أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-24
236
التاريخ: 17-10-2016
5296
التاريخ: 17-10-2016
2450
التاريخ: 2023-06-20
1434
|
وكان من دعائه (عليه السلام) في يوم الفطر إذا انصرف من صلاته قام قائماً ثم استقبل القبلة وَفي يوم الجمعة فقال:
يَا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لا يَرْحَمُهُ الْعِبَادُ، وَيَا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ لا تَقْبَلُهُ الْبِلاَدُ، وَيَا مَن لاَ يَحْتَقِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيَا مَنْ لا يُخَيِّبُ الملِحِّيْنَ عَلَيْـهِ، وَيَا مَنْ لاَ يَجْبَهُ بِالرَّدِّ أَهْلَ الدَّالَّةِ عَليهِ، وَيَا مَنْ يَجْتَبِي صَغِيرَ مَا يُتْحَفُ بِهِ (1) وَيَشْكُرُ يَسِيرَ مَا يُعْمَلُ لَهُ، وَيَامَنْ يَشْكُرُ عَلَى الْقَلِيْلِ وَيُجَازيْ بِالْجَلِيلِ، وَيَا مَنْ يَدْنُو إلَى مَنْ دَنا مِنْهُ، وَيَا مَنْ يَدعُو إلَى نَفْسِهِ مَنْ أَدْبَرَ عَنْهُ، وَيَا مَنْ لا يُغَيِّرُ النِّعْمَةَ، وَلا يُبَادِرُ بِالنَّقِمَةِ، وَيَا مَنْ يُثْمِرُ الْحَسَنَةَ حَتَّى يُنْمِيَهَا، وَيَتَجَاوَزُ عَنِ السَّيِّئَةِ حَتَّى يُعَفِّيَهَا، انْصَرَفَتِ الآمَالُ دُونَ مَدى كَرَمِكَ بِالحَاجَاتِ، وَامْتَلاَتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أَوْعِيَةُ الطَّلِبات، وَتَفَسَّخَتْ دُونَ بُلُوغِ نَعْتِـكَ الصِّفَاتُ، فَلَكَ الْعُلُوُّ الأعْلَى فَوْقَ كُلِّ عَالٍ، وَالْجَلاَلُ الأمْجَدُ فَوْقَ كُلِّ جَلاَلٍ، كُلُّ جَلِيْل عِنْدَكَ صَغِيرٌ وَكُلُّ شَرِيف فِي جَنْبِ شَرَفِكَ حَقِيرٌ، خَابَ الْوَافِدُونَ عَلَى غَيْرِكَ، وَخَسِرَ الْمُتَعَرِّضُونَ إلاَّ لَكَ، وَضَاعَ الْمُلِمُّونَ إلاّ بِكَ، وَأَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُـونَ إلاَّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ، بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ، وَجُودُكَ مُبَاحٌ لِلسَّائِلِينَ، وَإغاثَتُكَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُسْتَغِيْثِينَ، لاَ يَخِيبُ مِنْـكَ الآمِلُونَ وَلاَ يَيْأَسُ مِنْ عَطَائِكَ الْمُتَعَرِّضُونَ، وَلا يَشْقَى بِنَقْمَتِكَ الْمُسْتَغْفِرُونَ، رِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصَاكَ، وَحِلْمُكَ مُعْتَـرِضٌ لِمَنْ نَاوَاكَ، عَادَتُكَ الإحْسَـانُ إلَى الْمُسِيئينَ، وَسُنَّتُـكَ الإبْقَاءُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ، حَتَّى لَقَدْ غَرَّتْهُمْ أَنَاتُكَ عَنِ الرُّجُوعِ، وَصَدَّهُمْ إمْهَالُكَ عَن النُّزُوعِ، وَإنَّمَا تَأَنَّيْتَ بهمْ لِيَفِيئُوا إلَى أَمْرِكَ، وَأَمْهَلْتَهُمْ ثِقَةً بِدَوَامِ مُلْكِكَ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ خَتَمْتَ لَهُ بِهَا، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ خَذَلْتَهُ لَهَا، كُلُّهُمْ صَائِرُونَ إلَى حُكْمِكَ وَأُمُورُهُمْ آئِلَة إلَى أَمْـرِكَ، لَمْ يَهِنْ عَلَى طُـولِ مُـدَّتِهِمْ سُلْطَانُـكَ، وَلَمْ يَـدْحَضْ لِتَـرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بُرْهَانُكَ، حُجَّتُكَ قَائِمَةٌ لاَ تُدْحَضُ، وَسُلْطَانُكَ ثَابِتٌ لا يَزُولُ، فَالْوَيْلُ الدَّائِمُ لِمَنْ جَنَحَ عَنْكَ، وَالْخَيْبَةُ الْخَاذِلَةُ لِمَنْ خَابَ مِنْكَ، وَالشَّقاءُ الاشْقَى لِمَنِ اغْتَرَّ بِكَ، مَا أكْثَرَ تَصَرُّفَهُ فِي عَذَابِكَ، وَمَا أَطْوَلَ تَرَدُّدَهُ فِيْ عِقَابِكَ، وَمَا أَبْعَدَ غَايَتَهُ مِنَ الْفَرَجِ، وَمَا أَقْنَطَهُ مِنْ سُهُولَةِ الْمَخْرَجِ، عَدْلاً مِنْ قَضَائِكَ لاَ تَجُورُ فِيهِ، وَإنْصَافاً مِنْ حُكْمِكَ لاَ تَحِيفُ عَلَيْهِ، فَقَدْ ظَاهَرْتَ الْحُجَجَ، وَأَبْلَيْتَ الاعْذَارَ وَقَـدْ تَقَدَّمْتَ بِـالْوَعِيْـدِ، وَتَلَطَّفْتَ فِي التَّرْغِيْبِ، وَضَرَبْتَ الامْثَالَ، وَأَطَلْتَ الاِمْهَالَ، وَأَخَّرْتَ وَأَنْتَ مُسْتَطِيعٌ لِلْمُعَاجَلَةِ، وَتَأَنَّيْتَ وَأَنْتَ مَليءٌ بِالْمُبَادَرَةِ، لَمْ تَكُنْ أَنَاتُكَ عَجْزاً، وَلا إمْهَالُكَ وَهْناً، وَلاَ إمْسَاكُكَ غَفْلَةً، وَلاَ انْتِظَارُكَ مُدَارَاةً، بَلْ لِتَكُونَ حُجَّتُكَ أَبْلَغَ، وَكَرَمُكَ أكمَلَ، وَإحْسَانُكَ أَوْفَى، وَنِعْمَتُكَ أَتَمَّ، كُلُّ ذلِكَ كَانَ وَلَمْ تَزَلْ، وَهُوَ كائِنٌ، وَلاَ تَزَالُ حُجَّتُكَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ توصَفَ بِكُلِّهَا، وَمَجْدُكَ أَرْفَـعُ مِنْ أَنْ يُحَدَّ بِكُنْهِهِ، وَنِعْمَتُكَ أكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى بِأَسْرِهَا، وَإحْسَانُكَ أكْثَرُ مِنْ أَنْ تُشْكَرَ عَلَى أَقَلِّهِ، وَقَدْ قَصَّرَ بِيَ السُّكُوتُ عَنْ تَحْمِيدِكَ، وَفَهَّهَنِي الإمْسَاكُ عَنْ تَمْجيدِكَ، وَقُصَارَايَ الإقْرَارُ بِالْحُسُورِ لاَ رَغْبَةً يا إلهِي، بَلْ عَجْزاً، فَهَا أَنَا ذَا أَؤُمُّكَ بِالْوِفَادَةِ، وَأَسأَلُكَ حُسْنَ الرِّفَادَةِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ، وَاسْمَعْ نَجْوَايَ، وَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَلاَ تَخْتِمْ يَوْمِيَ بِخَيْبَتِي، وَلاَ تَجْبَهْنِي بِالرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِي، وَأكْرِمْ مِنْ عِنْدِكَ مُنْصَرَفِي، وَإلَيْكَ مُنْقَلَبِي، إنَّكَ غَيْرُ ضَائِق بِمَا تُرِيْدُ، وَلاَ عَاجِز عَمَّا تُسْأَلُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيْرٌ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
(1) قوله عليه السلام: ويا من يجتبي صغير ما يتحف به
