أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-23
899
التاريخ: 10-1-2021
1496
التاريخ: 2023-08-07
947
التاريخ: 13-11-2020
1295
|
كانت الحجة العلمية التي طرحها نيوتن بشأن المكان المطلق هي أنه ضروري لتعريف الحركة. ومن هذا المنطلق، قد يبدو الزمكان تعديلا لطيفًا على الرؤية الجوهرية التي طرحها نيوتن؛ فعند إعادة النظر، يبدو أنَّ طرح فكرة وجود «مكان» فيزيائي دائم ينطوي على الإفراط؛ لأنه يعطينا فكرةً غير ضرورية تسمى السكون المطلق، لكنَّ طَرْح الزمكان (بمفهوم جاليليو) هو المطلوب تمامًا كي تتسلح الفيزياء بالأساس الذي تحتاج إليه. ووفقًا لرؤية «جوهرية الزمكان»، لا يُعد الزمكان محضَ بنية رياضية أو صورة مجردة، بل خلفية «مادية» تحل محلَّ مفهومي المكان والزمان المنفصلين. وصحيح أننا لا نستطيع الكشف عن الزمكان مباشرةً، لكنه مفهوم ضروري لفهم الفيزياء. وعلى الرغم من أنَّ لهذا النهج مميزات كثيرة، فثمة شيء محيّر بشأنه أيضًا. ففي الصورة التي يطرحها نيوتن، يُعد مفهوم الحركة واضحًا بدرجةٍ ما على الأقل؛ فيكون الجسم متحركًا إذا كان يشغل نقاطًا مختلفة من المكان في أزمنة مختلفة، ويكون ساكنًا إذا بقي في النقطة نفسها من المكان مع مرور الزمن. أما الصورة البديلة المتمثلة في الزمكان، فقد تخلصت من الفرق بين الحركة والسكون، وأبدلته بالفرق بين الحركة القصورية وغير القصورية؛ ثم نَصَّت على أنَّ الجسم يتحرك حركة قصورية إذا اتضح من البنية القصورية للزمكان أنه يتخذ هذه الحركة.
لكن هذا الطرح يبدو دائريًا «لا تكون الحركة قصورية إلا إذا كانت من الحركات المفضّلة في البنية القصورية». فكيف لنا أن نفهم «ماهية» البنية القصورية إذا لم تكن – وفقًا للتعريف – القائمة التي تضم الحركات القصورية وغير القصورية؟ وإذا لم نستطع فهمها إلا بهذا التعريف، أفلا يعني هذا أننا لا نزال غير متأكدين مما تعنيه «الحركة القصورية» فعليًّا؟
توجد طريقتان لمعالجة هذه الإشكالية. الطريقة الأولى هي التمسك بفكرة جوهرية الزمكان. سنأخذ باقة البنى التي يضمها الزمكان – الهندسة المكانية والمقياس الزمني والبنية القصورية – ونسميها «هندسة الزمكان». وسوف نتعامل مع هندسة الزمكان على أنها سمة أولية من سمات العالم؛ ومن ثَم لا يمكن اختزالها إلى أي حقائق عن الديناميكيات. وصحيح أنَّ «البنية القصورية» تحدّد بالفعل مجموعة من المسارات في الزمكان، لكن تلك ليست سوى حقيقة أساسية وغير مفسرة عن العالم. وحينئذ نقول إنه «قانون جوهري في الفيزياء»، إنَّ الأجسام التي لا تؤثّر فيها قوة ما تتحرك بالفعل في تلك المسارات. (وقد يُحتمل – من الناحية المفاهيمية – وجود عالم تتحرك فيه الأجسام التي لا تؤثر عليها قوة ما بطريقة مختلفة، لكن قوانين الفيزياء تخبرنا بأن عالمنا ليس كذلك). وفي هذا النهج الذي يتَّخذ «الهندسة أولاً» في بنية الزمكان، من الحقائق الجوهرية عن العالم أنه يضم هندسة الزمكان التي يضمها، وثمة حقيقة جوهرية منفصلة أخرى مفادها أن الهندسة تتداخل مع الديناميكا مثلما يحدث بالفعل.
الأرجح أنَّ النَّهج الأول هو الموقف الذي يتبناه معظم الفلاسفة. على الرغم من ذلك، فنظرًا لما ينطوي عليه من فصل منطقي بين الهندسة والديناميكا، فإنه يتركنا في حيرة من أمرنا بشأن ما «نعنيه» حقًّا حينما نقول: «يضم الزمكان مثل هذه الهندسة أو تلك». سيكون علينا في نهاية المطاف أن نتعامل مع بعض المفاهيم على أنها مفاهيم أولية دون تحليل لها، وربما كان مفهوم هندسة الزمكان واحدًا من هذه المفاهيم. غير أنَّ لدينا نهجًا بديلًا يمكن أن نسميه «الديناميكا أولًا».
فالتعريف الذي يتبناه نهج الديناميكا أولًا (وأعترف أنه أكثر ملائمة لأفكاري) أن «الأطر القصورية» هي أُطر تتحرك فيها الأجسام التي لا تؤثر عليها قوة ما حركة قصورية. ومن هذا المنظور، فلا يوجد بالفعل أي تحليل إضافي للإطارات يمكن تقديمه؛ فكلُّ ما في الأمر أنَّ قوانين الفيزياء تزعم أن الأجسام الحرة تتحرك في خطوط مستقيمة، وبسرعة ثابتة بالنسبة إلى «بعض» الأطر، وهي تعرف تلك الأطر بأنها الأطر القصورية. يتبيَّن الفرق بين هذين النهجين جليًّا عندما نفكر في دور هندسة الزمكان. ففي نهج «الهندسة أولًا»، تفسّر هندسة الزمكان العديد من الحقائق عن الديناميكا؛ لأن قوانين الفيزياء دائما ما تُصاغ بالنسبة إلى خلفية من الزمكان، وهندسة ذلك الزمكان تقيد ما قد تكون عليه تلك القوانين. أما في نهج «الديناميكا أولاً»، فإنَّ دور هندسة الزمكان يقتصر على «ترميز» تلك الحقائق الخاصة بالديناميكا؛ فالزمكان يضم تلك الهندسة التي يضمها بسبب قوانين الفيزياء، وليس العكس. ونتيجة لذلك، فمن المهم جدًّا لنهج الهندسة أولا أن يكون الزمكان شيئًا ماديًا؛ أما في نهج الديناميكا أولًا، فمن الطبيعي أن يتخذ الزمكان باعتباره أداةً رياضية صورية (على الرغم من أنَّ مدى ضرورة ذلك للنهج أو حتى مدى منطقيته، مسألة خلافية).
أثمة شيء على المحك في هذا الجدال؟ أرجو أن تكون الأسئلة محفّزة للفكر في حد ذاتها؛ إذ إنها تتعلَّق بمسائل عميقة عن بنية العالم على الرغم من ذلك، فعلى مستوى عملي بدرجة أكبر، تتضح أهمية تلك الأسئلة عندما نبدأ في دراسة الأدلة على أن البنية القصورية للعالم ليست خلفية ثابتة رغم كل شيء، بل إنها تتأثر – وتتحدد كذلك – بالمادة وديناميكياتها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|