ما يستحب لمن رأى في منامه ما يروعه
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج1/ ص271-276
2025-05-21
779
يستحب لمن رأى في منامه ما يروعه ان يقول : « هو اللّه لا شريك له »[1].
ولمن رأى في منامه ما يكره ، ان يتحوّل عن شقه الذي كان عليه نائما ، ويقول : إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ[2] ، ثم يقول : « أعوذ بما عاذت به ملائكة اللّه المقربون وأنبياء اللّه المرسلون وعباد اللّه الصالحون من شرّ رؤياي التي رأيت أن تضرّني في ديني ودنياي » ثم يتفل على يساره ثلاثا[3].
وفي خبر آخر انه يقول : « أعوذ [ خ . ل : باللّه و ] بما عاذت به ملائكة اللّه المقربون ، وأنبياء اللّه المرسلون ، وعباد اللّه الصالحون ، والأئمّة الراشدون المهدّيون [ خ ل وعباده الصالحون ] ، من شر ما رأيت ، ومن شرّ رؤياي ان تضرّني [ خ . ل في ديني ودنياي ] ومن الشيطان الرجيم » ثم يتفل على يساره ثلاثا[4].
وفي خبر ثالث : يقرأ بعد نحو هذا الدعاء ؛ الحمد والمعوذتين والتوحيد ، ثم يتفل عن يساره ثلاث تفلات[5].
وورد لدفع عاقبة الرؤيا المكروهة ان يسجد بعد الاستيقاظ ، ويثني على اللّه تعالى بما تيسر له من الثناء ، ثم يصلّي على محمد وآله ويتضرّع إلى اللّه ويسأله كفاية الرؤيا المكروهة وسلامة عاقبتها ، فإنه لا يرى لها أثر سوء بفضل اللّه ورحمته .
وقد استفاض أو تواتر النهي عن التحدث برؤيا مكروهة ، لأنه إذا لم يتحدّث بها لم تضرّه ، بل ينفث عن يساره ثلاثا كما في عدة أخبار[6] ، ويتفل كما في عدة أخرى ، ولا يخبر بها أحدا ، بل ليقم وليصل[7].
وورد ان الرؤيا من اللّه والحلم من الشيطان[8] ، وان الرؤيا المكروهة من الشيطان ، اسمه : الدها [ خ . ل : الدهار ] ، يؤذي المؤمنين في نومهم فيريهم ما يغتمّون به[9] وفي خبر آخر : ان لإبليس شيطانا يقال له : الهزع ، يملأ المشرق والمغرب في كل ليلة ، يأتي الناس في المنام[10]. وورد ان سبب الرؤيا المروعة قد يكون أن العبد يكون على معصية اللّه عزّ وجلّ ويريد اللّه به خيرا فيريه في منامه رؤيا تروعه فينزجر بها عن تلك المعصية[11]. وورد ان الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزء من النبوّة [12]، وقيل في تفسيره : انّ مدّة الوحي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من حين بدأ إلى أن ارتحل كان ثلاثا وعشرين سنة ، وكان ستة أشهر منها في أوّل الأمر يوحى إليه في النوم وهو نصف سنة ، فكانت مدّة وحيه في النوم جزء من ستة وأربعين جزء من أيّام الوحي[13]. لكن في رواية أخرى : انّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوّة[14]. وفي ثالثة : انّ رؤيا المؤمن جزء من سبعة وسبعين جزء من النبوّة[15].
وورد انّ رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام من تكلّم به الرب عنده[16]. وقد روي عنهم عليهم السّلام تعبيرات كثيرة ذكرت في البحار ، طوينا الإشارة إلى مضامينها ، لاحتمال ابتنائها على علومهم الإلهية في تلك القضية الخاصة . وذكر أهل التعبيرات أمورا خالية من مستند قويم ، راجعة إلى اجتهادات واستئناسات لا حجة فيها ، من أراد العثور عليها فليراجع كتب التعبيرات .
وقد استفاضت الأخبار بان الرؤيا على ما يفسر ويعبّر ، وان الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبّر فإذا عبرّت وقعت[17]، ويشهد لذلك أيضا ما روي من أن امرأة واحدة رأت رؤيا واحدة ثلاث مرات ، فقصتها مرتين للنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فعبرّها بعود زوجها سالما من السفر ، فصار كما عبرّ ، وقصتها في الثالثة لخبيث ، فعبرها بمجيء خبر موت زوجها ، فصار كما عبرّ[18]. فينبغي عدم بيان الرؤيا المكروهة لأحد كما مرّ ، وبيان الرؤيا الحسنة والمشتبهة لعاقل ديّن فطن محب وادّ عالم ناصح خال من الحسد والبغي ، وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال : ان رؤيا المؤمن ترفّ بين السماء والأرض على رأس صاحبها حتى يعبّرها بنفسه ، أو يعبرها [ له ] مثله ، فإذا عبّرت لزمت الأرض ، فلا تقصّوا رؤياكم إلّا على من يعقل[19]. وفي خبر آخر : لا تقص الرؤيا إلّا على مؤمن خلا من الحسد والبغي[20]. وفي خبر ثالث : لا تقصها إلّا على وادّ لا يحب ان يستقبلك في تفسيرها إلّا بما تحب ، وان لم يكن عالما بالعبارة لم يعجل لك بما يغمك[21]. وفي رابع : إذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلّا ناصحا عالما[22]. وورد أيضا ان الرؤيا المكدرة من الشيطان فلا تحدث به الناس ، والرؤيا الصالحة من اللّه ، فإذا رأى أحدكم فلا يحدث بها إلّا من يجب ، لأن من لا يحبه لا يؤمن ان يعبره حسدا على غير وجهه ، فيغمه أو يكيده بأمر[23].
ثم إنه قد سئل الصادق عليه السّلام عن سبب ان المؤمن قد يرى رؤيا فتصدق رؤياه ، وقد يرى [ رؤيا ] فلا يظهر لها أثر ، فإجاب عليه السّلام - بما معناه - ان المؤمن إذا نام عرج بروحه إلى السماء ، فما يراه في ملكوت السماوات كان في محل التقدير والتدبير ، وكان حقا ويظهر أثره ، وما يراه في الأرض والهواء فهو مضطرب ، فقيل له عليه السّلام : أيعرج بجميع روحه إلى السماء ؟ فقال عليه السّلام : لو كان كذلك لمات ، وإنما الصاعد إلى السماء شعاعها ، كما أن الشمس في السماء وشعاعها في الأرض[24]. وفي خبر آخر : ان اللّه تعالى خلق الروح وجعل لها سلطانا في البدن وسلطانها النفس ، فإذا نام الانسان خرجت الروح من الجسد وعرجت إلى السماء ، وبقي سلطانها في البدن ، فتمر الروح على الملائكة والجن ، فما كانت من رؤيا صادقة فهي من الملائكة ، وما كانت من كاذبة فمن الجن .
وورد ان : رؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار ، وان أصدق ساعات الرؤيا وقت السحر ، وان اسرعها تأويلا رؤيا القيلولة[25].
وقيل : ان رؤيا أوّل الليل يبطؤ تأوليها ، ومن النصف الثاني يسرع ، وان اسرعها تأويلا وقت السحر لا سيما عند طلوع الفجر[26].
وورد : ان رؤيا أول الليل كاذبة لأنه وقت استيلاء الشياطين المتمردين[27].
وان الرؤيا الصادقة هي رؤيا الثلث الأخير من الليل ، فإنه وقت نزول الملائكة ، وأصدقها وقت السحر ، ورؤياه صدق لا تخلف فيها ، إلّا أن يكون صاحبها جنبا ، أو نام بغير وضوء ، أو بغير ما ينبغي من ذكر اللّه تعالى[28].
وروى الصدوق رحمه اللّه في محكي الفقيه عن مولانا الصادق عليه السّلام : ان نوم سادس الشهر ، وسابعه ، وثامنه ، وتاسعه ، وخامس عشره ، وثامن عشره ، وتاسع عشره ، والسابع والعشرين ، والثامن والعشرين ، والثلاثين منه صحيح معتبر ، ونوم رابعه ، وخامسه ، وحادي عشره ، وثاني عشره ، وسادس عشره ، وسابع عشره صحيح يتعوق كرؤيا يوسف عليه السّلام ، ونوم أوله ، وعاشره ، وثالث عشره ، ورابع عشره ، والحادي والعشرين منه ، والخامس والعشرين ، والسادس والعشرين منه ، والتاسع والعشرين منه كذب لا عبرة به ، ونوم الثاني ، والثالث ، والثالث والعشرين ، والرابع والعشرين منه على العكس .
واستفاضت الاخبار عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمة عليهم السّلام بأن من رآهم في المنام فقد رآهم ، لأن الشيطان لا يتمثّل في صورهم ، بل ولا في صورة أحد من شيعتهم[29].
وورد المنع الأكيد من الكذب في الرؤيا ، وإنّ من كذب في منامه يعذّب يوم القيامة حتى يعقد بين شعيرتين وليس بعاقدهما.
وينبغي للمعبّر ان يلاحظ في التعبير المناسبات الزمانية والمكانية والشخصية ، بأن يلتفت مثلا إلى أن النار في الشتاء نعمة ، وفي الصيف غير مطلوبة . . وهكذا .
وورد أنّ أصل خلق الرؤيا للاحتجاج على من انكر المعاد والقيامة والجنة والنار.. ونحو ذلك مما كانوا ينكرونه[30].
[1] مكارم الأخلاق : 340 .
[3] بحار الأنوار : 76 / 218 حديث 24 .
[4] مصباح المتهجد : 88 ، وبحار الأنوار : 76 من الرواية الثانية .
[5] بحار الأنوار : 61 / 188 ، و 218 .
[6] بحار الأنوار : 61 / 191 .
[7] بحار الأنوار : 61 / 192 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 67 .
[8] بحار الأنوار : 61 / 191 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 58 .
[9] بحار الأنوار : 61 / 187 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 52 .
[10] بحار الأنوار : 61 / 159 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 2 .
[11] بحار الأنوار : 61 / 167 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 19 .
[12] بحار الأنوار : 61 / 192 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 68 .
[13] بحار الأنوار : 61 / 178 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 40 ، وذيله نقلا عن الجزري في النهاية .
[14] بحار الأنوار : 61 / 192 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 70 .
[15] بحار الأنوار : 61 / 210 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها .
[16] بحار الأنوار : 61 / 210 باب 44 تفصيل وتعبير .
[17] بحار الأنوار : 61 / 175 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها في ذيل حديث 34 .
[18] روضة الكافي : 8 / 335 حديث 528 .
[19] روضة الكافي : 8 / 336 حديث 529 بلفظه ، عن أبي جعفر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .
[20] روضة الكافي : 8 / 336 حديث 530 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ، بلفظه .
[21] البحار : 61 / 174 في بيان حديث 34 .
[22] بحار الأنوار : 61 / 175 في بيان حديث 34 .
[23] بحار الأنوار : 61 / 174 في بيان حديث 34 .
[24] بحار الأنوار : 61 / 173 في بيان حديث 34 .
[25] بحار الأنوار : 61 / 174 في بيان حديث 34 .
[26] بحار الأنوار : 61 / 195 في ذيل بيان حديث 34 .
[27] بحار الأنوار : 61 / 194 في بيان حديث 34 .
[28] روضة الكافي : 8 / 91 باب حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان حديث 62 .
[29] بحار الأنوار : 61 / 176 باب 44 حقيقة الرؤيا وتعبيرها حديث 36 .
[30] الكافي الروضة : 8 / 90 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان حديث 57 ، بسنده عن أبي الحسن عليه السّلام قال : انّ الأحلام لم تكن فيما مضى في اوّل الخلق وانّما حدثت ، فقلت : وما العلّة في ذلك ؟ فقال : انّ اللّه عزّ ذكره بعث رسولا إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة اللّه وطاعته ، فقالوا : ان فعلنا ذلك فما لنا ؟ فو اللّه ما أنت بأكثرنا مالا ، ولا بأعزّنا عشيرة ، فقال : ان أطعتموني أدخلكم اللّه الجنة ، وان عصيتموني أدخلكم اللّه النار ، فقالوا : لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما ورفاتا ، فازدادوا له تكذيبا وبه استخفافا ، فأحدث اللّه عزّ وجلّ فيهم الأحلام فأتوه فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك ، فقال : ان اللّه عزّ وجلّ أراد ان يحتج عليكم بهذا ، هكذا تكون أرواحكم إذا متّم ، وان بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان .
الاكثر قراءة في أدعية وأذكار
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة