أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-09
1455
التاريخ: 2024-09-14
238
التاريخ: 17-10-2016
2095
التاريخ: 2024-09-16
150
|
(إلٰهي وَسَيِّدِي، وأسأَلُكَ بالقُدْرَةِ التي قَدَّرْتَها): الواو عاطفة.
معنى القدرة:
المراد بالقدرة هنا: إمّا قدرته الفعلية، أي الوجود المنبسط والفيض المقدّس، التي قدّرها بالقدرة الذاتية، وبها قدّر جميع المقدورات وأوجد جميع الموجودات، وأحيا بها الأشياء، وبها خلق الموت والحياة، وبها أخرج الأشياء من العدم إلى الوجود.
إنّ القدرة في الواجب الذاتِ واجبةٌ بالذاتِ وفوقَ الجوهريّة، فضلاً عن العرضيّة، وعين ذاته بقولٍ مطلق؛ إذ لا ماهية له وراء الإنسيّة البحتة، حتّىٰ يمكن أن يقال: قدرته عين شيئيّته، ووجوده لا عين ماهيته، وفي فعله تعالى عين فعله، وفي العقول: جواهر مفارقة عن المادّة رأساً؛ لأنّها وإن لم تكن عين ماهيتها، لكنّها عين وجودها، دائمة بدوام وجودها. وفي الحيوان: كيفيّة نفسانيّة.
والمراد بالقدرة: العقل الفعّال الذي هو قدرة الله المتعال، ومخرج النفوس جميعاً من القوة إلىٰ الفعل، ومعلّم أنبياء الأوّلين والآخرين، وهو المسمّى بـ«روح القدس» و«جبرائيل» و«الروح الأمين»، في لسان الشرع المبين.
والمراد بتقديرها: إيجادها؛ لأنّه وإن كان موجوداً دائماً بديمومة الله تعالى، ولكن بذاته ليس محضاً وإمكاناً صِرفاً، كما قال الحكماء: الممكن من ذاته أن يكون الليس، وله من علّته أن يكون الأيس.
أو المراد بالقدرة: مطلق الإيجاد، والخلق والإحياء، وبتقديرها: جعلها.
أو يكون المراد: إحياء الإنسان بخصوصه، وكأن المراد بقوله:
(وَبالقَضِيَّةِ التي حَتَمْتَها وحَكَمْتَها):
بيان حكمة الموت:
هي قضية الإماتة والموت التي حَتَمها وحَكَمها علىٰ النفوس؛ لإيصالها إلىٰ غاياتها الذاتيّة والعرضيّة، ولأنّ الموت إن لم يُخلَق لم تصل دورة الحياة والوجود الكونيّ الطبيعيّ إلينا، بل إلى الدورات الاُخريات التي تكون بعدنا؛ إذ الممكنات غير متناهية، فلابدّ أن تنقضي وتموت دورة، حتى تأتي وتحيا دورة أخرى؛ لأنّه لو بقيت أشخاص الناس والحيوانات بلا نهاية لكان السابقون قد أفنوا المادّة، التي منها التكوّن، فلم يبقَ لنا مادّة يمكن أن نوجد ونتكوّن منها، ولو بقيت لنا مادّة لم يبقَ لنا مكان ورزق.
وإن قلنا: نبقى نحن والذين بعدنا علىٰ العدم دائماً، ويبقى الأوّلون علىٰ الوجود أبداً، كان منافياً لحكمته تعالى؛ إذ ليسوا بدوام الوجود أولى منّا، بل العدالة الإلهيّة تقتضي أن يكون للكلّ حظّ ونصيب من الوجود والحياة، فوجب أن يموت السابق ليكون لوجود اللاحق إمكان، فلذلك حَكَم وحَتَم علىٰ عباده بالموت والفناء.
والسبب الطبيعي للموت: انعدام الرطوبة الأصليّة، ووقوف الغاذية عن شغلها، إذ القوى الطبيعيّة متناهية التأثير والتأثر، فلا بدّ لها من الوقوف، وبقاء الحرارة الغريزيّة الأصليّة بلا مقاوم ومعادل، فيُهدَم البدن، فتقطع النفس علاقتها عنه... أو المراد بالقدرة: هي القدرة التي جعلها الله تعالى في عباده، كما أنّ أحد أسمائه: (يا ربَّ القدرة في الأنام) (1) أي صاحب القدرة فيها.
وبالقضيّة: هي التكليف الذي حَكَمه وخَتَمه علىٰ العباد.
أو المراد: مطلق الحكم، تكوينياً كان أو تشريعياً. وبالقدرة: جمع «القدر»، وكانت الألف واللام فيهما للاستغراق.
أو المراد بالقدرة: القدر، وبالقضية: القضاء، فإنّ الصور القضائية كلّها محكمة محتّمة لغلبة أحكام الوجوب عليها، ولكلّيتها لكونها العلم الفعلي لله تعالى لا تُرَدّ ولا تبدّل.
(وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيهِ أجْرَيْتَها): أي أجريت القدرة والقضية عليه.
فمن المعلوم أن مَن اُجري عليه قضاء الله وقدره ـ بأيّ معنًى كان القضاء والقدر ـ فهو مغلوب مضمحل، مستهلك تحت حكمه وقدرته تعالى.
وغلبته: قهره، ومقهورة الأشياء في سطوع نوره وهيمان حضوره.
(أنْ تَهَبَ لِي في هِذهِ الليلةِ وفِي هذهِ الساعَةِ):
ظاهر الليلة والساعة: لعلّها ليلة الجمعة، وساعتها التي تلا فيها هذا الدعاء الشريف، ومن المأثور تأكيد استحباب تلاوته في ليالي الجمعات.
وباطنها وتأويلها: هذا العالم برمّته وجملته، بل جميع العوالم في السلسلة النزولية؛ لأنَّ هذا العالم مختتم نوره تعالى، ولهذا أطلق الله تعالى علىٰ كلّ عالم من العوالم في السلسلة الصعودية اسم «اليوم» عليه، كما قال تعالى لموسى عليه السلام: {وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّـهِ} وقال: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ}، وقال في مقام آخر: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}.
والمراد: اليوم الملكوتيّ، واليوم الجبروتيّ، واليوم اللاهوتيّ وهو يوم القيامة والطامّة الكبرى. وسرّ تسمية العوالم في السلسلة النزوليّة بالليالي، وفي السلسلة الصعوديّة بالأيّام، هو أنَّ اليوم عبارة عن بروز النور وظهوره وشدّته، والليل عبارة عن الظلمة والغسق وضعف النور وقلّته.
فإذا صدر الأمر ونزل من المبدأ إلىٰ هذا العالم، كأنّه بَعُدَ متدرّجاً عن مطلع شمس الحقيقة وأدبر عنه، فحين الوصول إلىٰ كلّ عالم كان ذلك العالم ليلاً بالنسبة إليه؛ إذ النور ضعيف بالإضافة إلىٰ عالم الفوق، إلى أن يصل الأمر إلىٰ عالم المادّة، يعني عالمنا هذا، وهذا العالم لمّا كان عالم الظلمة والهيولى، وكان قسطه من مطلق الكمال والنور قوة الكمال والنور، كان في غاية الإظلام والانعدام بالقياس إلىٰ العوالم الطولية، فكان ليلاً مظلماً ... ثمّ إذا صعد الأمر في قوس الصعود إلىٰ الله تعالى، كما قال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، وقال: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}، فحين الوصول إلىٰ كلّ عالم من العوامل المذكورة، كان ذلك العالم يوماً بالنسبة إلىٰ ما دونه، إذ النور فيه أبهر وأقهر، إلىٰ أن يصل إلی يوم القيامة ـ ووقف عند الله تعالى ـ وهو يوم الواحديّة، كما تيسر هذا الوصول التام والبلوغ التمام لسيدنا وسيد الكونين: محمد صلى الله عليه وآله وأوصيائه عليهم السلام، وذلك مقام: {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدنى}. فعلى ما عرفت من تأويل اليوم والليل، فكأنّ السائل أراد بقوله: (في هذه الليلة) هذا العالم، يعني: اغفر لي ذنوبي وخطيئاتي في الدنيا، حتىٰ اُجرّد منها ومن معاقبتك عليها يوم القيامة. والمراد بالساعة في قوله: (وفي هذه الساعة) مجموع سلسلة الزمان، كما قال صلى الله عليه وآله: (الدنيا ساعة، فاجعلها طاعة) (2).
(كُلَّ جُرْمٍ أجْرَمْتُهُ): أي كلّ ذنب أذنبته.
(وَكُلَّ ذَنْبٍ أذْنَبْتُهُ): تفنّن في العبارة، استقصاء لجميع الألفاظ التي استُعملت في الذنوب، ولعاً لغفرانه تعالى جميعها.
(وَكُلَّ قَبِيحٍ أسْرَرْتُهُ): أي أخفيته، وعملته في الخفاء عن أعين الناس.
(وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ): أي كل جهل مركّب أو بسيط عملت بهما، وما اجتهدت في تعلّمه؛ غفلةً وغروراً.
(كَتَمْتُهُ): من عيون الناس في عمله.
(أوْ أعْلَنْتُهُ): أي عملته علىٰ رؤوس الأشهاد، وما استحييت منك ومنهم...
(أخْفَيْتُهُ أوْ أظْهَرْتُهُ):
أي بعدما عملت المعصية أخفيتها في نفسي، أو أظهرت عند عبادك فعلها، فلذلك سهل عليهم فعل المعاصي، وتجرأوا فيها، فصدر عنهم المعصية أيضاً.
(وَكُلَّ سَيِّئَةٍ أمَرْتَ بِإثباتِها الكِرامَ الكاتِبِينَ): الضمير راجع إلىٰ السيّئة.
الكرام: جمع كريم، و (الكرام الكاتبين) هم الملائكة الذين كتبوا ما صدر عن الناس في الألواح العالية من صحائف الدهور الأربعة، وهم من جنود إسرافيل الذي هو أحد حوامل العرش، فيصورون الأفعال الحسنة على الصور المناسبة لها، ويضاعفون لها في التصورات، ويصوّرون الأفعال السيئة على الصور المناسبة لها، ويقلّلون في التصورات؛ ولهذا سُمّوا (الكرام الكاتبين).
ماهية الملائكة وحقيقتها:
ثمّ إنّ الناس اختلفوا في ماهية الملائكة وحقيقتها، وذكر صدر المتألهين الشيرازي قدس سره، في مفاتيح الغيب وجهَ ضبطٍ لأقوالهم، فلنذكره تبصرة للناظرين في هذا الشرح، فقال: «اعلم أنّ الناس اختلفوا في ماهية الملائكة وحقيقتها، وطريق الضبط أن يقال: إنّ الملائكة لابد وأن يكون لها ذوات قائمة بأنفسها في الجملة، ثم إنّ تلك الذوات إما أن تكون متحيزة أو لا تكون.
أمّا الأوّل ففيه أقوال:
أحدها: أنّها أجسام لطيفة هوائية، تقدر علىٰ التشكّل بأشكال مختلفة، مسكنها السماوات. وهو قول الظاهريين.
وثانيها: قول طوائف من عبدة الأصنام: أنّ الملائكة في الحقيقة هي هذه الكواكب الموصوفة بالنحاس والإسعاد، فإنّها عندهم أحياء ناطقة، وأنّ الصعدات منها ملائكة الرحمة، والنحسات منها ملائكة العذاب.
وثالثها: قول معظم المجوس والثنويّة، وهو أنّ هذا العالم مركّب من أصلين أولين، وهما النور والظلمة، وهما في الحقيقة جوهران شفّافان قادران مختاران، متضادّا النفس والصورة، مختلفا الفعل والتدبير، فجوهر النور فاضلٌ خيّرٌ نقي، طيّب الريح، كريم الأصل والنفس، يسر، ولا يضر وينفع، ولا يمنع، ويحيا ولا يبلى. وجوهر الظلمة علىٰ ضدّ في جميع هذه الصفات.
ثم إنّ جوهر النور لم يزل يولد الأولياء، وهم الملائكة، لا علىٰ سبيل التناكح، بل على سبيل تولّد الحكمة من الحكيم، والضوء من المضيء، وجوهر الظلمة لم يزل يولّد الأعداء، وهم الشياطين، علىٰ سبيل تولّد السفه من السفيه، لا علىٰ سبيل التناكح.
فهذه أقوال من جعل الملائكة أشياء متحيزّة.
