آيات الوقت
المؤلف:
د. السيد مرتضى جمال الدين
المصدر:
فقه القرآن الميسر
الجزء والصفحة:
ص67-69
2023-09-11
1923
اولاً: هل سمى الله أوقات الصلاة في القرآن ؟
من لايحضره الفقيه: قَالَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)- أَخْبِرْنِي عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الصَّلَوَاتِ قَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اللَّيْلِ والنَّهَارِ، قُلْتُ: لَهُ هَلْ سَمَّاهُنَ اللَّهُ وبَيَّنَهُنَّ فِي كِتَابِهِ؟
فَقَالَ: نَعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ لِنَبِيِّهِ (صلى الله عليه واله وسلم) – {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء :78 ] ودُلُوكُهَا زَوَالُهَا فَفِيمَا بَيْنَ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ سَمَّاهُنَّ اللَّهُ وبَيَّنَهُنَّ ووَقَّتَهُنَّ وغَسَقُ اللَّيْلِ انْتِصَافُهُ ثُمَّ قَالَ {وَقُرْآنَ الْفَجْر إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهوداً }فَهَذِهِ الْخَامِسَةُ وقَالَ فِي ذَلِكَ- {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وطَرَفَاهُ الْمَغْرِبُ وَالْغَدَاةُ وزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} [هود : 114 ] وهِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وقَالَ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الْوُسْطى وهِيَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وهِيَ أَو لُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا- رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه واله وسلم) وهِيَ وَسَطُ صَلَاتَيْنِ بِالنَّهَار صَلَاةِ الْغَدَاةِ وصَلَاةِ الْعَصْرِ[1].
الآية الاولى:{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهوداً } [الإسراء :78 ]
الآية الثانية: {وأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرين} [هود:114]
الآية الثالثة: {فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ * ولَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُون}[الروم: 17-18]
ثانيا: دلالة النص وتشخيص المصاديق:
وفي ما يلي بيان الشبهة المفهومية والشبهة الموضوعية بتفسير الراسخين في العلم فتحول المتشابه الى محكم ببركة الراسخين في العلم فيكون محكما راسخي .
أما دلالة النص فهي:
اقام الصلاة: عبارة عن الاتيان بها.
الدلوك: دلوكها اي زوالها عن كبد السماء وهو المروي عن ائمتنا، واشتقاقها من الدلك لان الانسان يدلك عينه عند النظر اليها .
الغسق: شدة الظلمة وهو يكون عند انتصاف الليل .
قرآن الفجر: القرآن في اللغة بمعنى القراءة والمراد به هنا صلاة الفجر من باب تسمية الشيء باسم جزئه وهذا المعنى ورد عن لسان الشرع .
مشهودا: اي تشهده ملائكة الليل والنهار.
طرفي النهار: وطَرَفَاهُ الْمَغْرِبُ والْغَدَاةُ (الصبح ) .
وزلفا من الليل: وزلفة هي القربى وهِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ.
وقوله {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}، التسبيح دلالة على الصلاة وهو من باب تسمية الشيء بجزئه ومفسر بإجماع المفسرين بالصلوات الخمس، لان قوله {حِينَ تُمْسُونَ} يعني المغرب والعشاء الآخرة، و{وَحِينَ تُصْبِحُونَ} يعنى الصبح، و{وَعَشِيّاً} يعنى العصر، و{وَحِينَ تُظْهِرُونَ} الظهر.
وأما موضوعها الخارجي فهو بيان أوقات الصلوات الخمسة وقد حددت بثلاث اوقات رئيسية مما يدلل على جواز الجمع بين الصلاتين، الظهرين والعشاءين.
ثالثا: لماذا اختار الله جل وعلا هذه الاوقات ؟
المحاسن: عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ أَبُوعَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) جَاءَ نَفَرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه واله وسلم) فَقَالُوا ... يَا مُحَمَّدُ وأَخْبِرْنَا لِأَيِّ شَيْءٍ وَقَّتَ اللَّهُ الصَّلَاةَ فِي خَمْسِ مَوَاقِيتَ عَلَى أُمَّتِكَ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ والنَّهَارِ؟
قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه واله وسلم) : إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا صَارَتْ فِي الْجَو عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ لَهَا حَلْقَةٌ تَدْخُلُ فِيهَا فَإِذَا دَخَلَتْ فِيهَا زَالَتْ فَسَبَّحَ كُلُّ شَيْءٍ مَا دُونَ الْعَرْشِ لِوَجْهِ رَبِّي وهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يُصَلَّى فِيهَا عَلَى رَبِّي فَافْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ وعَلَى أُمَّتِي فِيهَا الصَّلَاةَ وَقَالَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يُؤْتَى فِيهَا بِجَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وُفِّقَ لَهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَنْ يَقُومَ أَو يَسْجُدَ أَو يَرْكَعَ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ.
وأَمَّا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ وأَمَرَ ذُرِّيَّتَهُ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ واخْتَارَهَا لِأُمَّتِي فَهِيَ أَحَبُّ الصَّلَوَاتِ إِلَى اللَّهِ وأَو صَانِي رَبِّي أَنْ أَحْفَظَهَا مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ، وأَمَّا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ وكَانَ بَيْنَ مَا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ وبَيْنَ مَا تَابَ عَلَيْهِ ثَلَاثُ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا ويَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ أَلْفُ سَنَةٍ وكَانَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْعِشَاءِ فَصَلَّى آدَمُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ رَكْعَةً لِخَطِيئَتِهِ ورَكْعَةً لِخَطِيئَةِ حَوَّاءَ ورَكْعَةً لِتَوْبَتِهِ فَافْتَرَضَ اللَّهُ هَذِهِ الثَّلَاثَ الرَّكَعَاتِ عَلَى أُمَّتِي وهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ وَوَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يَسْتَجِيبَ لِمَنْ دَعَاهُ فِيهَا بِالدُّعَاءِ وهِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي أَمَرَنِي رَبِّي بِهَا فَقَالَ فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ.
وأَمَّا صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ لِلْقَبْرِ ظُلْمَةً ولِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ظُلْمَةً أَمَرَنِي اللَّهُ وأُمَّتِي بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِيُنَوَّرَ الْقَبْرُ والصِّرَاطُ ومَا مِنْ قَدَمٍ مَشَتْ إِلَى صَلَاةِ الْعَتَمَةِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ صَاحِبَهَا عَلَى النَّارِ وهِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ لِلْمُرْسَلِينَ قَبْلِي، وأَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ فَإِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَطْلُعُ عَلَى قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَأَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أُصَلِّيَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ صَلَاةَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا الْكُفَّارُ فَتَسْجُدُ أُمَّتِي لِلَّهِ وسُرْعَتُهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وهِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي تَشْهَدُ لَهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ ومَلَائِكَةُ النَّهَار[2].
{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهوداً } [الإسراء :78 ]
وعنه عن ابن مسكان عن الحلبى وغيره عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال:
أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ قال دلوك الشمس زوال النهار من نصفه، وغسق الليل زوال الليل من نصفه، قال ففرض فيما بين هذين الوقتين أربع صلوات، ثم قال وقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهوداً يعنى صلوة الغداة يجتمع فيها حرس الليل والنهار من الملئكة[3].
فهذه خمس صلوات بأوقاتها .
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }[هود: 114 ]
تفسير القمي: وقوله {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ } الغداة والمغرب، {وزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} العشاء الآخرة، {إِنَ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} فإن صلاة المؤمنين في الليل- تذهب ما عملوا بالنهار من السيئات والذنوب [4].
وقال الله في كتابه: {إِنَ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} قال: قال: صلاة الليل تذهب بذنوب النهار، وقال يذهب بما جرحتم.
{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}[ الروم: 17] {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18]
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ ولَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ لَمْ يَفُتْهُ خَيْرٌ يَكُونُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وصُرِفَ عَنْهُ جَمِيعُ شَرِّهَا ومَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَفُتْهُ خَيْرٌ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وصُرِفَ عَنْهُ جَمِيعُ شَرِّهِ[5].
رابعا: فقهيات الآيات
اذا عرفنا ذلك فهنا فوائد:
- وجوب أقامة الصلاة عند دخول وقتها فمن صلى قبل دخول الوقت فلا صلاة له .
- الدلالة على سعة اوقات هذه الصلوات على الاجمال وعليه عمل الامامية ونفى كثير من المخالفين المواسعة .
- الظاهر منها اشتراك الفرضين كالظهر والعصر، والمغرب والعشاء حيث ذكرت الآية ثلاث اوقات وعليه رواية عبيد بن زرارة حيث يختص اول الوقت بأداء الظهر واخر الوقت بأداء العصر والوقت بينهما مشترك وضم اليها صلاة الصبح المدلول عليها ب( قرآن الفجر) .
- (فسبحان الله) التسبيح هو الصلاة وهو من باب تسمية الشيء بجزئه كما في (قرآن الفجر) دلالة على صلاة الفجر.
[1] من لا يحضره الفقيه، ج1، ص: 196،ح600
[2] المحاسن، ج2، ص: 323،ح62
[3] الأصول الستة عشر (ط - دار الشبستري)، المتن، ص: 149
مختصر اصل علاء بن رزين
[4] تفسير القمي، ج1، ص: 339
[5] ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، النص، ص: 166
الاكثر قراءة في العبادات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة