أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-1-2016
3536
التاريخ: 2023-04-16
969
التاريخ: 29-12-2021
2439
التاريخ: 22-11-2016
2957
|
كل إنسان ماعدا المعصوم ناقص وهذا النقص له صور مختلف بحسب الأشخاص، والقابليات والتجليات للكمال والنقص في ذات زيد أو ذات بكر. وعلى هذه القاعدة المسلم بها عند كل البشر فإنهم يتحركون وفق منظور أنهم مخطئون باحثون عن الكمال، ولذلك لابد أن يكون هناك نقد في مراحل بناء الذات حتى تتكامل. ومنها انبثقت حاجة لدى الناس أن يقوِّموا بعضهم البعض، بما تكاملوا فيه، وبيان النقص في الآخرين. ولهذا التقويم طريقان:
طريق ممدوح: وهو النصح بالطرق المناسبة من أجل التكامل بصورة يحافظ فيها الناقد على هيبة وشخصية الموجه إليه النقد. لهذا أمر الإسلام أتباعه باتباع هذا الطريق وعدم الرجوع عنه فقد جاء عن الإمام علي (عليه السلام): (من وعظ أخاه سراً فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه)(1)، هذا أولا.
ثانيا: أن يكون بينك وبين نفسك حب لهذا الإنسان بمعنى أن تتوجه إلى الله في إصلاح ما صدر منه من خطأ حتى يمن الله تبارك وتعالى عليه بالإصلاح وتلافي ذلك العيب وإصلاح ذلك الخطأ، الإنسان إذا دعا لأخيه الله تبارك وتعالى يستجيب له الدعاء، ولذا الموقف الأخلاقي الذي دعت إليه الشريعة المقدسة، هو أن تهتم بإكمال أخيك المؤمن في إصلاح العيب له، وأن تدعو له، وأن تجعل نفسك بطبيعتها محبة لذلك الإنسان غير كارهة له، وبأن تبحث وتطلب ما يصدر منه من هفوات وعيوب لتتخذ ذلك وسيلة لانتقاصه والعيب فيه. بل لابد أن يكون طريقتك في النصح أن تذهب إليه وتقول له يا فلان أن الفعل الفلاني يظهرك بالمظهر الذي لا يليق بك، أو لو فعلت كذا كان أجدر بك وبمكانتك، وهكذا حتى يكون باعث الاستجابة منشأه الحب له.
ومن الأساليب التي اعتمدتها الشريعة هي عندما يرغب إنسان في توجيه اللوم، أو النقد لأحد فلينظر إلى نفسه، ويسعى في خلاصها من عيوبها، ثم ينتقل إلى نصح الآخرين، وهو بهذه الطريقة يكون قد أعطى درساً فعلياً. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «معرفة المرء بعيوبه أنفع المعارف»(2).
طريقا مذموم: وهو التعيير والاستنقاص بحيث توقع الشخص المراد توجيه النقد إليه إلى الإحراج والسخرية من قبل الاخرين، بل حتى بينه وبين نفسه. ولو كان الحجة الظاهرية للناقد هو نقد الذات وإصلاحها فمثل هذه التصرف يعتبر محرماً لدى الشرع الإسلامي. فإن قصر النظر على عيوب الشخص فقط، توجه خاطئ يعطي انطباعاً سيئاً عن نفس الناقد وعن الآخرين، مما يؤدي إلى انعدام الجانب الإيجابي لديه. فيكون دائماً سيئ الظن بالآخرين، وبالتالي ستكون هناك انعكاسات خطيرة على الفرد وعلى المجتمع. ومن هنا لنتأمل القصة جيدة التي جرت بين النبي عيسى (عليه السلام) مع حواريه وهو يعلمهم كيف يجب أن ينظروا بشكل إيجابي حتى في الأمور السلبية، مر عيسى (عليه السلام) يوماً مع بعض تلامذته على جيفة كلب، فقالوا: ما أنتن هذا.
التفت عيسى (عليه السلام) وقال: ما أشد بياض أسنانه.
وكذا في رواية النهي عن التعيير حتى لا يبتلى الإنسان بمثلها، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «لا تبدي الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويصيرها بك»(3) ، وقال: «من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن)(4).
ولذلك ينبه الله تبارك وتعالى العلماء والصالحين والأولياء بأكثر من ذلك حتى يرتقوا إلى المستوى العالي من الخلق الكريم كما يقول الله لموسى بن عمران {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39].
وأن النعم التي أفاض الله بها عليك هي من مواهب الرحمن، هذه المواهب التي جاءت إليك ومنحك الله إياها يمكن أن تزول عنك، في طرفة عين، فلابد عليك أخي السالك أن تتوجه دائماً إلى مصدر الكمال المطلق وهو الله تبارك، فلله ألطافا خفية يربي بها العلماء حتى يتكاملوا مهما بلغوا من المراتب والدرجات، ومن هؤلاء السيد الخوئي (رضوان الله عليه) يقول: دخلت يوماً حرم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ورأيت واحداً يصلي في طريق ضيق وقد سد الطريق على المارة، فقلت أما رأى هذا المؤمن مكاناً أوسع من هذا المكان. قلت ذلك في نفسي ولم أبدها وسرت نحو مقصودي والناس تزدحم بجانبه وهو يصلي ومرت الأيام وإذا بي من دون أن أتوجه وإذا بي في نفس ذاك المكان أصلي والناس يتبرمون من جلوسي وهم يتدافعون بقوة.. حتى ابتليت بذلك قلت: أما لهؤلاء المؤمنين من طريق آخر يمرون منه غير هذا؟
فانتبهت إني لمت ذلك الشخص في نفسي حينما كان يصلي في هذا المكان فكيف وقعت في ما لمت به غيري؟ بل لمت الغير الآخرين يتدافعون من حولي؟ أي خطأ ارتكبت!!
أسباب النقد والتحدث على الأمور:
إن الباعث الحقيقي للتحدث عن أي أمر بصورة سلبية سببه فقدان الناقد للرؤية الكاملة الواضحة نحو الشيء، ومن هنا يكون الجهل به هو أول أسباب الموجبة للنقد والتقريع، فلذلك روي عن الإمام علي (عليه السلام): «من قصر عن معرفة شيء عابه»(5).
ويقول الإمام الجواد (عليه السلام): «من جهل شيئاً عابه»(6).
الرغبة الجادة في الإصلاح:
تعتبر الرغبة الجادة في إصلاح العيب بالضوابط التي ذكرناها هو علامة الإخلاص الحقيقي والحب، ولا تكفي الرغبة فقط بل السعي بقدر المستطاع حتى تؤتي نتاج النصح والنصيحة، وإلا فمجرد التمني لا يكفي فقط، أو الرغبة في الإصلاح وحدها لا تنفع، بل لابد أن تترجم تلك الرغبة إلى خطوات عملية تصدق ذلك أو تكذبه، لذا ضرب الله مثلا في النبي شعيب (عليه السلام) عن رغبته الصادقة لإصلاح قومه حيث يقول الله تعالى عنه: {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].
وهنا نقطة مهمة أشار إليها شعيب أن ما فيه من الصلاح ليس من ذاته بل هو من توفيقات الله، من خلال التوكل عليه فهو لم ينصحهم لميزة في ذاته، أو تعالياً عليهم، ولكن من خلال لجوئه إلى الله، وهو سبب صلاحه، وابتعادكم عن الله سبب فسادكم لذا أدعوكم لترجعوا إلى الله وتنيبوا حتى تحصلوا على الخير الوافد.
طريقة التعامل مع النقد:
ما هو الأسلوب الأمثل في التعامل مع الأشخاص الذين يسيئون الأدب معك، ويحاولون أن يسقطوك من أعين الناس، أو يحقروك بينهم؟
يمكن أن يلخص جواب ذلك بما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن عيّرك أخوك المسلم بما يعلم فيك، فلا تعيره بما تعلم فيه، يكون لك أجراً وعليه الإثم»(7).
جاء شخص من الأعراب ورأى النبي (صلى الله عليه وآله) بهيبة وعظمة واسمه أبو جري جابر بن سليم، يقول: رأيت رجلاً يصدر الناس عن رأيه لا يقول شيئاً إلا صدروا عنه.
قلت من هذا؟
قالوا هذا الرسول، إلى أن قال: قلت للرسول (صلى الله عليه وآله): أعهد إلي قال: لا تسبن أحداً،
قال: فما سبت. ولا تحقرن شيئاً من المعروف لعله يكون لله رضا وتنال شيئاً عظيما من الله تبارك وتعالى... وإن امرئ شتمك وعيرك بما يعلم فيه فلا تعيره بما تعلم فيه فإنما وبال ذلك عليه فقال الإعرابي: فما سببت بعد حراً ولا عبدا ولا بعيراً ولا شاة.
ولذلك نلاحظ أن النبي (صلى الله عليه وآله) وبخ أبا ذر لما عير رجلا بأمه فقال له رسول الله: أنك رجل فيك جاهلية.
أي أن هذا التصرف ليس من الإسلام وليس من خلقه إنما هي من أخلاق الجاهلية؛ ولذلك أدب الإسلام أتباعه بالصفح والعفو قال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 149].
فالطريقة الشرعية هو العفو عن الآخرين وعدم التجبر عليهم والتسلط عليهم حتى لو كانوا من الضعفاء والمساكين، أو من بيدك رزقهم، كخدم، أو عمال يعملون لديك، فلا تعاملهم بالصفح الجميل عن تقصيرهم وأخطائهم.
الآثار السلبية لتعيير الآخرين:
لاشك أن كل فعل له أثر سواء كان أثراً إشراقياً أو ظلمانياً، ومن الأمور التي لها تأثير سلبي، هي تعيير الآخرين واستنقاصهم فعن الإمام الباقر (عليه السلام): «ما من إنسان يطعن في عين مؤمن إلا مات بشر ميتة وكان قمنا أن لا يرجع إلى خير«(8).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: «إن الله عز وجل خلق المؤمن من عظمة جلاله وقدرته، فمن طعن عليه أو رد عليه قوله فقد رد على الله عز وجل»(9).
___________________________
(1) بحار الأنوار 71: 61.
(2) عيون الحكم والمواعظ: 115.
(3) أصول الكافي 2: 359.
(4) أصول الكافي 2: 359.
(5) الإرشاد 1: 301.
(6) كشف الغمة 3: 137.
(7) تنبيه الخواطر 57:1.
(8) الكافي: 2: 361.
(9) الأمالي: 306.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|