أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2017
1907
التاريخ:
2941
التاريخ:
1976
التاريخ: 2024-08-15
425
|
صحب تأسيس الكعبة أساطير عدة لا تعتمد على سند من تاريخ أو دين، وقبل أن نعالج هذه الأساطير يجب أن نذكر هنا قوله تعالى في سورة آل عمران آيتي 96، 98: ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)، وقوله تعالى في سورة البقرة الآية ،127( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فهذه الآيات وغيرها تحملنا على الجزم بأن بناء البيت من عمل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وأنهما قصدا ببنائه عبادة الله تعالى ونشر الوحدانية، ولا يطعن في ذلك أن التاريخ يروي لنا أن معابد كثيرة أسست قبل هذا المعبد في مصر أو أشور أو فلسطين، فإن هذه المعابد إنما أسست في ظل الوثنية لعبادة آلهة متعددة، ولا شك أن المعبد الذي بناه إبراهيم كان أقدم من المعابد التي أسسها نبي الفراعنة إخناتون ببضعة قرون، وإخناتون في أرجح الأقوال من الأنبياء والموحدين، أما الأساطير التي ابتكرها المؤرخون والمفسرون من العرب، رغبة منهم في إضفاء قداسة عليها أكثرها مما ورد في القرآن فنحن نلخصها فيما يلي:
(1) أن الكعبة بنيت في السماء، على غرار أنموذج لا يزال موجودًا، يسمى البيت المعمور، وذلك قبل أن تُخلق الدنيا بألفي سنة، وأن آدم عليه السلام أقامها على الأرض تحت الموضع الذي يقابل أنموذجها تمامًا.
(2) أن الله أمر الملائكة من سكان الأرض، أن يبنوا في الأرض بيتًا على غرار البيت المعمور وأمر من في الأرض أن يطوفوا به، كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
(3) أن آدم عندما هبط إلى الأرض مع زوجه من الجنة، لم يسمع أصوات الملائكة حول العرش، فأقبل آدم حتى وصل مكة، وساعدته الملائكة فبنى البيت، متخذًا أحجاره من خمسة جبال، هي: جبل طور سيناء، وطور زيتاء، ولبنان، والجودي، وحراء.
(4) أن البيت المقدس أغرق في طوفان نوح، وأن الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام أن يعيد بناءه، وأن إسماعيل ساعد أباه في البناء، فكان يجيء بالحجارة وإبراهيم يبني حتى رفع القواعد من البيت.
(5) أن إبراهيم لما أمره الله ببناء البيت لم يعرف موضعه، فبعث الله سحابة على قدر الكعبة، فجعلت تسير وإبراهيم يمشي في ظلها إلى أن وافت مكة ووقفت على موضع البيت، فنودي منها يا إبراهيم أن ابن على ظلها لا تزد ولا تنقص.
(6) أن إبراهيم لما أُمر بالبناء أقبل على البراق ومعه السكينة، وهي ريح لها رأسان تشبه الحية، يتبع أحدهما صاحبه، وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة، فتبعها إبراهيم حتى أتيا مكة، فتطوقت السكينة على موضع البيت كتطوق الحية، فكنست ما حول البيت عن الأساس.
وتختلف الأقاويل في أصل الحجر الأسود، وقد ذكر ابن الأثير أن إبراهيم قال لإسماعيل: ائتني بحجر حسن أضعه على الركن فيكون للناس علمًا، فناداه أبو قبيس «جبل بمكة» أن لك عندي وديعة، وقيل: بل جبريل أخبره بالحجر الأسود فأخذه ووضعه مكانه، وتذكر بعض الروايات أن هذا الحجر من حجارة الجنة، وأنه عندما هبط إلى الأرض كان أبيض كاللبن ثم اسود من خطايا الناس، ولا نستطيع أن نجزم بنوع مادة هذا الحجر، ففريق من العلماء يقول: إنه حجر بركاني يشبه الحجر الخفاف، وآخرون يقولون إنه نيزك، بل أكبر نيزك هبط من السماء. وبعد أن أتم إبراهيم بناء البيت أذن في الناس بالحج.
أما بقية تاريخ الكعبة فيتلخص فيما يأتي:
وعندما مات إسماعيل عليه السلام وقعت الكعبة في يد الجراهمة، وظلت في أيديهم زهاء ألف سنة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى أيدي بني خزاعة، الذين أقاموا عليها أكثر من مائتي سنة، وكثيرًا ما كانت تدمر بسبب السيول التي تجتاحها، ثم أعاد بناءها قصي بن كلاب الذي جعل لها سقفًا، وكانت حتى زمنه مكشوفة لا سقف لها، وفي خلال هذه القرون الطويلة تطورت العبادة في الكعبة، حتى أصبحت موئل الأصنام وعبادتها، بعد أن كانت بيتًا لعبادة الله جل وعلا، ولا يحدثنا التاريخ المعتمد عن الأدوار التي مر فيها هذا التطور، إنما يذكر مؤرخو العرب أن عمرو بن لحي الخزاعي كان أول من أدخل الأصنام إلى بلاد العرب، وأنه جلب أول صنم إليها وهو هُبَل من مدينة «هيت» في العراق، ومن ذلك الوقت أصبحت الكعبة «بانثيون» لكل القبائل؛ أي مجمعًا ومقرًّا لأصنامها، وكان قصي أول من بنى حول الكعبة بيوتًا، ولم يترك بين البيوت والكعبة إلا قدر المطاف، وأشرفت قريش على الكعبة بعد قصي فأصابها حريق، فأعادوا بناءها في حجم أصغر من حجمها الأصلي وأقاموا بداخل البناء ستة أعمدة ليعتمد عليها السقف، ثم وضعوا تمثال هُبَل إلى جدار في داخل الكعبة، وروى الأزرقي أن صور العذراء والمسيح وإبراهيم وإسماعيل وبعض الملائكة كانت منقوشة على بعض عمد الكعبة. وقبيل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام أصاب الكعبة سيل أوهن جدرانها فهدمها القوم بعد تردد، ثم أعادوا بناءها، حتى إذا وصلوا إلى مكان الحجر الأسود اختلفوا، وكادت تنشب حرب أهلية بينهم، لولا أنهم احتكموا إلى أول داخل من باب الصفا فكان محمد عليه السلام، فرأى بحكمته أن يفض النزاع، بأن وضع الحجر على ثوبه، ثم كلف أهل القبائل المختلفة برفعه ووضعه في المكان بيده. وبعد فتح مكة طهر النبي الكعبة من كل أثر للوثنية، فحطم الأصنام وطمس الصور، وأعاد إليها بساطة التوحيد. وفي أيام يزيد بن معاوية حاصر قائده الحصين بن نمير السكوني مكة ورمى الكعبة بالمنجنيق فتناثرت حجارتها واشتعلت فيها النيران؛ لأن بناءها إذ ذاك كان مدماكًا من حجر ومدماكًا من خشب، ولما مات يزيد فك الحصار عن مكة، فرأى عبد الله بن الزبير أن يعيد بناء الكعبة، فهدمها وشرع في بنائها على قواعد إبراهيم. وفي أيام عبد الملك بن مروان حاصر الحجاج مكة، وقتل عبد الله بن الزبير، واستأذن عبد الملك في أن يعيد بناء الكعبة، ويرجعها إلى ما كانت عليه أيام رسول الله فأذن له. وأراد هارون الرشيد أن يهدم الكعبة ويردها إلى بناء ابن الزبير، فنهاه الإمام مالك عن ذلك، وقال: «لا تجعل كعبة الله ملعبة للملوك، لا يشاء أحد أن يهدمها إلا هدمها»، فترك الرشيد الكعبة كما هي. وفي سنة (1040 هجرية/1630 ميلادية) هطل بمكة مطر عظيم، ثم ارتفع حتى وصل الكعبة ووهن بناءها، وأخذت الحجارة تتساقط، فهلع الناس واضطربوا، وأرسل والي مصر محمد باشا الألباني جماعة من المهندسين والمعلمين المصريين، فهدموا بقية الجدران، وابتدءوا يبنونها عمارة جديدة، وربطوا الحجر الأسود بسوار من الفضة؛ لأنه كان قد تصدع ولما فرغ القوم من بناء الكعبة كتبوا محضرًا أرسلوه إلى مصر فيه شهادة المكيين بحسن عمارة البيت. وبناء الكعبة القائم الآن، هو البناء الذي شاركت فيه مصر بالحظ الأوفر، وأنفقت بعد أن أرسلت جميع ما يلزم من أدوات للعمارة ستة عشر ألفًا من الجنيهات لإتمامها. وهو يبلغ من الارتفاع 15 مترًا، وطول جداره الشمالي 9٫92 مترًا، والجنوبي 10٫25 مترًا، والشرقي 11٫88 مترًا، والغربي 12٫25 مترًا، وفي الجدار الشرقي بابها، ويرتفع عن الأرض مقدار مترين، وعتبة مصفحة بصفائح الفضة، وكذلك مصراعا الباب، إلا أن صفائحهما الفضية مطلية بالذهب، ويلاصق جدران الكعبة من الخارج بناء من الرخام يسمى الشاذروان، ارتفاعه عن الأرض قليل، وقد أقيم تقوية للجدران، وفي الركن الجنوبي الشرقي الحجر الأسود وهو مبدأ الطواف، ويرتفع عن الأرض مترًا ونصف متر، وعلى مقربة من الكعبة نجد بئر زمزم المشهورة. والآن وقد استطردنا فأتينا على تاريخ الكعبة ووصفها، فإنًّا نرجع بالقارئ إلى حالة مكة بعد بنائها، وانصراف إبراهيم عليه السلام عنها إلى الشمال.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|