المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



حب الانسانية  
  
838   10:08 صباحاً   التاريخ: 2024-03-26
المؤلف : جماعة من العُلماء
الكتاب أو المصدر : نحو حياة أفضل
الجزء والصفحة : ص 61 ــ 63
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-6-2016 3260
التاريخ: 2024-03-13 878
التاريخ: 30/10/2022 1670
التاريخ: 20-4-2016 19306

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده محمد بن الحنفية:

(وأحسن إلى جميع الناس كما تحب ان يحسن إليك وارض لهم ما ترضاه لنفسك واستقبح لهم ما تستقبحه من غيرك).

ان التمدن في عصرنا الحاضر يشبه تمثالاً له مظهران يبدو أحدهما تمثالاً جميلاً رائعاً يخلب الألباب في حين يبدو الآخر وجوداً وحشياً هائلاً.

فقد رأينا في المئة سنة الأخيرة أن التقدم الصناعي والعلمي حقق - بصورة سحرية - أعمالاً كانت مستحيلة ظاهراً فحير الفكر الإنساني وجلب كثيراً من الراحة الجسمية للبشرية

في حين انه أنساها الفضائل الإنسانية بل قد حطم تلك الفضائل تحت وطأة عجلاته الضخمة.

إذن ففي عصرنا الحاضر، إذا لم يعد أي أثر لذلك التعب والآلام الجسمية للعصور القديمة، فانه في قبال ذلك فقدنا أيضاً آثار الفضيلة والشرف والعواطف الأصيلة كالحب والتضحية والاستقامة والصدق، والأمانة والوفاء والايثار والتواضع وأمثال ذلك.

ومن هنا فان التمدن الحاضر لم يفشل في مهمة قيادة البشرية التائهة في بحر الحياة الواسع إلى ساحل السعادة فحسب بل انه خلق العواصف في طريقها، وأغرقها في التيه.

ان دنيانا الحاضرة قد خلطت بين الراحة الجسمية والسعادة الواقعية وظنت ان إحداها عين الأخرى، وغضت النظر عن نصف الإحتياجات البشرية الأصيلة ... في حين اننا انما نتوقع السعادة حينما يستجاب لكل الإحتياجات الإنسانية فتشبع بشكل صحيح.

وتعتبر عاطفة حب الإنسانية إحدى ضحايا التمدن الحالي. فان هذه العاطفة التي تعتبر العنصر المحرك للحياة الإنسانية الحية قد فقدت مع الأسف في عالمنا الحاضر أية قيمة حقيقية.

فإن الحياة الميكانيكية الحالية - التي وفرت للإنسان كل وسائل اللذة والمتعة الجسمية - لم تمنح الإنسان فرصة التفكير في الآخرين فضلاً عن اقامة الروابط العاطفية معهم، وتقديم فروض المحبة لهم.

يقول أحد علماء النفس والاجتماع المعروفين: ان الإنسان اليوم قد عاد غريباً عن ذاته وأبناء جنسه والطبيعة وقد تبدل إلى سلعة وجعل طاقته رأسمالاً يجب ان يدخل تحت قوانين العرض السوقي فيحصل من خلاله على الربح الأكثر. ان الروابط الإنسانية (اليوم) شبيهة بالروابط بين الأناس الآليين (أي الآلات التي أنتجتها المعامل على غرار البشر) تلك الروابط الغريبة عن ذاتها.

فإذا رأينا المجتمع الإنساني الحالي مبتلى أشد الإبتلاء والقلق، ولا يستطيع ان يجد له طريقاً إلى السعادة فان احدى علل ذلك، هذه الغربة التي يعيشها الإنسان الحالي والبعد عن الآخرين فهو لا يفكر الا بنفسه ولنفسه لا غير.

ومن هنا فلا بد ان تنمى وتقوى عاطفة (الحب) في الإنسان المربي. وإذا كبتت هذه الغريزة فيه، ولم يشبع هذا الاحتياج الإنساني الأصيل فان ذلك سيؤدي إلى أنواع كثيرة من الشقاء البشري وبشكل لا يمكن جبره وسده.

فان أول الآثار التي سيبتلى بها هو تغريبه الإنسان عن ذاته وعن الآخرين وصوغه إنساناً وحيداً، وفي الظل المشؤوم لهذه الغربة عن الذات تبدو كل الاختلالات والأمراض الروحية، والإجتماعية واللاانتماء، والعجز والتقوقع، والتشاؤم وفقدان كل القيم والمعتقدات.

وعلى هذا فإذا أراد المجتمع الوصول إلى السعادة فان طريقها يكمن في تربية طاقة الحب للآخرين في الناس، وإذا قويت هذه الطاقة وترسخت في الإنسان فانه سوف لا يحب الآخرين فحسب بل وسترضى احتياجاته الغريزية، وسوف يقع هو بدوره مورداً لحب الآخرين. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.