أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-03
1193
التاريخ: 2024-08-24
304
التاريخ: 2024-09-03
261
التاريخ: 2023-10-18
1469
|
هاتان الأوليّة والآخريّة ليستا زمانيتين كما يتبادر إلىٰ بعض الأوهام؛ لأنّه تعالى ليس في حدّ من حدود الزمان حتّىٰ يحيط به، وكيف يسع للزمان الذي هو من مبدئه إلىٰ منتهاه كالآن الواحد بالنّسبة إلىٰ مقرَّبي حضرته تعالى، فكيف بجنابه أن يظهر الزمان في سطوح نوره تعالى؟
بل هذه الأوليّة والآخريّة سرمديّتان وذاتيتان؛ إذ وعاء وجوده تعالى هو السرمد، كما أنّ وعاء وجودات العقول والنفوس المفارقة هو الدهر، ووعاء الطبائع السيّالة الممتدة وعوارضها هو الزمان. فهو تعالى (أوّل الأوّلين)؛ إذ منه بدء وجود كل أوّل في السلسلة النزولية، و(آخر الآخرين)؛ إذ إليه ينتهي كلّ آخر في السلسلة الصعوديّة، وليس قبله ولا بعده تعالى شيء، حتّىٰ يكون هو أوّل الأولين وآخر الآخرين.
وفي ابتداء دعاء الاعتصام، قال: (اللهم أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دُونك شيء) (1).
وتحقيق المقام: أنّه تعالى لمّا كان في الاجادة والإفاضة علىٰ أهل مملكته هو المبدأ الأوّل والموجد الأعزّ الأجلّ، ثم فاض منه الجود إلىٰ العقل الأول، ومنه إلىٰ العقل الثاني، ثم منه إلىٰ الثالث حتىٰ العاشر، ثم منه إلىٰ أهل هذا العالم، فهؤلاء العقول هم الأولون بعد الحقّ الأوّل تعالى، ووسائط جوده بالنسبة إلينا في [ النزول ] (2)، فهو (أول الأوّلين)، وكذلك في الصعود: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} من البشرية إلىٰ الملكية، ومنها إلىٰ العقل الفعّال، ثم إلىٰ العقول الاُخر، حتّىٰ العقل الأول، ومنه إلىٰ الفناء في الحضرة الواحدية، فهو تعالى (آخر الآخرين).
أو بطريق آخر نقول: ثمَّ فاض منه تعالى الجود إلى العقل، ومنه إلىٰ النفس، ومنها إلىٰ المثال، ومنه إلىٰ الأفلاك، ومنها إلىٰ عالمنا: العناصر الهيولاني.
أو نقول: ثمّ فاض إلىٰ الجبروت، ثم إلىٰ الملكوت بقسميها، ثم إلىٰ الناسوت، وتلك العوالم متطابقة.
وكذا نقول في العود إلىٰ الله تعالى ... والذي لا يبلغ الأوهام دركه هو العقل...
أو نقول: هو تعالى أو السلسلة الطولية النزولية، ومبدأ المبادئ: (كان الله ولم يكن معه شيء) (3)، وآخر السلسلة الطولية الصعودية، وغاية الغايات {أَلَا إِلَى اللَّـهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} و{إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} هذا ما عندي لأوّليته تعالى وآخريّته طولاً.
وأمّا عرضاً، فتقول: هو تعالى أوّل الأنبياء والمرسلين، وما خلق من نوع الآدميين في الأدوار والأكوار؛ إذ العلّة واجدة لكمال المعلول، وهؤلاء معاليل الله تعالى، فهو أوّل الأولين وآخر الآخرين؛ لأنّ إليه تعالى تنتهي سلسلة الأنبياء والأولياء والكمّلين، عليهم سلام الله أجمعين.
ثم لمّا سأل السائل عن الله تعالى، ووصف طائفة من أسمائه الحسنىٰ وصفاته العليا، استشعر بجماله وجلاله، وتحيّر في عظمته تعالى وكماله، فبهر في عقله والتفت إلى ذنوبه وآثامه، فارتعش من خوفه تعالى فرائصه وعظامه، فرفع يديه ملحّاً وفزعاً إليه...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «مصباح المتهجّد» ص 487.
(2) في المخطوط «الزوال».
(3) «جامع الأسرار» ص 56.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|