أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-8-2022
1992
التاريخ: 19-8-2017
2304
التاريخ: 31-10-2018
1734
التاريخ: 29-12-2021
3597
|
قبل كل شيء يجب ان نلتفت إلى ان المقصود من ظن السوء ليست تلك الخيالات الذهنية التي تحدث في الذهن بلا اختيار. وانما المقصود في هذا المقال من ظن السوء هو الخيالات السيئة التي ينميها الشخص في ذهنه ويتتبعها في عالم الخيال والذهن ويستنتج من المقدمات التي يصوغها نتائج سيئة ثم يسعى لان يبني سلوكه على أساس من هذه الخيالات المصطنعة ... ومن هنا يقول نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله): (فمخرجه من سوء الظن ان لا يحققه) (1).
والآن لنتعرف على سبل علاج هذا المرض الأخلاقي:
1ـ يجب ان نصلح أنفسنا لئلا نقع - في مجال المقارنة بيننا وبين الآخرين - في محذور الحكم بفسادهم. وفي مرحلة اصلاح النفس يجب - اضافة لنفي الصفات القبيحة. ان نلقنها بان الآخرين ليسوا أناساً شريرين بل يمكن بان يكونوا يمتلكون صفات روحية أعلى وأسمى من صفاتنا.
كما انه ينبغي ان لا ننسى ان مبدأ (القياس إلى النفس) ينبع من حب الذات المفرط ولا أساس علمي له ولا يمكن ان يجعل مقياساً للحكم على الآخرين.
2ـ يجب اصلاح المحيط الذي نعيشه فقد يكون هذا المحيط هو العامل على خلق سوء الظن في نفوسنا. وذلك يعني ان لا نجالس الأشخاص غير المستقيمين في سلوكهم، ونسعى لمعاشرة أناس خيرين لئلا يوجد فينا سوء الظن بالنسبة للآخرين بالإضافة إلى استفادتنا من الأفكار العالية والصفات البارزة التي يمتلكها هؤلاء الخيرون.
3ـ ان نحتاط فلا نسارع في الحكم على الآخرين حكماً لا مجال له... كما ينبغي ان نقلل من توقعاتنا من الآخرين. فإذا ما رأينا مثلا صديقاً أو فرداً من أفراد العائلة او الآخرين لم يجيبوا على سلامنا أو أنهم عبروا من حيث نقف ولم يعيرونا اهتماماً او لم يدعونا إلى وليمة معينة... فبدلاً من حمل الحقد في القلب وظن السوء فيهم، وآلاف أخرى من الخيالات أو كما يقال: الحكم عليهم في الذهن غيابياً، بدلاً من كل هذا ينبغي ان نلاحظ القضايا بكل تعقل وبدون تحيز ومن ثم نوجه سلوكهم الآنف توجيهاً حسناً... وعند ذلك سنرى ان 90 بالمائة من ظنوننا السيئة المتعارفة تعالج وتنمحي من صفحة النفوس ذلك الذي لم يعتن بنا لم يكن في الواقع ملتفتاً لذلك أو انه قد نسي ان يدعونا أو انه كان قد غار في عالم الفكر والخيال بحيث لم يدرك من سلم عليه ليجيب على سلامه.
ان الإنسان أحياناً يتصور ان الآخرين شكلوا عاملاً على هزيمته في الحياة ولذا فهو يظن بهم ظناً سيئاً ولكن بعد ملاحظة واقع الأمر يعرف انهم لم يتدخلوا في ذلك وان عامل الهزيمة كان شيئاً آخر.
نعم ما أكثر ما كانت هذه الأحكام المسبقة السريعة على الآخرين في مجالات الحياة عند الكل منا، تقود الإنسان في النهاية إلى التأسف والندم.
ان الروايات الإسلامية توصي المسلمين كي يحملوا عمل اخوتهم المسلمين وقولهم على الصحة، ويطرحوا احتمالات صحيحة ليتخلصوا من سوء الظن ويبعدوه عن أذهانهم.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (ضع أمر اخيك عن أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من اخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً) (2).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا اتهم المؤمن أخاه انماث الإيمان من قلبه كما ينماث الملح في الماء) (3).
كما انه يجب التوجه إلى نقطة أخرى هي:
ان من اللازم على المسلمين ان لا يقوموا بأعمال يحتمل فيها ان تبعث سوء الظن فيهم من قبل الآخرين لئلا يقع هؤلاء في هذا الخطأ. فمثلاً:
عليهم ان يبتعدوا عن مواطن التهمة، ولا يقوموا بأعمال ولا يتفوهوا بأقوال توجب ذلك... وذلك كما يقول (صلى الله عليه وآله): (إتقوا مواقع التهم) (4).
ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن) (5).
تنبيه لازم:
رغم ان الشريعة الإسلامية حرمت ظن السوء والنظرة السيئة كما يقول (صلى الله عليه وآله) (ان الله حرم من المسلم دمه وماله وعرضه وان يظن به ظن السوء) (6).
كما ان القرآن الكريم منع المسلمين من ظن السوء.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12].
ومع ان المسلمين مأمورون بحسن الظن تجاه بعضهم البعض، الا أن من الواضح أيضاً ان ذلك لا يعني ان يلقي المسلم نفسه أو بمجتمعه في خطر نتيجة حسن ظنه المفرط. وعليه ففي تلك الموارد التي لا يقطع فيها الإنسان باستقامة الأفراد فانه رغم لزوم السلوك الصحيح معهم يجب ان لا نفقد الاحتياط والوعي فنوقع أنفسنا في الخطر والندم.
كما ان من الواضح أيضاً انه في المواقع التي يثبت فيها انحراف الأشخاص لا معنى لحسن الظن بهم، فيجب بكل ما يمكننا ان نراقب هؤلاء لكي لا يستطيعوا ان يؤثروا في حياتنا الفردية أو في حياة المجتمع الإسلامي.
ومن هنا فانه لا معنى لان يكون المسلمون محسني الظن حتى بالأفراد الذين ثبت انحرافهم لا لشي إلا لأن الإسلام أمر بحسن الظن، ومن ثم يجب ان لا يفسح المجال لتدخل هؤلاء في الأمور وتسليمهم مقاليد بعض الأمور لئلا يعملوا على تضييع القيم والمقاييس وتحويل الحياة جحيماً، نتيجة حسن الظن المفرط هذا.
نعم يجب ان يفهم المسلم ان الإسلام كما دعا اتباعه إلى نفي سوء الظن من حياتهم، أوصاهم في نفس الوقت ان لا يفسحوا المجال للخائن الواضح الخيانة أن يتدخل في الأعمال ويستأمن على الأموال.
يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): (ليس لك ان تأتمن من خانك، ولا تتهم من ائتمنت) (7).
كما انه يجب ان لا نخلط بين التجسس على العيوب (وهو أمر باطل ينشأ من صفة ـ ظن السوء ـ وله أخطار متعقبة) والنقد الصحيح البناء.
قد نهى القرآن عن التجسس على العيوب ومنع اتباعه منه.
{وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12].
اما النقد البناء الصحيح فهو عبارة عن تنبيه الآخرين على عيوبهم وتذكيرهم بمساوئهم ... والنقد بهذا المعنى ضروري لكل مجتمع يبتغي الرقي المادي والمعنوي ... ومن الطبيعي ان النقد يجب ان يتجه إلى إصلاح المجتمع ليكون مفيداً ولا يكون على أساس من غرض وعداوة شخصيين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ جامع السعادات، ج 1، ص 282.
2ـ أصول الكافي، ج 2، ص 362.
3ـ المصدر السابق، ص 361.
4ـ جامع السعادات: ج 1، ص 282.
5ـ المصدر السابق.
6ـ المحجة البيضاء، ج 3، ص 155.
7ـ وسائل الشيعة، ج 13، ص 229.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|