المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6237 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



شرح (يا إلٰهي وسَيِّدي وَمَوْلايَ ومَالِكَ رِقِّي ...إلى آخر الدعاء).  
  
1540   10:15 صباحاً   التاريخ: 2023-08-10
المؤلف : السيّد عبد الأعلى السبزواري.
الكتاب أو المصدر : شرح دعاء كميل.
الجزء والصفحة : ص 189 ـ 204.
القسم : الاخلاق و الادعية / أدعية وأذكار /

(يا إلٰهي وسَيِّدي وَمَوْلايَ ومَالِكَ رِقِّي):

الرِقّ: العبدية ـ بكسر الراء ـ خلاف الحرية.

(يا مَن بيده ناصيتي):

الناصية: شعر مقدّم الرأس فوق الجبهة، والمراد بها هنا وكذا في قوله تعالى: {مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}: المهجة، أي مهجتي بيد قدرته.

(يَا عَلِيماً بِضُرِّي وَمَسْكَنَتِي): قد مرّ معنى الضرّ والمسكنة.

(يا خَبِيراً بِفَقْرِي وَفَاقَتِي): نصب المنادى فيهما علىٰ أنّه نكرة في اللفظ لا في المعنى.

و«الخبير» من أسمائه تعالى، وهو بمعنى العالم بما كان وما يكون، لا يعزب عنه شيء ولا يفوته أحد؛ إذ قد مرّ أن علمه تعالى فعلي حضوري، وهو وجودات الأشياء وحضورها عنده تعالى، فكيف يعزب عن علمه شيء أو يفوته أحد؟!

(يا ربِّ يا ربِّ أَسْألُكَ بِحَقِّكَ): علىٰ ذاتك وعلى عبادك.

(وَقُدْسِكَ): وبحقّ قدسك وتنزّهك.

(وَأعْظَمِ صِفاتِكَ وَأسْمائِكَ): وبحقّ أعظم صفاتك، وهو صفة الرحمانية والرازقية التي كانت مسبوقة بالعلم والحياة والقدرة والإرادة.

بيان أعظم الصفات:

قيل: أعظم صفاته القيّومية... وقيل: أعظم صفاته هو صفة وجوب الوجود، إذ جميع الصفات الحقيقية ترجع إليها، وهو ـ أي وجوب الوجود ـ تأكّد الوجود وشدّة النورية، والصفات الحقيقية هي الصفات المحضة كالوجوب والحياة ومبادئ الصفات الإضافية، كالعلم فإنه مبدأ صفة العالمية، والقدرة فإنها مبدأ صفة القادرية، والإرادة فإنّها مبدأ صفة المريدة، جميعها عين ذاته تعالى وليست زائدة علىٰ ذاته كما زعمته الأشاعرة (1)، وإلّا يلزم تعدد القدماء، ولا الذات نائبة منابها كما زعمته المعتزلة (2)؛ لأنّ حقيقة الصفات فيه تعالى ولا يصح سلبها عنه؛ إذ كما مرّ في القدرة للصفات مراتب، ومرتبة منها ذات مستقلة واجبة.

والبرهان علىٰ عينيّة الصفة الحقيقيّة ومبادئ الصفات الإضافيّة كما قال الحكماء (3) العظام: أنّه لو لم تكن عين الذات يلزم أن تكون ذاته تعالى من جهة واحدة فاعلة وقابلة، وهو محال، ولم يكن بذاته مستحقّاً لحمل «عالم» و«قادر» و«خالق» وغيرها، بل يكون عالماً بالعلم وقادراً بالقدرة، وهكذا.

وبيان الملازمة: أنّه علىٰ تقدير الزيادة كان ذاته في مرتبة ذاته عارية عن الكمال، فكان له إمكانه، والإمكان إذا كان موضوعه أمراً تعملي كالماهية من حيث هي كان ذاتياً، وأما إذا كان أمراً واقعياً كالمادة كان استعدادياً، والموضوع هنا عين الوجود الصرف. فالخلوّ عن الكمال ليس بمجرّد كما في الماهية، بل أمر واقعي، فالإمكان استعدادي، وحامل الاستعداد والقوة مادة، والمادة تلازم الصورة، والمركب من المادة والصورة جسم، تعالى عن الجسميّة علوّاً كبيراً. والأحاديث في هذا الباب ـ أي عدم الزيادة ـ كثيرة.

(أنْ تَجْعَلَ أوْقاتِي فِي اللَّيلِ وَالنَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً):

قال تعالى في الحديث القدسي لموسى عليه ‌السلام: (يا موسىٰ اذكرني، فإنّ ذكري حسن علىٰ كلّ حال) أي علىٰ كل الأحوال والأوضاع، قائماً كان أو قاعداً، راكعاً كان الذاكر أو ساجداً، مستلقياً كان أو منبطحاً أو مضطجعاً، وسواء كان الذاكر علىٰ الطهارة أو علىٰ القذارة، في المسجد كان أو في الحمام، والسوق أو في الخلاء والملاء، ففي كل حال ذكره مستحسن، ولذا قال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}.

وقد ذكر في مواضع من القرآن ذكره تعالى مقروناً بلفظ الكثرة، وأمر عباده بكثرة التذكر، إشعاراً بأنّ كثرة تذكّره يطرد الشيطان عن نفس الإنسان، ويقرّبه إلىٰ الرحمن المعمورة: خلاف الخروبة...

(وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً):

أي تجعل أوقاتي في الليل والنهار بخدمتك موصولة ومتصلة...

أي متصلة الأسناد، بحيث لم يفصل بين أكابر غير الوزير أحد.

(وَأعْمالِي عِنْدَكَ مَقْبوُلَةً):

يريد أن توفقني لأن أعمل عملاً تقبله في الغابر، فخير الأعمال وأحسنها وأشرفها طاعة الله تعالى، فإنها جُنّة ووقاية من امتصاص النيران،

كما ورد: (إنّ طاعة الله حرز من أوار نيران موقدة).

 وفي الحديث أيضاً: (ما من صلاة يحضر وقتها إلّا ونادى ملك بين يدي الناس:

 قوموا إلی نيرانكم التي أوقدتموها وراء ظهوركم فأطفئوها بصلاتكم).

(حَتّىٰ تَكُونَ أعْمِالي وَأوْرادِي كُلُّها وِرْداً واحِداً):

الوِرد ـ بالكسر ـ الخير، والجمع: أوراد.

(وَحَالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَداً):

السرمد ـ كفرقد ـ: الدائم المستمر الذي لا ينقطع.

(يَا سَيِّدِي يا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلِي):

أي معتمدي، مصدر ميمي من التعويل أي الاعتماد.

(يا مَنْ إليهِ): لا إلىٰ غيره.

(شَكَوْتُ أحْوالِي):

قد مرّ الكلام في الشكوى.

(يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ، قوِّ):

أمرٌ من التقوية.

(عَلَىٰ خِدْمَتِكَ جَوارِحِي، وَاشْدُدْ):

أمرٌ من: شدّه يشدّه، إذا قوّاه.

(عَلىٰ العَزِيمَةِ جَوانِحِي):

العزيمة: القصد علىٰ الفعل أو ما قبله.

واعلم أنّ الإنسان إذا أراد أن يفعل أمراً يتصوّره أولاً، ثم يصدّق بفائدته تصديقاً ظنياً أو تخيّلياً أو يقينياً، أنّ فيه منفعة أو محمدة أو صلاحاً، وبالجملة: خيراً ما من الخيرات بالقياس إلىٰ جوهر ذاته، فينبعث من القوة الشوقية لذلك شوق إلىٰ ذلك الأمر، ويصير الشوق بعد الجزم عزماً وعزيمة، وإذا حصل العزم يصير قصداً، فالقصد كان الجزء الأخير الذي لا يتخلف عنه التحرك والفعل، فالعزيمة ما قبل القصد.

ولعل السائل لم يفرق بينهما وأراد منها القصد.

والجوانح: جمع الجانحة، وهي الضلع مما يلي الصدر.

(وَهَبْ لِيَ الجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ):

أي أعطني الجِدّ، وهو بالكسر: الاجتهاد في الأمر، خلاف التقصير.

الخشية والخوف بمعنىً واحد.

يريد السائل: أعطني توفيق تحصيل العلوم والمعارف، وقضاء الطاعات حقها، حتىٰ يحصل لي حق خشيتك، إذ بالعلم والعمل يحصل الخشية من الله تعالى كما قال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.

وفي الحديث: (أعلمكم بالله أخشاكم من الله).

وفي دعاء الصباح: (مَن ذا يعرف قدرتك فلا يخافك، ومن ذا يعلم ما أنت فلا يهابك).

(وَالدَّوامُ في الاتّصالِ بِخِدْمَتِكَ):

أي هب لي المداومة في خدمتك، يعني: وفقني لأن أصرف جميع عمري في

العبادة. والباء بمعنى: في.

(حَتّىٰ أسْرَحَ إلَيْكَ في مَيادِينِ السّابِقِينَ):

أسرح: أي أسير وأمشي إلىٰ طلبك وطلب القربة عندك، بالتخلق بأخلاقك، والاتصاف بصفاتك، إذ ليس القرب منه تعالى بالقرب الذاتي والزماني والمكاني؛ ولا القرب الرتبي؛ لأن جميع تلك القربات ما يتحقق بين شيئين أصليين، لا بين شيئين أحدهما هو الشيء بحقيقة الشيئية ووجوبها وتأكدها، والآخر هو الشيء بمجاز الشيئية وضعفها وإمكانها، كما في الحق تعالى ومخلوقه، فإن اثني نيتهما كأنينيه العكس مع العاكس، والنور مع الظل والفيء.

ومعلوم أن العكس والظل والفيء ليست أشياء علىٰ حيالها، بل وجودها بوجود العاكس والنور.

ميادين: جمع «ميدان»، وهو مكان التحرك والجولان، ماد الشيء يميد ميداً ـ من باب باع ـ وميداناً، إذا تحرك.

أراد أهل البيت عليهم ‌السلام؛ لأنّهم سفن النجاة وسفّان السفينة، كما قال صلى ‌الله‌ عليه وآله: (مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من تمسّك بهم نجا، ومن تخلّف عنهم غرق).

والمراد بالسابقين: هم الأنبياء والأوصياء الذين ساروا إلى الله تعالى من الدنيا كالبرق الخاطف، كما ورد: أنّ من النفوس يمرّون علىٰ الصراط كالبرق الخاطف.

وقال صلى ‌الله ‌عليه وآله: (سيروا فقد سبق المفرّدون)، وقال: (جزأناها وهي خامدة).

(وَاُسْرِعَ إلَيْكَ فِي المُبادِرِينَ):

السرعة: نقيض البطء، يقال: عجبت من سرعة فلان، أي من عجلته، وفلان أسرعَ في السير: أي خفَّ.

المبادرة: المسابقة، كقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا}.

والمبادرين: المسابقين في العلم والعمل، وهم الذين سبقت من الله فيهم الحسنىٰ، قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}.

(وَأشْتاقَ إلىٰ قُرْبِكَ فِي المُشْتاقِينَ): أي حتى أشتاق.

الاشتياق: منازعة النفس إلىٰ الشيء.

والفرق بين الشوق والعشق: أن الشوق وجدان وفقدان، بخلاف العشق، فإنه تأكد ميل النفس إلىٰ الشيء المحبوب.

وعن الغزالي:

معنى كون الشيء محبوباً هو ميل النفس إليه، فإن قوي الميل سُمّي عشقاً.

وقال جالينوس: العشق من فعل النفس، وهي كامنة في الدماغ والقلب والكبد، فالسائل المشتاق إلىٰ الله تعالى حصل له من القرب شيء، ويطلب أشياء اُخر لم تحصل له بعد.

(وَأدْنُو مِنْكَ دُنُوَّ المُخْلِصِينَ): أي أقرب منك نوع قرب المخلصين.

المخلص ـ بكسر اللام ـ: من أخلص لله في العلم والعمل والمحبة والعشق، وبالفتح: هو من أفنى نفسه في محبة الله وعشقه. ولعل الثاني مراد السائل، لأنه لم يحصل له بُعدٌ يطلبه من الله تعالى أن يرزقه.

(وَأخَافَكَ مَخافَةُ المُوقِنِينَ):

الموقن: من أيقن بالله، سواء كان بالعلم والبرهان، أو بالشهود أو العيان، وبالتحقق بحقيقة الإيمان. والإيقان: المصدر للنوع، أي نوع مخافة الموقنين.

(وَأجْتَمِعَ فِي جِوارِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ):

الجوار ـ بالكسر ـ: مصدر جاورت فلاناً، إذا لاصقته في المسكن.

وهنا المراد: جوار عباده تعالى وأوليائه؛ إذ مجاورتهم مجاورة الله تعالى، كما في حديث العامة: من أراد أن يجلس مع الله فليجلس مع أهل التصوف.

(اللهمَّ وَمَنْ أرادَنِي بِسُوءٍ فَأرِدْهُ):

الإرادة هنا: القصد علىٰ الفعل، لا بمعنى المشيئة والمحبة، أي مَن قصد إليّ بالسوء والخيانة فأرده واقصده به.

(وَمَنْ كادنَي): بالسوء والأذى.

(فَكِدْهُ):

كلاهما فعل المقاربة، أي مَن قرب منّي بسوء فأقرب منه بالجزاء والمكافأة، لأني قد فوضت أمري إليك، وأنت بصير بعبادك، عليم بأقوالهم وأفعالهم، خبير بنياتهم وأحوالهم.

(وَاجْعَلْنِي مِنْ أحَسْنِ عِبادِكَ نَصِيباً عِنْدَكَ):

أحسن عباده تعالى وأكرمهم: هو المتقي بتقوى الأخص، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ}.

وإنما قلنا: تقوى الأخص، إذ مراتب التقى كمراتب التوبة، ثلاثة: تقوى العام، وتقوى الخاص، وتقوى الأخص.

الأول: هو الاجتناب عن المحرمات، وهو تقوى العوام.

والثاني: هو الاجتناب عن الحلال، إلّا بقدر الذريعة والبلغة إلىٰ الآخرة، وهو تقوى الخواص.

والثالث: هو الاجتناب عمّا سوى الله، وهو تقوى الأخصين الذين قسطهم وقسمتهم من الله تعالى هو حق اليقين.

(وَأقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ):

أي أقربهم درجة عندك.

والمنزلة: هي مقام النزول.

(وَأخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ):

الزلفة والزلفى: القربى والمنزلة عنده تعالى.

(فإنَّهُ): أي أحسن عبادك وأقربهم وأخصهم.

(لا يُنالُ ذألك):

النصيب والمنزلة والزلفة.

النيل: الوصول إلىٰ الشيء.

(إلّا بِفَضْلِكَ) وموهبتك.

(وَجُدْ لِيْ بِجُودِكَ وَاعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ):

المجد: هو الشرف الواسع المنيع عند العرب، ومنه قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ}.

العطوفة: الشفقة.

(واحْفَظَنِي بِرَحْمَتِكَ، وَاجْعَلْ لِسانِي بِذِكْرِكَ لَهِجاً):

أي ناطقاً، مولعاً في النطق بذكرك.

(وَقَلْبي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً):

أي عاشقاً متذلّلاً.

(وَمُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنٍ إجابَتِكَ):

أمرٌ من المنّة، أي أنعم عليّ.

وحسن الإجابة:

سرعة قضاء الحاجات، واستيفاء جميع المثالات، وإعطاء الجميع إلىٰ السائل.

(وَأقِلْني عَثْرَتِي):

أي أزل عنّي ذنوبي واعفها منّي، من الإقالة.

(وَاغْفِرْ لِي زَلَّتي):

أي خطيئتي، من: زلّ قدمه وزلّت، إذا زلقت.

المراد هنا: الذنب.

(فَإنّكَ قَضَيْتَ عَلَىٰ عِبادِكَ بِعِبادَتِكَ): الفاء للسببية.

ومراد السائل: أنّ ما صار سبباً لدعواتي ومسألتاي واستدعيت قضاءها عن الله تعالى، وهو حكمه علىٰ عباده بعبادته وطاعته، كما قال في كتابه المجيد: {وقضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ}، وقال: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}.

(وَأمَرْتهُمْ بِدُعائِكَ) كما قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.

(وَضَمِنْتَ لَهُمُ الإجابةَ):

الضمانة: الكفالة.

(فَإلَيْكَ يَا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي):

تقديم الظرف لقصد الحصر، أي إليك لا إلىٰ غيرك.

والنصب: الاستقامة، وهنا المراد، ارتفاع اليدين، ومحاذاة الوجه إلىٰ السماء حين الدعاء، كما قال تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه وآله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} أي إذا فرغت عن الصلاة فانصب إلىٰ ربكّ في الدعاء.

(وَإلَيْكَ مَدَدْتُ يَدِي):

مددت: أي بسطت ورفعت، قدّم الظرف أيضاً للحصر.

(فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لِي دُعائِي) الباء للقسم.

(وَبَلِغِنْي مُنايَ): أي أوصلني إلىٰ مناي، بالحذف والإيصال، كقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَه} أي من قومه سبعين.

(وَلا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجائي، وَاكْفِنِي شَرَّ الجِنِّ والإنسِ مِنْ أعْدائِي):

اكفني: أي اغنني عن شرّهم، وادفع شرهم إليهم.

الشر عدمي هو ـ كما مرّ ـ عدم ذات، أو عدم كمال لذات، وهو مجعولا في القضاء الإلهي بالعرض.

(يَا سَريعَ الرِّضا):

الرضا: ضد السخط والكراهة، وهو تعالى سريع الرضا، لأنه يرضى من عباده باليسير، ويعفو عنهم الكثير، ويعطيهم الجزيل والخطير.

(اغْفِرْ لِمَنْ لا يَمْلِكُ إلّا الدُّعاءَ): أي لا يملك شيئاً من الوجود وكمالات الوجود إلّا الدعاء، ولكن إن أمعن النظر في الحقيقة ليس العبد مالكاً للدعاء أيضاً... (فَإنَّكَ فَعّالٌ لِما تَشاءُ) أي أنت تفعل ما تشاء وما تريد، بمحض الإرادة والمشيئة، لا حالة منتظرة لجنابه تعالى، كما قال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}.

(يَا مَن اسْمُهُ دَواءٌ) لكل داء وبلاء.

(وَذِكْرُهُ شِفاءٌ) لكل ألم وسقم ومرض مزمن، قد أعيت الأطباء ويسوا عن معالجته.

(وَطاعَتُهُ غَناءٌ) عن الخلق.

والغَناء ـ بالفتح والمد ـ: الكفاية.

وفي الحديث: (مَن يستغن بالله وعطائه يغنه الله) أي يخلق في قلبه غنى.

(ارْحَمْ مَنْ رَأسُ مِالِهِ الرَّجاءُ وسِلاحُهُ البُكاءُ):

السلاح ـ بالكسر ـ: هو ما يقاتل به في الحرب ويدافع، والجمع: أسلحة.

(يَا سابِغَ النِّعَمِ): أي كاملها وتامها وواسعها.

 (يَا دافِعَ النِّقَمِ): ومزيلها.

(يَا نُورَ المُسْتَوْحِشِينَ فِي الظّلَمِ):

الظُّلَم: جمع الظلمة، وهي الغسق.

المستوحش: القاعد في الخلوات، من الوحشة وهي الخلوة، وإن عُمّم لفظ «المستوحش» فيشتمل الأجنة التي في غاسق الأرحام، والواقفين في ظلمات الأوهام، والسائرين في الأسفار وفي الليالي المظلمة والطرق المدلهمة، وهو تعالى نور جميعهم.

(يَا عالِماً لا يُعَلَّمُ): من التعليم، أي غير معلّم من أحدٍ.

(صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي مَا أنْتَ أهْلُهُ): وأنت أهل التقوى والمغفرة.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر «شرح المواقف» ج 8، ص 44.

(2) انظر «شرح المقاصد» ج 4، ص 69، 86.

(3) انظر: «شرح المواقف» ج 8، ص 47.

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.