المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



إن الرب يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها  
  
513   04:20 مساءً   التاريخ: 2024-07-14
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : الحق المبين في معرفة المعصومين
الجزء والصفحة : ص270-280
القسم : سيرة الرسول وآله / السيدة فاطمة الزهراء / مناقبها /

المسألة التي يجب الالتفات إليها أنا نعاني من الضعف العلمي ، ليس في الفقه وأصول الفقه فقط ، بل في أصول الدين أيضاً ! وهذا يسبب انحرافات خطيرة ، حتى عند خواص العوام وعوام الخواص .

إن قضيتنا تختلف عن مخالفينا الذين لم يبنوا عقائدهم على أسس علمية محكمة معمقة ، بل بنوها على ما تربوا عليه وورثوه من الآباء والدولة !

أما نحن فنحتاج في كل عصر إلى مجتهدين متعمقين في الأصول ، كما في الفروع . من باب المثال كم عندنا من أهل الإجتهاد والتعمق من يستطيعون أن يدافعوا حق الدفاع عن أساسٍ لو أصابه خلل لانهدمت الغاية وبطل الغرض من التكوين والتشريع ؟ وقصدي به أساس خلافة النبي صلى الله عليه وآله .

نعم إن كمال الخلقة الإلهية وتمامها ، وتمام البعثة النبوية والتشريع والإسلام مرتبطة بأن يكون الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله علي عليه السلام أو عمر !

المسألة مهمةٌ إلى حد أنها تحتاج من الباحث الفقيه أن يكون صاحب قدرة علمية ، تجعله يقف في مقابل أكثرية الناس فلا يَرِفُّ له جفن ، ولا يسمح لكثرتهم أن تؤثر على عقله وذهنه ، لأنه يفهم معنى قوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ( سورة المائدة : 3 ) .

ماذا يريد أن يقول الله تعالى بهذه الجملة وأي سر أودعه فيها ؟ !

ما أعظم ما نواجه ، وما أقل ما نعلم ؟ ! فهل فكرت في معنى إكمال الدين وإتمام النعمة ؟ وأن إيصال الإنسان إلى كماله الذي هو غرض بعثة النبي صلى الله عليه وآله وجميع الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ، مرتبط بعلي بن أبي طالب !

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ، لأن غاية تكوين الخلق ، ونتيجة كل النعم التي لا تعد ولا تحصى ، لا تتم على البشرية إلا بدور علي بن أبي طالب عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله .

نعم ، المسألة بهذه الأهمية لكنا لا نفهمها حق فهمها ، والذين هم أكبر منا لا يفهمونها حق فهمها ! والذي يفهم واقعها وأهميتها ، هو الذي فهم أنه سيترتب على تغيير قريش لمسار الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وآله أن كل شئ سوف يتغير ، وأن الغرض والغاية من البعثة سوف ينقضان !

هو الذي فهم ماذا سيحدث على العالم إذا لم يحل القمر مكان الشمس ، وحلت مكانها ظلمات الجهل ! وماذا سيحدث إذا باع المسلمون إلى شعوب العالم الحديد الصدئ بدل الذهب ، باسم الإسلام والوحي والقرآن !

الذي فهم ذلك ، وبذل وجوده من أجل هذا الفهم النبوي ، وتحمل ما يترتب عليه من مصائب حتى الموت ، هي فاطمة الزهراء عليها السلام . . وما أدراك ما فاطمة ! !

سنتكلم فيما بقي من وقتنا مع ثلاثة أشخاص ، أحدهم إمام المفسرين جار الله الزمخشري ، والثاني إمام المشككين بهلوان المعقول والمنقول الفخر الرازي ، والثالث إمام اللغة صاحب القاموس الفيروزآبادي . فأولئك الذين هم أفقه القوم يفهمون ماذا قيل ، وما هي نتيجته ؟

إن مسألة معرفة الصديقة الزهراء عليها السلام لابد أن تستند إلى البرهان ، وما سأقوله الآن يستند إلى ثلاثة شهود لا يمكن ردها : القرآن والسنة والإجماع .

أورد الفخر الرازي في الجزء السابع والعشرين من تفسيره ص 165 ، في تفسير آية : قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ( سورة الشورى : 23 ) ، بضعة عشر حديثاً عن الزمخشري ، وقال فيما قال : ( نقل صاحب الكشاف عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : من مات على حب آل محمد مات شهيداً .

ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له .

ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً .

ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الايمان .

ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير .

ألا ومن مات عل حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها .

ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة .

ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة .

ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة .

ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً .

ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة ) .

ثم قال الرازي : هذا هو الذي رواه صاحب الكشاف وأنا أقول : آل محمد صلى الله عليه وآله هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل ، ولاشك أن فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد التعلقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل . وأيضاً اختلف الناس في الآل فقيل هم الأقارب وقيل هم أمته . فإن حملناه على القرابة فهم الآل ، وإن حملناه على الأمة الذين قبلوا دعوته فهم أيضاً آل ، فثبت أنهم على جميع التقديرات هم الآل .

وأما غيرهم فهل يدخلون تحت لفظ الآل ؟ فمختلف فيه .

وروى صاحب الكشاف أنه لما نزلت هذه الآية قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ فقال : علي وفاطمة وابناهما ، فثبت أن هؤلاء الأربعة أقارب النبي صلى الله عليه وآله ، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم . ويدل عليه وجوه :

الأول : قوله تعالى ( إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) ووجه الاستدلال به ما سبق .

الثاني : لاشك أن النبي ( ص ) كان يحب فاطمة ، قال : ( فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ) وثبت بالنقل المتواتر عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب علياً ، والحسن ، والحسين . وإذا ثبت ذلك وجب على كل الأمة مثله لقوله ( وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ، ولقوله تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ولقوله ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) . وقوله سبحانه ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةًٌ ) .

الثالث : أن الدعاء للآل منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارحم محمداً وآل محمد ، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب . وقال الشافعي ( رض ) :

يا راكباً قف بالمحصب من منى * واهتف بساكن خيفها والناهض

سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضاً كملتطم الفرات الفائض

إن كان رفضاً حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي

المسألة الثالثة : قوله ( إلا المودة في القربى ) فيه منصب عظيم للصحابة لأنه تعالى قال ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) فكل من أطاع الله كان مقرباً عند الله تعالى فدخل تحت قوله ( إلا المودة في القربى ) .

والحاصل أن هذه الآية تدل على وجوب حب آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب أصحابه ، وهذا المنصب لا يسلم إلا على قول أصحابنا أهل السنة والجماعة الذين جمعوا بين حب العترة والصحابة .

وسمعت بعض المذكرين قال إنه صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ) . وقال : ( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ) ، ونحن الآن في بحر التكليف وتضربنا أمواج الشبهات والشهوات ، وراكب البحر يحتاج إلى أمرين : أحدهما السفينة الخالية عن العيوب والثقب . والثاني الكواكب الظاهرة الطالعة النيرة ، فإذا ركب تلك السفينة ووقع نظره على تلك الكواكب الظاهرة ، كان رجاء السلامة غالباً ، فكذلك ركب أصحابنا أهل السنة سفينة حب آل محمد ، ووضعوا أبصارهم على نجوم الصحابة ، فرجوا من الله تعالى أن يفوزوا بالسلامة والسعادة والآخرة .

ثم تابع الرازي : ولنرجع إلى التفسير : أورد صاحب الكشاف على نفسه سؤالاً فقال : هلاَّ قيل إلا مودة القربى أو إلا مودة للقربى ، وما معنى قوله ( إلا المودة في القربى ) ؟ وأجاب عنه بأن قال جعلوا مكاناً للمودة ومقراً لها كقولك لي في آل فلان مودة ولي فيهم هوى وحب شديد ، تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله ) .

انتهى كلام الرازي ، وقد زاد على ما قاله الزمخشري ، واستعمل قدرته على التفنن في تضييع حق آل البيت الطاهرين عليهم السلام ، وتضعيف حديث سفينة نوح الصحيح ، وتقوية الحديث الذي اعترفوا بوضعه : أصحابي كالنجوم !

لاحظوا أنه اعترف بأن ( الآل ) تشمل المتفق عليهم أنهم آل النبي صلى الله عليه وآله وهم من كان النبي أشد تعلقاً بهم ، وتشمل المختلف فيهم !

فلنسلك الدليل البرهاني لنرى نتيجة كلامه فبناء على تفسيره للآل بالمعنى اللغوي دون الاصطلاحي ، وأنهم من الأوْل والرجوع ، فإن أول وأولى من يرجع أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وآله ، الذين هم آله بلا ريب ولا خلاف بين المسلمين ، هم أربعة : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أما البقية فهم محل اختلاف ! هذه مسألة .

والأخرى أن الفخر الرازي قال في تفسير القربى الذين جعل الله أجر تبليغ الرسالة مودتهم ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) ، قال : ( لاشك أن النبي ( ص ) كان يحب فاطمة ، قال : فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ) .

ثم وصل الرازي إلى مستوى أعلى وهو أن الله تعالى أوجب الصلاة عليهم في الصلاة وقال : ( وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ) . انتهى .

فاعترف بأن المتيقن من الذين أمرنا الله تعالى بالصلاة عليهم هم : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام .

وسؤالنا : ما بالهم يتركون المتيقن المتفق عليه إلى المشكوك المختلف فيه ؟ !

لا يتسع المجال لكشف أسلوب الفخر الرازي ومغالطاته في الأحاديث التي أوردها الزمخشري وأثبتها هو ، ثم ظلمها ولم يشرحها ، ولعله لم يفقهها ! فإن كل واحد منها يحتاج إلى بحث علمي مفصل !

ونكتفي بالإشارة إلى اعترافه فيما يتعلق بالصديقة الكبرى الزهراء عليها السلام فقد اعترف أنها القدر المتيقن من الآل ، وممن تجب مودتهم أجراً للنبي صلى الله عليه وآله على تبليغ الرسالة !

والنتيجة أن فاطمة القدر المتيقن من الذين أوجب الله تعالى على كل مسلم في شرق الأرض وغربها أن يصلي عليهم مع رسوله في صلاته !

كما نشير إلى نقطتين من حديث : من مات على حب آل محمد صلى الله عليه وآله .

أولاهما ، أنه حديث متكامل بالإثبات والنفي معاً : ومن مات على بغض آل محمد صلى الله عليه وآله . . الخ ! وهذا منسجم مع بناء الله تعالى لنظام الكون على نظام النفي والإثبات ، فهذه الكهرباء التي تضئ المسجد تتولد من ضم السالب إلى الموجب ، هذا في الماديات وإنتاجها ، وهو النظام الحاكم في إنتاج أكبر الأنوار المعنوية العليا ، فشهادة ( لا إله إلا الله ) التي تنتج نور التوحيد وهو أشرف الأنوار ، تتكون من نفي وإثبات . . ف‍ ( لا إله ) هي النفي و ( إلا الله ) هي الإثبات .

ولاحظوا بقية الأسرار العظيمة في الأحاديث التي أوردها الزمخشري والرازي في مقام أهل البيت عليهم السلام ! فالمهم كما أكدنا هو دراية الحديث وليس روايته . فمن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الايمان . . وقد فرغنا من البحث الصغروي وعرفنا أن القدر المتيقن من الآل هم فاطمة وعلي والحسن والحسين ، وموضوعنا الآن في الكبرى في أن من مات على حب فاطمة عليها السلام فقد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ومعنى هذا الشرط كمال الوجود .

والمهم هنا فهم النفي الذي روياه : وهو أن ( من مات على بغض آل محمد مات كافراً ) نعم ، كافراً ! ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله مات مؤمناً غير مستكمل الإيمان ! فالقضية هنا ليست في وجود الإيمان في الجميع واستكماله في محب آل محمد ، بل في نفي وجود الإيمان فيمن أبغضهم ، وأن من يموت مبغضاً لهم لا إيمان له ، بل يحشر يوم القيامة مكتوباً بين عينيه : آيس من رحمة الله !

والنقطة الثانية : ( ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ) ! فمن مات على ولاية فاطمة عليها السلام صار قبره مهبطاً للملائكة !

يا بنت رسول الله ، أيتها الصديقة الطاهرة . . إلى أي مقام وصلتِ بحيث أن الذي يموت على ولايتك يصير قبره مزاراً لملائكة الرحمة ؟ !

فكيف يكون نفس قبرك ؟ ! !

بعد أن يموت الذي يتشرف بموالاتك ويدفن وينام في قبره ، يطوف حوله ملائكة الرحمة ، كما يطوف الفراش حول السراج ! فمن هم الملائكة الذين يطوفون حول قبرك أنت ، حيث حلَّ جثمانك الطاهر ؟ !

أيها الفخر الرازي ، أيها الزمخشري . . هل فهمتما ماذا قلتما وكتبتما عن فاطمة ؟ هل فهمتما أن رحمة الله التي وسعت كل شئ لا تشمل من آذى فاطمة ؟ وأن الذي يغضب فاطمة ولم يرتبط بولايتها بخيط ولاء ، يخرج عن مفهوم الشيئية ويستحق أن يكتب على جبينه : منقطع عن الله ، آيس من رحمة الله ؟ !

أيها الفخر الرازي ، هل فهمت ما كتبت ؟ كتبت أن الايمان وجوداً وعدماً . . هذه واحدة ! وقلت إن الايمان كمالاً ونقصاً يرتبط بمحبة فاطمة الزهراء عليها السلام . . هل فهمت لوازم ما قلت وكتبت ؟ !

أنسيت أنك أنت قلت وصححت وأمضيت أن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( من آذى فاطمة فقد آذاني . . وغضب فاطمة غضبي ) .

هنا أمام هذه الكلمات ، أتكلم قليلاً في بعض أبعاد هذا الحديث الشريف الذي أورده الفخر الرازي في تفسيره ، ونسبه إلى النبي على نحو القطع بدون ترديد فقال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . ) فقصة هذا الحديث أنه ورد بعدة صيغ بعضها بلفظ : ( رضا فاطمة رضاي . . وغضب فاطمة غضبي ) وبعضها بلفظ : ( إن الرب يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها )

ولفظ : ( إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ) .

والحديث من ناحية السند مفروغ عن صحته ، فلا يوجد أحد من أهل الجرح والتعديل تردد في تصحيحه ، حتى رأس النقاد السنيين وإمامهم شمس الدين الذهبي ، صححه بلفظ : ( إن الرب يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ) ! ! ( تقدم من مستدرك الحاكم : 3 / 154 وغيره )

ترى ، هل فهموا ماذا رووا وما كتبوا ؟ ! وأن معنى هذا الحديث أن فاطمة لها مقام العصمة ! نعم مقام عصمةٍ ليست كعصمة يعقوب وعصمة ويوسف ، ولا كعصمة موسى وعيسى ، بل ولا كعصمة إبراهيم عليهم السلام !

فهي عصمة كعصمة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله !

إن الرب ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها . . وسؤالنا لأمثال الفخر الرازي : إذا لم تكن فاطمة معصومة من الخطأ والهوى ، فإن أقل انحراف في رضاها وغضبها عن نقطة الحق المستقيمة ، يوجب قهراً أن يتعلق رضا الله تعالى وغضبه بالباطل !

