أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2022
2563
التاريخ: 22-3-2017
2485
التاريخ: 2024-04-05
853
التاريخ: 21-6-2022
1257
|
في ضوء مقتضيات الدراسة ، عمدت إلى تعريف الزمن الضريبي من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية وكما يلي:
أولاً - التعريف اللغوي للزمن
تحدد المعاجم اللغوية الزمن والزمان بأنه: " اسم لقليل الوقت وكثيــــره(1)، ويظهر هذا التحديد وهو منظور معجمي عام تصورا عـــن تطابق الزمن والوقت وترادفهما وتداخل مداليلهما.
ولم يأت في متون كتب اللغة ما يدل على تعريف علماء اللغــة لهذا المصطلح، بل جاء ذكر مصطلح الزمن عرضا في تناولهم لموضــــــوعات مختلفة، وربما يعود ذلك الى نظرتهم إليه في كونه لا يمثل ظاهرة لغوية
مستقلة. وقدمت في الدراسات العربية الحديثة بعض التعريفات للزمن ، إذ عرفوه بأنه: "صيغ تدل على وقوع احداث في مجالات زمنية مختلفة وترتبط ارتباطا كليا بالعلاقات الزمنية عند المتكلم"(2).
إن لفظ (صيغ) هذا يوقف الزمن على الأفعال، وانه يقصـر الـزمن اللغوي علـى زمن الحدث، أو الحالة في عبارة ( وقوع أحداث)، والزمن التلفظ في تلفظ في قوله: العلاقات الزمنية عند المتكلم) ، إلا أنه يغفل نمطا زمنيـــا أساسيا هـو زمـن الإحالة.
وثمة تحديد آخر يرى أن الزمن لغويا هو الوقت النحوي الذي يعبر عنه بالفعل الماضي والمضارع تعبرًا لا يستند إلى دلالات زمانية فلسفية ، وإنمــا ينبن على استخدام القيم الخلافية بين الصيغ المختلفة في الدلالـة علــى الحقائق اللغوية المختلفة (3) . وهو الآخر يقصر الزمن على الأفعال ويغفل أن القيم الخلافية ليس فيها تمييز حاسم ، فهناك صيغ لا زمن فيها.
وتبعا لما رصد من اضطراب في تحديد مصطلح الزمن لغويا ، يمكن أن نحدده بأنه وصف وتحديد لوقت الحالة أو الحدث. وأداة هذا الوصـف هــي اللغة، وبذلك يكون الزمن تعبيرا لغويا عن الوقت.
ثانياً - التعريف الاصطلاحي للزمن الضريبي:
اتسمت وجهة نظر القانونيين في تفسير الزمن ، بأنها تعتمد على ركائز تشير الى أنهم اعطوا اطارا نظريًا لامس الزمن ، بوصفه محددا لفاعلية القوانين والتشريعات ، وهذا يختلف تماما عن دلالة النصوص القانونية ، والوقوف على دلالتها الزمنية ، وان تصورهم للبعد الزمني لـم يتخط مسارين ؛ الاول: يتسم بالامتداد الزمني لفاعلية التشريع ، وقد اختلف في عملية التحديد الزمني للتشريعات ، اذ إن هناك اتجاهين في هذا المسار اتجاه يشير الى إرادة المشرع وقت وضع التشريع، بوصفها معيارا اساسيا لتفسير الامتداد الزمني في نفاذ القوانين والتشريعات، إن استنطاق ما ذكره القانونيون الى ما يعرف بـ ( التفسير التاريخي ) (4) للنص الذي يسجل اللحظة التاريخية لولادته ، بوصفه محركاً لنا في تفسيره ، وفي هذا المجال يعتمد على التفسير اللفظي ، والمنطقي (الدلالي) مجازا لفهم النصــــــوص ، وأي غموض يكتنف النص يرجع إلى نية المشرع الواقعية ، فإذا تعذر معرفة تلك النية يلجأ القانونيون إلى افتراض إرادة المشرع فيكون الحل حاضراً فــــي مخيلتهم وقت وضع التشريع .
واتجاه أخر، يستند إلى الحاجات الاجتماعية القائمة وقت التشريع (5)، أساساً في تفسير المواد القانونية ، فهذا الاتجاه يمتاز بمرونة عالية أكثـر مـن الاتجاه الأول ؛ لأن التفسير يحقق المصلحة الاجتماعية للأفراد التي تكفل العدالة الاجتماعية لهم . إن المبدأ الأساس في التفسير الاجتماعي لوقت التشريع يعتمد بصورة أساسية على مبدأ الحكمة الذي ينص على أن المواد القانونية التي وضعت في وقت معين ، يمكن أن يحمل حكمة جديدة مغايرة للحكمة السابقة ، لذا يمكن أن يكتسب تفسيراً جديداً مختلفاً تماماً عن تفسيره القديم من أجل تلبية الحاجات الاجتماعية للناس ، بمعنى آخر يمكن أن يكون للنص القانوني معنى أو تقدمًا جديداً لم يكن حاضراً في ذهن المشرع وقت وضعه المادة القانونية .
إن هذا المسار يشير إلى الزمن ، بوصفه تأريخاً للقوانين والتشريعات في تحديد صلاحية ابتدائها وانتهائها في مدة زمنية ، بيد أننا لا نركز علـى هـذا المسار في هذه الدراسة ؛ لأنه يعتمد على عوامل اجتماعية ، وثقافية ، وتاريخية خارج نطاق اللغة
أما المسار الثاني: ارتباط فكرة الزمن بإرادة المتكلم ، والقرائن السياقية ، وانعدام الارتباط بين الصيغ اللغوية والزمن ، لأن التحديد الزمني من وظائف السياق لا الصيغ المجردة فهي لا تخلو من الزمن، ولكنها تدل على الزمن غير المعين ، و أن توظيف القانونيين لهذا المسار جاء واضعاً عند تفسيرهم
لصيغ العقود التي تتسم بوجود طرفي العقد والشيء المتعاقد عليه .
ما نلاحظه في هذا المسار أن فقهاء القانون حاولوا الولوج في تفسير الزمن لا من حيث الناحية النظرية فقط، بل من حيث الكيفية التي يطبق بها الأفراد القوانين والتشريعات ، وما تجده من كلامهم على ألفاظ العقود وصيغها خير دليل على ذلك ، قثمة إشارات إلى استعمال صيغة الاستقبال التي حال على الوعد المجرد الذي يشير إلى قصد المتعاقدين (6) . فضلاً عن ذلك فإن شرطي الإيجاب والقبول اللذين عادة ما يعبر عنهما في العربية بصيغة الماضي التي تشير إلى لحظة ، أو وقت أداء العقد وإنجازه ، ويمكن أن يكونا بصيغتي المضارع والأمر اللذين تشيران إلى الحال (7) .
إن الإشارة إلى نيابة صيغة عن أخرى في تأدية الحال الحاضر في إنشاء العقود هو إقرار بإمكانية تضمين الصيغ معاني مختلفة ، وإيكال الدور للسياق التركيبي والدلالي في تحديد قيمة زمنية محددة للصيغة ، كما يظهر أن تأكيد الاهتمام بلفظ (الصيغة) في النصوص القانونية فيه إشارة إلى الفرق بين القيمة الزمنية للصيغة والصيغة بذاتها . وهذا من شأنه أن يؤشر لفكرة ( فـك الارتباط بين الأشكال الزمنية ومحتوياتها الإحالية) (8) .
وينص القانون أيضا على أن العقد المنجز ما كان بصيغة مطلقة غير معلقة على شروط ولا مضافة إلى وقت مستقبل ويقع حكمه في الحال (9) . وهذا الإقرار يظهر أيضاً تداخل صيغ الأفعال المختلفة دلالياً ، ومن ثم فهي لا تحدد الزمن تحديداً حاسماً .
ويفيد النص المتقدم ، وتحديداً عبارة كما أريد بهما الحال ، أن الدال علــى الزمن لدى القانونيين هو (الاستعمال) المرتبط بالمتكلم وهو هذا منشئ العقد، لا الصيغة اللغوية كما يرى النحويون ، فالزمن غير محدد والسياق هو العنصر الكفيل بضبطه وتحديده .
يتمثل عنصر السباق الذي يقوم بدور تحديد القيمة الزمنية للأقوال القانونية هنا في طبقات ومراتب و منها ما يتصل بانتماء هذه الممارسات اللغوية إلى المؤسسة القانونية لما لها من خصوصية في تكوين العبارات ومنها ما يتصل بقيمة الإجراء الذي تمارس فيه هذه الأقوال ، وهنا هو محدد بـ (صيغة الغد) بما تقتضيه هذه الصيغة من ملابسات ترتبط بعناصر التفاعل والتواصل التي تستدعيها ثنائية الإيجاب والقبول ) .
ويتفق القانونيون مع اللغويين والأصوليين في القول بوجود الزمن الآنــي (الحاضر) ، بوصفه الزمن الوحيد الذي يمكن الاستدلال به خلافا لموقف الفلاسفة الذي ينفي القول بوجود هذا الزمن (10) .
إن هذه الصبغ سواء كانت إنشاءات أم إسقاطات في أصلها أخبــار نـقلــت لتؤدي معنى الإنشاء فقول مثل: "بعتك الدار" هو إجراء العملية البيع لا إخبار بوقوعها في زمن سابق (11)، وهذه الصيغ هي القبول الذي عناه أوستن وسماه بـ الفعل الكلامي ، وصيغ الإيقاعيات لا يراد بها وصف واقع مستقل، بل يراد بها إيجاد الواقع، ولدلالة (الصيغة) على الحدث المجرد والزمن غير المعين ، خلافاً للفعل الذي يدل على حدث معين، في زمن معين يلاحظ أن اختيار لفظ (صيغة) في النصوص المتقدمة وإقصاء لفظ (الفعل) في التعبير عــن الماضي ، والمضارع ، والأمر كان اختياراً دقيقاً وموفقا لطبيعة هذا الخطاب. وهذا يفترض أن لا ارتباط بين الصيغ والزمن ، وارتباط الزمن بإرادة المتكلم ، كما تقرره معظم الدراسات اللسانية ، لذلك تترشح إمكانية التعبير عن (المال) بصيغ الماضي ، والمضارع ، والأمر جميعها (12).
__________________________
1- إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح، تحقيق : أحمد عبد الغفور عطار، ط ، دار العلم للملايين، بيروت، ص2131
2- مهدي المخزومي، في النحو العربي نقد وتوجيه، ط 2 ، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 2005، ص 158.
3- د. تمام حسان، مناهج البحث في اللغة، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1990م، ص211.
4- د. عبد الحي حجازي، المدخل لدراسة العلوم القانونية، مطبوعات جامعة الكويت، الكويت 1972م، ص56.
5- عبد الحي حجازي، المدخل لدراسة العلوم القانونية مصدر سابق ، ص 565.
6- نبيل عبد الرحمن حياوي القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 وتعديلاته، المكتبة القانوني، بغداد 2011م، ص78.
7- نبيل عبد الرحمن حياوي ، المصدر نفسه، ص77.
8- محمد الملاخ الزمن في اللغة العربية بنياته التركيبة والدلالية، ط1، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2009م، ص37.
9- نبيل عبد الرحمن حياوي، المصدر نفسه ، ص 285.
10- مالك يوسف المطلبي، الزمن واللغة الهيأة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1986م ص11.
11- طالب سيد هاشم الطبطبائي، نظرية الأفعال الكلامية بين فلاسفة اللغة المعاصرين والبلاغيين العرب، مطبوعات جامعة الكويت، الكويت، 1994م، ص 101.
12- نقلا عن : مرتضى جبار كاظم، الزمن في لغة القانون مقاربة لسانية مجلة جامعة بابل للعلوم الانسانية، العدد 2، المجلد 30، 2022، ص 183.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|