أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-11-2014
4241
التاريخ: 12-10-2014
2418
التاريخ: 2024-10-27
68
التاريخ: 2023-04-03
1200
|
الفطرة التوحيدية
قال تعالى : {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 22].
من وجهة نظر القرآن الكريم فإن للإنسان علمين؛ أحدهما فطري، والآخر اكتسابي. وهو يقول في العلم الفطري، وهو الأصيل بينهما: لقد خلقكم الله برأسمال الفطرة التوحيدية: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]. كما ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (وجابل القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها)(1)؛ أي ان الله تعالى قد خلق قلوب جميع أهل السعادة وأهل الشقاء على الفطرة الجبلية. أما بخصوص العلم الاكتسابي، وهو التبع، فيقول: لقد جعل الله لكم بصراً وسمعاً كي تتعلموا العلم من خارج وجودكم؛ ولكن حاذوا من أن تزاحم ذخائر هذا السمع وهذا البصر العلم الفطري الأصيل: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78].
إنه ما من إنسان خلق محايداً بالنسبة للتوحيد والشرك، بل خلق البشر براس مال علمي الا وهو الفطرة التوحيدية، وما الشرك إلا امر مفروض يأتي ليغتصب بلاد الفطرة التوحيدية، وإن هذا الفرض للشرك على الفطرة التوحيدية لظلم عظيم: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. يقول القرآن الكريم بخصوص المشركين والكفار: {وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [آل عمران: 117] ؛ وذلك لأنهم يدفنون فطرتهم التوحيدية بين أغراضهم وغرائزهم، ويبذرون بذر الشرك في قلوبهم. وهذا ظلم في حق الفطرة.
من هذا المنطلق، فقد بعث الأنبياء لكي يوقظوا الفطرة التوحيدية عند الإنسان، ويوصلوها إلى مرحلة الازدهار. لهذا نجد أن القرآن الكريم يقول في عبدة الأوثان الذين حطم إبراهيم الخليل (عليه السلام)أصنامهم: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأنبياء: 64] ؛ فثمرة تحطيم إبراهيم (عليه السلام)للأصنام هي رجوع الناس إلى فطرتهم التوحيدية، ولما كانت عبادة أي شيء عدا الله والميل نحوه هي عبادة أصنام، وإن كانت مستورة وخفية، فإنه يتعين على الإنسان أن يحطم أصنام الهوى، والجاه، والألقاب، وأمثالها بفأس العبادة الخالصة لله، حتى لا يشمله قوله تعالى: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأنبياء: 67].
يقول الله عز وجل في آخر الآية مورد البحث: (وأنتم تعلمون)؛ أي: هذا وإنكم تنالون التوحيد الربوبي وتدركون ضرورة عبادة لرب الخالق من خلال نداء التوحيد. هذه الجملة إما ان تكون خطابا للمشركين فهو يقول لهم: «إنكم تعلمون ان خالق هذا النظام الكوني هو الله، فلماذا تعبدون غيره؟» فالتوحيد في الخلقة يستلزم التوحيد في العبادة أيضا وإما أنه خطاب موجه لجميع البشر؛ ومعناه: إن البشر أجمع إذا رجعوا إلى فطرتهم فسوف يدركون أن لهم خالقاً، وأن عليهم عبادة الخالق.
تنويه: إن مفاد الآية محط البحث و الآية السابقة لها، هو توحيد الله في العبادة، والربوبية، والخالقية. هاتان الآيتان هما بمثابة «موعظة» للمؤمنين المعتقدين بهذه العقائد، لكنهم قد يقصرون أحياناً في الالتفات إليها، وهي من قبيل «الجدال بالتي هي أحسن» بالنسبة للمشركين المنكرين للتوحيد الربوبي والمبتلين بالشرك العبادي فحسب، وإن كانوا يقبلون بالتوحيد الخالقي، وهي «برهان» للملحدين؛ لأن الملحدين إذا تمعنوا في معاني الآيتين المذكورتين فسوف لا يكون أمامهم إلا التصديق بخالقية الله، فيتعين عليهم، تبعا لذلك، الاعتراف بالربوبية المطلقة للخالق وأن يعبدوه هو وحده.
وعلى الرغم من أن مفاد هاتين الآيتين هو البرهان على التوحيد الربوبي؛ إذ أن مخاطبيهما الأوائل كانوا جماعة لم يكن لديهم شك في أصل وجود الخالق، إلا أنه من الممكن لمثل هذه البراهين، من خلال تقربها الخاص، أن تشكل دليلا متقناً لإثبات أصل الخالق أيضاً.
____________________
1. نهج البلاغة، الخطبة 72.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|