أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-22
1175
التاريخ: 22-12-2016
5874
التاريخ: 18/12/2022
1378
التاريخ: 2024-10-23
271
|
قال تعالى في محكم كتابه : {يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [الفرقان: 28].
عادة ما يكون الإنسان في جميع مراحل حياته من طفولته وحتى شيخوخته بحاجة إلى صحبة الآخرين. فمثلما يشعر المرء بالغبطة والسرور عندما يصاحب رفيقاً مخلصاً ، تجده يتألم من الوحدة ويعاني من افتقاده للصديق المناسب.
إن الصداقة لا تقتصر في أن يأنس الإنسان بصديقه ويفضي إليه ما في قلبه من شجون وهموم مستمداً منه نشاطه وحيويته فحسب، بل إن الصديق قادر على النفوذ في شؤون صديقه المادية والمعنوية والتأثير على معتقداته وأخلاقه وسلوكه كل حسب حجم العلاقة التي تربطه بصديقه.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المرء على دين خليله وقرينه(1).
وروي أن سليمان (عليه السلام) قال : لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا إلى من يصاحب ، فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه وينسب إلى أصحابه وأخدانه(2).
فالصديق المناسب والفاضل يعد ثروة عظيمة يكتسبها الإنسان في حياته وعاملاً من عوامل سعادته. وقد حث أولياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين المسلمين على اختيار الصديق العاقل المؤمن ، وبينوا فوائد هذا الأمر.
ثروة الحياة:
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة ، ألا تسمعون إلى قوله تعالى: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 100، 101].
فالصديق الفاضل الحميم الذي يكون عوناً للإنسان في السراء والضراء له أهميته البالغة في حياة كل إنسان ، وفقده يعدّ من المصائب الكبرى التي تحل به.
قال امير المؤمنين علي (عليه السلام) : من فقد أخاً في الله فكأنما فقد أشرف أعضائه(3).
ورغم أهمية الصديق الناصح الوفي لعامة الناس في مختلف مراحل حياتهم، إلا أنه أكثر أهمية لجيل الشباب، لأن الشاب المقبل على حياة اجتماعية يستطيع من خلال الصديق الفاضل المخلص تعزيز شخصيته وإظهار استعداداته الاجتماعية وإعداد نفسه لخوض نشاطات اجتماعية واسعة في المستقبل
«إن لعلاقات الصداقة خلال فترة الشباب ومرحلة البلوغ دوراً مهما في بناء شخصية الإنسان لما تمنحه من تجارب للطرفين. كما أن هذا النوع من العلاقات يساهم في قيام علاقات صداقة أكثر عقلانية تستند على الود والثقة المتبادلة خلال الكبر. ويعتقد البعض أن لهذا النوع من العلاقات قيمة عظيمة كونها تولد في أعماق الإنسان الشعور بحب الإنسان. وثمة حقيقة لا غبار عليها تقول بأن هذا النوع من العلاقات يدفع بالإنسان إلى تجاهل نفسه قليلاً ، بمعنى أنه يصبح في الحقيقة مدرسة في التضحية»(4).
صحيح أن عدم امتلاك صديق مناسب ورفيق مخلص ودود ، يجعل الإنسان يعاني كثيراً من الحرمان في الدنيا ويتحسر ويندم في الآخرة ، إلا أن الطامة الكبرى هي في مصاحبة رفاق السوء ومعاشرة الفاسدين ، لأن مثل هؤلاء يسعون بإيحاءاتهم الشيطانية إلى تضليل من يصاحبهم وجره نحو الرذيلة والمعصية.
وبعبارة أخرى نقول إن من ليس لديه صديق حميم لا يبلغ بعض النعم ويبقى محروماً مما كان سيبلغه في ظل الصديق ، أما ذلك الذي يقيم علاقة مع رفيق السوء ليس فقط يحرم نفسه من بلوغ الكمال بل إنه يفرط بكمالاته الفطرية وفضائله الطبيعية ، وبالتالي سيعرض نفسه لآلام دنيوية وعقاب أخروي ، وحينما يبتئس ويشقى ويفقد دينه ودنياه يعض على اصابع الندم ويتمنى لو أنه لم يتخذ فلانا خليلا.
قال تعالى : {يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [الفرقان: 28].
لقد حذر أولياء الله (عليهم السلام) في الكثير من خطبهم ورواياتهم من مخاطر رفاق السوء والعلاقات الضارة ، وأكدوا على عدم مجالسة الأشرار ومعاشرة الفاسدين.
قال امير المؤمنين (عليه السلام): واحذر صحابة من يفيل رأيه وينكر عمله ، فإن الصاحب معتبر بصاحبه(5).
وعنه (عليه السلام) : لا تصحب الشرير فإن طبعك يسرق من طبعه شراً وأنت لا تعلم(6).
وعن الصادق (عليه السلام) : من يصحب صاحب السوء لا يسلم(7).
وهنا لا بد من تخصيص جانب من بحثنا هذا لموضوع الصحبة واختيار الصاحب أو الصديق لما لهذا الموضوع من أهمية كبيرة من الناحيتين الدينية والعلمية وتأثيره العميق على سعادة الإنسان في مختلف مراحله أو تعاسته لا سيما في مرحلة الشباب.
تعد مسألة اختيار الصديق الحميم من أكثر المشاكل تعقيداً لجيل الشباب ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، بحيث انها عادت عليهم في بعض الأحيان بويلات لم يكن بمقدورهم تلافيها.
والمشكلة تكمن في ان الإنسان يندفع في شبابه تلقائياً وبصورة طبيعية للبحث عن صديق أو اكثر ممن هم في سنه ليرتبط معهم بعلاقة صداقة قوية ، كما أنه قد يختار أفراداً فاسدين وغير كفوئين أصدقاءً له نتيجة حدّة أحاسيسه وعدم اهتمامه بجانب العقل والمصلحة ، فتكون هذه العلاقة المشؤومة والخطيرة سبباً في شقائه وتعاسته.
لا يحتاج الشاب إلى تشجيع من قبل أبويه أو ترغيب من قبل مربيه ليتكيف مع من هم في سنه أو يرتبط معهم بعلاقة صداقة ، فهو يمتلك جسماً وروحاً سالمين طبيعيين وليس هناك أي نقص عضوي أو عقدة نفسية يعاني منها ، لذا فهو يندفع وبشكل تلقائي نحو البحث عن صديق ليقيم معه علاقة صداقة متينة ممهداً لإقامة علاقات اجتماعية في المستقبل.
«إن ولادة الغريزة الجنسية لدى الشاب هي التي تثير اهتمامه بمن هم في سنه ، فمن جهة تعزز فيه الرغبة في الصحبة وإيجاد من يحفظ له أسراره ، ومن جهة ثانية تثير فيه روح المنافسة.
ورغم أن تفتح الغريزة الجنسية يشكل مقدمة لإقامة علاقات بين الشاب ومن هم في سنه إلا أن هذه الحاجة لا تنحصر فقط بهذه المرحلة، فالشاب ينفصل عن مرحلة ما قبل البلوغ التي تكون فيها غريزته الجنسية خامدة ويتخطى كل ما له علاقة بهذه المرحلة، ليدخل مع تفتح هذه الغريزة في أعماقه عالماً جديداً يستلزم علاقات جديدة.
إن الانفصال عن مرحلة ما قبل البلوغ يصاحبه اضطراب خاص لا يهدأ إلا بإقامة علاقات مع منهم في نفس السن، وهذه العلاقات تصبح فيما بعد مقدمة لعلاقات تخص مرحلة ما بعد البلوغ(8).
____________________________
(1) وسائل الشيعة 4، ص 207.
(2) مستدرك الوسائل 2، ص 62.
(3) غرر الحكم، ص723.
(4) ماذا أعرف ؟ ، البلوغ ، ص 57.
(5) نهج البلاغة الرسالة 69.
(6) شرح ابن أبي الحديد 20، الكلمة 147 ،ص 272.
(7) مستدرك الوسائل 2 ، ص 65.
(8) تجدد حياة الشباب، ص 26.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|