ) فتح الباري : 9 ، ص 18 .
( 5 ) ميزان الاعتدال : الذهبي : ج 1 ، ص 558 .

( 6 ) تحريج الأحاديث والآثار : الزيلعي : ج 3 ، ص 70.

( 7 ) سير أعلام النبلاء : الذهبي : ج 5 ، ص 260.

( 8 ) ابن السراج : إمام النحو ، أبو بكر ، محمد بن السري البغدادي النحوي ، السراج ، صاحب المبرد ، انتهى إليه علم اللسان . أخذ عنه : أبو القاسم الزجاجي ، وأبو سعيد السيرافي ، وعلي بن عيسى الرماني ، وطائفة . وثقه الخطيب . وله كتاب : أصول العربية ، وكتاب : " شرح سيبويه " ، وكتاب : " احتجاج القراء " ، وكتاب : " الهواء والنار " وكتاب : " الجمل " ، وكتاب : " الموجز " ، وكتاب : " الاشتقاق " ، وكتاب : " الشعر والشعراء " . وكان يقول الراء غينا ، وله شعر رائق.

( 9 ) تفسير البيضاوي : ج 1 ، ص 57 .

( 10 ) تفسير مجمع البيان : ج 1 ، ص 37 .

( 11 ) الكافي : ج 2 ، ص 634 .

( 12 ) تفسير العياشي : ج 1 ، ص 24 .

( 13 ) تقدم المصدر .

( 14 ) المستدرك للحاكم النيسابوري : ج 1 ، ص 328 .

( 15 ) تفسير الرازي : ج 1 ، ص 24 .

( 16 ) ذكره في تفسير مجمع البيان : ج 1 ، ص 59 .

( 17 ) الرسالة السعدية للعلامة الحلي : ص 149 .

( 18 ) الاتقان في علوم القران : ج 1 ، ص 536 .

( 19 ) الدر المنثور : ج 2 ، ص 246 .

( 20 ) المصدر نفسه والأسبق .

( 21 ) الدر المنثور : ج 2 ، ص 246 .

( 22 ) الاتقان في علوم القران : ج 1 ، ص 537 .

( 23 ) تفسير الثعلبي : 6 / 250 ، تفسير البغوي : 1 / 498 .

( 24 ) تفسير الثعلبي : ج 3 ، ص 414 .

( 25 ) الاتقان : ج 1 ، ص 541 .

( 26 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 97 .

( 27 ) نقلا من مصدرها الأصلي : الاتقان : ج 1 ، ص 541 .

( 28 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 97 .

( 29 ) فتح الباري : ج 8 ، ص 283 .

( 30 ) تفسير مجمع البيان : ج 6 ، ص 40 .

( 31 ) الدر المنثور : ج 4 ، ص 170 .

( 32 ) الاتقان : ج 1 ، ص 542 .

( 33 ) الاتقان : ج 1 ، ص 542 .

( 34 ) الدر المنثور : ج 4 ، ص 170 .

( 35 ) تفسير مجمع البيان : ج 6 ، ص 51 .

( 36 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 92 .

( 37 ) المحاسن للبرقي : ج 1 ، ص 247 .

( 38 ) الكافي : ج 8 ، ص 229 .

( 39 ) الكافي : ج 2 ، ص 456 - 457 ، وسننقل الرواية لوجود بعض السقط منها وهي هكذا في الكافي الشريف : ( . . . عن حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد الله يقول : إن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك ألا يثني عليك الناس وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله ، ثم قال : قال أبي علي بن أبي طالب  (عليه السلام) : لا خير في العيش إلا لرجلين رجل يزداد كل يوم خيرا ورجل يتدارك منيته بالتوبة وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله تبارك وتعالى منه إلا بولايتنا أهل البيت ، ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا ورضي بقوته نصف مد في كل يوم وما ستر عورته وما أكن رأسه وهم والله في ذلك خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا وكذلك وصفهم الله عز وجل فقال : وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ، ثم قال : ما الذي آتوا ؟ آتوا والله مع الطاعة المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون ، ليس خوفهم خوف شكّ ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصّرين في محبتّنا وطاعتنا .

( 40 ) الدر المنثور للسيوطي : ج 5 ، ص 77 .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .