أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2017
2847
التاريخ: 29-3-2016
6836
التاريخ: 30-4-2019
5763
التاريخ: 2-4-2017
2628
|
تقتصر وظيفة الدولة الحارسة على توفير الأمن والعدالة وتأمين الدفاع عن البلد وتوفير ما لا يستطيع الأفراد توفيره ، إذ إن الأفكار الاقتصادية السائدة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هي أفكار المذهب الحر الذي تستلهم مبادؤه مقومات وجودها من الفرد(1) فهو المحور الذي تدور حوله ولأجله وجدت حيث يرى أنصار هذا المبدأ أن الدولة وجدت لتقوم بوظائف معينة لا يجوز أن تتعداها إلى نشاط الأفراد وهو النشاط الاقتصادي ، فالسائد آنذاك أن تأخذ الدولة بالنظام الرأسمالي فيكون النشاط الاقتصادي من نصيب الأفراد او ما يعرف بالحرية الاقتصادية إلا أن تلك الأفكار ما كان لها أن تستمر في ظل الأزمات التي واجهها الاقتصاد الحر آنذاك ، واندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية الأمر الذي جعل من الصعوبة بمكان أن يظل الأفراد مسيطرين على النشاط الاقتصادي بسبب عدم تمكنهم من تلبية الاحتياجات العامة ، رافق ذلك حدوث ثورة على النظريات الاقتصادية التقليدية حول نشاط الدولة ووظائفها(2) .
كل هذه الظروف أدت إلى تقييد فكرة النشاط الاقتصادي المباشر للأفراد(3) ، ما حدا بالدولة إلى التدخل في النشاط الاقتصادي الذي كان في السابق يعد حكراً على الأفراد وقد كانت أول بوادر تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي تتمثل في قيام الدولة بابتكار نوع معين من النشاط الاقتصادي لهدف مالي تسعى من خلاله إلى فرض ضريبة غير مباشرة وهو ما يعرف بالاحتكار المالي(4) ،مثل احتكار إنتاج الكبريت والدخان في فرنسا من قبل الدولة .
ثم أصاب وظيفة الدولة تطور جعل نشاطها يمتد إلى التدخل بصورة مباشرة في النشاط الاقتصادي مما جعلها في وضع المنافسة مع المشروعات الخاصة(5) ، إذ أصبحت الدولة تتدخل في معظم مجالات النشاط الاقتصادي كالنشاط التجاري و الصناعي ام الزراعي .
ففي فرنسا مثلاً كان اتجاه الإدارة التقليدي أن تستعين بالأفراد عندما تنوي تنظيم المرافق العامة بأسلوب غير مباشر عن طريق الامتياز ثم تطور الأمر وظهرت الحاجة إلى النشاط العام في إطار فكرة التأمينات الاجتماعية واعترف القضاء الإداري لهذه الفكرة الجديدة في النشاط العام بأنها مرفق عام ، على أساس إنه من الممكن أن تتنوع أنشطة المرافق العامة وطرق إدارتها(6) .
على أن هذه الصيغ لم تمنع من وجود صيغ عامة تتمخض عنها أشخاص عامة تختص في إدارة وتنظيم المرافق العامة وهي المؤسسات العامة والمشروعات العامة .
وقد نص دستور سنة 1946 في ديباجته على معيار الاحتكار الاقتصادي الواقعي ( 7) ، حيث كانت هذه إشارة واضحة من قبل المشرع في الدستور إلى التحول إلى الأخذ بأفكار المذهب التدخلي والتدخل المباشر من قبل الدولة في النشاط الاقتصادي الذي كان محصوراً بالأفراد وقد رافقت هذه الأفكار ظهور حركة التأميمات عام 1946 في فرنسا حيث حول المشرع الفرنسي بعض المشروعات المؤممة إلى مؤسـسات عامة ، وأبقى على البعض الأخر على وضعه السابق على التأميم دون المساس بنظامها القانوني عدا ما تعلق بتحويل الأسهم الى الدولة(8) .
أما في مصر فكما في اغلب الدول كانت في السابق تطـبق مبادئ المـذهب الحر ،الا ان الدولة بدأت تدريجياً في التحول الى المذهب التدخلي ، حيث كان اول تدخل للدولة في النشاط الاقتصادي من خلال إنشاء أول شركة اقتصاد مختلط في بنك التسليف الزراعي والتعاوني عام 1930 (9) .
وقد كان هدف الدولة من التدخل في الاقتصاد تحقيق خدمة قومية لا يستطيع رأس المال الخاص أن ينفرد بها او يأبى أن يقوم بتحقيقها وليس بغرض تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية(10) ، وكان تدخل الدولة في هذه الفترة مرده الظروف الاستثنائية ولا يستند إلى سياسة الدولة العامة التي تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية(11) .
أما بعد قيام ثورة يوليو – تموز 1952 في مصر فقد بدأت الدولة تتدخل بصورة أوسع من خلال تحديد حد أقصى للملكية الزراعية بالقانون رقم(178) لسنة 1952 وقد سعت الدولة في تلك المدة إلى التدخل جدياً في النشاط الاقتصادي بهدف القيام بالمشروعات الحيوية أما بالاشتراك مع رأس المال الخاص او بإنشاء مشاريع جديدة ، ثم بدأت حركة التأميمات بتأميم قناة السويس بالقانون رقم (285) لسنة 1956(12) .