وعليه ، فبحكم البرهان تكون الصديقة فاطمة عليها السلام وصلت إلى ذلك الأفق المبين ، واتخذت منزلاً في ذلك المقام المكين ، هناك حيث تتعطل كل العقول عن العمل !

ولا نحتاج إلى الكلام إلى بيان ما هي العصمة ، فالمسألة هنا فوق العصمة ! العصمة أن يصل الإنسان إلى مستوى فيرتفع غضبه ورضاه عن حد الحيوانية ويصل إلى حد العقلانية ، ثم لابد للمعصوم أن يعبر عن حد العقلانية إلى حد الربانية ، فيكون رضاه رضا الله وغضبه غضب الله تعالى ، فهنا يصل الانسان إلى مستوى أنه يغضب حيث يغضب الله تعالى ويرضى حيث يرضى الله تعالى ! !

لكن المسألة هنا فوق هذا ، لأن النبي صلى الله عليه وآله لم يقل فقط إن فاطمة عليها السلام وصلت إلى مستوى بحيث صارت تغضب حيث يغضب الله تعالى وترضى حيث يرضى الله تعالى ! بل قال إن الله يغضب عندما تغضب فاطمة ، ويرضى عندما ترضى فاطمة عليها السلام ! ! وهنا يقف العقل في الميدان ، ولو كان جواده كميتاً !

شخصيةٌ بهذا المقام ، وباعترافهم بأنها سيدة نساء أهل الجنة . . أنظروا كيف يعاملونها ، ويتكلمون عنها !

روى البخاري : 4 / 41 باب فرض الخمس ، عن عائشة ( أن فاطمة ابنة رسول الله ( ص ) سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله ( ص ) أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله ( ص ) مما أفاء الله عليه . فقال لها أبو بكر : إن رسول الله ( ص ) قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة . فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت . وعاشت بعد رسول الله ( ص ) ستة أشهر . قالت : وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله ( ص ) من خيبر وفدك ، وصدقته بالمدينة ، فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال لست تاركاً شيئا كان رسول الله ( ص ) يعمل به إلا عملت به ، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ . فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس ، فأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر ، وقال : هما صدقة رسول الله ( ص ) كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه ، وأمرهما إلى من ولي الأمر ) ! ! . انتهى .

ومع أن البخاري حريص دائماً على تبرئة أبي بكر وعمر ، لكنه هنا لم يعرف ماذا فعل !

فقد روى أن أبا بكر أبى أن يعطي فاطمة عليها السلام صدقة النبي صلى الله عليه وآله في المدينة ولم يهتم لغضبها وآذاها ، ولكن عمر دفعها إلى علي والعباس !

فهل كان فعل أبي بكر غلطاً أو فعل عمر ؟ !

وأي النجمين من نجوم السماء كما يقولون قد أخطأ ؟ وبأيهما اقتدوا واهتدوا ؟ !

في الواقع أن تعارض فعل أبي بكر وفعل عمر يسقطهما عن الحجية والاعتبار ولا يبقى ثابتاً إلا قول النبي الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله : إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها !

ولا يبقى لعمر ولا لأبي بكر جواب مقابل هذا الكلام !

وقد قالت له الزهراء عليها السلام : فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، ونعم الحَكَم الله ، والزعيم محمد ، وعند الساعة يخسر المبطلون . ! !

وختاماً . . فإن نتيجة الدلالة القطعية للكتاب والسنة والإجماع ، أن مودة فاطمة الزهراء عليها السلام فريضةٌ على كل المسلمين ، والصلاة عليها واجبة في صلاتهم ، بآية مودة القربى ، وآية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ، وأن رضاها رضا الله وغضبها غضب الله ، ومن آذاها فقد آذى الله ورسوله ، بنص رسول الله صلى الله عليه وآله ، واقرؤوا حكم أولئك المؤذين لله ورسوله في سورة الأحزاب !




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.