أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2016
2259
التاريخ: 2024-08-23
190
التاريخ: 4-1-2016
2627
التاريخ: 2024-08-24
279
|
تطوّر اللغة العربيّة ورسمها
ترتبط نشأة اللغات الإنسانيّة بتطوّرات الحياة الاجتماعية وتفاعلاتها، وتعدّ اللغة العربية من اللغات التي خضعت على طول مسيرتها لهذه القاعدة، حيث تعرّضت لكثير من التطوّرات، بفعل سعة بقعة انتشارها، فتعدّدت لهجاتها واختلفت، ولا سيما بعد الفتوحات الإسلامية[1].
وتجدر الإشارة إلى أنّ اللهجة عبارة عن سلوك لغويّ له مميّزات لغويّة ذاتُ نظامٍ صوتيّ خاصّ تخصّ بيئةً معيّنة، يشترك فيها جميع أفراد تلك البيئة[2]. ومجال الاختلاف الأهمّ بين اللهجات هو الأصوات واختلاف معاني الوحدات الدلاليّة[3].
وقد اشتهرت لهجة قريش أكثر من غيرها من اللهجات العربية الأخرى السائدة قبل الإسلام، كتميم وهذيل وغيرهما، للموقع الاقتصاديّ والدينيّ الذي كانت تتمتّع به مكّة آنذاك، ما أدّى إلى مزيد من الأثر في تهذّب لهجة قريش وتطوّرها، نتيجة الاختلاط بلهجات الشعوب والقبائل الأخرى، ثمّ كان لنزول القرآن الكريم بلهجة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) القرشية بالغ الأثر في سيادة هذه اللهجة القرشية وصيرورتها اللغة الفصحى.
والمشهور أنّ العرب أخذوا لغتهم من الحيرة، التي أخذت من الأنبار، وأخذت الأنبار من الأنباط، وأخذ الأنباط لغتهم من الكتابة الساميّة الشماليّة المأخوذة من الكتابة الفينيقيّة، التي بدورها أخذت كتابتها من الكتابة السينائيّة الأمّ في سيناء.
وادّعي أنّ رسم العربيّة الشمالي أشتُقّ من الكتابة السريانيّة. والواقع أنّه لا دليل على ذلك، وغاية ما يمكن استفادته تأثير السريانية في الكتابة النبطية التي تأثر بها رسم العربيّة الشمالي.
وقد تفرّع الخطّ النبطي إلى نوعين من الخطوط: خطّ يشبه الخطّ الكوفي في خطوطه المستقيمة وزواياه، وخطّ نسخي حرفه أكثر استدارة وأسهل كتابة.
وبقي الخطّان - النسخي والكوفي - متداولان بين المسلمين، يعملون على تحسينهما وتطويرهما، حتى جاء ابن مقلة في بداية القرن الرابع للهجرة، وأدخل تحسينات هامّة جدّاً على الخطّ النسخي، ليصبح على ما عليه اليوم من جمال فائق، بخلاف الخطّ الكوفي الذي لم يلقَ أيّ تطوّر أو ازدهار حتى هُجِرَ تماماً[4].
رسم العربية في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
لم يتمّ العثور على كتابات قرآنية تعود إلى الفترة النبوية، ولكنّ مكّة والمدينة كتبتا في تلك الفترة برسم العربيّة الشماليّ المعروف المتطوّر عن الرسم النبطي، وبخطّ مطاوع مستدير يمثّل أحد الخطّين المأثورَين عن الأنباط. ومن خصائص الخطّ المكيّ والمدنيّ أنّ في ألفاته تعويج إلى يمنة اليد وأعلى الأصابع، وفي شكله انضجاع يسير[5].
وما يؤيّد هذه الآثار خرابيشُ منقوشة على الصخر في جبل سلع قرب المدينة المنوّرة، يرجع تاريخها إلى غزوة الخندق (الأحزاب) في السنة الخامسة للهجرة، وقد انتظمت هذه الخرابيش في كتابة كبيرة، في قسمها اليميني ذكر أبي بكر وعمر، وفي قسمها اليساري ذكر لأسماء منها: "أنا محمد بن عبد الله"، ومنها بخطّ كبير: "أنا علي بن أبي طالب". أمّا ما كُتب على الرقّ، وهو محتمل النسبة، فهو رسائل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) التي أرسلها إلى الملوك بعد عودته من الحديبية، ومنها رسائله إلى النجاشي، وهرقل، وكسرى، وغيرهم. وتُبرز هذه الخرابيش الحجرية والرقوق رسماً فيه ملامح الكتابة النبطية في ثوبها المتأخّر، فتغيب فيها الألفات الداخلية، والشكل، والإعجام، والشدّات، والهمزات، والمدّات، وقد كتبت بخطّ مستدير فيه تشبه ملامحه ملامح الخطّ النسخي الذي تطورّ في ما بعد[6].
[1] انظر: وافي، علي عبد الواحد: علم اللغة، ط9، القاهرة، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ومطبعتها، لات، ص96.
[2] انظر: السامرائي، إبراهيم: التطوّر اللغويّ التاريخي، ط3، بيروت، دار الأندلس، 1983م، ص34.
[3] انظر: وافي، علم اللغة، م.س، ص176-177, السامرائي، التطوّر اللغوي التاريخي، م.س، ص34.
[4] انظر: المغربيّ، عبد الرحمن(ابن خلدون): المقدّمة، لاط، بيروت، دار إحياء التراث العربي، لات، ص417-421.
[5] انظر: ابن النديم، الفهرست، م.س، ص9.
[6] انظر: حميد الله، محمد: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، ط5، بيروت، دار النفائس، 1405هـ.ق/ 1985م، ص32، 99-142.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|