وأمّا الثاني، وهو أن الملائكة ذوات قائمة بأنفسها، وليست بمتحيّزة ولا بأجسام، فهنا قولان:
أحدهما: قول النصارى، وهو أنّ الملائكة في الحقيقة هي الأنفس الناطقة بذاتها، المفارقة لأبدانها علىٰ نعت الصفاء والخيرة، وذلك لأنّ هذه النفوس المفارقة إن كانت صافية خالصة فهي الملائكة، وإن كانت خبيثة كدرة فهي الشياطين.
وثانيهما: قول الفلاسفة، وهو أنّها جواهر قائمة بأنفسها ليست بمتحيّزة، وأنّها بالماهية مخالفة لأنواع النفوس الناطقة البشريّة، وأنّها أكمل قوة منها وأكثر علماً، وأنّها للنفوس البشريّة جارية مجرى الشمس بالنسبة إلىٰ الأضواء.
ثم إنّ هذه الجواهر علىٰ قسمين:
منها: ما هي بالنسبة إلىٰ أجرام الأفلاك والكواكب كالنفوس الناطقة بالنسبة إلىٰ أبداننا.
ومنها: ما هي أعلى شأناً من تدبير أجرام الأفلاك، بل هي مستغرقة في معرفة الله ومحبته مستقلة بطاعته. وهذا القسم هم الملائكة المقرّبون، ونسبتهم إلىٰ الملائكة الذين يدبّرون السماوات كنسبة أُولئك المدبّرين إلىٰ نفوسنا الناطقة.
فهذان القسمان قد اتفق الفلاسفة علىٰ إثباتهما، ومنهم من أثبت نوعاً آخر من الملائكة، وهي الملائكة الأرضيّة المدبّرة لأحوال هذا العالم السفليّ.
ثم إنّ مدبرات هذا العالم إن كانت خيّرة فهم الملائكة، وإن كانت شريرة فهم الشياطين، فهذا تفصيل المذاهب في الملائكة» (3) انتهى.
وفي بعض الكتب الكلاميّة، قال صاحبه:
«إنَّ الجواهر الغائبة عن الحواس الإنسانية إمّا أن تكون مؤثّرة في الأجسام، أو مدبّرة للأجسام، أو لا تكون مؤثرة ولا مدبّرة لها.
والأول: هو العقول السماويّة عند الحكماء، والملأ الأعلى في عرف الشرع.
والثاني: ينقسم إلى: علويّة تدبّر الأجرام الفلكيّة، وهي النفوس الفلكيّة عند الحكماء، والملائكة السماويّة عند أهل الشرع.
وإلى سفليّة تدبّر عالم العناصر، وهي إمّا أن تكون مدبّرة للبسائط الأربعة: النار، والهواء، والماء، والأرض، وأنواع الكائنات، وهم يسمّون: ملائكة الأرض وإليهم أشار صاحب الوحي صلى الله عليه وآله وقال: (جاءني ملك البحار وملك الجبال وملك الأمطار وملك الأرزاق). وإمّا أن تكون مدبّرة للأشخاص الجزئيّة، وتسمّى نفوساً أرضيّة، كالنفوس الناطقة.
والثالث: وهي الجواهر الغائبة التي لا تكون مؤثّرة ولا مدبّرة للأجسام، تنقسم إلى: خيّرة بالذات، وهم الملائكة الكروبيّون عند أهل الشرع، وإلى شرّيرة بالذات، وهم الشياطين، وإلى مستعد للخير والشرّ، وهم الجنّ» (4) انتهى.
وقال صدر المتألهين السبزواري قدّس سرّه: «اعلم أنّ المبادئ الفاعلة إمّا لا علاقة لها مع الأجسام، ولو علاقة التدبير، فهي الأنوار القاهرة، فإمّا مترتّبة وهي الطبقة الطوليّة من القواهر الأعلين، وإمّا متكافئة وهي الطبقة المرضية من القواهر الأدنين، وكلّهم مهيمنون في مشاهدة جماله، عبّر عنهم القرآن الكريم بـ{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} و{فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا}. وإمّا لها علاقة مع الأجسام، فكلّ منها إمّا مبدأ أفعالٍ مختلفة، وإمّا مبدأ فعلٍ واحد.
وعلى كلّ واحد من التقديرين؛ إمّا مع الشعور، وإمّا عديم الشعور.
فمبادئ الأفعال المختلفة بلا شعور هي النفوس النباتيّة، ومع الشعور الجزئيّ أو الكلّيّ هي النفوس الناطقة والنفوس الحيوانيّة الحسّاسة المتحرّكة.
ومبادئ الفعل الواحد الذي علىٰ وتيرة واحدة مع الشعور هي النفوس السماوية، ومبادئ الفعل الواحد بلا شعور إن لم يقوّم المحلّ هي المبادئ العرضية، وإن قوّمت؛ فإمّا في البسيط فهي الطبائع، وإما في المركّب فهي الصور النوعية.
فجميع تلك المبادئ ملائكة سماويّة وملائكة أرضيّة، ولكن باعتبار جهاتها النوريّة، وباعتبار أنّها متدلّيات بالحقّ» (5) انتهى.
وقال بعض العرفاء موافقاً بعض الأخبار: «إنّ لكلّ فرد من أفراد الإنسان ملكين موكّلين به، وهما مَلَك العمّالة ومَلَك العلّامة، أحدهما حافظ الأعمال الصادرة عنه، والآخر حافظ الصور العلميّة التي يكتسبها».
(الَّذِينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ ما يَكُونُ مِنّي):
أي يوجد ويحصل منّي من الأفعال والأعمال.
(وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ):
جمع «شاهد»: وهو الحاضر المطّلع علىٰ الأمر، أو العالم به.
(مَعَ جَوارِحِي):
جمع «جارحة»، وهي العضو، قال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وذلك لأنّ جميع الأعضاء والقوى والمشاعر التي أنعم الله تعالى بها علىٰ النفوس الإنسانية وجعل خوادمها ملائكةُ الله وأيديه الفعّالة، ولها جهات ووجوه إلىٰ الله وجهات إلىٰ النفوس، فجهاتها النورية شواهد ورقباء عند الله علىٰ جهاتها الظلمانية ووجوهها النفسانية.
(وَكُنْتَ أنْتَ الرَقيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرائِهِم) كقوله تعالى: {وَاللَّـهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ}.
يريد أنهم حجب جماله وجلاله تعالى، وليس الوراء بمعن الخلف هنا، إذ (من حدّه تعالى فقد عدّه) (6).
(وَالشاهِدَ لِما خَفِيَ عَنْهُمْ): كالخواطر السيئة والنيّات الفاسدة الكاسدة التي لا يدركها الموكّلون، ويعلمها الله.
(وَبِرَحْمَتِكَ أخْفَيْتَهُ): من الملائكة.
(وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ): علىٰ الخلائق.
(وَأنْ تُوَفِّرَ حَظِّي): معطوفة علىٰ قوله: (أن تهب لي).
التوفير: التكثير، من الوفور.
الحظّ: النصيب والقسمة.
(مِنْ كُلِّ خَيرٍ تُنْزِلُهُ): من السماء إلىٰ الأرض.
(أوْ إحْسانٍ تُفْضِلُهُ): تعطيه إلىٰ عبادك.
(أوْ برٍّ تَنْشِرُهُ) علىٰ الخلق.
البر: الإحسان.
النشر: البثّ والاتّساع في الشيء.
(أوْ رِزْقٍ تَبْسِطُهُ):
والرزق أعمّ من رزق البدن وقواه وآلاته وأدواته، ومن رزق النفس والقلب والروح، والسرّ والخفي والأخفية، فجميعها مرزوقة من الله، بلا وهن وفترة وتجوّز، بل لكلٍّ رزق مخصوص معيّن، كما مرّ في أوائل الشرح.
بسط الرزق: انتشاره واتساعه.
(أوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ):
أي توفّر حظّي في المغفرة أيضاً، بأن تغفر ذنوبي على أسرع الحال، من دون أن يعثر عليه أحد، وتوفّقني لترك الذنب بعد الغفران.
(أوْ خَطأٍ تَسْتِرُهُ):
الخطأ: ضدّ الصواب، وهو أعمّ من الخطأ في العلم أو في العمل.
(يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ): منادى بحذفِ ياء المتكلم وإبقاء الكسر، دليلاً على حذفها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «المصباح» للكفعمي، ص 337.
(2) «بحار الأنوار» ج 67، ص 68.
(3) «مفاتيح الغيب» ص 341 ـ 342.
(4) حكاه في «شرح الأسماء» ص 707 ـ 708، عن «الطوالع».
(5) «شرح الأسماء» ص 705 ـ 706.
(6) «نهج البلاغة» الخطبة: 1.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|