افتعال من الجباية بمعنى يختاره ويصطفيه، وإنّما كان سبحانه يصطفي صغير ما يتحف به من الأعمال والحسنات؛ لأنّ جميع طاعات وعبادات الطائعين كبيرها وصغيرها في إزاء عزّ جلاله حقير بالقياس إلى ما يسحقّه كبرياء جنابه تعالى شأنه وتعاظم سلطانه. وفي «خ» لا يجتبي بكلمة النفي. وتحقيق مغزاه من وجوه عديدة:
الأوّل: أنّه جلّ مجده من باب الفضل والرحمة لا يجتبيه صغيراً بل يأخذه كبيراً عظيماً، وإن كان هو في حدّ نفسه وبحسب قياسه إلى جناب الكبرياء صغيراً حقيراً جدّاً، كما في «لا يسمع الدعاء الملحون» على أحد التفسيرين، أي: لا يسمع ملحوناً، بل مهما يكن دعاء اللاحن عن نيّة خالصة وطيّة نقيّة. وإن كان مدخولاً في ألفاظه وملحوناً في إعرابه يجعل الله قسطه من الاستجابة موفوراً، ويتقبّله مسموعاً مبروراً، كأنّه لم يكن مدخولاً ولا ملحوناً تطوّلاً وامتناناً وتفضّلاً وإحساناً.
الثاني: أنّ الصغير غير المجتبى ولا المتقبّل من أعمال العاملين هو ما يكون عند العامل صغير يستصغره ويستحقره ويستخفّ به، ولا يحتسب بذلك ذخراً عند الله وأجراً. فإن قلت: أليس استقلال الطاعة وإن كانت عظيمة كبيرة، واستكبار المعصية وإن كانت لمماً صغيرة من أرفع درجات العبوديّة، وأنفعها في قبول جناب الربوبيّة.
قلت: ذاك هو أن يستصغر الطائع المتعبّد طاعته ويستحقرها بما هي صادرة عنه، وبحسب ما الله له أهل بكرم وجهه وعزّ جلاله من الطاعة والعبادة لا من حيث هي طاعة الله سبحانه وعبادته، وبما لها شرف الانتساب إلى جناب مجده، وعزّ الإختضاع(1) لسلطان ربوبيّته، فإنّه في مذهب العبوديّة ومن جهة كبرياء الربوبيّة استعظام أقلّ الطاعات، واستكبار أصغر العبادات (2) من تلك الحيثيّة غاية الاستعظام والاستكبار والاعتداد بها على قصيا الغايات، والاحتساب بذلك عند الله سبحانه كبير الأجر وعظيم الذخر. ومن هذا الباب أنّ من وظائف الدعاء أن يكون الداعي مستيقناً للإجابة. وفي الحديث: من أتى الجمعة إيماناً واحتساباً استأنف العمل، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً وجب له الجنّة. وقد تكرّر في الحديث النهي عن استصغار شيء من الطاعات والمعاصي، ومنه أنّ الله عزّ وجلّ أخفى مرضاته في طاعته، فلا تتركنّ شيئاً من طاعته فلعلّ فيها مرضاته، وأخفى سخطه في معاصيه فلا يقربنّ شيئاً من معصيته فلعلّ فيها سخطه.
الثالث: أنّ المعنى بالصغير الذي لا يجتبي ولا يتقبّل من الأعمال، عمل الجوارح البدنيّة والأعضاء الأدويّة والآلات الجسديّة، منسلخاً عن اقتران نخوع (3) النفس المجرّدة واختضاع القلب الملكوتي، وذلك مخّ الطاعة ومخّ العبادة وروح العمل، والأعمال من دون ذلك كأجساد الموتى. وإنّما عدّت أعمال الجسد صغيرة؛ لأنّ البدن صغير خسيس بالقياس إلى النفس المجرّدة وعالم الأجسام (4)، أعني جملة عالم الخلق وهو عالم الشهادة، حقير صغير جدّاً بالنسبة إلى عالم الأرواح، أعني جملة عالم الأمر، وهو عالم الغيب وعالم التسبيح.
قال أرسطو طاليس في أثولوجيا: النفس ليست في البدن، بل البدن في النفس؛ لأنّها أوسع منه، ومن أراد أن ينظر إلى صورة نفسه المجرّدة فليجعل من الحكمة مرآة.
ومن هناك يستبين سرّ ما في الحديث عن سيّد الورى وصفو البرايا صلّى الله عليه وآله: نيّة المؤمن خير من عمله. وقد استقصينا وجوه شرحه وحقائق تفسيره في السبع الشداد (5) وعنه صلى الله عليه وآله: لا يتقبّل الله إلّا نخائل القلوب.
وفي قدسيّ الحديث: ما وسعني أرضي وسمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن(6)
وفي التنزيل الكريم: {لَن يَنَالَ اللَّـهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا ولكن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ) (7) (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (8).
وقد ذكر رؤساء الحكاء ومعلّموهم: أنّ منزلة الجسد الإنسانيّ، بل أعظم الأجساد الحيوانيّة، بالنسبة إلى هيكل نظام العالم الأكبر المعبّر عنه بالإنسان الكبير، منزلة حصاة صغيرة متكوّنة في المثانة بالإضافة إلى هياكل أبدان أنواع الإنسان المعبّر عنه بالعالم الأصغر، وإنّما ذلك على سبيل التقريب والتفاضل بين النسبتين على التحقيق أعظم ممّا بين السماء والأرض، يستبين ذلك من مقدّمتين بالأصول الرصديّة والبراهين الهندسيّة.
الاُولى: أنّه لا مقدار لجرم كرة الأرض في الحسّ بالنسبة إلى كرة فلك الشمس فما فوقها من كرات سائر الأفلاك، بل إنّها بالنسبة إليها عديمة القدر، كنقطة المركز بالنسبة إلى محيط المركز ومحيط الدائرة، فسطح بسيط الأرض ومركز جرمها هناك بمنزلة واحدة، ولذلك كان للشمس اختلاف المنظر محسوساً، ولم يكن لشيء من الكواكب الثابتة والسيّارة العلويّة فوق الشمس اختلاف منظر أصلاً لا محسوباً ولا محسوساً ثمّ إنّ كرة تدوير المرّيخ أعظم من ممثّل الشمس وما في جوفها، ومن ثمّ كانت الشمس عن المرّيخ حين المقارنة أبعد منها عنه عبد المقابلة ؛ لكون قطر تدوير المرّيخ ـ وهو مقدار البعد بينهما حين المقارنة ـ أعظم من قطر ممثّل (9) الشمس، وهو مقدار البعد بينهما عند المقابلة ثمّ مقدار ثخن الفلك الأقصى المحدّدة لجهات العالم وهو العرش العظيم، ممّا استأثر بعلمه الخلّاق العظيم لا يعلمه إلّا هو، وليس لأصحاب الإرصاد والمسيرين لاستخراج مقادير الأبعاد والأجرام إلى معرفة مقدار حركته في محدب سطحيه من سبيل أصلاً، إنّما يسرّهم الله سبحانه لاستعلام مقدار حركته في سطحه المقعّر. فاستبان لهم على ما نحن قد بيّنّاه بفضل الله وإكرامه وحسن توفيقه وإلهامه في كتبنا وصحيفتنا البرهانيّة: أنّه يقطع بحركته من مقعّر سطحه بمقدار ما يقول أحد «واحد» بإسكان الدال خمسة آلاف ومائة وستّة وتسعين ميلاً، وتلك ألف وسبعمائة واثنان وثلاثون فرسخاً، ذلك تقدير العزيز العليم.
وسبيل الثانية: أنّ ارتفاع أعظم الجبال وهو فرسخان وثلث فرسخ على قوانين الرصد والحساب نصف سبع ثمن تسع قطر الأرض، وهو ألفان وخمسمائة وخمسة وأربعون فرسخاً تقريباً قريباً من التحقيق، فإنّه على التحقيق أقلّ من ذلك بشيء نزر غير معبوء به، إذ فرسخان وثلث فرسخ نصف سبع خمسة وثلاثين فرسخاً وربع فرسخ على التقريب، وأقلّ من ذلك شيء يسير على التحقيق. وخمسة وثلاثون وربع فرسخ ثمن مائتين واثنين وثمانين فرسخاً على التحقيق، ومائتان واثنان وثمانين فرسخاً تسع ألفين وخمسمائة وثمانية وثلاثين فرسخاً على التحقيق أيضاً، وذلك أقلّ من قطر الأرض بسبعة فراسخ.
فهذه النسبة التقريبيّة لارتفاع أعظم الجبال إلى قطر الأرض هي النسبة التحقيقيّة للواحد إلى ألف وثمانية، إذ الواحد نصف سبع أربعة عشر، وأربعة عشر ثمن مائة واثني عشر، مائة واثني عشر تسع ألف وثمانية.
فإذا اعتبرنا شعيرات الذراع وهي مائة وأربعة وأربعون شعيرة اسباعاً، كان ارتفاع أعظم الجبال نسبة إلى قطر الأرض نسبة نصف سدس خمس تلك الأسباع، وهي ألف وثمانية إليها على تقريب لا يزيد عليه التحقيق إلّا شيء نزر غير معبوء به، إذ تلك الارتفاع نصف سدس تسعة وعشرين على تقريب قريب من التحقيق، وتسعة وعشرون وخمسمائة وخمسة وأربعين على التحقيق وخمس عدد شعيرات الذراع أعني مائة وأربعة وأربعون على القريب أعني على التقريب. وأربعة وأربعون سبع عدد الأسباع أعني ألفاً وثمانية تحقيقاً.
وإنّما تستقيم لو كان قطر الأرض ألفين وخمسمائة وعشرين فرسخاً، فيؤخذ عرض كلّ شعيرة من شعيرات الذراع سبعة عشر جزء ونصف جزء، فتصحيح النسبة على ما يقال تقريباً، ويكون التقريب فيها من حيث أخذ ارتفاع أعظم الجبال فرسخين ونصفاً. هذا ما نحن أوردناه في مقام هو حيّز بيان هذه المسألة.
فأمّا ما يدور على الألسن أنّ نسبة ارتفاع أعظم الجبال إلى قطر الأرض نسبة خمس سبع عرض شعيرة إلى ذراع، وربّما يقال: إنّ نسبة سبع عرض شعيرة إلى ذراع، فإنّ فيها ضرباً من التقريب بعيداً عن حاقّ التحقيق، وإنّما تستقيم لو كان قطر الأرض ألفين وخمسمائة وعشرين فرسخاً، فيؤخذ عرض كلّ شعيرة من شعيرات الذراع سبعة عشر جزءاً ونصف جزء فتصحيح النسبة على ما يقال تقريباً، ويكون التقريب فيها من أخذ ارتفاع أعظم الجبال فرسخين.
ثمّ إذا فرضنا بعضاً من الجبال ارتفاعه قطرها، استبان بما بيّنه اقليدس في خامس عشر ثانية عشر الاُصول، من نسبة الكرة إلى الكرة، كنسبة القطر إلى القطر مثلّثة بالتكرير. وبما بيّنه في ثاني عشر ثانية الاُصول، من أنّ نسبة مكعّب عدد إلى مكعّب آخر، كنسبة العدد إلى العدد الثاني مثلّثة، أنّ نسبة جرم تلك الكرة إلى جرم كرة الأرض، كنسبة الواحد إلى ألف ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف ومائة واثنين وتسعين ألفاً وخمسة واثني عشر.
فإذن فلينظر ماذا هيكل البدن الإنساني بالنسبة إلى جرم كرة الأرض، ثمّ بالنسبة إلى كرات أجرام الأفلاك، ثمّ بالنسبة إلى كبرياء جناب العالم الربوبيّة. فليتدبّر.
وسبيل سياقة التبيان هنالك: أنّه قد استبان بالإرصاد والبراهين في أبواب الأبعاد والأجرام، أنّ بعد زحل (19963) أعني تسعة عشر ألفاً وتسعمائة وثلاثة وستّين، بما به نصف قطر الأرض واحد، وهو المعبّر عنه في اصطلاحهم بالمقياس. وأنّ قطر أعظم كواكب القدر الأوّل من أقطار أقدار ثوابت السنة (98) وسدس، أعني ثمانية وتسعين وسدساً بما به المقياس واحد.
فاذا زيد قطر أعظم الثوابت على أبعد بعد زحل، حصل بعد محدّب فلك الثوابت عن مركز الأرض فهو (20053) وسدس، أعني عشرين ألفاً وثلاثة وخمسين وسدس بما به المقياس، أعني نصف قطر الأرض واحد.
فإذا ضوعف هذا البعد حصل قطر محدّب فلك الثوابت، أعني قطر مقعّر فلك الأقصى في ثلاثة وسبع، وقسّمنا الحاصل على ثلاثمائة وستّين، خرج مقدار درجة واحدة من مقعّر فلك الأقصى، فهو (40106) وثلث، أعني: أربعين ألفاً ومائة وستّة وثلث بما به المقياس واحد.
فإذا ضربنا هذا القطر ـ أي: مقعّر فلك الأقصى في ثلاث وسبع ـ وقسّمنا الحاصل على ثلاثمائة وستّين، خرج مقدار درجة واحدة من مقعّر فلك الأقصى.
وعند غير واحد من أفاخم الحسّاب المحقّقين بعد محدّب كرة الثوابت بالمقياس (70073) ل، أعني سبعين ألفاً وثلاثة وسبعين مثلاً للمقياس. وقطر كرة الثوابت هو قطر كرة مقعّر فلك الأقصى (140147) بالمقياس تقريباً، أعني مائة وأربعين ألفاً ومائة وسبعة وأربعين مثلاً للمقياس.
فإذا ضرب هذا القطر في ثلاثة وسبعة وقسّم الحاصل على ثلاثمائة وستّين خرج مقدار درجة تامّة بالمقياس (12123) ل تقريباً، وأمثالها (934093) أعني تسعة آلاف ألف وثلاثمائة وأربعين ألفاً وثلاثة وتسعين، وهي بالفراسخ (3114364) وثلث، أعني: ثلاثة آلاف ألف ومائة وأربعة عشر ألفاً وثلاثمائة وأربعة وستّون فرسخاً وثلث فرسخ. وإذا حرّكه فلكه الأقصى في أربعة وعشرين ساعة دورة تامّة كاملة، فلا محالة تكون كلّ ساعة مستوية مقدار طلوع خمسة عشر جزء من محيط منطقته، فيكون في ثلث خمس ساعة واحدة مستوية، أي: في أربع دقائق من ساعة واحدة، يقطع بحركته درجة واحدة، أعني: في مقدار من الزمان يقطع فيه دقيقة واحدة من مقعّره، وهو جزء واحد من تسعمائة جزء من ساعة واحدة مستوية يكون ما يقطعه من مقعّر (155718) وسدساً، أعني عدد مائة وخمسة وخمسين ألفاً وسبعمائة وثمانية عشر ميلاً وسدس ميل. وحيث أنّ من المعلوم الممتحن المختبر أنّ من حين ظهور محيط جرم الشمس من الاُفق إلى حين طلوع جرمها بتمامه مقدار ما يعدّ أحد واحد إلى ثلاثين جزء واحد من تسعمائة جزء من ساعة واحدة، يقطع الفلك الأقصى دقيقة واحدة من مقعّره، أعني: مائة وخمسة وخمسين ألفاً وسبعمائة وثمانية عشر ميلاً وسدس ميل، فإذن في جزء من ثلاثين جزءاً من هذا المقدار، أي: مقدار ما يقول أحد «واحد» بإسكان الدال يتحرّك مقعّر فلك الأقصى خمسة آلاف ومائة وستّة وتسعين ميلاً، أي: ألفاً وسبعمائة واثنين وثلاثين فرسخاً. فقد استبان برهان ممّا ادّعيناه، ولم يكن يستبين إلى زمننا على هذا النصاب. الحمد لله ربّ العالمين حقّ حمده.
________________
1. في «ن»: الإختصاص.
2. في «س»: العنايات.
3. في «ن»: تجزع وفي «س»: نجوع.
4. في «ن»: الأجساد.
5. السبع الشداد: ص 100.
6. عوالي اللئالي: 4 / 7.
7. سورة الحجّ: 37.
8. سورة الحجّ: 32.
9. في «س»: مميل.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|