أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-5-2021
1815
التاريخ: 2023-09-10
661
التاريخ: 2023-09-12
798
التاريخ: 2023-06-04
976
|
يواصل كوبرنيكوس كلامه قائلا: ليس «العالم» فقط هو الكروي، ولكن الأرض أيضًا كذلك.
(لقد سبقه بطليموس وأرسطو في القول بذلك، ثم عاد العلامة المسلم البيروني وأعاد ذكرها عام 1025 ميلاديا، مستشهدًا بآيات القرآن كدليل عليها. فمن قالها أولا؟ في رأي أناكسيماندر كان الكون كرويا والأرض أسطوانة بداخله؛ لأنه على هذا النحو كان في استطاعتها أن تلعب دور محور الكون. وجاء أناكسيمينيس من بعده ليستنتج أن الشمس والقمر والنجوم كانت كتلا نارية متحجرة مصدرها أنفاس كوكبنا الأرضي؛ لا ريب أنها تجمدت بالتأكيد على هيئة بلورية. وأطاع زينوفان الحس السليم وزعم أن الأرض مسطحة تمامًا. وقرر بارمنيدس وأتباع فيثاغورس أن الأرض كروية، غير أنهم لم يقنعوا بقيتنا؛ أما ديموقريطس فأصر على أنها قرص. غير أنه بحلول القرن الرابع قبل الميلاد أكد معظم الفلاسفة الإغريق – مثلما فعل كوبرنيكوس – على أن الأرض كروية داخل «عالم» كروي.)
ونحن الآن نعلم أن الأرض في واقع الأمر أشبه بثمرة كمثرى (هكذا علموني وأنا طفل)، أو على هيئة برتقالة (هكذا وصفها هيرشل)، غير أن هذا ليس سوى خلاف تافه في المصطلحات، أو حسبما اعتبره كوبرنيكوس تشوه مظهري (يقول كتاب حساب المثلثات الذي كنت أدرسه في المرحلة الثانوية، المنشور عام 1954: «لإيجاد البعد بين نقطتين واتجاه إحدى النقطتين بالنسبة للأخرى، نفترض أن الأرض كروية ونصف قطرها 3960 ميلا»). وعودة إلى ما نعلمه جميعًا: الكمال لله وحده. إن أشكال الأجرام السماوية تامة، والكرة تفوقها جميعًا من حيث الكمال. لا بأس. فمن العالم المسطّح الذي نادى به الحس السليم إلى عالم بطليموس وكوبرنيكوس الكروي هذا تقدم هائل. وكوكبنا على أي حال، كروي، بهامش خطأ مقداره عشر درجات! «لو أنني تمكنت من إجراء حساباتي بحيث تتفق نتائجها مع الحقيقة في نطاق خطأ لا يزيد على عشر درجات، لوجب علي أن أطير فرحا مثلما فعل فيثاغورس بالتأكيد عقب اكتشافه لقاعدته الشهيرة.»
كيف يبرر كوبرنيكوس استدارة الأرض؟ كان من بين براهينه التي استمعت إليها وأنا تلميذ في المرحلة الابتدائية بينما نحن نشاهد سفينة وهي تقلع نحو عرض البحر، نجد أن العلم المثلث الشكل الذي يعلو صاريها يظل مرئياً لنا بعد أن تكون السفينة ذاتها قد اختفت عن الأنظار وراء الأفق، وبعدها يغرب عن أنظارنا مثلما تغرب الشمس. كيف أمكن حصول ذلك لو لم تكن الأرض تنحني لأسفل بالنسبة لنا من جميع الاتجاهات؟ إن النزعة التجريبية التي من هذا النوع تظل مقبولة لنا أكثر من كونها أمرًا لا سبيل إلى إنكاره. على سبيل المثال (بصرف النظر عن الظواهر الفيزيائية والفلكية المختلفة) ربما اعتبر المرء غروب السفن عن الأنظار دليلًا على «تقعُر» الأرض، وفي هذه الحالة فإن الزاوية المتغيرة للسفينة قد تزيد من البروز الظاهري للصاري، وهو احتمال، مع أنه يبدو واهنا لنا، فقد تكبد بطليموس مشقة كبيرة ليثبت عكسه.
هناك مشاهدات أخرى تؤيد استدارة الأرض. قبل زمن هيرشل – بل ولعله قبل زمن بطليموس – كان القطر الزاوي للأفق المرئي يقاس بواسطة آلة بسيطة تسمى «القطاع الغاطس»، وكانت القيمة الناتجة عن القياس من أعلى قمة جبل أقل من القيمة الناتجة عند الوقوف عند مستوى سطح البحر. أو بعبارة أخرى، كلما ارتفعنا لأعلى، كان انحناء الأفق لأسفل من حولنا أكثر وضوحًا.
غير أن تلك البيانات لم تؤد إلا إلى استدلالات منطقية، لا إلى يقين إدراكي. وأيدت المشاهدات في نهاية المطاف ما ورد في كتاب «عن دورات الأجرام السماوية»؛ بعدها إما بـ 391 أو392 عاما، إن شئنا الدقة؛ إذ إننا اضطررنا للانتظار حتى عام 1934 أو1935 إلى أن سُجِّلت صورة (على فيلم يلتقط الأشعة تحت الحمراء) من بالون ما وصل إلى طبقة الستراتوسفير وحلق على ارتفاع بلغ 22066 كيلومترًا؛ كي يبين لنا أن الأرض بالفعل مستديرة على هيئة كرة كل هذا عزَّز من تقدير السابقين على كوبرنيكوس الذين توصلوا إلى هذا الاستنتاج على نحو منطقي.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|