أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-15
1401
التاريخ: 2023-09-15
1161
التاريخ: 2024-09-18
221
التاريخ: 17-10-2016
1667
|
بيان المراد من الذكر:
المراد بالذكر: إمّا معناه المصدري، يعني: بتذكّري إياك في كلّ حال أتقرّب إليك، أراد: أنّ غاية تذكّري إياك هي التقرّب إليك، وكمال التقرّب إليه تعالى هو التخلّق بأخلافه، كما ورد: (تخلّقوا بأخلاق الله) (1). وورد (تخلّقوا بأخلاق الروحانيّين).
وحقيقة الذكر حضور المذكور لدى الذاكر، وهو تعالى أجلّ ذاكر لأبهى مذكور، هو ذاته لذاته، كما في الدعاء: (يا خير الذاكرين) (2). فذكره تعالى في مرتبة ذاته كلامه الذاتي، وعلا بذاته الذي هو حضور ذاته بذاته لذاته، بمعنى: عدم انفكاك ذاته عن ذاته تعالى. وفي مرتبة فيضه المقدّس وفعله الأقدس ذكره أمره الإيجاد، وكلمة: «كُنْ» الوجودية.
وإمّا المراد بالذكر: وجهه تعالى، فإنّ البرهان الصحيح بدلنا علىٰ التثليث: الذاكر، والذكر، والمذكور. فالذاكر هو الله تعالى، والذكر: الوجود المنبسط، والمذكور: مخلوقه ومصنوعه. وقد مرّ أنّ ذلك الوجود وجهه تعالى.
فحينئذٍ مراد السائل أنّه يقول: أتقرب إلىٰ ذاتك الحكيم القديم بوجهك الكريم.
وإمّا المراد بالذكر: وجود السائل، إذ قد عرفت أنَّ الوجودات بأسرها، كما أنَّها إشراق الله تعالى، كذلك كلماته وأذكاره، كما قال الله تعالى: {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ} وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}.
وخير الأذكار: هو أن يصير وجود الذاكر عين ذكره تعالى، يعني: استشعر الذاكر بالعلم ثم بالعيان أنّ وجوده ذكره تعالى ... لو علم المؤمنون الذين دخلوا في أوائل درجات الإيمان، وقالوا: لا إله إلّا الله، تقليداً ولساناً لا برهاناً وعياناً، أنّ وجودات الأصنام كلّها من الله وإشراقاته، وهو تعالى أحاط بكلّ شيء علماً وقدرة، وفي الحقيقة معطي الكمالات ليس إلّا هو؛ لأيقنوا ـ هؤلاء المؤمنون ـ بأنّ عبادة الأصنام بذلك الاعتبار عبادة الله تعالی، وفي الحقيقة كذلك، ولكن عبدة الأصنام لم يكونوا مستشعرين بهذا الأمر، بل يعبدون نفس الأصنام بأنّها آلهتهم أو أدلّاء، وشفعاؤهم عند إلههم، وذلك كفر وإلحاد وملعنة.
فحينئذٍ مراده: إنّي أتقرّب إليك، بسبب وجودي الذي هو من صنعك، وكونك موجداً إياي، وآخذاً بناصيتي، تجرّها إليك.
وإمّا المراد بالذكر: هو القرآن المجيد والفرقان الحميد، كما سمّاه الله تعالى به، قال: {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا}، وقال: {نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
فحينئذٍ مراده: أتقرّب إليك بكتابك، يعني: بمواظبتي قراءته، وممارستي التفكّر في محكماته ومتشابهاته، وناسخه ومنسوخه، وتأويله وتنزيله، ومجمله ومفصّله.
والقرآن ـ من الفاتحة إلىٰ الخاتمة ـ وجوده الوجود اللفظي حين القراءة، والوجود الكتبي حين عدمها لجميع الموجودات، آفاقية وأنفسيّة، إذ قُرّر في محله أنّ لكلّ شيء وجودات أربعاً: العينية، والذهنية، والكتيبة، واللفظية. والعوالم كلّها متطابقة، فكلّ ما في عالم من العوالم فهو في عالم أعلى منه بنحو الأكملية والأتمّية ممّا في العالم الأدنى، كما قال تعالى: {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.
فالمراد بالكتاب المبين وإن كان هو العقل الأول والممكن الأشرف، إلّا أن القرآن حقيقته ووجوده الكتبي كما قلنا، فكلّ ما في اُم الكتاب بنحو اللف والبساطة فهو في الكتاب التدوينيّ بنحو الكتابة والعبارة. والتفصيل يستدعي محلّاً آخر ونمطاً آخر غير ما سمعت.
وإمّا المراد بالذكر: أهل البيت (عليهم السلام)؛ لأنَّهم أهل الذكر وحاملو القرآن كما هو حقّه، كما روي عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}، قال: (نحن والله أهل الذكر). فقيل: أنتم المسؤولون؟ قال: (نعم). قيل: وعليكم أن تجيبونا؟ قال (عليه السلام): (ذاك إلينا إن شئنا فعلنا، وإن شئنا تركنا) (3).
فهم (عليهم السلام) وجودهم ذكر الله تعالى وفيضه.
وحينئذٍ مراده: أتقرّب إليك بأهل ذكرك، يعني بمحبتهم وموالاتهم (عليهم السلام). فحُذف المضاف واُقيم المضاف إليه مقامه.
ثم إنَّ حرف الباء في قوله: (بذكرك) للسببيّة.
فبالجملة، ذكره تعالى في جميع الأحوال حسن، والعقل الهيولاني في أوّل الأمر وابتداء الحال يتسدعي الصورة، كالهيولى الاُولى التي تستدعي الصورة الجسمية. فصوّروا العقل بذكر ذاته تعالى وذكر أسمائه وصفاته، ولا ترتسموه بصور داثرات مخلوقاته من الأباطيل الزائلة الفانية، والترّهات العادمة غير الباقية...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر «بحار الأنوار» ج 58، ح 129.
(2) «المصباح» للكفعمي، ص 334.
(3) «الكافي» ج 1، ص 210، ح 3، باختلاف.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|