عقب ذلك بدأت مرحلة الأخذ بالنظام الاشتراكي بصدور قوانين تموز يوليو 1961 إذ اتجه المشرع إلى تأميم الجزء الأكبر من ادوات الإنتاج ونقلها من الملكية الفردية إلى الملكية الجماعية للامة(13). وصدر في هذه المدة الميثاق الوطني لقوى الشعب العاملة في 21 أيار / مايو 1962 الذي حدد القطاع العام وعمله في التجارة والصناعة والإنتاج وترك للقطاع الخاص مجالاً صغيراً قاصراً على الصناعات الخفيفة على أن يكون تحت إشراف القطاع العام ، وقام المشرع في 1964 بمتابعة التأميمات حيث أمم شركات كانت مؤممة جزئياً واتسعت رقعة النشاط العام حتى شملت جميع أدوات الإنتاج تقريباً وأصبح النشاط الاقتصادي هو المشروع العام(14) .
ومن ثم فإن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي يجب أن يتخذ شكلاً قانونياً يتميز به من غيره من الأشكال القانونية الاخرى فاتخذ تدخل الدولة شكل (المشروعات العامة) .
والمشرع وبسبب كثافة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي(15) . عندما أراد أن ينظم المشروع العام تنظيماً قانونياً يميزه من غيره من الأنظمة القانونية القائمة لم يسع إلى خلق او ابتكار نظام قانوني جديد وإنما سعى إلى دمج المشروعات العامة في إطارات قانونية قائمة(16) ، إذ لجأ المشرع إلى تشكيل المشروع العام في شكلين قانونيين هما :-
1.شكل المنظمة الإدارية ذات الاستقلال الإداري والاستقلال المالي او ما يعرف بالمؤسسة العامة .
2. الشكل الثاني هو من أشكال القانون الخاص وهو شكل الشركة المساهمة العامة او التي تملك الدولة جميع أسهمها .
والسبب في ذلك يرجع إلى السرعة التي تصاحب فكرة التأميم(17) . كما أن مساهمة الدولة في النشاط الاقتصادي هي ظاهرة جديدة(18) ، إلى حدٍ ما بحيث لم تتح للمشرع الوقت الكافي لكي يبحث عن أنماط او أشكال قانونية جديدة .
وقد وضعت عدة تعريفات للمشروع العام ، إذ عرف في فرنسا بأنهُ (ذمة عامة مشخصة ومخصصة لغرض اقتصادي) (19) .
في حين عرفه أحد الكتاب العرب على أنه (مشروع يتمتع بالشخصية المعنوية زودته الدولة برأسمال بقصد مباشرة نشاط من طبيعة تجارية متبعاً بصفة أساسية وسائل القانون الخاص (20) ، بقصد تحقيق المصلحة العامة) في حين عرفه كاتب آخر بأنه (مشروع يتمتع بالشخصية المعنوية له استقلال مالي يخضع في إدارته والرقابة عليه لنظام قانوني يعكس الطابع الاقتصادي للمشروع ويهدف إلى تحقيق هدف اقتصادي عام) (21).
وما يعنينا من البحث في موضوع المشروعات العامة الشكل الذي تتخذه المشروعات العامة لبوساً لها أي (الشركات العامة) وهذا ما يهمنا من الموضوع
_______________
1- د. سعد عبد الجبار العلوش , نظرية المؤسسة العامة وتطبيقها في التشريع العراقي (دراسة مقارنة ) , دار النهضة العربية , القاهرة , 1968 ،ص 6 .
2- د. فتحي عبد الصبور ، الشخصية المعنوية للمشروع العام ، القاهرة ، 1973 ، ص63 .
3- فتحي عبد الصبور ، الشخصية المعنوية للمشروع العام ، القاهرة ، 1973 ، ص64 .
4- د. أكثم الخولي ، دراسات في قانون النشاط التجاري الحديث للدولة ونظرية المشروع العام وشبه العام ،الطبعة الأولى ، دار القاهرة للنشر ، 1961 ، ص 7 .
5- د. احمد شرف الدين , فكرة القانون الاقتصادي , القاهرة , 1988 ، ص 90 .
6- إنظر د. ابراهيم طه الفياض ،القانون الإداري بين القانون الكويتي والقانون المقارن ، مكتبة الفلاح ، الكويت ، 1988 ،ص 3 .
7- حيث تنص الديباجة على انه(كل مال وكل مشروع يكون لإستغلاله خصائص المرفق العام او ذو إحتكار واقعي يجب أن يصبح في ملكية الجماعة) في حين خلا دستور 1958 من هذا النص ، إنظر د. فتحي عبد الصبور ، المصدر السابق ، ص 67 .
8- De Lau badere re.j.c. Veniza. Y Gaudmet menuel de Droit Administratif L.G.D. j1999.p.307 .
9- د. فتحي عبد الصبور ، المصدر السابق ، ص72 .
10- د. أكثم أمين الخولي ، المصدر السابق ، ص 17 .
11- د. فتحي عبد الصبور ، المصدر السابق ، ص72 .
12- المصدر السابق ، ص73.
13- د. فتحي عبد الصبور ، المصدر السابق ، ص 76.
14- المصدر السابق ، ص 76.
15- د. محمد الصغير بعلي ، النظام القانوني للشركات ، بغداد ،1981 ، ص32 .
16- د. أكثم أمين الخولي ،الإتجاهات الكبرى في قانون المشروع العام ، القاهرة ،1959 ، ص50 .
17- K.katzarov :Theorie de La Nationalisation .1960.p257 .
18- د. أميره صدقي ، النظام القانوني للمشروع العام ، القاهرة ،1971 ، ص36 .
19- Delion, L'Eiatetles enterprises Publiqucs . Sirey .1959.P176 .
20- د. أكثم أمين الخولي ، النشاط التجاري للدولة ، مصدر سابق ، ص 13 .
21- د. احمد شرف الدين , فكرة القانون الاقتصادي , القاهرة , 1988 ، ص 94 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|